قبل ثلاثة أعوام، زرت جامعة أوربينو الإيطالية لحضور ورشة عمل تقيمها سنويًا «مدرسة المنخريات الدولية» (International School of Foraminifera). ولأنَّ ورشة العمل تقام بالإنقليزية، فلم تكن ثمة مشاكل فعلية في التواصل بين الحضور. وكان من السهل في بادئ الأمر تدبير الأمور الأخرى حتى لو كان ذلك عن طريق الإشارة واستخدام مترجم قوقل لفهم المفردات المكتوبة وقوائم الطعام.
لكن لمّا حضر ابني ذو العامين الأمسيات التي يقيمها الفندق للأطفال ليليًا من أغانٍ ورقص وتمثيليات، صرت كالأطرش في الزفة وسط غالبية لا تتكلم إلا الإيطالية. لم يعبأ ابني بما كان يقال من حوله، إذ تكفيه لغة الرقص والتصفيق والهتاف. وحتى حين طالبني لاحقًا بتشغيل الأغاني نفسها التي كان يرقص على أنغامها، كفاني شازام شرَّ البحث فيما لا أفهمه.
كانت تلك المرة الأولى التي أقرر فيها استخدام ميزة الترجمة الصوتية في مترجم أبل. انتظرتُ حتى بدأ طاقم الترفيه حكاية القصة للأطفال، وتركت هاتفي يصغي السمع برهةً. وخلال لحظات ارتسمت على الشاشة مفرداتٌ أفهمها من بين ما استطاع هاتفي التقاطه. بدأت حينها بإدراك الإمكانيات التي بجيبي. صحيحٌ أني ما زلت لا أفهم، لكن قلَّت درجة عدم فهمي.
برهنت هذه الإمكانيات على حضورها مجددًا قبل بضعة أشهر مع إنهائي رسالة الماجستير. إذ كنت قد باشرت قراءة ترجمة إنقليزية قديمة للرواية التشيلية «مارتن ريفاس» (Martín Rivas) وكانت -لسوء حظي- ناقصةً ثلاث صفحات جراء عملية إعادة الطباعة.
ولأني كنتُ أبحث عن ترجمةٍ أقرب للحرفية، حاولت ألا أرتكن للترجمة الصادرة حديثًا للرواية. تذكرت حينها ما بجيبي. فتحت مترجم قوقل، وصوّبت الكاميرا على النص الإسباني، وسرعان ما أفهمني قوقل ما كان يجري. بل إنَّ جودة الترجمة شجعتني على مطالعة أوراق بحثية مكتوبة هي الأخرى بالإسبانية، واستشهدتُ بها في رسالتي عالمًا بمحتواها.
إن كان إيلون ماسك مصرًا على تركيب الشرائح في أدمغتنا، أتمنى أن تكون الترجمة الفورية سمعًا وبصرًا وكلامًا هي التطور التقني القادم. ولا حجة لديّ وقتها عن التقاعس في النهل من الينابيع الثقافية بكل لغات العالم كأني جزءٌ أصيلٌ منها.
مقالات أخرى من نشرة أها!
التأريخ ما بعد تمبلر
رغم تعنُّت المؤرخين من استعمال العالم الرقمي في أبحاثهم، تظل إشكالية أنَّ التأريخ الذي لا يمكن التحقق من صحة مصادره سيغدو أقرب للحكايا.
حسين الإسماعيلهل علاقتنا بالطعام تُقاس بالسّعرات؟
مئة سعرة حرارية من تفاحتين تحتوي على ألياف وفيتامينات، بينما المئة نفسها من مشروب غازٍ لا تحتوي على أية قيمة سوى الماء والسكّر.
رويحة عبدالربما الذي تخفيه في استعراض مشترياتك؟
لا يرى الكثيرون في مجتمعاتنا عيبًا في السلوك الاستعراضيّ، بل نجد أنفسنا نشارك فيه. فنعبّر للآخرين من خلال ما اشتريناه عن تحقيق نجاح.
أحمد مشرفكيف تشكّل الفلاتر تاريخك
الفلاتر تُشكل اليوم جزءًا من هوياتنا، وكيفية نظرنا إلى ذواتنا. فهي تصفّي الصورة من واقعيتها حتى تصير أقرب إلى الكمال.
إبراهيم خالدسوق الأسهم ومخاطر المزاج
لا يمكن تجاوز المخاطرة في الاستثمار بالأسهم إلا بالتنويع في استثماراتك. فمهما كنت عالمًا ودارسًا ومحللًّا، ستفاجئك الأسواق بتقلبات مزاجها.
تركي القحطانيلا تنظروا جهة الموت
إن الكارثة -الموت- آت لا محالة بفعل نيزك أو أزمة قلبية أو قشرة موز. فلماذا نجح فلم «لا تنظروا للأعلى» في تعليقنا بأحداثه؟
أشرف فقيه