سرُّ الحياة الطويلة والمطمئنة
القاعدة الأولى لحياة سعيدة هي التوقعات المنخفضة. إذا كانت لديك توقعات غير واقعية، فستكون بائسًا طوال حياتك.
عندما سئل تشارلي منقر -المستثمر الحكيم والمتواضع البالغ من العمر 98 سنة- عن سرّ حياته الطويلة المطمئنة والسعيدة أجاب:
القاعدة الأولى لحياة سعيدة هي التوقعات المنخفضة. إذا كانت لديك توقعات غير واقعية، فستكون بائسًا طوال حياتك. أنت تريد أن تكون لديك توقعات معقولة، وأن تأخذ نتائج الحياة الجيدة والسيئة كما تحدث، بقدر معيّن من الرواقيّة.
تتجاوز ثروة هذا الإنسان صاحب التوقعات المنخفضة ملياريْ دولار. ولخّص الأسباب الرئيسة باعتقاده أنها: أقل قدر من الحسد، وأقل قدر من الضغينة، مع الحرص على عدم الإسراف من الدخل، والمحافظة على ابتهاجٍ مستمر، ومحاولة مستمرة للتخلّص من المشاكل بسرعة، والتعامل مع أشخاص أكفّاء، وأيضًا الحرص على فعل ما يجب على الإنسان فعله بالشكل الصحيح طيلة الوقت.
هذه الأمور «التافهة» على حد تعبيره تتشكّل صعوبتها في قدرة الإنسان على الحفاظ عليها لأطول فترة ممكنة في حياته. وفي إجابته على سؤال المذيعة عن توقيت اكتشافه لهذه الأمور، قال: «منذ السابعة من عمري.»
في لقاءٍ مختلف، حاول منقر الدخول أكثر في أعماق نفسه ليخبر الناس عن سبب رئيس آخر جعله مستثمرًا ومفكّرً استثنائيًّا؛ أنه أكثر شخص يعرفه يمتلك «مدى انتباه عالٍ» (Long Attention Span)، أو بالعربي «شدة تركيز غير منقطعة». ويقول مازحًا، «يعتقد أبنائي أنني كتاب يمشي على الأرض،» إذ دومًا ما يغطي وجهه بكتابٍ يقرأه. ليشير بذلك إلى أن القراءة المنتظمة هي أحد أهم العادات التي جعلته متميزًا في حفاظه على تركيزه.
في عام 1995، ألقى منقر محاضرة مطوّلة في جامعة هارفرد لاقت شهرة واسعة، بعنوان: «سيكولوجية سوء تقدير الإنسان» (The Psychology of Human Misjudgment)، تحدّث فيها عن غرابة سلوك الإنسان وصعوبة تقديره للأمور السهلة والبديهية بسبب عدم التعقّل.
منها مثلًا أسباب «تِكرار طلاق النساء الجميلات والذكيات» أكثر من مرة في حياتهن، لمحاولتهن الهروب من مشاكلهن الرئيسة في المنزل إلى بيتٍ آخر بعد تطبيق تعديلات طفيفة، لكن دون النظر في صلب التجربة. ومن أمثلة ذلك السلوك أيضًا، سهولة تأثُّر الإنسان «برأي الآخرين» أكثر من رأيه، ليعلّق ناصحًا: «تحقّق جيدًا من الأمر أو لا تصدقه، واستبدل الكثير مما قيل لك بما تجده مناسبًا بعد التفكير الموضوعي.»
إن تأمّلنا حياة منقر، نجد فيها الصفات الثلاث الحقيقية التي تُغير أي إنسان في عصر السرعة الفائقة وزحمة التواصل الاجتماعي: المزيد من التعقّل والابتعاد عن العاطفة، الحفاظ على التركيز دونما تشتت وانقطاع، وبالطبع.. تخفيض سقف التوقعات من أنفسنا.