إدمان المقاطع القصيرة بدأ مع تقليب المحطات 📺
زائد: هل لمحتوى الأطفال والمراهقين مساحة على الإنترنت؟
نتحدث في فريق التحرير مؤخرًا عن المحتوى الذي يصنعه الأطفال والمراهقون على منصّات التواصل الاجتماعي. وشاركتنا الكاتبة سارة بن حميد مقطعًا لمناظرة تجمع بين بطلَي «تحدّي القراءة العربي» حول الأدب العربي والغربي. 📖
لا أملك المعرفة العميقة نفسها التي يمتلكانها في هذا المجال، لذلك تعلمت الكثير من المقطع القصير الذي قدما فيه وجهات نظرهما بأسلوب ممتع يعبّر عن شغف واطلاع في التاريخ والأدب. وربما أسعدني أكثر أنني سمعت آراءهما مباشرة، لا ما يُجزم عنهما أو عن آرائهما.
لكن لم يُستقبل المقطع بنفس الحفاوة لدى جميع المستخدمين. فالبعض رأى أن ما تحدثا عنه مجرد معلومات حفظاها ونقلاها، وآخرون اعتقدوا أنه ينبغي لهما اللعب مع أقرانهما بدلًا من مناقشة الكتب حتى لا تضيع طفولتهما. وهناك من يرى أن ظهور الأطفال أصلًا في هذا النوع من المحتوى ليس أخلاقيًا لأنه يفتح الباب لاستغلالهم.
لا شكّ أن استغلال الأطفال في صناعة المحتوى لأجل المشاهدات أمر قائم، لكنه ليس حتميًا إذا أُنتج المحتوى بوعي ومسؤولية. كما لا أعتقد أن هناك طريقة واحدة للعيش تناسب جميع الأطفال والمراهقين. فكون طفل يقرأ ويناظر ويختار الظهور في بودكاست لا يعني أن طفولته ناقصة.
الحذر واجب في هذا السياق، لكن ثمّة أهمية حقيقية في استضافة الجيل الجديد في هذه المساحات؛ فهي تتيح لنا الاستماع إلى أصواتهم بعيدًا عن الصور النمطية. وهذا لا يمنحهم فقط فرصة للتعبير عن ذائقتهم وفهمهم للعالم، بل يفتح أمامنا نوافذ للمعرفة لا نراها عادة من مقاعد الكبار.👨🏽
في عددنا اليوم، تتأمل إيمان أسعد في ظاهرتي تقليب المقاطع القصيرة ومحطات التلفاز، وعلاقتهما بالقلق. وفي «خيمة السكينة»، تكتب مجد أبودقَّة عن انقطاع الكهرباء في حيّها مؤخرًا، وكيف قاد إلى شكل آخر من أشكال الاتصال. ونودّعك في «لمحات من الويب» باقتباس يذكّرك بالتركيز على البذور التي تزرعها بدلًا من انتظار الحصاد، وكيف تحتاج الأسود أيضًا من يعزف لها. 🦁
خالد القحطاني

إدمان المقاطع القصيرة بدأ مع تقليب المحطات 📺
إيمان أسعد
مع اقتراب العام الجديد، يتسرب إلينا القلق المشوب بالأمل الزائف بأنَّ بيدنا التخلص من عاداتنا القهرية السيئة. بالنسبة إليّ عادتان أحتاج من باب الضرورة الصحية لا الرفاهية الاستعراضية إلى التخلص منهما في 2026: تناول السكريات والنشويات، وتصفح المقاطع القصيرة.
فقد وصل وزني إلى نقطة اللاعودة بعد تجاوز خط قياس بنطال الجينز (2XL). أما الوقت الذي أهدره على المقاطع القصيرة فلا أملك قياسًا واضحًا أشاركك إياه، لأنَّ التصفح يعيق لديك القدرة على قياس الوقت؛ قد تمر ساعة لكنك في الحقيقة تشعر كما لو أنك قضيت دقائق فحسب.
هل يوصف ما أمر به بالإدمان؟ لا أدري. لكن الإدمان، أيًّا يكن شكله، هو عارضٌ للقلق. وما بين تناول الطعام الغني بالسكريات والنشويات يوميًّا (قائمة تتضمن تشيز كيك وفطائر وكوكيز وبسكويت وتوست)، وتصفح المقاطع القصيرة على تك توك وإنستقرام وفيسبوك وحتى «أكس»، فأنا مدركة أنَّ سعيي الحقيقي إنما هو إلى إخماد القلق المعتمل في صدري والساري في شراييني. وبالفعل القلق يخمد لحظيًّا، فقط ليولّد قلقًا أعمق.
الفكرة أعلاه عززها مقطع فيديو للروائي الأمريكي ديفيد فوستر والاس، بدأ يأخذ في الانتشار خوارزميًّا ويعيد الروائي إلى دائرة الضوء فيما يخص إدمان التصفح وبصيرته الفريدة بشأنها. المفارقة أنَّ الروائي انتحر في عام 2008، أي قبل عصر التصفح ومنصات التواصل الاجتماعي. لماذا إذن يُستشهَد به في هذا الموضوع الآن؟
مقطع الفيديو جزءٌ من مقابلة أجراها والاس عام 2003، يفصح فيها عن إدمانه الحقيقي الذي يعانيه، وذلك لدحض الشائعات عنه بأنه مدمن على الهيروين. هو حقيقةً لم يكن مدمنًا على المخدرات، كان مدمنًا على تقليب المحطات في التلفاز. إدمانٌ، كما وصفه والاس، غير جذّاب في مخيلة القراء من يحبون الاستغراق في بؤس الكتّاب ومثالبهم الأخلاقية حدَّ الرمنسة. إذ أين الصورة الرومانسية لروح الكاتب المعذبة إذا تجلَّى هذا العذاب بالاسترخاء على مقعد مريح متشبثًا بجهاز التحكم عن بعد، والتقليب بين المحطات بلا نهاية؟
في تحليل والاس لهذا الإدمان، ضمن المقطع، يشير إلى نقطتين أساسيتين. الأولى أنَّ التقليب بين المحطات مبعثه القلق بأنَّ بمشاهدته القناة الحالية إنما يفوّت على نفسه احتمال مشاهدة شيءٍ أفضل على قناة أخرى. وقلق الفوات هذا (الفومو قبل أن يسمى فومو) يدفعه إلى التقليب القهري بين المحطات. أما النقطة الثانية، هي إشارته إلى دور الريموت كونترول، إذ بإزالة الاضطرار إلى النهوض عن الكرسي لتغيير المحطة، والاكتفاء بتحريك الإبهام، فقد تيسّر الوقوع في هذا الإدمان. ومن هاتين النقطتين ارتقى والاس رسميًّا إلى مرتبة الكاتب الرؤيوي الذي تنبأ بإدمان مقاطع الفيديو القصيرة.
عدا هدر الوقت فيما لا يفيد، قد تسأل نفسك الآن ما الخطر الحقيقي المتأتي من هكذا إدمان (هذا إن قبلتَ أساسًا وصفه بإدمان ولم تر فيه مبالغة)؟
سنجد إجابةً لهذا السؤال في دراسة حديثة انتشرت نتائجها وعرفت بها أيضًا من خلال تصفح منصة «أكس»، وعنوانها باختصار: «الرابط بين إدمان الطلبة على مقاطع الفيديو القصيرة والاحتراق التعليمي» (Undergraduates short form video addiction and learning burnout).
ما تفعله المقاطع القصيرة بك في حال التصفح المفرط أنها تستنزف مواردك النفسية والإدراكية، مما ينعكس على ارتفاع منسوب القلق لديك. فهذه الموارد محدودة، وإن اخترت صبّها في هذه المنصات، لن يتبقَّى لديك إلا القليل لكي توجهه نحو مهام حياتية هامة مثل العائلة والعمل والدراسة وغيرها. ومتى وجدت نفسك عاجزًا عن إتمام مهامك ومسؤولياتك، يرتفع القلق لديك، ولكي تهدئ القلق تعود إلى حلقة مقاطع الفيديو القصيرة لتفادي التعامل مع المشكلة التي تواجهها. (وبوووم!! ها أنت الآن في دائرة الإدمان!)
مع استمرار هذه الحلقة، تتشظَّى لديك ملكة الانتباه وتتعطَّل، تحترق قدراتك الإدراكية، تميل إلى الانعزال وتتطوّر لديك تحديات في التواصل مع الآخرين وإنشاء علاقات صحية والحفاظ عليها.
وجد ديفيد فوستر والاس حلًّا لإدمانه التقليب بين المحطات في التخلص من التلفاز؛ حلٌّ جذريّ ومنطقي. لكن هل سأطبقه في عام 2026؟
سأدع قلقي المشوب بالأمل الزائف يحاول.


الانقطاع الذي يدفعنا نحو الاتصال🕯️
في الأسابيع الماضية تكرَّر انقطاع الكهرباء في حيِّنا على غير العادة. ذات مرة انقطعت في الصباح، فجلست ناظرةً إلى كل تلك الأجهزة الصماء شاعرةً بالإحباط؛ فكل المهام والأعمال وحتى وسائل الترفيه وإضاعة الوقت تعتمد عليها. وذات مرة انقطعت في المساء، فغرقنا في الظلام، وغمرني إحباط ممزوج بغضب يتدافعه الحنين.
فقد أعادني الظلام الذي غرق فيه البيت إلى ليلة صيفيّة في الرياض؛ حيث بدأ المساء عاديًّا روتينيًا، ثم انصرف كل واحد منا إلى غرفته وانشغل بشأنه، وقبل أن ينتصف الليل انقطعت الكهرباء. بطبيعة الحال بدأ أهل البيت يخرجون من عزلتهم تباعًا، فكل ما يمكن أن يشغل المرء يعتمد على الكهرباء حتى لو كان كتابًا يقرؤه. وأيضًا لم تكن حينها الهواتف ذكية جدًا ومتصلةً بالإنترنت دائمًا.
انتهى بنا الأمر مجتمعين حول شمعة في شرفة البيت. لا أذكر كثيرًا من تفاصيل تلك الليلة، ولكن المشهد الباقي في ذاكرتي هو تحلُّقنا حول جدّي واستمتاعنا بمناقشات لا تتصل صلةً مباشرةً بحياتنا اليومية. أظنه كان نقاشًا حول حكم فقهي أو خلاف بين المذاهب أو حتى نقاش حول الرأسمالية والاقتصاد.
طال انقطاع الكهرباء وذهب جلُّ من في الجلسة إلى النوم، وبقيت أنا وخالي بيننا جدي نكمل نقاشنا المثير. في ذلك الوقت كنت وخالي متخاصمين لم يُحدّث أحدنا الآخر أيامًا ولياليَ، لذلك كان الواحد منا يوجِّه حديثه لجدي متجنبًا الآخر، حتى وجدتنا في لحظة نوجِّه الحديث لبعضنا مباشرةً، وكأنَّ ما بيننا من خصام كان سرابًا احتاج إلى الظلام ليختفي.
لذلك كلما انقطعت الكهرباء مساءً بعد تلك الليلة أشعر -رغم الانزعاج- بأنيّ إذا جلست في الشرفة حول شمعة مع أهل بيتي قد نعيش لحظةً استثنائيةً تبقى ذكراها الدافئة معنا عمرًا.
إعداد 🧶
مجد أبودقَّة

ادّخر بذكاء من كل عملية شراء 🧠
كل ريال تنفقه يمكن أن يصنع فرقًا في مستقبلك المالي.
«ادخار سمارت» من stc Bank حساب ادّخاري يعطيك 4% أرباح سنوية وتقدر تسحب فلوسك بأي وقت!
ادّخر اليوم، واستثمر في غدك مع «ادخار سمارت».

«لا تحكم على كل يوم من خلال الحصاد الذي تحصده، بل من خلال البذور التي تزرعها.» روبرت لويس ستيفنسون
ماذا يميز الأثاث العتيق؟
فن التأني.
من الأفضل: من يقدم الخدمة أم من يتلقاها؟
حتى الأسود تحتاج من يغني لها.

مقاطع «الريلز» لا تغيّر شيئًا.
انتشل طفلك من طفولة الجوال.

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.