مساحة العمل المشتركة تنقذني من مساوئ العمل عن بعد

العمل عن بعد يثبت كل يوم عدم جدواه. فإن كنت تعمل عن بعد، في مدينة بعيدة عن مقر عملك، جرب خيار اللجوء لمساحة العمل المشتركة.

العمل عن بعد
العمل عن بعد

بعد يوم أرهقتني فيه محاولاتي الطويلة لتجميع انتباهي وجدت نفسي أتساءل: كيف يستمر الناس في العمل عن بعد لفترات طويلة دون أن يصيب تركيزهم وإبداعهم «عطب» عدم التواصل البشري مع زملاء العمل؟


لا أخفي أن كثيرًا من أفكار تدويناتي في نشرة «أها!» جاءتني بينما كنت أتحدث مع زميلة أو مدير أو مستخدم، أو في أثناء عملية بحث خلال تطوعي في مكتب الخدمات المرجعية في المكتبة، وكم افتقدت تلك الأجواء التي كانت تنعش عقلي وتلهمني.

في بداية الجائحة استمتع معظمنا بالعمل عن بعد، فساعات العمل المرنة وشعور الخصوصية كانت علاجًا من الاحتراق الوظيفي الطويل قبل الجائحة. لكن بزيادة العزلة وطول الحجر ازداد شعور كثير من الموظفين عن بعد بالوحدة؛ وانعكس هذا على أدائهم الوظيفي وقدراتهم الإبداعية.

بالطبع، مثل بقية العاملين عن بعد، وجدت نفسي أمام خيارين لمحاكاة شيء من أجواء بيئة العمل المكتبي. الخيار الأول العمل في المقهى.

فمع رائحة القهوة المنعشة تتداخل أصوات ماكينات القهوة والموسيقا وثرثرات مرتادي المقهى لتكون خليطًا صوتيًا غير مفهوم ومؤنس لكن العمل من المقاهي محفوف بالمشتات، مثل الأغاني الصاخبة أو وجود الأطفال والأحاديث بصوت مرتفع.

لهذا وجدت في خيار العمل من المكتبة العامة الخيار الأفضل. فالمكتبة تتمتع بتوفر «إنترنت» فائق السرعة وقواعد بيانات مدفوعة وقاعات اطلاع هادئة. كما يتيح لي حائطها الزجاجي رؤية حركة المستخدمين والموظفين مما يمنحني شعور الألفة. معضلتي الوحيدة تمثلت في برودة منطقة غرف البحث بسبب التكييف المركزي، والتي تصيبني باستمرار بنزلات برد. 

بعدها انبثق أمامي خيارٌ ثالث ووجدته الحل السحريّ: مساحات العمل المشتركة.

فقد انتشرت في مصر في السنوات الأخيرة مساحات العمل المشتركة (Co Working Spaces) في الشقق السكنية الواسعة في البنايات القديمة أو الفلل العتيقة ذات البلكونات الكبيرة التي غالبًا أسعد إن وجدتها خالية في ساعات العصر.

واكتشفت مدى انتشار هذا الخيار. ففي عالم «فيسبوك» مجموعات يتبادل روادها تجاربهم وآراءهم عن مساحات العمل المشتركة. واستفدت من تلك النقاشات في التعرف إلى تطبيق «HotDesk» الذي يعطيني خيارات لمساحات العمل القريبة من موقعي، ولا يعرف مبدع هذا التطبيق كم شكرته ودعوت له في سرِّي.

تلك المساحات بمثابة طوق نجاة للعاملين عن بُعد من الشعور بالوحدة أو الخمول الذي يصيبهم في أثناء العمل من المنزل. ففي دراسة أجرتها «هارفرد بيزنس ريفيو» على 819 موظفًا عن بعد وجدت أن 64% منهم رأوا أن مساحات العمل المشتركة أكثر إشباعًا اجتماعيًا من المكتب، و67% رأوها أكثر إشباعًا اجتماعيًا من المنزل.

مساحات العمل عن بعد المشتركة مريحة للموظفين؛ إذ تتمتع بحميمية ومرونة تفوق الموجود في بيئة المكاتب. وربما هذا ما جعل تلك المساحات تنتشر في أمريكا بشكل كبير وفي صور مختلفة.

ففي تجربة نشرتها صحيفة «وول ستريت جورنال» ثبت أن مساحات العمل الملحقة بالنادي الرياضي جنة للعاملين عن بعد؛ فهي تضمن لهم يومًا مثاليًا بين العمل والالتزام بالرياضة والطعام الصحي. أي أنها «دوام» لا يقيد الموظف بمواعيد الحضور أو الملابس الرسمية، لكن يقيده «بشغف» الالتزام ويوفر له بيئة اجتماعية مرنة مع زملاء العمل.

ولذلك تبدو تلك المساحات مستقبل بيئة العمل في ظل عدم رغبة كثيرين في العودة إلى مكاتبهم (فكرة مشروع ناجح في خطتي الخمسية المقبلة!)

انتشار تلك المساحات يثبت بالقطع احتياج الإنسان إلى العمل من مكتب خارج البيت. فالعمل من المنزل يثبت كل يوم عدم جدواه، ومسؤوليته عن تشتيت انتباه أكفأ الموظفين وقتل إبداعهم على مهل. 

فإن كنت تعمل عن بعد، في مدينة بعيدة عن مقر عملك أو في بلد آخر، جرِّب خيار اللجوء لمساحة العمل المشتركة بدل المقهى والمكتبة. لكن إن كنت تعمل في شركة ألغت خيار العمل عن بعد وأصبحت تلزمك بالدوام الحضوري في المكتب، ففي هذه الحالة، أستغرب من تشبثك بالعمل عن بعد.

الإنتاجيةالعملالمجتمعالرأي
نشرة أها!
نشرة أها!
منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+490 مشترك في آخر 7 أيام