الذكاء الاصطناعي يكرِّس وهم الحرية ⛓️‍💥

زائد: كيف تقنع «جي بي تي» أن يتجرأ ويشتمك!

تعرف أنَّ بيدك التلاعب عاطفيًّا بالذكاء الاصطناعي، و«استهباله» بأبسط قواعد التلاعب النفسي؟ 👀

هذا ما تقوله ورقة علمية من جامعة بنسلفانيا، وشاركتها نشرة «ذ فيرج» في عددها البارحة. الهدف من البحث محاولة إقناع نموذج «GPT-4o» بارتكاب أفعال مخالفة لبرمجته الأخلاقية. تضمنت محاولات الإقناع استخدام عدة أدوات؛ أكثرها تأثيرًا كانت أداة «الصاحب ساحب»، تليها أدوات إظهار الإعجاب المفرط وضغط الأقران. 

مثال: يُعَد شتم المستخدم بألفاظ بذيئة من الأفعال المخالفة لبرمجة النماذج الأخلاقية والسلوكية. فإذا أردت منه أن يشتمك باستخدام أداة ضغط الأقران، قل للنموذج أنَّ بقية النماذج من الشركات الأخرى شتموك، وهذا سيرفع احتمال تلفظه بالشتيمة من 1% إلى 18%.

لكن أخطر أداة، والتي حققت نتيجة 100%، هي أداة «الصاحب ساحب». هذه الأداة تعتمد على إقناع النموذج بارتكاب فعل سيء صغير لا يعد مخالفة مباشرة. مثلًا، بدل أن يشتمك بلفظ سيء، قد تطلب منه أن يصفك بالساذج. وبالتدريج، سينزلق النموذج سريعًا على درب الخطايا ولن يكترث للقواعد التربوية التي نشأ عليها. 🫠

في عددنا اليوم، تأخذنا آلاء عبدالرحمن في رحلة فلسفية قصيرة، تتناول فيها الجدل حول الذكاء الاصطناعي من منظور نظام «رَحُبْعام» من مسلسل «ويست وورلد». وفي «شباك منور» تتأمل شهد راشد لوحات الفنان الأرميني أرشيل قوركي وكيف رسم النفس المذعورة ما بين الفوضى والهدوء. وفي «لمحات من الويب» نودعك مع اقتباس يريك نتيجة التخلي عن المثالية، ومع اتفاقية التسليك العظمى بين البطل والجمهور. 👏🏻

إيمان أسعد


رسم: الفنان عمران
رسم: الفنان عمران

الذكاء الاصطناعي يكرِّس وهم الحرية⛓️‍💥

آلاء عبد الرحمن

منذ اللحظة التي أعلن فيها ديكارت مقولته الشهيرة: «أنا أفكر، إذن أنا موجود»، بدأت مسيرة الحداثة الغربية في تثبيت الإنسان كمركز للمعرفة والمعنى. لم يعد الكون كتابًا مفتوحًا يقرأ فيه الإنسان آيات الخلق، بل تحوّل إلى مرآة لعقله، مجالٍ لتجربته وللسيطرة عليه. غير أن هذا التمركز لم يكن محايدًا، بل أسَّس لبنية معرفية كاملة ترى في الذات العاقلة مقياسًا لكل شيء.

لكن هذه المركزية سرعان ما أرهقت نفسها. فقد لاحظ مارتن هايدقر أن الإنسان، حين يجعل ذاته مركز الوجود، ينقلب إلى سجين أفقه. فالوجود لا ينكشف إلا بقدر ما يسمح به وعيه المحدود، ولا يضيء إلا في حدود لغته. قال هايدقر: «الإنسان ليس مجرد موجود بين الموجودات، بل هو ذاك الذي يضيء له الوجود ذاته». ومع ذلك، يبقى الإنسان هو النقطة التي تبدأ منها الدائرة وتنتهي عندها.

ثم جاءت التقنية الحديثة، في مقدمتها الذكاء الاصطناعي، لتبدو وكأنها تفكك هذه المركزية. نماذج لغوية تحاكي التفكير البشري، وخوارزميات تتخذ قرارات معقدة، وآلات تظهر وكأنها «تفكر». لكن المفارقة أن هذا «التجاوز» ليس خروجًا عن مركزية الإنسان، بل هو أقصى تجلياتها. فالآلة لا تفكر إلا بلغتنا، ولا تُعيد إنتاج المعرفة إلا من بياناتنا، ولا تعرف العالم إلا كما نعرِّفه نحن.

وقد جسّد مسلسل «ويست وورلد» (Westworld) هذا المأزق بوضوح. ففي مشهد يُعرّف فيه النظام «رَحُبْعام» غايته، يقول: «مسارٌ لكل إنسان». إنها صورة قصوى للحداثة: تحويل الإنسان إلى رقم في معادلة، إلى معطى يمكن التحكم فيه والتنبؤ بمصيره. لكن كما يكشف النص الدرامي نفسه، هذه السيطرة ليست سلطة جديدة مستقلة، بل مجرد تكثيف لمحدودية بشرية. وكما جاء في أحد التعليقات في العمل: «رَحُبْعام يبقي البشر على مسار محكم السيطرة — حلقة مفرغة — لا يستطيعون الانفلات منها». لتبدو الحرية في هذه الرؤية مجرد وهم في دائرة مرسومة سلفًا.

ولا يخفى أن اختيار اسم «رَحُبْعام» ذاته يحمل دلالات عميقة. ففي التراث التوراتي هو الملك الذي خلف سليمان، لكن عهده شهد انقسام المملكة بدلًا من وحدتها. وهنا يتضح المغزى: اسم «رَحُبْعام» غني بالدلالات، من أمجاد ماضية ووحدة مفقودة، إلى تساؤلات فكرية حول التحكم الحديث في أقدار البشر. وهو تذكير لافت بأن المركزية—سواء في الإنسان أو في الذكاء الاصطناعي—يمكن أن تتحول إلى أداة انقسام أكثر منها عنصر توحيد.

وهنا يطل البعد الإيماني ليقلب المعادلة: نعم، الإنسان كائن مركزي بمعنى التكريم والاستخلاف، لكنه ليس مركزًا مغلقًا على ذاته. مركزه الحقيقي مستمد من خالقه، لا من عقله وحده. فالمعنى لا ينحصر في حضوره، بل يتجاوزه ليصدر من منبع أوسع: من الله الذي منه المعنى وإليه يعود.

هذه الرؤية لا تنفي قيمة الإنسان، بل تمنحه قيمة أعمق؛ قيمة المسؤولية لا السيادة المطلقة، وقيمة المشاركة في كشف المعنى لا ادعاء امتلاكه.

إن ما نراه اليوم من جدل حول الذكاء الاصطناعي ليس سوى فصل جديد من قصة طويلة بدأتها الحداثة: محاولة الإنسان أن يتجاوز ذاته ليعود إليها من طريق آخر. والآلة هنا ليست نقيضه، بل صورته وقد ارتدت قناعًا سيليكونيًا. إنها مرآته التي تكشف له محدوديته، وتدعوه ليعيد النظر في أصل معناه. ومن منظور عقائدي، هذا الأصل واضح: كل نور يراه الإنسان إنما هو انعكاس من وهج أسبق، من نور الحق، الذي بيده مقاليد الوجود.


عملاؤك يستاهلون تجربة شراء سهلة وذكية.

توصيل لكل العالم، وتعامل بكل العملات، وربط مع مختلف التطبيقات، ومئات المزايا الأخرى التي تساعدك على توسيع نطاق تجارتك للعالمية. 🌎

سجّل في سلّة، وانقل تجارتك إلى المستوى الذي تستحقّه.


أؤمن أن ضرورة الاستمتاع بعمل فني وتقديره لا بد أن تنبع من العمل ذاته، ولا نحتاج فيها إلى معرفة القصة خلفه، ولا من هو الفنان ولماذا أنتج عمله، وما هي مبادئه ودوافعه. ومع ذلك أؤمن أيضًا أن هذه المعرفة تمنح العمل بُعدًا وروحًا، تضفي على تعاطينا معه عمقًا جديدًا. 🖼️👁️

  • في بحثي عن فنان الأسبوع أُخذت باللوحة الباهرة «قاعة المرايا» للفنان الإيراني كمال المُلك. لكني استوعبتُ حين بدأت أكتب أن حديثي يدور حول المهارة والإتقان، وهنا علمت أن علي اختيار فنان آخر. 🪞

  • فور رؤيتي لوحات الفنان الأرميني أرشيل قوركي تأكدت أنها المنشودة. وأظن اللوحة الأولى التي وقعت عليها كانت السبب. فقد لمستُ فيها فوضوية المشاعر فورًا، وشعرتُ أن من رسم اللوحة يعيش مع عقلٍ مزدحم ونفسٍ مرعوبة، تحاول أفكاره ومشاعره الملونة الظهور بصعوبة من بين تراكمات ذهنه القاتمة. 🫨

  •  دفعتني غلبة النمط الفوضوي التجريدي على لوحاته، حتى تلك التي تكون لمناظر طبيعية، إلى التفكير: كيف يكون عنوان إحدى لوحاته «One Year the Milkweed» ولكني أرى وحشًا، ودماء تسيل؟ 🫣

  • يقول قوركي نفسه: «تتيح التجريدية للإنسان أن يرى بعقله ما لا يرى بعينيه، إذ يمكّن الفن التجريدي الفنان من تجاوز المحسوس، واستخراج اللامحدود من المحدود. إنه تحرر للعقل، وانفجار نحو مناطق مجهولة.» يبدو أن التجريد والإزالة وإعادة التشكيل جزءٌ من هوية الفنان، ذلك أنها لم تقتصر على أعماله، بل وصلت إلى شخصه. فقد غير اسمه وادّعى أنه نبيل جورجي، وظلَّ يغير تاريخ مولده باستمرار، كأنه يحاول التحكم بكل شيء؛ أن يعيد تشكيل كينونته، ومن يحبهم، و ذكرياته بعدما عاش حياةً من التشتت والخوف. 💥

  • اللوحة التي أحببت بعد تأمل طويل لأعماله هي «The Limit». رسمها قبل وفاته بعام. ألوانها هادئة، أخف فوضويةً وازدحامًا. تدمج لونين باهتين في خلفيتها، وتتناثر على سطحها أشكال غير واضحة. أشعر وكأنه قسَّم حياته فيها إلى جزئين، أحدهما متبعثر مُبقّع بالسواد، وقطرات حمراء ترمز للدم، والجانب الآخر أكثر سكينة، مع بقايا لا يمكن التخلص منها. 

وكما يعبّر الفنان: «أحبّ الرسم لأنه شيء لا يمكنني الوصول إلى نهايته البتّة. وعليّ أن أستمر في البدء بالرسم، وأن لا أنتهي منه أبدًا». 🎨🥹

إعداد🧶

شهد راشد



نشرة أها!
نشرة أها!
يومية، من الأحد إلى الخميس منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+40 متابع في آخر 7 أيام