النفس الفلسطينية وقلقها المزمن

زائد: هل جيل زد قابل للتوظيف؟💼

أنتمي إلى جيل زد، والذي يُلام غالبًا على كسله وأنه لا يصلح للتوظيف. لذلك لم أتفاجأ عندما قرأت هذه الإحصائية مؤخرًا: 

نسبة 2% فقط من أبناء جيلي يتمتعون بالقيم التي تبحث عنها الشركات وتقدِّرها! 

جاءت هذه النتيجة من استطلاع أجرته الباحثة سوزي ولتش، حيث وجدت فيه أن مدراء التوظيف يبحثون عن قيم مثل الإنجاز و الرغبة في العمل، بينما يفضل هذا الجيل قيمًا أخرى، مثل العناية بالذات ومساعدة الآخرين والأصالة. 

هذه بالأحرى احتياجات، وليست قيمًا. كما أنها لا تعكس بالضرورة برودًا أو إهمالًا، بل تعني ببساطة أن أولوياتنا مختلفة. وهنا تظهر الفجوة بيننا وبين سوق العمل، ولماذا يعد جيلنا كابوسًا حل عليه. 🤷🏽‍♂️

في عددنا اليوم، تكتب لك مجد أبو دقة عن التحديات النفسية التي يواجهها كل فلسطيني، وارتباطها بالصدمات التاريخية الاستعمارية المستمرة. وفي «السلم بالعرض»، تذكرك إيمان أسعد بأهمية الارتجال والمواصلة رغم الضغط في تلبية الالتزامات المهنية. وفي «لمحات من الويب»، نودعك باقتباس عن الفرج الموعود بعد أشد اللحظات يأسًا، ولماذا تنسى تفاصيل الكتب التي قرأتها. 📖

خالد القحطاني


رسم: الفنان عمران
رسم: الفنان عمران

النفس الفلسطينية وقلقها المزمن

مجد أبو دقَّة

في صيف 2016، الصيف المنافس في المركز الأول لأسوأ صيف في حياتي، شُخِّصت بالاكتئاب بعد معاناة طويلة مع أعراض جسدية لم يجد لها أطباء الباطنة تفسيرًا عضويًّا. في ذاك الصيف الباهت، حقيقةً لا خيالًا، كان جسدي قد ملَّ من إعطائي كل العلامات الدالة على احتياجي للمساعدة فانهار. لم أعد أقوى على تناول الطعام أبدًا، وكان جوفي يرفض إبقاء أي لقمة أتناولها، ثم بقيت أقضي الليالي دون نوم.

عندما شخّصتني طبيبتي بالاكتئاب الناتج عن القلق المزمن، وصفت لي دواء يحتاج إلى أسبوعين على الأقل ليبدأ مفعوله، ووصفت بجانبه دواء آخر لتهدئة الأعراض ريثما ينقضي الأسبوعان. كان ذلك على أعتاب عيد الأضحى، وهذا النوع من الأدوية تصرفه صيدليات معيّنة كانت مغلقة فترة العيد، مما جعلني أقضي عدة أيام قاسية ذكراها مظلمة وينقصها كثيرٌ من التفاصيل.

عادت إليّ هذه الذكريات القاتمة وأنا أسمع قصةً لإحدى النساء في غزة في حلقة من بودكاست «تقارب» بعنوان «كيف نتعامل مع مشاعر العجز في الإبادة؟». لم تستطع تلك المرأة خلال الإبادة الجارية الحصول على دوائها النفسي بعدما كانت حالتها النفسية مستقرةً بتناوله. وقادها عدم حصولها على الدواء إلى تدهور حالتها النفسية حدَّ محاولة قتلها ابن أخيها.

في هذه الحلقة تلقي الدكتورة سماح جبر الضوء على جانب آخر من غزة، وجانب آخر من الإبادة الجارية؛ فالموت والتهجير والمجاعة ممزوجة بتحديات أخرى. هناك من يعاني من أمراض أو تحديات نفسية بدأت قبل الحرب تجعله معتمدًا على الدواء ليحافظ على اتزانه وسلامته وسلامة من حوله، ويضطر هؤلاء الآن إلى مواجهة آلامهم دون دواء في ظروف تجعل المعافى مريضًا. وبطبيعة الحال، ستتسبب أحداث كهذه -لكل من يحياها- بكرب ما بعد الصدمة. ولكن الصدمة لم تنته بعد؛ لذلك هو كربٌ مستمر.

لا تقف التحديات النفسية للفلسطيني عند مشكلة إيجاد الدواء أو استمرار الكرب في غزة وصعوبة الحصول على أي دعم نفسي. إذ تشير جبر إلى أمر آخر لافت وهو أن الكرب الذي يعانيه أهل غزة يمتد ليؤثّر في كل فلسطيني؛ مسببًا شعورًا بالعجز. وهذا العجز أساس الأعراض النفسية أو الجسدية الناتجة عن الآلام النفسية التي قد يعانيها الفلسطينيون حول العالم، أدركوا ذلك أم لم يدركوا.

ليس شعور الفلسطيني بالعجز الناتج عن الأحداث الحالية فحسب؛ فقد أشارت جبر إلى مفهوم مهم وهو الصدمة التاريخية الاستعمارية. فعبر مدة زمنية طويلة استُهدِف أفراد هذا الشعب لمجرد انتمائهم إلى فلسطين. ويمكن أن ينتقل أثر هذه الصدمة للأجيال من خلال الاتصال العاطفي ومن خلال الرواية. والمثير أكثر أنه يمكن أن ينتقل عبر الجينات، التي تتغير طبيعتها في أثناء الصدمات، لأربعة أجيال.

فسَّر لي هذا شعوري بالخوف المزمن رغم تنعّمي بالأمان. فجدي الذي خرج من غزة آخر مرة في صيف 1965 مع بكره المولودة حديثًا، وعاد إلى عمله في المغرب بعد عطلة صيفية، فقدَ وطنه فجأة. فقد ترك جدي غرفته ومكتبته ومزهريتين أُهديتا له عند زواجه في بيت العائلة، وسافر كأي مغترب لعمله، ثم لم يعد. أصبح لاجئًا في 1967 عندما مُنع مَن كانوا خارج غزة من الرجوع إليها.

أنا أعلم تمامًا أيّ قلق انتابه وقتها، وأيّ قلق لازمه طوال حياته. والحقيقة أنه ما حكى لي يومًا عن القلق والخوف؛ فهو كان يطمئن بربه ويقول إن الأرض لله، ولكني أعرف قلقه لأنه يلازمني دون أسباب وكأنه أكثر شعور مألوف. فلطالما راودتني خشية غير منطقية من فقد ممتلكاتي فجأةً أو فقد بيتي أو استقرار حياتي. ورغم كل مقومات الأمان والاستقرار، تراكم هذا القلق في مرحلة من حياتي حد إصابتي بالاكتئاب.

تُطمئننا جبر أن ليس كل فلسطيني مريضًا نفسيًا بالضرورة؛ بل نحن جميعًا نعاني من ألم نفسي لا يعبّر عن قلة كفاءة أو سوء تفكير، بل سببته تلك الصدمة التاريخية الاستعمارية المستمرة. ويمكن تخفيف هذا الألم من خلال المشاركة في جلسات الاستماع الجماعية مع من يشاركنا الألم نفسه، وكذلك يخففه أي عمل صغير يدفع عنا شعورنا بالعجز. ولكنها لا تخبرنا كيف يمكننا إصلاح جيناتنا، فلا ننقل هذا الألم عبر الأجيال.


GIPHY
GIPHY

اضربها كيف ما تضربها!

منذ السابعة صباح اليوم (السبت) وحتى الآن، الساعة الواحدة وأربع وعشرون دقيقة ظهرًا، وأنا عاجزة عن كتابة هذه الفقرة. ولديّ بعد ساعتين ونصف مهمة إدارة حوار حول كتاب ترجمته برفقة كاتبته، وأيضًا لم أعد شيئًا لتلك المهمة. 

بالطبع لا خيار لديّ سوى الالتزام بكتابة هذه الفقرة، فلا أحد من الفريق متاح ليحمل عني ويساعدني. وملزمة بإدارة الحوار لأنَّ هذا التزامٌ أدبي قطعته للكاتبة، وسافرت لأجله من الكويت إلى عمان رغم إرهاقي الصحي. 

في لحظات كهذه، أتفق مع ما ذهب إليه خالد القحطاني في استهلال عدد اليوم، عن أولوية العناية بالذات. لذا نسخت استهلاله الذي كان معدًّا ليوم الاثنين ووضعته لعدد اليوم (بالطبع أكّدت عليه أني سأكتب استهلال الاثنين وأنَّ المسألة مجرد تبادل مهام ولن أحمّله أي ضغطٍ زائد). وفيما يخص الحوار، سأرتجل. وسجلت رسالة صوتية للكاتبة بأني لا أستطيع الالتقاء بها في وقت أبكر للإعداد، سنتحدث عن تجربتنا المميزة في حوار مفتوح وهذا كافٍ.

بالتأكيد النتيجة ليست مثالية كما كنت آمل، وكما يأمله الآخرون مني، لكن ستمرُّ عليك أيام تحتاج فيها إلى مجرد المواصلة، واضربها كيف ما تضربها! 😭  

إعداد 🧶

إيمان أسعد


كيف تحبس فلوسك في قفص؟ 💸

الفلوس تطير، هذا طبعها.

لكن فيه ناس تطير فلوسهم بلا رجعة، بين المقاهي والطلبات العشوائية والهبّات.

وفيه ناس يحبسون فلوسهم في قفص، يبنون عضلة التخطيط المالي بالادخار والاستثمار المبكّر، ويشغّلون فلوسهم بالصفقات منخفضة المخاطر عشان تخدمهم طول العمر.

الأهم أنك تستثمر وتدّخر عن طريق منصة مصرحة ومعتمدة، مثل صفقة المالية.


  • «في أشد لحظات اليأس, حين توصد الأبواب ونجد أنفسنا محشورين في زقاق مسدود، تنفتح دائماً فُرجة يمكننا الإطلال منها». إيزابيل اللندي

  • أحبنا وأحب أرسم أشياء تشبهنا.

  • لماذا تنسى تفاصيل الكتاب الذي قرأته العام الماضي؟

  • توم وجيري!


  • غير مسموح لفلسطين أن تكتب في جامعة بنسلفانيا.

  • جيل زد يدير ظهره للوظيفة التقليدية.

نشرة أها!
نشرة أها!
يومية، من الأحد إلى الخميس منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+70 متابع في آخر 7 أيام