معنى الانتماء الطبقي للأبطال الخارقين

أتذكر التعقيب الساخر الذي قرأته في ورقة بحثية حول هيمنة أفلام الأبطال الخارقين على الإيرادات؛ بأنها تعكس رغبة الشعب الأمريكي بإنقاذه.

شاهدتُ فلم «بلاك آدم» (Black Adam)، ولم أتمالك نفسي من مقارنة بطل الفلم الخارق بالبطل «الديساوي» الآخر باتمان، أو البطل «المارفلي» آيرون مان. ففي حين تتشارك الشخصيات الثلاث حربها ضد شر من نوعٍ ما، فثمة صلة وثيقة بين الخلفية الاجتماعية لكل بطل، ومفهوم البطولة على الصعيدين الشخصي والاجتماعي. 

على عكس باتمان وآيرون مان فاحشي الثراء، ينطلق تيث آدم من موقع عبوديته ليواجه المنظومة الحاكمة التي تُمكّن الوضع الراهن. وعليه كان من المنطقي أن تسعى أدريانا لإيقاظ تيث آدم من سباته، الذي استمر أكثر من أربعة آلاف سنة، لأجل أن يساعدها في القضاء على الاحتلال وتحرير شعبها، بصفته المناضل في مخيالهم ضد الاستعباد.

لكن إذا ما تأملنا أفلام البطليْن الآخريْن، فإن من الصعب الاتفاق معهما دومًا على ماهية الشر، ولا على جماعيّة نضاليهما. فبغض النظر عن مدى مسؤولية طبقة بروس وين فاحشة الثراء عن تفشي الجريمة في مدينة قوثام، فإن بعض الشرور التي يحاربها ليست في الحقيقة شرورًا مطلقة، وإنما تتخللها دوافع أخلاقية لا يمكن تجاهلها. 

«بويزن آيفي» مثلًا كانت تهدف إلى إعادة إعمار الأرض بالنباتات بعد الدمار المناخيّ الذي تسبب به البشر. و«مستر فريز» كان يحاول جاهدًا إنقاذ زوجته من مرضها المميت. 

الشيء نفسه ينطبق على آيرون مان. ففي بداية فلم 2008، نجد رئيس الشركة المصنعة لأسلحة الجيش الأمريكي ينجو بأعجوبة من هجوم ضد الموكب الذي كان فيه بأفغانستان، استخدمت فيه المقاومة صاروخًا من تصنيع شركته. ويستمر الفلم في تصوير بطولة آيرون مان في سياق العلاقة بين شخصيته بصفته مصنّعًا للأسلحة من جهة، وبين تبرير الغزو الأمريكي لأفغانستان من جهة أخرى.

هنا لا مفر من طرح عدة تساؤلات. هل حكايا البطل الفردي فاحش الثراء تحقق نجاحًا ساحقًا لأنها ذات صلة بالمخيال الأمريكي السائد بأن طبقة الأثرياء هم القادرون على إنقاذ المجتمع وضمان استقراره؟ أو لارتباطها بالخرافة السائدة بأن جيش الغزاة الأمريكي إنما يحرر شعوب الدول؟ 

والأهم: ما معنى البطولة «الخارقة» في سياق الانتماء الطبقي للفرد؟

فمفهوم العدالة بالنسبة إلى باتمان وآيرون مان، المبني على مواجهة مجرمين أفراد، يقف نقيضًا لتصوّر تيث آدم الذي يجابه اضطهادًا منظوميًّا؛ فهو يسعى لتحقيق عدالة اجتماعية لا انتقامًا فرديًّا. ولربما هذا يفسر هتاف الناس باسمه، على عكس الوضع الأخلاقيّ الملتبس عند البطلين الآخرين.

هنا أتذكر التعقيب الساخر الذي قرأته في ورقة بحثية حول هيمنة أفلام الأبطال الخارقين على الإيرادات؛ بأنها تعكس رغبة الشعب الأمريكي بإنقاذه. سأضيف على هذه السخرية وأقول، إنها تعكس أيضًا خوفهم من استحالة تلاشي شرور الظلم الاجتماعي والطبقيّ الذي صنعوه بأيديهم، إلا على يد قوى غير بشرية.

أمريكاالأفلامالطبقيةالرأي
نشرة أها!
نشرة أها!
منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+500 مشترك في آخر 7 أيام