حين يقترح عليّ نتفلكس فلمًا أو مسلسلًا فأنا أتجاهله متعمدًا. حين يخبرني أمازون بأنه بناءً على تاريخي الشرائي ينصحني بالكتاب الفلاني، أيضًا أتجاهله متعمدًا.
يعود تجاهلي تلك المقترحات إلى اعتقادي أنَّ اتباعها ينزع عني صفة التميز والذاتية. فحين أتبع مقترحات نتفلكس وأمازون فأنا أرضخ لقوة الخوارزميات التي فرضت عليَّ قراري.
ورغم خلفيتي التقنية وإدراكي وجود تعقيدات رياضية وإحصائية وراء هذه الخوارزميات، أعاند وأكابر. فصوتي الداخلي يخبرني بأنَّ اتباع هذه النصائح يعني أني صرت من «القطيع»، وأنَّ ما أقرأه وأشاهده يطابق ما تقرأه وتشاهده إيمان وسمر، وهذه الفكرة تغيظني كثيرًا.
في الناحية المقابلة، وكأني شخصٌ مختلف، أفرح باقتراحات قوقل في نتائج البحث. أتبع تعليمات خرائطها بحذافيرها وأسكت أطفالي حين يعلو صوتهم على صوت تعليمات الخرائط. كما أسعد بقائمة الأغاني الجديدة التي يقترحها أنغامي عليّ بشكل أسبوعي. هنا توقفت، وسألت نفسي ما الفرق؟
تتناول ميقان أوجبلين في مقالها «تطبيقي الموسيقيّ يعرفني أكثر من اللزوم» الفكرة نفسها تقريبًا. فتشير إلى أنَّ الخوارزميات والأتمتة -بدءًا من لوحة المفاتيح التي تعرف الكلمة التي ستكتبها إلى مقترحات أمازون- قد تكون مخيفة. فهي تلامس مخاوف داخلية لدينا بأن أفكارنا ليست أصيلة، وتصرفاتنا متوقعة، وأنا لست بالشخص المميز الذي كنت أعتقده. وأنَّ حياتي يمكن تحديدها والتنبؤ بها بناءً على إحصائيات معينة.
أمَّا في الواقع، تهدف منصات أمازون ونتفلكس وغيرهما عبر مقترحاتها إلى إمتاعك ودفعك إلى العودة مرارًا وتكرارًا. فهذا جزء من عمل تلك المنصات وأساسيٌّ لبقائها. من هنا ينطلق حرص المنصات على أن تكون المقترحات مناسبة ومفيدة لك، وإلا خسروك كعميل.
وتُذكّرنا ميقان أوجبلين بأن تعقيدنا كبشر أمرٌ يصعب على الخوارزمية إدراكه (حتى لو أصابت في توقعها). قراءتك لكتاب قرأه الملايين غيرك، أو إعجابك بمسلسل كان ضمن المقترحات، لا يعكس سوى جزء ضئيل من جوهرك البشري، والخوارزمية تركيزٌ على هذا الجزء فقط. لذا لا تقلق وثق بأنك مميز (على الأقل في الوقت الحالي).
مقالات أخرى من نشرة أها!
وجبة بق ماك كمؤشر اقتصادي
المال الذي لا يُحفظ في أصل كعقار أو أسهم سيتآكل مع الزمن، وهذا ما يجعل التضخم الذي أحسستَ به مع ارتفاع سعر وجبتك المفضلة هو الواقع والمستقبل.
تركي القحطانيلا تلغ متابعة من تختلف معه!
لا أريد لوجودي في تويتر أن يكون أشبه بالفقاعة، لذا عدت إلى بعض الحسابات التي ألغيتها، والتي تحتوي على المعلومات التي لا تتوافق مع أفكاري.
بثينة الهذلولأنت ناجح ولست محتالًا
«متلازمة المحتال» نمطٌ نفسي يشكّك الفرد في مهاراته، ورغم كفاءته وتحقيقه للعديد من الإنجازات في حياته إلا أنه ينسب نجاحه إلى الحظ.
بثينة الهذلولالذكاء الاصطناعي لن يكتب عنك واجباتك
أقف أمام تساؤل مهم فيما يخص الواجبات الدراسية؛ هل بإمكان آلة مثل «تشات جي بي تي» أن تُقنع أستاذًا بأن الطالب أنشأ نصًّا إبداعيًّا أصليًّا؟
رويحة عبدالربخدمة العملاء في دولة يوتيوب
مع تحوّل بعض المنصات إلى شركات كبرى، بدأت تتصرف كدول تملك القوة التي تجبر العميل على محاولة حل مشاكله معها وفق شروطها.
أنس الرتوعيالعواقب الحقيقية للزائفات
في حين ينادي البعض بضرورة تحرّي الدقة في نقل الأخبار والمرئيات، فإنهم يتناسون أنَّ الحقيقة ليست هي المُنى هنا، بل المنى إحداث أثرٍ ما.
حسين الإسماعيل