من مذكرات المترفين!

تستطيع أن تكون ثريًا، لكنك تخاف من بدء ذلك الطريق؛ لأنك أسير لعادات الفقراء المعدمين الفاشلين، وكل فقير في هذا الكوكب هو غبي بالضرورة.

أنا رائد أعمال وناشط في مجال توعية الفاشلين في الدخول إلى عالم الثراء، دعوني أحدثكم عن نفسي قليلًا، لعلي أصحح بعض المفاهيم المغلوطة وأدحض بعض الشائعات. ولنبدأ بالطريقة التي أصبحت بها واحدًا من سكان المعمورة، فقد ولدتني أمي بشكل طبيعي كما حدث للمليارات الثمانية من البشر الذين يعيشون حاليًا ومليارات البشر الآخرين الذين رحلوا والمليارات الذين سيأتون. ولذلك فإن الذين يقولون إي ولدت وفي فمي ملعقة من ذهب يجانبون الصواب كثيرًا. لم يكن بحوزتي أي من أدوات المطبخ و«مواعينه» حين قدمت إلى هذا العالم، ولا أي معادن أخرى. ملعقة الذهب التي يتحدثون عنها عرفتها فيما بعد لأن والدي كان ثريًا بطريقة يصعب على أمثالكم فهمها، وقد أحاول في وقت لاحق شرحها مع علمي المسبق بأن إعدادات عقولكم ليست مهيأة لفهم أشياء من هذا القبيل. 

رحلتي في ريادة الأعمال ومشاريعي العظيمة لم تدفعني للغرور، أو إلى عدم التباسط مع الفاشلين الذين يسيئون استخدام الحياة. ومع أن التخلص من هؤلاء حل مثالي ليكون العالم أكثر تناغمًا وواقعية فإني فهمت منذ وقت مبكر أنه يصعب قتل كل هؤلاء البشر والتخلص منهم. لذلك خصصت وقتًا لمحاولة انتشالهم من وحل الفشل، أطاردهم ككائن مسعور في وسائل التواصل أشرح لهم كيف يمكن أن يلحقوا بقطار الثراء، وكوني أخصص لهم من وقتي الثمين، الذي تُحسب دقائقه بالريالات وليس بالثواني كما تفعل دقائق الفاشلين، فهذا يبين بوضوح أني لست مغرورًا كما يشاع عني. صحيح أني أفعل ذلك من أجلي وليس من أجلهم. فأنا أكره رؤية الكائنات غير الثرية التي تقتات على الرواتب والعياذ بالله. ولكن الغاية ليست مهمة بما أن الجميع سيخرج كاسبًا في نهاية المطاف. 

يظن البعض أن الطريق إلى الثراء شائك وصعب ومرهق، وهذه فكرة حمقاء وسخيفة ومضحكة في الوقت نفسه. ولكن الإنسان -إن صح أنْ نصِف غير الأثرياء بأنهم بشر مثلنا- عدو ما يجهل. 

أنا مثلًا لم أكن ثريًا حين أتيت إلى هذا العالم، ولم يكن لدي شركات ولا أعمال، ولعلكم قد تتفاجؤون بأني لم أكن من رواد الأعمال ولم أنخرط في أي أنشطة تجارية منذ ولادتي حتى الانتهاء من المرحلة الثانوية. بعد ذلك بدأت أفكر في ريادة الأعمال، ثم عزمت أمري وبدأت من الصفر، لم يكن لدي لا رواتب ولا مدخرات. ومثلي آخرون أيضًا بدأنا من النقطة ذاتها، ولكن طرائق البدايات تختلف. أحد أصدقائي من رواد الأعمال بدأ مشاريعه بمقهى بعد أن أخذ من والده بضعة ملايين فقط، وبعد أن خسر المقهى أخذ بضعة ملايين أخرى وفتح مطعمًا، ثم إنه اتجه بعد إفلاس المطعم إلى تقديم دورات تدريبية يعلم الناس فيها طرائق الادخار، وكيف يبدؤون من الصفر، وكان يتعب كثيرًا ويصرف على تلك الدورات من الأموال التي يأخذها من والده. ولم ييأس ولم يستسلم وظل يكافح للوصول إلى الثراء حتى تحقق حلمه أخيرًا بعد أن توفي والده وورث منه بضعة مليارات.

أما أنا فلا أخجل من الاعتراف بأني لم أتعب بالطريقة نفسها، توفي والدي رحمه الله بعد تخرجي من المرحلة الثانوية مباشرة وترك لي مليارات لم يتسن لي معرفة عددها حتى الآن، ثم انطلقت في طريقي الريادي وبدأت من الصفر أعمالي التي تعرفون. 

الأمر الذي أبذل فيه جهدي هو إخبارك أنك أنت أيضًا تستطيع أن تكون ثريًا، لكنك تخاف من بدء ذلك الطريق؛ لأنك أسير لعادات الفقراء المعدمين الفاشلين، وكل فقير في هذا الكوكب هو غبي بالضرورة. وهذه حقيقة لا أقبل الجدال فيها، قد عرفتها بعد أن خضت غمار الحياة وعصرتني التجارب وتراكمت خبراتي في عمري الذي تجاوز العشرين عامًا. 

Giphy 11
احفظ أموالك \ Giphy

أنت تبدد أموالك ومدخراتك فيما لا يفيد، ولو افترضنا أنك تتقاضى أربعة آلاف ريال مرتبًا من وظيفتك الحقيرة فإنك غالبًا بدلًا من التفكير في الادخار والتوفير تبدد هذا المبلغ على الأكل والشرب وتسديد الفواتير ودفع أجرة مسكنك التافه وغيرها من الكماليات التي لا لزوم لها ولا فائدة ولم يفعلها أيّ من رواد الأعمال ولا رجال الأعمال الناجحين.

وقد تأكدت بنفسي أن كثيرًا من غير الأثرياء يشربون الشاهي والقهوة ويدعون الناس إلى منازلهم، وبلغت الوقاحة ببعضهم أنه يفكر في الذهاب إلى المطاعم مع أسرته أو الترفيه عنهم بطرائق أخرى، وهي أمور لم تُخلق للمعدمين الفاشلين الذين ينتظرون رواتبهم في آخر كل شهر. 

قبل أن تهاجمني فكّر قليلًا، إن كنت قادرًا على التفكير، أليس لديك هاتف جوال؟ أليس لديك باقة إنترنت؟! ألا تدفع فواتير الكهرباء والماء؟! بالله عليك ماذا تسمي كل هذا؟ إنه الاستهتار ومحاولة التشبه بالأثرياء ومجاراتهم في نمط حياتهم وهذا الذي أوردك المهالك. 

ما حاجتك وأنت الذي لم ينجح في أن يكون ثريًا إلى أن تمتلك سيارة؟ لماذا تفكر في الزواج وأنت لا تملك حتى بضعة ملايين في رصيدك؟ أم أنك فقط تريد أن تخالف سنة الحياة وطبائع الأمور أيها الفاشل؟!

تتزوج ثم تجتمع مع عائلتك تأكلون وتشربون وتشتري سيارة وتسكن منزلًا وتقتني هاتفًا وتشتري ثيابًا لك ولأسرتك وتدعو الضيوف إلى منزلك ويأكلون دون أن يدفعوا الحساب، ثم تأتي بعد كل هذا وتقول بكل صفاقة: لماذا لم أصبح ثريًا؟ لم تصبح ثريًا بكل بساطة لأنك غبي، تريد أن تتشبه بما لست أهلًا للتشبه به.

لو تخليت عن كل هذه الكماليات لوجدت أنّ الآلاف الأربعة تكوّن لك ثروة بالمليارات في نهاية المطاف. وقد تقول إن الوصول إلى المليار من خلال جمع أربعة آلاف ريال شهريًا يحتاج إلى أن تعيش عشرين ألف سنة. ألم أقل لك إنك غبي؟! غباؤك وضعف إيمانك هو الذي يدفعك إلى أن تظن أنك لن تعيش عشرين ألف سنة، الأعمار بيد الله أيها الفاشل الأبله!

الإنسانالادخارالمجتمعالرأي
نشرة الساخر
نشرة الساخر
منثمانيةثمانية

الحياة أقصر من أن تستفزك تغريدة على إكس. هذه النشرة من أجل استفزازك بطريقة أخرى!