أفلام رائعة دفنت تحت التقييم 7 😔🪦

تظل الأفلام التي دفنت كونها غير محظوظة تستحق منا البحث والحديث عنها.

أفلام غير محظوظة / تصميم: أحمد عيد
أفلام غير محظوظة / تصميم: أحمد عيد

هناك أفلام رائعة لم تحن فرصة مشاهدتها إما بسبب الوقت أو المزاج، لكن هناك أفلام رائعة لن تحين أبدًا فرصة مشاهدتها لأنها مظلومة.

فالمفترض أن يعتمد نجاح الفلم أساسًا على براعة النص والإخراج، لكن قد يكون بارعًا في كليهما ولا يحقق النجاح الكافي.

وأتذكر هنا المخرج الكوري بونق جون هو، أثناء خطابه بعد تتويج فلمه «باراسايت» بأفضل فلم في الأوسكار، حين قال «شكرًا كوينتن تارانتينو، فقد كنت تضع أفلامي في قائمة توصياتك قبل أن يعرفني أحد.» و في رأيي الشخصي، فإنَّ فلمه «Memories of Murder» هو أفضل أفلامه، بل أفضل من فلمه «باراسايت» الذي نال به الأوسكار والشهرة وحقق كل الإنجازات.

مع ذلك، تظل الأفلام التي دفنت كونها غير محظوظة تستحق منا البحث والحديث عنها، ويثير فضولي أي توصية لفلم لم أسمع عنه من قبل، أو من سينما لم أتابع منها شيئًا.

وفي أثناء حديثي مع صديقي طلحة «المسؤول عن القهوة في ثمانية وأفضل من يعدها»، قلت له: «أعطني فلمك المفضل من سينما دولتك بنغلاديش.» وحينها أوصى بمشاهدة فلم «Television».

كان هذا الفلم اختيار بنغلاديش للأوسكار لكن لم يترشح. لذا سأشاهد هذا الفلم وكل أمنياتي أن يكون أحد تلك الأفلام غير المحظوظة بالشهرة، لكني المحظوظ بمشاهدتها.

نايف العصيمي


فاصل ⏸️


فلم «Donnie Brasco»
فلم «Donnie Brasco»

  • يعرض على نتفلكس الوثائقي المكون من سبع حلقات «Dark Minds» والذي يستعرض تاريخ القتلة المتسلسلين في العالم العربي، ودوافعهم المروعة والخفية، والقصص غير المروية وراء القضايا الحقيقية. 

  • مزارع عراقي يعيش في أمان الله وفجأة يحل عليه ضيف غامض، ويتبيَّن أنَّ هذا الضيف هو المطلوب رقم واحد لدى الجيش الأمريكي وقتها، وسيعيش معه شهورًا طويلة. هذه هي حبكة الفلم الوثائقي الشيِّق «إخفاء صدام حسين» على لسان المزارع العراقي نفسه «علاء نامق»، ويعرض الفلم بدءًا من اليوم الخميس على ڤوكس سينما. (ندري الفلم وثائقي، لكن يستحق المشاهدة على شاشة السينما! 🤯)

  • صدر يوم الاثنين الفائت الإعلان الدعائي للفلم الدرامي «LEE» من بطولة النجمة الحائزة على الأوسكار كيت وينسلت. ويتناول الفلم قصة الصحفية والمراسلة الحربية «إليزابيث لي ميلر» التي كانت عارضة أزياء وأصبحت مراسلة حربية معروفة لمجلة (Vogue) خلال الحرب العالمية الثانية. وسيُعرَض الفلم في 27 سبتمبر .(إذا تحاول تتذكر وين سمعت هالاسم من قبل، فهذا اسم بطلة فلم «Civil War» اللي أيضًا كانت مصورة حرب.🤔) 

  • حقق فلم الرعب «LONGLEGS» إيرادات بلغت 22.6 مليون دولار في شباك التذاكر الأمريكي، ليحقق أعلى افتتاحية في شباك التذاكر لأفلام استوديو (NEON). الفلم مزيج ناجح من تصنيفات أفلام الرعب والقتلة المتسلسلين والظواهر غير الطبيعية والإثارة، عن محققة فدرالية يجب أن تحل مجموعة من الأدلة الغامضة لإنهاء سلسلة من جرائم القتل المروعة. (شغلتين عن نيكولاس كيج: احتمال كبير يظهر فعلًا في أحلامك، وشكله في هذا الفلم أغرب من المعتاد حتى بمقياس نيكولاس كيج!🥶)

  • المخرج مايكل مان يكتب حاليًّا سيناريو الجزء الثاني من «Heat» مع انتشار إشاعة حول إسناد دوريْ البطولة إلى آدم درايفر وأوستن بتلر. (نعرف إنك تحمَّست، لكن عندنا لك هدية إضافية: موقع أرشيف مايكل مان اللي أطلقه المخرج حتى يشارك خبرته ومواد أرشيفية أصيلة من صناعته للأفلام، أول دفعة تخص عمله في فلم «فراري»🤩) 


فلم «A History of Violence»
فلم «A History of Violence»

اليوم نقول أكشن في هذا المشهد من فلم «A History of Violence» الصادر عام 2005 للمخرج ديفيد كروننبرق وبطولة فيقو مورتنسن، والمقتبس من رواية مصورة.

يتناول الفلم قصة رجل يُدعَى توم ستال (يؤدي دوره فيقو مورتنسن)، يعيش حياة هادئة مسالمة في بلدة أمريكية مثالية مع عائلته. تتغير حياته بعد تعرضه لمحاولة سرقة في مطعمه، وفي ثوانٍ يقتل الرجلين المعتدين. فتنتشر حكاية بطولته بسرعة، ويُفتَح الباب على ماضيه المظلم الذي يعاود الظهور ويهدد بتدمير حياته الجديدة.

يبدأ المشهد من عملية تنظيف المطبخ قبل التشطيب من خدمة نهاية اليوم، وفي أثناء توديعه للزبون الخارج يدخل رجلان غريبان ينويان السطو، يصر أحدهما على تناول القهوة بينما يطلب رفيقه قطعة من فطيرة الليمون. وفي أثناء ذروة تصاعد حدة التوتر يظهر بصيص مما يسمى «الذاكرة الجسدية»، تحديدًا الدقيقة 2:05، حيث يحاول توم الانقضاض على المجرم دون أن يجفل أو يرف له جفن، وذلك مباشرة بعد تهديد الأخير لزوجين كانا يتناولان طعامهما بسلام، لتتأجل اللحظة الحاسمة في أثناء اعتداء أحدهما على النادلة. لحظتها يتحول توم من شخص عادي إلى عنيف، محطمًا شخصيته المهادنة للأبد. 

للجسد ذاكرة تُختبَر في أثناء ما يسمى «استجابة التعوُّد» وهي ردة فعل اضطرارية تتسلم فيه الغريزة دفة القيادة الارتجالية لتفادي المخاطر، دون الركون إلى الذاكرة الذهنية. ولعل كثيرًا من الأفلام الهوليوودية تناولت هذا الأمر في أثناء رحلة تكوين شخصية البطل غير المكتملة،  لاسيما تلك التي تعاني من تلف عقلي حدث بسبب حادثة أو لسبب آخر، فتستعيد الشخصية شيئا فشيئًا تاريخها المنسي. لكن في هذا المشهد، فالتاريخ المنسي ليس منسيًّا بفعل عطب، بل بفعل إرادة صاحبه طمسه. 

يبدو الفلم للوهلة الأولى خارج سياق أفلام ديفيد كروننبرق التي تعتمد في بنائها المشهدي البصري على الغرائبية الجسدية بدءًا مع فلمه «The Fly». لكن سمة الغرائبية تظهر واضحة في انفجار العنف لدى توم بعد كل سنوات الكبت، وذلك في لقطة الرصاصة التي يقتل بها توم المعتدي الأساسي. والتشوه الغرائبي المقرف، المتأتي من هذه الرصاصة في الرأس، يجعلنا نرى هذا العنف كائنًا مستقلًّا في حد ذاته، وله تاريخه الذي يرفض أن يُطمَس. 

أبدع فيقو مورتنسن في إضمار الإنكار الذي أوهمنا فيه أنه شخص بلا ماضٍ، وأن ردة فعله ليست سوى شجاعة غير مرتبطة بتجارب وخبرات سابقة تطلبت منه استخدام قبضتيه. ولعل هذا اللون من المشاهد المؤدية إلى اكتمال تكوين الشخصية كانت حبكة ذكية رائجة في حقبة التسعينيات وبداية الألفية الثانية، والذي يذكرنا بنهاية فلم «Usual Suspects» حين تتضح الحقيقة بشأن الإعاقة في قدم البطل اليسرى! 

ترشَّح ديفيد كروننبرق للسعفة الذهبية في «كان»، ولسوء الحظ لم ينل فيقو مورتنسن ترشيحًا لأوسكار أفضل ممثل...ورغم أنَّ الحظ لم يحالف كروننبرق ومورتنسن، فهذا لا يعني أنهما لا يستحقان الترشيح والفوز بجدارة. 


اليوم فرصتنا نعوّض عن توصيتنا ضد فلم توم هانكس الأشهر «فورست قمب» بتوصية قوية لمشاهدة فلمه الأقل شهرة بكثير واللي غالبًا ننساه من أي قائمة لأفلام رائعة «Road to Perdition»، وتوم هانكس ذات نفسه يدعم توصيتنا يوم صرَّح في بودكاست «ريد بلانك»: «يا ناس ليه محَّد يتكلم عن أبرز أفلامي!» 😩📽️

فلم «Road to Perdition» اللي يعني «الطريق إلى الجحيم الأبدي» فلم مافياوي للمخرج سام ميندز، وتوم هانكس يلعب فيه دور قاتل مأجور عند عصابة إيرلندية في ثلاثينيات القرن العشرين. الفلم يضم أيضًا الأسطورة بول نيومان، ودانيال كريق قبل ما يصير جيمس بوند، وجود لو في عز أيامه. 

والقصة مقتبسة من رواية مصورة (للكاتبين نفسهم اللي كتبوا الرواية المصورة لفلم «A History of Violence»)، ويقول ميندز إنَّه أعجب بالقصة المصورة, وبرأيه القصة أساسًا تدور حول كيفية تعامل الأطفال مع العنف، والوقوف على عتبة عالم الرجال الحقيقي بعيدًا عن براءة الطفولة. ومن هنا يأتي تصريحه إنَّ فلم «Road to Perdition» هو فلم عن طفولته.

وهنا نفهم المنطق في تفوق سردية «العلاقة المعقدة بين الأب والابن» على مدار الفلم: فعندك القاتل المأجور مايكل سوليفان اللي يؤدي دوره توم هانكس، يحاول إنقاذ ابنه مايكل جونيور  بعد ما تعرضت بقية العائلة للقتل، وعندك رئيس العصابة الإيرلندية جون روني اللي يؤدي دوره بول نيومان، المنزعج من ابنه كونر روني اللي يؤدي دوره دانيال كريق، ولا يشعر بأي فخر تجاهه. وعندك العلاقة الأبوية الروحيّة بين جون روني تجاه مايكل اللي يعتبره ابن له، ومايكل اللي كان يعتبر جون روني بمثابة والده إلى أن انطلق مايكل في رحلة انتقام منه ومن ابنه كونر اللي قتل عائلته. 

وفي معمعة هذا التعقيد، تتحرك شخصية القاتل المأجور «هارلِن مكقواير» اللي يؤدي دوره جود لو، واللي يتميز بوجهه الشاحب لوجوده فترات طويلة في غرفة تحميض الأفلام (وبالمناسبة يحرص على تصوير ضحاياه لحظة قتلهم بكاميرته الفوتوغرافية!)

السينماتوغرافيا في هذا الفلم خيال، ونال عنها كونراد هول جائزة الأوسكار. ويعطي كونراد درس في فن تصوير المشاهد في الظلمة بإتقان ما عدنا نشاهده في أعمال اليوم اللي فعليًّا نعجز نشوف شيء واضح في الشاشة! وصدقني من المشاهد اللي ستظل عالقة معك مشهد المطر☔️. أما الموسيقا التصويرية لتوماس نيومان ورغم كآبتها أضفت البعد السوداوي على مسرح المأساة الأبوية.

وإذا سألتني ليه هذا الفلم، رغم كل روعته، قابل للنسيان ولا أحد يتكلم عنه، فالإجابة عند توم هانكس! صحيح إنَّ المنطق في اختيار توم هانكس لدور مايكل سوليفان يعتمد التركيز على أنسنة الأب في شخصية القاتل المأجور، لكن ارتباط توم هانكس في الوعي الجمعي بصورة الأب المثالي اللطيف والحنون اللي كلنا نتمناه صعَّبت قبول مشاهدته يمشي ويقتل الناس بدم بارد وبشناعة. 😨

أما السبب الآخر فهو إنَّ المشاهدين عمومًا يفضلون المافيا الإيطالية على المافيا الإيرلندية، يعني لو «ذ سوبرانوز» كانوا «ذ رونيز» كنا رح ننساه. 🤷🏻‍♂️


فلم «?O Brother, Where Art Thou»
فلم «?O Brother, Where Art Thou»

أول ما دخل الأخوين جويل وإيثان كوين على جورج كلوني في غرفته في الفندق، ووضعوا النص على طاولته، ما مرَّت لحظات إلا ووافق كلوني بحماس على المشاركة في فلمهم الجديد بدون قراءة النص! وهذي أول معلومة نشاركك إياها عن الفلم الكوميدي الموسيقي الأسطوري التاريخي السريالي السياسي الساخر «?O Brother, Where Art Thou» في دريت والا ما دريت. ⛓️😎

  • قصة هروب السجناء الثلاثة استوحاها الأخوان كوين من ملحمة هوميروس الإغريقية «الأوديسة»، واختار الأخوان فترة الكساد الكبير في الجنوب الأمريكي كإطار زمني وتاريخي لها. المعلومة الأهم أنَّ الأخوين لم يقرأوا الملحمة أصلًا واعتمدوا على معرفتهم بها من خلال التأثيرات الثقافية والتكيفات السينمائية. (يمكن لهذا السبب أضافوا هوميروس ككاتب مشارك.😏)

  • بعد موافقة جورج كلوني الفوريَّة، وبعد ما فتح النص، لم يفهم كلام شخصيته! لذا أرسل النص إلى عمه جاك، مزارع تبغ يعيش في كنتاكي، وطلب منه قراءة النص بالكامل في جهاز تسجيل. ودون علم كلوني، حذف العم جاك، المعمداني المتدين، كل الشتائم مثل «اللعنة» و«إلى الجحيم» من نص الأخوين كوين في تسجيله. ولم يعرف كلوني ذلك إلا بعد إشارة الأخوين إلى هذه النقطة أثناء التصوير. أمَّا العم جاك فقد ركب الطائرة لأول مرة في حياته حتى يحضر العرض الأول للفلم. 

  • اقتبس الأخوان كوين العنوان من فلم (Sullivan's Travels) للمخرج بريستون سترجز والذي صدر عام 1941. قصة فلم بريستون عن مخرج كوميدي يعمل على فلمه الجديد بعنوان (?O Brother, Where Art Thou) ويقرر تقمص دور مشرَّد في الحياة الواقعية لكي يجمع المادة والخبرة التي يحتاجها لإخراج فلمه الاجتماعي.

  • جرى توظيف نحو 350 كومبارس في مشهد تجمُّع جماعة «كو كلكس كلان». العديد من الكومبارس أعضاء في فرقة تشكيلات عسكرية، والغريب أن كثيرًا منهم هم من الأمريكيين الأفارقة! وذكر جويل كوين لاحقًا أنه سمع أحدهم يقول: «هذه أغرب تجربة عشتها في حياتي!»

  • تدرّب جورج كلوني على غناء الأغنية الفولكلورية ( Man of Constant Sorrow) لأسابيع، لكن في النهاية جرى استبدال صوته الغنائي بصوت مغني البلوقراس دان تايمينسكي. وحققت الأغنية نجاحًا كبيرًا ونالت جائزة قرامي لأفضل أغنية كونتري. والموسيقا التصويرية ككل حققت مبيعات عالية بلغت بيع سبع ملايين نسخة في أمريكا وحدها. وللعلم، إذا شاهدت الفلم وسمعت الأغنية لن تصدق إنَّ الصوت ليس صوت كلوني! 

  • معلومة أخرى عن أغنية (Man of Constant Sorrow): كان مخطط للأغنية أن تظهر في فلم الأخوين كوين الأسبق «The Big Lebowski» وتكون أغنية شخصية «The Dude» 😎 لكن جرى اقتطاعها من الفلم وانتقلت إلى جورج كلوني.  

  • الترنيمة الموسيقية للسجناء في بداية الفلم (وفي الموسيقا التصويرية) تسجيل قديم لمجموعة من السجناء العاملين والمقيدين إلى بعض بالسلاسل.

  • شخصية «بيبي فيس نيلسون» حقيقية ومبنية على مجرم قاتل يُدعَى ليستر إم. جيليس، وكان معروفًا بطبعه الحاد وسرعة استخدامه للسلاح. تعرَّض لإطلاق النار على يد عملاء مكتب التحقيقات الفدرالي وتوفي متأثرًا بجراحه في بارينقتون، إلينوي، في 27 نوفمبر 1934، أي قبل ثلاث سنوات من الفترة الزمنية التي تدور فيها أحداث هذا الفلم؛ وبما إنَّ الفلم سريالي فعادي!


ميم النشرة

النشرة السينمائية
النشرة السينمائية
منثمانيةثمانية

مقالات ومراجعات سينمائية أبسط من فلسفة النقّاد وأعمق من سوالف اليوتيوبرز. وتوصيات موزونة لا تخضع لتحيّز الخوارزميات، مع جديد المنصات والسينما، وأخبار الصناعة محلّيًا وعالميًا.. في نشرة تبدأ بها عطلتك كل خميس.

+60 متابع في آخر 7 أيام