أطفال غزة وبلاهة الصحافة الحرة
زائد: ثرثرة الموظف العشريني مع الأربعيني ليست جريمة!

هل ثرثرة الموظف العشريني مع زميله الموظف الأربعيني جريمة كراهية ضد كبار السن؟ 😳
هذا ما نظر إليه المجلس القضائي في الحكومة البريطانية، ووصل إلى أنها لا تعد جريمة تخل بالمساواة في بيئة العمل.
فإذا كنت الموظف الأربعيني أو الخمسيني الذي يتعكر مزاجه وينقطع تركيزه على وقع الثرثرة المبهجة من الموظف العشريني، لا تكبّر الموضوع، وحاول ألا تنقله إلى الموارد البشرية (إلا في الشديد القوي). وإذا كنت الموظف العشريني المبتهج، حاول ألا تعكر صفو الموظف الأربعيني والخمسيني ببهجتك، وخليه في حاله (لأن اللي فيه مكفّيه). ☹️
في عددنا اليوم، نلقي الضوء على تحقيق صحفي لمنصة أمريكية أثار الاستهجان حول غايته من تحليل صور أطفال غزة ممن يعانون مباشرةً أثر المجاعة بأقسى صورها. وفي «شباك منور» تأخذنا شهد راشد في رحلة مع لوحات إدوارد هوبر وعما إذا كانت تعني الوحدة حقًّا أم الاغتراب. وفي «لمحات من الويب» نودعك مع اقتباس من إبراهام لنكولن عن التسويف، ونعرف لماذا لون الروابط أزرق. 💁🏻♂️
إيمان أسعد

أطفال غزة وبلاهة الصحافة الحرة
قبل فترة بسيطة، لا تزيد عن شهرين، شاركتني خوارزميات منصة «أكس» مقالًا ينتمي إلى منصة تُدعَى «فري بريس» (Free Press) أي الصحافة الحرة. المقال كان مثيرًا للاهتمام، عن تداعيات فضيحة الرئيس التنفيذي وعشيقته في حفلة «كولد بلاي». ثم بدأت خوارزميات تك توك تشاركني مقتطفات فيديو لكتّاب هذه المنصة، ووجدت فيها تحليلًا يستحق النظر إليه في مواضيع عدة تخص تحديدًا الداخل الأمريكي.
قررت الاشتراك في المنصة بحيث تصلني نشرتها على بريدي الإلكتروني، لكن بدون دفع اشتراك شهري، إذ وجدت النسخة المجانية كافية للوقت الحالي.
الإثنين الماضي، في الثامن عشر من أغسطس، وصلتني نشرتها البريدية بهذا العنوان (Poster Children of Gaza's Hunger Crisis Are Actually Suffering from Other Illnesses). بمجرد قراءة (Poster Children) أدركت أنه مقال إنكاري لمجاعة غزة، لأنَّ استخدام مفردة (poster) -أي الملصق الدعائي- دليلٌ كافٍ ووافٍ على نيّة المقال وتوجهه، وازدرائه للواقع البيِّن في غزة.
يستهل المقال، أو «التحقيق الصحفي الحر»، بإعلان هدفه تعريةَ الرسالة الزائفة في صور أطفال غزة الذين يعانون بشكل واضح لا التباس فيه من سوء تغذية حاد للغاية، تحديدًا الصور التي احتلت الصفحة الأولى في كبرى الصحف الأمريكية ومحطاتها الإعلامية، أهمها نيويورك تايمز ولوس أنجلوس تايمز و«سي أن أن»، وألَّبت قطاعًا كبيرًا من القرَّاء والمشاهدين في أمريكا وحول العالم على دولة الاحتلال، متهمين إياها في التعليقات بتعمُّد تجويع الأطفال.
ومنطلق هذا التحقيق، كما هو واضح في العنوان، إثبات أنَّ السبب الرئيس لمعاناة هؤلاء الأطفال من الجوع ووقوفهم على شفير الموت ليس «مجاعة غير مثبتة»، بل إصابتهم أساسًا بأمراض أخرى. وأن الصحف تفادت إضافة هذه المعلومة لدى عرضها الصور تحت العناوين الرئيسة بهدف الترويج إلى وجود مجاعة في غزة.
وينطلق التحقيق مع اعتراف المنصة بتفشي درجة من الجوع في غزة، بشهادة اقتصادي إسرائيلي في الجامعة العبرية في القدس المحتلة. فقد حمل على عاتقه متابعة أسعار الغذاء في غزة وتوافره. ويؤكد ارتفاع أسعار الطحين بنسبة أربعة آلاف بالمئة عمّا كانت عليه قبل الحرب، قائلًا إنَّ الناس جياع، لكن لم تصل غزة إلى حدِّ الجوع الكارثي الذي يستحق تسميته بالمجاعة كما تدّعي الوسائل الإعلامية!
وتستنبط المنصة أنَّ ادّعاء الإعلام وجود المجاعة في غزة قائمٌ على صور هؤلاء الأطفال، الذين برأيها لا يمثلون الطفل الاعتيادي في غزة، ما استدعى منها تفنيد اثنتي عشرة صورة، صورة صورة.
دعنا نأخذ مثالين من هذا التحقيق.
مريم دواس، طفلة فلسطينية في سن التاسعة تعيش في مخيم للنازحين وتعاني سوء تغذية حاد على مدار عام ونصف إلى حد نتأت فيه سائر عظامها. يشير التحقيق إلى حديث والدتها في مقطع فيديو عن شكّها بإصابة ابنتها بمرض مجهول يسبب الإسهال المزمن لديها، ولسببٍ ما يعجز الأطباء في غزة عن تحديد هذا المرض. لذا، وفقًا لتحقيق المنصة، السبب فيما آل إليه حال مريم الصحي لا علاقة له أبدًا بسياسة الاحتلال في حصار غزة ومنع دخول المساعدات والغذاء إليها، بل السبب مرضيّ بحت.
مصعب الدبس، فتى فلسطيني في سن الرابعة عشر عرضت «سي أن أن» قصته ومعاناته من سوء التغذية الحاد. ولامت المنصة في تحقيقها «سي أن أن» على تجاهل السبب المحتمل لحالة مصعب مع سوء التغذية. وهذا السبب، تعرُّضه لإصابة حادة في الرأس نتيجة اختراق شظية قذيفة إسرائيلية واستئصال أجزاء من جمجمته.
هذا هو اتجاه التحقيق عمومًا؛ من ضمن الأسباب الأخرى، أنَّ الطفل ولد معاقًا من الأساس، أو عانى أمراضًا مستعصية قبل الحرب. وستجد تكرارًا لسبب «المرض غير المعروف» الذي يعانيه أطفال مثل مريم ممن كانوا أصحاء قبل الحرب، والأطباء من شمال غزة إلى جنوبها عاجزون لسبب ما عن توفير التشخيص والعلاج.
إذا أخذنا بمنطق هذا التحقيق، فإذن آن فرانك، أيقونة ضحايا الهولوكست من الأطفال وملصقها الدعائي، لم تمت بسبب الهولوكست. هي ماتت من مرض التيفوئيد. في هذه الحالة يفترض بنا ألا نأخذ في الحسبان أنها أُجبرَت على العيش في مخيم اعتقال حيث الجوع متفشٍّ بين المعتقلين بسبب نقص الموارد الغذائية الناتج عن قرار التجويع وعدم إدخال ما يكفي من طعام. ناهيك عن افتقار المخيم إلى أبسط مقومات الحياة من مساكن وحمامات نظيفة، ومقومات البنية التحتية من مياه نظيفة وكهرباء ومستشفيات وأطباء وأدوية، مع تفشي القمل وما تسبب به من نشر مختلف أنواع العدوى المرضية التي لا يحتملها الأطفال وأصحاب المناعة الضعيفة أساسًا والحالات المرضية السابقة من قبل صعود النازية.
آن فرانك لم تمت في حجيرة غاز، آن فرانك لم يعدمها جندي ألماني برصاصة في الرأس، بل ماتت بمرض قد يصاب به أي طفل في العالم داخل مخيم الاعتقال أو خارجه.
منطق تحقيق «فري برس» منطقٌ أبله يوجهه تحيُّزٌ أعمى لأنه ينفي حقيقة الحروب، على الأخص حروب الإبادة. في الحرب لا وجود لاعتيادية، ألم الأسنان وعواقبه الصحية في ظل قصف المستشفيات وانعدام المسكنات والأدوية وشح الأطباء والنزوح المستمر والتعرض اليومي للموت هو نتيجة مباشرة للحرب وسياساتها، وما عاد مجرد ألم أسنان قد يصيب أي شخص داخل غزة أو خارجها. وإذا ما صعب على صاحبه تناول الطعام المناسب لحالته وعانى سوء التغذية على وتيرة أسرع من غيره فهذه مجاعة.
سوء التغذية الحاد لدى بعض الأطفال في غزة، في ظل الأمراض «غير المعروفة» الناتجة عن آلاف القنابل، بما فيها من مواد قاتلة وملوثة انتشرت في الهواء والماء، هي دلالة على وقوع المجاعة. ولا يفترض بكل طفل في غزة أن يبدو تمامًا مثل الأطفال الذين رأيناهم في الصور حتى يقتنع العالم بوجودها. فوجود ناجين من المجاعة في غزة لا ينفي وجودها، مثلما وجود ناجين من الهولوكست يفترض ألا ينفي وجودها.
بالطبع، بعد أربعة أيام فحسب من هذا التحقيق الأبله، أعلنت الأمم المتحدة رسميًّا وقوع المجاعة في غزة.

عملاؤك يستاهلون تجربة شراء سهلة وذكية.
توصيل لكل العالم، وتعامل بكل العملات، وربط مع مختلف التطبيقات، ومئات المزايا الأخرى التي تساعدك على توسيع نطاق تجارتك للعالمية. 🌎
سجّل في سلّة، وانقل تجارتك إلى المستوى الذي تستحقّه.


من منا لا يعرف الفنان إدوارد هوبر؟ فهو أحد أشهر فناني القرن العشرين حتى اليوم، لكن الشهرة لا تعني أننا نعرف الفنان وأعماله فعلًا، ولا كيف ينظر إلى أعماله، بل تخدعنا بظننا إننا نحفظ لوحاته عن ظهر قلب لكثرة ما نراها، رغم أننا لم نتأملها. 🔍
فالشعور الذي ينتابني عند مشاهدة أي لوحة هو العزلة التي تكون أحيانًا مُختارة، وفي أحيان مفروضةً من المدنية الحديثة. تبدو لي بعض شخصياته وحيدةً في الإطار المقصوص، فنحن لا ندري من هناك أيضًا، وقد لا تكون وحيدةً في نهاية المطاف. في لوحاته، لا نرى الأشخاص حزينين ولا فرحين، بل بملامح مستقرة: يتصفحون كتابًا، أو يتأملون من النافذة، أو يجلسون في سكينة. ولا يعني هذا بالضرورة شعورهم بالوحدة، بل ربما يُقدّرون عزلتهم الثمينة والهادئة بعيدًا عن صخب المدينة وسرعتها. 🖼️
عاش هوبر طفولةً تعرض فيها للتنمر، وكان يشعر باختلافه عن أقرانه. هنا علمت أنه يناقش الاغتراب أكثر من الوحدة، أن تكون برفقة من يفترض أنهم أصدقاء تحبهم وفي مدينتك، وتشعر مع ذلك باغترابك عن الناس والمكان. 💭
تمتاز أعمال هوبر بألوان قاتمة باردة مثيرة للكآبة. يرسم بتأنٍ ودقة، فلا تلمح شعيرةً من ريشته أو فوضويةً في تكوين العناصر. كذلك تلمس حداثة المدينة وجمودها في لوحاته وكأنك تعرفها. يزيل هوبر الآخرين في كثير من لوحاته، فيرسم شارعًا من شوارع نيويورك، مزيلًا المارّة ومكتفيًا بشخص واحد، كأنه يفرض الاغتراب على شخصياته لأنه يعكس شعوره هو. إذ حتى بعد مضي العمر به لم يكن هوبر شخصًا اجتماعيًا، بل أنس بعزلته بعيدًا عن العالم. 🎨
برأيي ينعكس شعوره بالاغتراب في تكرار رسمه النوافذ. إذ غالبًا ما يتلصص هوبر على شخصياته، أو يرسم شخصياته متلصصةً على الشارع أو على مشهد لا نراه؛ أفسرها رمزيةً لمحاولة الاتصال بالآخرين عبر نافذة. كما تذكرني بالحواجز التي نبنيها خشية الاتصال الحقيقي الذي لا نملك التنبؤ بنتائجه، ولكننا تذوقنا طعم مرارته سابقًا؛ فشيدنا الجدران لنحمي أنفسنا، ثم فتحنا آخر الأمر نافذةً لمن يريد المبادرة. 🪟
تأملت عشرات الأعمال لهوبر، ولكن لوحة (Soir Bleu) هي التي استوقفتني. يرسم فيها هوبر مجموعة أشخاص جالسين في مطعم بألوانه الزرقاء الجامدة، مع لمسات الأبيض المثير للتوتر والرمادي بدرجاته، يتوسطهم مهرج يدخن. استوقفتني هذه الرمزية الفجّة للغربة؛ فمن عادة هوبر اللجوء إلى الترميز في كثير من أعماله، لكنه قرر التصريح في هذه اللوحة. 🚬
يرسم هوبر المهرجَ المُدخن وكأنه يقول: هذا الشخص ليس في مكانه. ربما في الواقع لا يرتدي زي مهرج، بل قد يكون هذا شعوره، ينظر لأسفل غارقًا في عالمه ومحاولًا التظاهر بطبيعيته التي يراها الجميع ولا يشعر بها هو. 🤡
إعداد🧶
شهد راشد

«أعطني ست ساعات لأقطع الشجرة، وسأقضي أول أربع ساعات في شحذ الفأس.» إبراهام لنكولن
ليه الروابط لونها أزرق؟
كيف تصلح بوستر عتيق وجدته في بيت الوالدة؟

المدير الجيّد يغتاب موظفيه!


نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.