رتّب مكانك خارج التطبيقات

من يحرص على ترتيب مكانه أكثر جدوى في تنظيمه لمشاعره وأفكاره وأعماله. وهذا النوع من التنظيم لا يحتاج إلى تطبيقات إلكترونية خارقة.

في نشرة أها! من ثمانية

حطَّ ابن أُختي رحاله مؤخرًا في لندن ليبدأ أربع سنوات دراسية هناك. وكانت إحدى نصائحي له – من النوع الذي لم أكن لأنصت لها إلا بعد فوات الأوان: حافظ على نظافة وترتيب المكان الذي تعيش فيه.

لا يستطيع الشاب استيعاب الفوضى في حياته إذا ما اعتاد عليها لفترة طويلة. فأنا أذكر أصدقاء كانوا عُزّابًا أيام الجامعة، ووصلت مرحلة الفوضى في مطبخ بيتهم لدرجة لم يكن هناك حل مع قذارته إلا التفاوض مع شركة تنظيف محترفة. ومعظم سيارات الشباب في بداية العشرين عبارة عن كوارث بيئية متنقّلة، تمامًا كما كانت عليه سيارتي عندما كُنت أصغر سنًا.

فقبل بلوغي سن الخامسة والثلاثين عشتُ متأقلمًا مع كوني إنسانًا فوضويًّا في حياتي الشخصية، مكتفيًا بتنظيم حياتي الإلكترونية داخل التطبيقات. وكان أصدقائي يُطلقون عليَّ لقبًا (باللغة الإنقليزية) لا أود حتى اللحظة ترجمته إلى العربية خشية أن يجرح معناها مشاعري. 

لكني حين بدأت استشعار تأثير الفوضى الكبير على مزاجي وإنتاجيتي، استوعبت أنَّ الجلوس في مكانٍ مرتب أفضل نفسيًا من الجلوس وسط الفوضى. ولذا قررت أن أتهذّب، وأعيد كل شيء إلى مكانه فور الانتهاء من استخدامه.

فهناك ارتباط وثيق بين الفوضى والصحة العقلية. فالعمل أو العيش في مكان فوضوي غير مرتب يرفع هرمون التوتّر لديك، ويؤثر سلبًا على نومك، ويقلل ثقتك بنفسك. كما توجد مؤشرات إلى ارتباط بين الفوضى في مكان عملك وبين احتمال التعرّض للاحتراق الوظيفيّ

وهكذا، نقلني تغيُّر طبيعتي من الفوضى إلى التنظيم نقلة نوعية في نظرتي للأمور. أصبحت أكثر من أي وقت مضى أعي أن الحياة المنظمة إلكترونيًا ومكانيًا مؤشرٌ واضح بأن الإنسان يأخذ حياته بجدية، ولا يستسلم للفوضى التي تجعله يستسلم للكسل والبلادة، وبأنَّ تنظيم حياته الإلكترونية لا يكفي بدون تنظيم مكانه الشخصي. 

فمن يحرص على ترتيب مكانه أكثر جدوى في تنظيمه لمشاعره وأفكاره وأعماله. وهذا النوع من التنظيم لا يحتاج إلى تطبيقات إلكترونية خارقة، بقدر ما يحتاج منّا الالتزام بالنظافة والترتيب يوميًّا (اقتطاع 15 دقيقة من وقت تصفّحك الجوّال تكفي)، وتولّي هذين الأمرين بأنفسنا دون الاعتماد على الآخرين.

الإنتاجيةالإنسانرعاية الذاتالرأي
نشرة أها!
نشرة أها!
منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+370 متابع في آخر 7 أيام