مونديال قطر 2022: الصورة تتسع لاختلافات البشر
استحقت قطر ثناء رئيس الفيفا والعالم، كونها خلقت من الاختلافات سرًا للنجاح، ولأنها جعلت من تلك البطولة مناسبة تعبر عن روح كرة القدم.
تعد كرة القدم الأكثر قدرة على التأثير من بين الألعاب الرياضية التي تعتمد على روح الفريق؛ مجد جماعي يشترك فيه أحد عشر لاعبًا، ويوحد الجماهير حول قيمة. وعلى هامش التحليلات الفنية وخطط اللعب، تمنحنا قصص نجاح المنتخبات والصعود الشخصي للاعبين الأمل، وحتى حكايات التعافي التي كان دافعها كرة القدم؛ فقد ألهمت قصة شفاء المدرب لويس فان خال من السرطان الفريق الهولندي في مشواره ببطولة كأس العالم.
ارتباط البشر العاطفي بكرة القدم، وتلك التفاصيل الحياتية الصغيرة حولها، تؤكد لنا في إصرار أنها أكثر من رياضة محبوبة، أحيانًا كرة القدم لدى بعض الشعوب تساوي الحياة نفسها.
لا يغفل أحد الصبغة الإنسانية التي تتميز بها تلك النسخة من بطولة كأس العالم، كونها في بلدٍ عربي للمرة الأولى، وهذا الكم من الثقافات المختلفة يجتمع للمرة الأولى في بلدٍ يُرحب بكل البشر، قد أنتج العديد من المواقف الإنسانية التي تلف قلوب الجماهير بشعور إنساني عميق بأن كرة القدم للجميع؛ للجماهير في الملاعب، والمشاهدين حول العالم، لمن يلعبون الكرة، أو من يذهبون إلى المباريات على كراسٍ متحركة، من يستمتعون بحماس الجمهور المفعم والمصحوب بهتافات التشجيع، وأولئك الذين تختلف طريقتهم في استقبال الحماس والتعبير عن الجذل، فإطار الصورة في مونديال قطر 2022 يسعُ اختلافات كل البشر.
علاوة على مشاركة غانم المفتاح في حفل الافتتاح، التي بيّنت الاهتمام بتفاوت القدرات الحركية للجماهير، كان هناك أيضًا تذاكر خاصة لذوي الإعاقة بعد تجهيز الملاعب لاستقبالهم، ولا يتوقف الاهتمام عند هذا الحد، بل يُدْعى اثنان من حملة تلك التذاكر، يُخْتاران عشوائيًّا لدخول النفق الخاص باللاعبين، والاقتراب من جانب الملعب، ومشاهدة اللاعبين عن قرب داخل المستطيل الأخضر. وفي ظل تفاعل الجمهور في الملاعب، كانت الغرف الحسية في المدينة التعليمية، واستاد البيت ولوسيل ملاذًا آمنًا لأصحاب التوحد، فتمكنوا من متابعة المباريات والشعور بروح كرة القدم، وكانوا جزءًا من الحدث.
يُذكر أن تنظيم العديد من تلك اللفتات الإنسانية وتنفيذها شارك في نجاحها ما يقرب من عشرين ألف متطوع من مئة وخمسين دولة حول العالم، وكان لهم نصيب من الاحتفاء ضمن فعاليات الفيفا في مونديال قطر 2022، فلأول مرة تتزامن المباريات مع اليوم العالمي للتطوع، ويُشار إلى جهود متطوعي المونديال في رسالة أن نجاح الأحداث العالمية الكبرى يكتمل باللمسة الإنسانية، وبجهدٍ دافعه التعاطف والمحبة.
التمكين هو الشعار المستتر لمونديال قطر 2022؛ للجميع الحق في الاستمتاع والاحتفال والمشاركة في الحدث العالمي، ولهذا استحقت قطر ثناء رئيس الفيفا والعالم وانبهارهم، كونها خلقت من الاختلافات سرًا للنجاح، ولأنها جعلت من تلك البطولة مناسبة تعبر عن روح كرة القدم من خلال توحيد الشعور الإنساني الواضح في تلك النسخة، وأنها جعلت حلم الكثيرين في الاستمتاع بمشاهدة مباريات كرة القدم ببساطة ممكنًا.