كيف نجح تك توك في كسر عزلة الإعاقة
زائد: ما الذي تتطلبه الاكتشافات؟

هل سمعت عن العالِم الذي قاس حجم الأرض؟ 🌎
هذا العالِم اسمه أبو الريحان البيروني، وقد وصلت دقة قياسه لمحيط الأرض إلى 99.5%. وما أبهرني باكتشافه هو ما كتبت عنه ياسمين الغامدي: «بعقل رياضي وفضولي، قدر البيروني يعرف حجم كوكبنا قبل ألف سنة. وأثبت أن أعظم الاكتشافات ممكن تحصل بورقة وقلم.»
استطاع البيروني، دون أي تطورات تقنية في زمنه، أن يحدّد قياس منحنى الأرض بحسابات رياضية معروفة، بعد تسلقه جبلًا وملاحظته أن الأفق ينخفض مع الارتفاع. وهذا يثبت لنا أن أي اكتشاف مميز لا يتطلب إمكانيات هائلة وتمويلًا بمبالغ طائلة، بل أدوات بسيطة وبحوزتنا جميعًا. 🔎
في عدد اليوم، يخبرنا محمود عصام كيف مكّن تك توك ذوي الإعاقة من تخطي الحواجز التي فرضتها عليهم مجتمعاتهم. وفي «شبَّاك منوّر»، تشاركنا شهد راشد سيرة فنانة نجحت رغم التحديات التي واجهتها. وفي «لمحات من الويب»، نودعكم باقتباس عن الأصالة بوصفها ممارسة يومية، ومع تفوق الموظف البديل. 🐓
خالد القحطاني

كيف نجح تك توك في كسر عزلة الإعاقة
قادتني الصدفة قبل سنوات إلى فرع صغير لمطعم شهير يقدم الوجبات السريعة. طلبتُ طلبي المعتاد، لكن الموظفة ابتسمت لي وأشارت إلى لافتة على الحائط توضّح أن جميع العاملين في المطعم من الصم والبكم، ولافتات أخرى تشرح كيفية طلب الطعام بلغة الإشارة. ارتبكت تمامًا، غير أن الموظفة ناولتني بسرعة قائمة الطعام، وطلبت مني الإشارة إلى الوجبة التي أريدها.
سعدت كثيرًا بالتجربة. صحيح أنني لم أتعلم تلك الإشارات، وفي كل زيارة كنت أكتفي بالإشارة إلى الصنف ذاته، إلا أن فكرة كسر العزلة التي قد يعيشها الصم والبكم، من خلال هذا النوع من التفاعل المباشر، بدت لي أمرًا إنسانيًا بالغ الأهمية.
تذكّرت تلك التجربة بعدما وجدت نفسي متابعًا شغوفًا لعدد من الحسابات على تك توك تدور حول الفكرة ذاتها: أشخاص وجدوا في التطبيق منصة مثالية لمحاولة كسر العزلة الاجتماعية المفروضة عليهم بسبب اختلافهم، سواء نتج الاختلاف عن إعاقات جسدية أو نفسية، أو أمراض مزمنة أو نادرة.
تناولت إحدى الدراسات تأثير تك توك على أصحاب الأمراض المزمنة، فحلَّلت 160 مقطع فيديو لأشخاص يشاركون تجاربهم مع المرض. وأظهرت النتائج أن كثيرًا منهم قد عانوا من فقدان الإحساس بالحياة الطبيعية، ومن الوصم المجتمعي. لكن بمشاركة تجاربهم علنًا، سعوا إلى رفع الوعي، وطلب الدعم، والتأكيد على إمكانية التعايش. كان الهدف دائمًا أن يعرفهم الآخرون ويفهمونهم، ويتعاطفون معهم.
يتضاعف هذا الأثر حين يتعلق الأمر بالأمراض النادرة. شخصيًا، تعرّفت من خلال تك توك على حالات مثل متلازمة توريت وجفاف الجلد المصطبغ (أطفال القمر). والأهم أنني تعرّفت إليها من خلال أصحابها أنفسهم، ففهمت ما يواجهونه، وتعلّمت كيف أتصرف بوعيٍ وإنصافٍ أكثر في حال التعامل معهم. وهذا ما تؤكده ميلينا مالي في كتابها «متلازمة توريت: الوصمة وسخريات المجتمع»، إذ تشير إلى أن تك توك قد قدَّم مساحة بديلة للمصابين يروون فيها حكاياتهم بأنفسهم، ويكسرون الصور النمطية، ويبنون جسورًا مع جمهور أوسع.
يمتد هذا الأثر كذلك إلى ذوي الإعاقة الجسدية. ويكفي أن نطالع مئات الفيديوهات المرتبطة بوسم (disabledandcute#) لنرى كيف تتحوّل المنصة إلى أداة لتحدي الوصم وتعزيز التقدير الذاتي. والأهم هنا أن هذا المحتوى يصل بشكل واسع إلى الفئة العمرية الأصغر: إذ تتراوح أعمار 56% من مشاهدي محتوى ذوي الإعاقة على تك توك ما بين الثامنة عشرة والرابعة والعشرين، و96% من العدد الإجمالي تحت سن الخامسة والثلاثين. وهذا يدل أنَّ تك توك لا يغيّر فقط نظرة المجتمع، بل يزرع وعيًا جديدًا في جيل بأكمله.
لكن، لماذا تك توك تحديدًا؟ بخلاف منصات التواصل الاجتماعي التقليدية، تعطي خوارزمية تك توك الأولوية للمحتوى بناءً على الاهتمامات بدلاً من الدوائر الاجتماعية. وهكذا يجد الأشخاص المختلفون، بكل ما يحملونه من تجارب قاسية أو نادرة، من يشبههم، وكذلك من يريد الاستماع إليهم. فيتشكل نسيجٌ رقمي عالمي من القصص الإنسانية يتجاوز الجغرافيا، ويخلق شعورًا بالتعاطف الحقيقي.
سواء أكان صانع المحتوى مراهقًا يشرح اضطرابًا وراثيًّا أو أمًّا تحكي رحلتها في رعاية طفلها، أو شابة تتحدى الصورة النمطية عن الإعاقة، فقد أتاح تك توك لهم جميعًا أن يكونوا مرئيين، ومكَّنهم من سدِّ فجوات التواصل بينهم وبين الآخرين.
ومن بين تلك الحسابات التي أتابعها حساب علياء عادل، وهي فنانة تشكيلية من الصم والبكم، تقدم محتوى بسيطًا لتعليم لغة الإشارة، وتركّز على جمل قصيرة وضرورية مثل: «أحتاج إلى طبيب»، أو «أنا متعب». ومع الوقت، تعلّمت منها كيف أقول: «شكرًا» و«مرحبًا» بلغة الإشارة. إشارات شديدة البساطة، لكنها حملت معنًى كبيرًا حين استخدمتها لأول مرة لكي أعبّر عن امتناني للعاملين في ذلك المطعم؛ المطعم ذاته الذي كنت أكتفي فيه بالابتسام فقط.
واليوم، وبفضل تك توك، بتُّ أفكر: ماذا لو رفعت عيني نحو اللافتة في يومي الأول في المطعم، وتعلّمت كيف أطلب طعامي بلغة الإشارة؟

عملاؤك يستاهلون تجربة شراء سهلة وذكية.
توصيل لكل العالم، وتعامل بكل العملات، وربط مع مختلف التطبيقات، ومئات المزايا الأخرى التي تساعدك على توسيع نطاق تجارتك للعالمية. 🌎
سجّل في سلّة، وانقل تجارتك إلى المستوى الذي تستحقّه.


في عام 1876 وُلدت الفنانة الألمانية باولا موديرسون. بدأت الرسم منذ سن المراهقة، وعاشت حياتها بتمرد على أعراف زمنها، محاولةً خلق مسارها الخاص رغم تثبيط عائلتها وزوجها، ونجحت في ذلك. 🎉
اشتهرت موديرسون برسمها لبورتريهات نساء من كافة الأعمار، بالإضافة إلى الأطفال، حيث ركّزت فيها على الفئات الأقل حظًا بالمجتمع، واللحظات اليومية المتعلقة بمراحل الأنوثة. وما يميّز شخصياتها حرصها على عدم رسمهم وفق الجماليات التقليدية، بل عرضتهم صريحين تنعكس دواخلهم وما مروا به على ملامحهم. 👦🏻👵🏼
في لوحة «Brustbild eines Jungen vor Apfelbäumen» رسمت صبيًّا بملامح جامدة لا تليق بطفل، فلا تدري هل يفكر بحيلة قادمة؟ أم يشعر بالخوف من أمر ما؟ يرتدي زيًّا داكنًا يتناقض مع خضرة الطبيعة خلفه، وهي تناقضات رمزية تبنّتها الفنانة كثيرًا. ملامح الصبي بسيطة هادئة، في حين تتشابك الأشجار في الخلف. كما رسمته قريبًا مواجهًا لنا وكأنه صورة شخصية خاصة. أما لوحة «The Woman with the Goose 1902» فصوّرت فيها امرأة مسنة تمشي وخلفها إوزّة. الألوان داكنة كأنها رُسمت نقلًا من حُلم غريب، إلا أنها لا تُشعرك بالكآبة، بل تدعوك للتفكر في علاقة المرأة بحيوانات مزرعتها، وفي اللطف الكامن في الأمومة التي امتدت لطير حدّ تعلقه بها. 🖼️ 🪿
لاحظتُ ارتباط شخصيات موديرسون بالطبيعة؛ فتجدهم دومًا بقرب أزهار أو أشجار، مثل لوحة «Old Woman from the Poorhouse in the Garden» التي تعكس امرأة مسنّة بملامح متعبة تجلس محاطة بأزهار حديقتها. ورسمَتها امرأةً قوية لعملها في الأرض؛ تسللت القوة والصلابة إلى ملامحها فتُشعر بلمحة قسوة دون تأثر بإشراق الألوان حولها. وفي لوحة «The Painter with Camellia Branch» رسمت نفسها تحمل زهرة الكاميليا وكأنها تهديها للمُشاهد. لا تُظهر جسدها بالكامل، وكأنه غير ضروري بالمقارنة بالزهرة البيضاء التي تُضيء اللوحة. ملامحها هادئة بطرف ابتسامة، وألوان العمل ترابية طبيعية تُشعرك بالراحة عند تأملها. لم ترسم نفسها مختلفة عن غيرها، بل اتبعت أسلوبها في رسم عمق الشخصية عوضًا عن جمال الملامح. 💐👩🏻🌾
عملي المفضل للفنانة يحمل عنوان «Self Portrait with Two Flowers in Her Raised Left Hand». ويدها على بطنها في اللوحة لأنها كانت حاملًا عند رسمها. تمدّ لنا زهرة أخرى مجددًا، وتركز على كتفيها ويديها في رمزية العطاء والقوة. كما ترسم الزهرة منقسمة إلى مشرقة مبتهجة نضرة وأخرى مظلمة كأنها تذبل أمامنا، في تعبير عن تناقض الحياة وتناقض الإنسان والمرأة، وربما صراعاتها بين رغبتها في الأمومة وممارسة الفن والتضحيات ما بينهما. تبدو هادئة ومطمئنة، لكن رسمها للزهرة كان تنبؤًا غير مقصود؛ إذ توفيت بعد ولادتها لطفلتها بفترة قصيرة، عن عمر يناهز الواحدة والثلاثين. 🌷🤰🏻
🧶إعداد
شهد راشد

«الأصالة هي ممارسة يومية للتَخلِّي عن من نَظن أننا يجب أن نكونُه، واحتِضان من نحن عليه فعلًا.» برينيه براون
ماذا يحدث لك عند «الترابط الصادم».
نظام الخبز والبطاطا في العصر الفكتوري.
مهتم في مجالات الفن التقليدية؟ سجِّل في برامج وِرث الأكاديمية
لمّا الموظف البديل يتفوق على الأساسي.

عدوى عبر تك توك؟
هل الفنون السعودية تستحق الاهتمام؟


نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.