الخوارزميات لا تعرفك

تعقيدنا كبشر أمرٌ يصعب على الخوارزمية إدراكه. قراءتك لكتاب أو إعجابك بمسلسل كان ضمن المقترحات، لا يعكس سوى جزء ضئيل من جوهرك البشري.

موافق على شروط الاستخدام / Adamastor Studio

أهلًا بك صديقًا لنا،

وصلتك الآن رسالتنا الأولى على بريدك الإلكتروني.

إذا لم تجدها ابحث في رسائل السبام وتأكد من اتباع الخطوات التالية في حسابك على خدمة بريد «Gmail» حتى تُحررها من التراكم في فيض الرسائل المزعجة.

* تعبّر النشرات البريدية عن آراء كتّابها، ولا تمثل رأي ثمانية.
7 مارس، 2022

حين يقترح عليّ نتفلكس فلمًا أو مسلسلًا فأنا أتجاهله متعمدًا. حين يخبرني أمازون بأنه بناءً على تاريخي الشرائي ينصحني بالكتاب الفلاني، أيضًا أتجاهله متعمدًا.

يعود تجاهلي تلك المقترحات إلى اعتقادي أنَّ اتباعها ينزع عني صفة التميز والذاتية. فحين أتبع مقترحات نتفلكس وأمازون فأنا أرضخ لقوة الخوارزميات التي فرضت عليَّ قراري.

ورغم خلفيتي التقنية وإدراكي وجود تعقيدات رياضية وإحصائية وراء هذه الخوارزميات، أعاند وأكابر. فصوتي الداخلي يخبرني بأنَّ اتباع هذه النصائح يعني أني صرت من «القطيع»، وأنَّ ما أقرأه وأشاهده يطابق ما تقرأه وتشاهده إيمان وسمر، وهذه الفكرة تغيظني كثيرًا.

في الناحية المقابلة، وكأني شخصٌ مختلف، أفرح باقتراحات قوقل في نتائج البحث. أتبع تعليمات خرائطها بحذافيرها وأسكت أطفالي حين يعلو صوتهم على صوت تعليمات الخرائط. كما أسعد بقائمة الأغاني الجديدة التي يقترحها أنغامي عليّ بشكل أسبوعي. هنا توقفت، وسألت نفسي ما الفرق؟

تتناول ميقان أوجبلين في مقالها «تطبيقي الموسيقيّ يعرفني أكثر من اللزوم» الفكرة نفسها تقريبًا. فتشير إلى أنَّ الخوارزميات والأتمتة -بدءًا من لوحة المفاتيح التي تعرف الكلمة التي ستكتبها إلى مقترحات أمازون- قد تكون مخيفة. فهي تلامس مخاوف داخلية لدينا بأن أفكارنا ليست أصيلة، وتصرفاتنا متوقعة، وأنا لست بالشخص المميز الذي كنت أعتقده. وأنَّ حياتي يمكن تحديدها والتنبؤ بها بناءً على إحصائيات معينة.

أمَّا في الواقع، تهدف منصات أمازون ونتفلكس وغيرهما عبر مقترحاتها إلى إمتاعك ودفعك إلى العودة مرارًا وتكرارًا. فهذا جزء من عمل تلك المنصات وأساسيٌّ لبقائها. من هنا ينطلق حرص المنصات على أن تكون المقترحات مناسبة ومفيدة لك، وإلا خسروك كعميل.

وتُذكّرنا ميقان أوجبلين بأن تعقيدنا كبشر أمرٌ يصعب على الخوارزمية إدراكه (حتى لو أصابت في توقعها). قراءتك لكتاب قرأه الملايين غيرك، أو إعجابك بمسلسل كان ضمن المقترحات، لا يعكس سوى جزء ضئيل من جوهرك البشري، والخوارزمية تركيزٌ على هذا الجزء فقط. لذا لا تقلق وثق بأنك مميز (على الأقل في الوقت الحالي).


مقالات أخرى من نشرة أها!
28 ديسمبر، 2022

كن مثقفًا ظريفًا، ولا تكن نبيًّا

نصٌّ كُتِبَ في عمر محدد وبتراكم معرفي محدد. ربما يكون وثيقة تاريخية لسيرة فردٍ عادي، وليس كتابًا مقدسًا لنبي.

حسين الضو
3 أغسطس، 2023

شتَّان ما بين السكينة الغربية والإسلامية

لا توجد مشكلة في الإنفاق على راحتنا النفسية، بل إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده. المشكلة هي في ربط سعادتك كلها بذلك.

حسن علي
23 مايو، 2023

هل صديقك أعزُّ عليك من عشرين بابل؟

بدأنا نفقد «معزَّة الصديق» دون أن نشعر. تنهمر عليك النصائح بقطع كل علاقة تسبب لك أقلَّ انزعاج أو اضطراب في حياتك حفاظًا على طاقتك الإيجابية.

إيمان أسعد
28 فبراير، 2022

عواقب الإدانة بقطع سويفت

خرج بيان من الاتحاد الأوربي يقضي بإخراج بعض البنوك الروسية من نظام الرسائل البنكية العالمية «سويفت» لتقليل قدرتها على العمل عالميًا.

تركي القحطاني
20 يوليو، 2023

دماغ واحد لا يكفيك

قد يتخيل البعض أن المبدع يجب أن يكون فوضويًا حتى يتحرك إبداعه. نعم، لا يجب أن يمشي كل شيء على النظام، ولكن لا فائدة ترجى من الفوضى العارمة.

حسن علي
3 مايو، 2023

أيهما أقرب إليك: اللهجة البيضاء أم المحليّة؟

خيار التحدث باللهجة البيضاء قد يبدو إغفالًا عن أهمية اللهجة المحلية، لكن إشراك الآخر بالمعنى يمثل الطريق الأقصر لكسب الود والتفاهم السريعين.

سحر الهاشمي