رسالة كاثرين أبلقيت لقراء سلسلة «أنيمورفس»

قبيل انهيار البرجين في سبتمبر، أرسلت كاتبة سلسلة «أنيمورفس» رسالة إلى قرائها الممتعضين من أحداث العدد الأخير مفادها: لا نهاية سعيدة للحرب.

الأدب مرآة للواقع، فماذا لو أرتنا المرآة أشياء لا تعجبنا؟ كان هذا التساؤل جزءًا من تجربة قرّاء سلسلة «أنيمورفس» (Animorphs) عند نهايتها منتصف عام 2001.

«أنيمورفس» سلسلة روايات خيالٍ علمي موجهة للأطفال، كتبتها المؤلفة الأميركية كاثرين أبلقيت، رفقة زوجها ومجموعة من الكتّاب الآخرين، ونشرت ما بين عامي 1996 و2001. تتكون السلسلة من أربعة وستين كتابًا، أي بمعدل نشر كتابٍ كل شهر. 

ساهم هذا العدد الضخم من الكتب في تعزيز العلاقة بين القراء وأبطال الكتب: جيك وكاسي وريتشل وتوبايس وماركو، وهم الأطفال البشريون القادرون على التحول إلى حيوانات لمحاربة غزوٍ فضائيٍ يقوده الشرير فيسر ثلاثة/واحد. 

إلا أنه عقب نشر آخر رواية من السلسلة، تعالت ردود أفعال القراء غاضبةً تجاه مصير أبطالهم المفضلين، وحتى مصير الشرير الذي يكرهونه. إذ رأوها نهايةً سوداويةً غير مرضية، فشاركوا غضبهم واستياءهم على الإنترنت بكتابة رسائل إلى الكاتبة، واقترح بعضهم نهايات مختلفة للقصة.

جادلت كاثرين أبلقيت بأنها كتبت نهايةً حقيقية؛ نهايةً تعبر عن جوهر كل الحروب، وتحذّر من الانقياد لها. وهو ما شرحته في رسالة موجهةٍ إلى جمهورها اليافع.

نبوءة سلسلة «أنيمورفس»

نُشرت هذه الرسالة في منتصف عام 2001، قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر بأسابيع معدودة.

وخلال شهرين أو أقل، تحولت إلى شيءٍ يشبه النبوءة. وبدا أن كل ما حذرت منه كاثرين شكّل بالفعل مستقبل أميركا للعقدين اللاحقين. 

يتحدث الناس اليوم عن غزو العراق كأحد أسوأ الجرائم التي ارتكبتها أميركا بحق العالم وبحق مواطنيها أيضًا. لكن الأميركيين في وقت الحدث نفسه دعموا الغزو بنسبة كبيرة. ففي ربيع 2003، يوم بداية الغزو، رأى 72% من المواطنين الأميركيين أن غزو العراق قرارٌ صحيح. ولكن النسبة انعكست اليوم، إذ لا يتجاوز عدد المؤيدين للغزو 30%. 

وبعيدًا عن التفكير في ملايين العراقيين الذين دمّر وطنهم نتيجة هذه الحرب التي لا يزالون يعيشون ويلاتها؛ يمقت الأميركيون اليوم قرار غزو العراق للضرر الكبير الذي تركته عليهم: جنودهم القتلى والمشوهون وأراملهم المكلومات وملايين الدولارات التي بُذلت ولا تزال في سبيل حربٍ لا نهاية لها.

كيف لم يرَ الأميركيون هذه النهاية بداية الحرب؟ كيف لمثل هذا الشيء أن يُدعم في المقام الأول؟

تجيب كاثرين: وهم المجد. 

خلف كل حربٍ مجدٌ منتظر، مجدٌ للنفس وللشعب وللوطن. لكن كما تقول كاثرين: «الحروب لا تنتهي نهايةً سعيدة، أبدًا.»

رسالة إلى قراء «أنيمورفس»

الأعزاء قُرّاء «أنيمورفس»

يبدو أن عددًا ليس باليسير من الناس منزعجون من الفصل الأخير في قصة «أنيمورفس». وصلتني الكثير من الشكاوى على قتلي شخصية ريتشل، وإبقائي فيسر ثلاثة/واحد حيًا، وأن كاسي وجيك انفصلا، وأن مشاعر توبايس تقلّصت إلى فقدٍ صامت. وأنه لم تكن هناك  أية معركة نهائية ضخمة، ولا احتفالٌ سعيد. كذلك، الجميع غاضبٌ من النهاية المفتوحة.

لهذا قررت الرد.

دائمًا ما كانت «أنيمورفس» قصة حرب. والحروب لا تنتهي نهايةً سعيدة. أبدًا. ففي وقت السلم كثيرًا ما تتفكك العلاقات السياسية التي كانت قوية وقت الحرب. إذ لا يقدر بعض الأشخاص الذين كانوا شجعانًا وجسورين خلال الحرب على التعامل مع السلام؛ فيشعرون بالضياع والارتباك.

وفي حالاتٍ أخرى، ينتقل الأشخاص من الحرب إلى السلام بسلاسة. يموت الناس في الحرب دومًا. ودائمًا ما يُترك أحباب أولئك الذين ماتوا مُحطّمين نتيجة الخسارة.

هذا ما يحدث، وهذا ما كتبت. جاك وكاسي كانا واقعين في الحب خلال الحرب، ثم مضيا كلٌ في طريقٍ بعدها. جاك، الذي كان شجاعًا وكُفؤا خلال الحرب، صار بلا هدفٍ وقت السلام. أما ماركو وآكس فتجاوزا الحرب بسلاسة، بل واستطاعا استخدام خبرتهما بطريقة مناسبة.

ريتشل ماتت، وتوبايس لن يتخطى هذه الحقيقة أبدًا. لا يغطي كل ما سبق أحداث الحروب كلها بالشكل المطلوب، لكنها بداية جيّدة.

من الجهة الأخرى، بعض الأشياء لا تحدث في الحروب: لا توجد معارك خيالية ختامية تترك الأخيار أحياءً مُفتخرين والأشرار موتى ملقين على التراب. الحياة ليست حدثًا من أحداث المصارعة الحرة.

فحتى أولئك الذين ينتصرون في الحرب، الناجون الذين يصلون للجانب الآخر مُقتنعين بأنهم فعلوا شيئًا شجاعًا وضروريًا، قلّما يحتفلون. قليلٌ من الذين عايشوا الحرب شخصيًا يغنّون «نحن الأفضل».

أنا مجرد كاتبة، وهدفي الرئيس الإمتاع. لكنني لم أسمح قط لـ«أنيمورفس» بالتحول إلى حربٍ وهمية خالية من الألم، خصوصًا في النهاية. أمضيت أكثر من ستين كتابًا أحكي قصةً حربيةً غريبة وخيالية، أحيانًا ببالغ الجدية، وأحيانًا بمطلق السخرية.

كتبت الكثير من الإثارة والفكاهة والتفاهة، لكنني كنت أحثّ قُرّائي مرارًا وتكرارًا على التفكير فيما يقرأون، أن يفكروا في الحق والباطل، مثلما يفكرون في من ضرب من. وحتى أكون صريحةً معكم، صُدمت قليلًا بأن عددًا ضخمًا من القراء توقعوا إنهائي السلسلة بمصافحاتٍ احتفالية وتربيتات على الأظهر.

الحروب غالبًا ما تنتهي، للأسف، مثلما انتهت حربنا: بانتقال سلسٍ جدًا نحو حربٍ أخرى.

إذن، لم تعجبكم الطريقة التي انتهت بها حربنا الخيالية؟ لم يعجبكم أن ريتشل ماتت وتوبايس تحطّم وجيك اجتاحه الندم؟ لم يعجبكم أن قصة حربٍ قادت ببساطة إلى حربٍ أخرى؟ جيّد.

كلكم ستبلغون قريبًا سن التصويت وسن التجنيد. لذا، عندما يقترح أحدٌ ما حربًا، تذكروا أن أكثر الحروب ضرورةً، تلك النادرة التي يُعرف فيها الخير والشر بدقةٍ ووضوح، حتى هذه الحروب تنتهي بكثيرٍ من الموتى وكثيرٍ من الجرحى وكثيرٍ من اليتامى والأرامل والآباء الثكلين.

إذا كنتم غاضبين منّي لأنكم أخذتم هذا الدرس من «أنيمورفس» فهذا شيء مؤسف؛ لأني لم أكن قادرةً على كتابة أي نهايةٍ أخرى دون الإخلال بالاحترام الذي طالما حملته تجاه قراء هذه السلسلة.

كاثرين أبلقيت

الأدبالحربالكتبرسائلالثقافة
مقالات حرة
مقالات حرة
منثمانيةثمانية