نشرة أها! ترحّب بانضمام أوكتافيو الاصطناعي

«جي بي تي» لا يكتب بالفطرة، ولا يكتب انطلاقًا من تجربة شخصية. هو يتغذى على مجموع ما كتبناه نحن البشر في الإنترنت.

حرارتي كانت 38.3 وأنا في الفراش أتصفح تويتر، وإذ أجد تغريدة يرحّب بها موقع ألترا صوت بانضمام زكي الصناعي إلى كتّاب الموقع. أطلقت شتيمة مكبوتة وخفق قلبي وتلبَّكت معدتي واستفرغت في سلة المهملات الموضوعة جانبي. إذ ما الذي يمنع ثمانية من فصلي والاستعانة بكاتب «جي بي تي» أسرع أداءً وأعلى جودة مني؟ 

الصراحة خفت من قراءة المقال -فأنا لست ممن يواجهون نذير الهلاك بعين مفتوحة 🫣- لذا اكتفيت برميه في كومة «البوك مارك» التي غالبًا لا نعود إليها. قبل أيام قليلة، مع تحسّن صحتي وعودتي إلى تويتر، وجدت مقالًا جديدًا لزكي الصناعي حول مستقبل اللغة العربية. قرأته، ومرةً أخرى شتمت، ليس لأنَّ المقال كان مذهلًا، بل لأنه مقال عادي وباهت وممكن أن يكتبه أي صانع محتوى، يشبه مقالًا قد أكتبه أنا، وهنا الطامة الكبرى!

«جي بي تي» لا يكتب بالفطرة، ولا يكتب انطلاقًا من تجربة شخصية، ولا يكتب من خلفية ثقافية ودينية إلا بطلب صريح منك. هو يتغذى على مجموع ما كتبناه نحن البشر في الإنترنت. وفيما يخص المحتوى العربي، ليس من قبيل الصدفة أن نجد معدّل أداء «جي بي تي» في كتابة المقال عاديًّا -وربما أقل من المتوسط- مقارنةً بأدائه الممتاز في المحتوى الإنقليزي.

الضعف ليس لغويًّا بالضرورة (فهذي حلها بسيط)، بل الضعف في إبداء الرأي، في الكتابة بروح، في الكتابة بذكاء وبصيرة إنسانية. وبما أنَّ «جي بي تي العربي» كاتب عاديّ، فآليتي في النجاة أن أحسّن نفسي ككاتبة وأتفوق عليه؛ وهذه خطتي. 

إن كان مستوى «جي بي تي» مرتبطًا بما يقرأ من مدخلات، فبديهيًّا مستواي في الكتابة مرتبط بما أقرأ من مدخلات. أزحت كتب الشعر عن طريقي وبدأت التركيز على قراءة كتب المقالات المتراكمة لديّ: سوزان سونتاق وإدوارد سعيد وسيمون فايل وحنّة آرندت وفوكو وعزرا باوند. أيضًا اشتركت في مدونات في سبستاك وصحف ونشرات بريدية لكتّاب يتقنون فن كتابة المقال في مواضيع مختلفة، ومن منظور تحليلي يميّزهم عن البقيّة. 

ويوازي التركيز على القراءة، التركيز على تمرين الكتابة التحليلية اليومية -ولو بفقرة- عمّا يجري فيني وحواليّ وفي العالم بأسره؛ ربط النقاط بعضها ببعض، الانطلاق من الصورة الشخصية الصغيرة إلى الصورة الإنسانيّة الأشمل. وطبعًا، الاستعانة بـ«جي بي تي» الإنقليزي في اختصار مرحلة جمع المعلومات والمصادر. وأخيرًا، التعامل مع واقع أننا جميعًا نعيش الحدث ذاته، وبالتالي كلنا سنكتب عنه من منظور مشابه، «ومن سبق لبق». 

مثلًا، قبل كتابة هذه التدوينة، كتبت تدوينة في العيد بنيّة نشرها هذا الأسبوع حول «صياح» أصحاب العلامة الزرقاء لدى اختفاء علامتهم، وعن دهائهم البرجوازي في تحويل وجود العلامة في حسابك التويتري إلى دلالة على كونك من الرعاع الذين اشتروها بأبخس الأثمان (أنا مشمولة ضمن الرعاع)، وكيف تمسكوا بالاحتفاظ بعدم وجود العلامة دلالةً جديدة على نخبويّتهم. نشرة أكسيوس كتبت عن الموضوع ذاته، ولاحقًا وجدته مترجمًا في نشرة جريد. لذا حذفت التدوينة لأنها ستكون مجرد تكرار لما قيل. 

المفارقة الساخرة في هذا الموّال الطويل من الهلع الوجوديّ الذي أمرّ به كموظفة أربعينية أعتمد على الكتابة والتحرير والترجمة كمصدر دخل أساسي، أنَّ اجتهادي وغيري في رفع معدل الكتابة لدينا من متوسّط إلى جيد جدًا وممتاز، يعني ارتفاع مستوى زكي الصناعي وعشيرته العربيّة من متوسط إلى جيد جدًا وممتاز. ما يعني أني بتحسين نفسي ككاتبة مقال، أرفع كل يوم احتمال وقوع عيني على تغريدة ترحّب فيها ثمانية بانضمام أوكتافيو الاصطناعي إلى نشرة أها! 🫠👋🏻

الذكاء الاصطناعيالكتابةالمستقبلالرأي
نشرة أها!
نشرة أها!
منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+640 مشترك في آخر 7 أيام