هل تنزعج من طفلك الفضولي؟ 🙋🏻

زائد: متى تكون المشورة عبئًا على اتخاذك القرار؟

ماذا ستفعل إذا الشركة التي سرّحتك رجعت تطلبك من جديد؟

من بعد موجات «الاستقالة الصامتة» و«الإقالة الصامتة»، الموجة الجديدة في بيئة عمل الشركات موجة «ندمان على فراقك». 😑💐

من الصعب العودة إلى الشركة التي تخلت عنك، وبعد تخليها عنك استوعبت أنها بحاجة إليك أو أنَّ البديل لم يكن الخيار الأفضل، أو لا تريد دفع تكلفة الموظف الجديد من تدريب وإدماج في المؤسسة التي غالبًا تستغرق ما بين ثلاثة إلى ستة أشهر و«يا عالم يضبط البديل أو لأ». 

في هذه الحالة، ينصح مات ماسوتشي، الذي يعمل رئيسًا تنفيذيًّا للاستقطاب، أن تسأل نفسك: كيف كانت العلاقة بينك وبين شركتك، وكيف انتهت هذه العلاقة؟ إذا جرى الانفصال بالمعروف مع كامل الحقوق، ينصحك بالعودة مع الوضع في الحسبان أنَّ بيدك طلب راتب أعلى أو مميزات أكثر أو حتى العودة بمنصب أعلى. أما إذا وقع الانفصال على نحو سيء، فهذه علاقة مسمومة لا تستحق  إلا الوداع «وفرجيني عرض أكتافك وأنت طالع».🦦🍹

في عدد اليوم، يشاركنا محمود عصام متعة الإجابة عن أسئلة طفلك الفضولية وتأثيرها الإيجابي عليه وعليك، وتشاركنا شهد راشد حكمة قيس بألا تستشير مشغولًا ولو كانت نصيحته توزن بالذهب، وفي لمحات من الويب نعرف كيف تحوَّل البشر إلى العمل ليلًا 🌚.


الطفل الفضولي / Imran Creative
الطفل الفضولي / Imran Creative

هل تنزعج من طفلك الفضولي؟

محمود عصام

شاهدتُ بالصدفة الفلم الفرنسي «الفراشة» (le papillon). تدور أحداثه حول علاقة صداقة تنشأ بين فتاة فضولية تعاني من قلة اهتمام والدتها بها، ورجل عجوز يهوى جمع الفراشات، ويسعى للعثور على نوع نادر منها كان قد وعد ابنه الراحل بالعثور عليه. يبدو العجوز طوال الفلم منزعجًا من أسئلة الطفلة التي لا تنتهي، إلا أنه مع الوقت، يدرك أن تلك الأسئلة كانت بالضبط ما يحتاجه لكي يتجدد شغفه بالحياة.

دفعني ذلك للتفكير في طفولتي؛ فقد كنت طفلًا فضوليًا بدوري، لا يكف عن طرح الأسئلة. غير أنني نادرًا ما كنت أتلقى إجابات وافية. عرفت معظم الإجابات لاحقًا، لكن ماذا لو كنت تلقيتها في وقتها؟ هل كان ذلك ليُحدِث فرقًا في وعيي؟ وهل ينبغي عليّ اليوم أن أجيب عن أسئلة أطفالي الفضولية؟

يؤكد العلماء أن الفضول ليس مجرد سمة شخصية، بل عمليةٌ بيولوجية. فقد أظهرت عدة دراسات اعتمدت على فحوصات الرنين المغناطيسي أن الفضول يُنشّط الحُصَيْن (مركز الذاكرة في الدماغ) ونظام المكافأة لدى الأطفال. هذا يعني أن الطفل الفضولي يكون دماغه في أفضل حالاته لاستيعاب المعلومات ومعالجتها بفعالية. ولهذا، تكون الإجابات المقدَّمة ردًّا على أسئلته أسهل تذكرًا من المعلومات التي تُلقَى عليه دون سياق تساؤلي.

على عكس الاعتقاد الشائع بأن طرح الأسئلة استراتيجية يستخدمها الأطفال لجذب الانتباه فقط، أظهرت دراسة نُشرِت في مجلة (Developmental Review) أن الأطفال يطرحون أسئلتهم بدافع حقيقي للحصول على المعرفة، خصوصًا عندما يواجهون ما يتعارض مع خبراتهم. ببساطة، تبدو أسئلتهم البسيطة في ظاهرها محاولةً جادة لفهم العالم.

لهذا، غالبًا ما تبدأ تلك الأسئلة بـ «لماذا؟»، لأن الأطفال في هذه المرحلة ينمّون قدراتهم المعرفية بوتيرة متسارعة، ويحاولون الربط بين الأسباب والنتائج. لكنهم يفتقرون إلى الخبرة التي تملأ تلك الفراغات، فيستخدمون التساؤل لاختبار نظرياتهم الصغيرة حول كيفية عمل هذا العالم. وفي ذلك علامة على تطور معرفي سليم، ومهارات ناشئة في حل المشكلات.

لكن الأمر لا يتوقف عند حدود الفهم فقط؛ بحسب عالمة النفس ليندا بلير، ثمة سببٌ آخر يجعل الإجابة عن أسئلة الأطفال أمرًا مهمًا. فتلك الإجابات التي يقدمها الوالدان أو مقدم الرعاية تمنح الطفل شعورًا بأهميته. كما أن مشاركة ما يثير حماسة الطفل مع ذويه يعزز شعوره بالحب والتقدير، ويقوي ثقته بنفسه.

يلاحظ أن معدل الأسئلة التي يطرحها الأطفال ينخفض بشكل كبير بعد التحاقهم بالمدرسة، ومع ذلك، فإن الأطفال الذين اعتادوا طرح الأسئلة يتفوقون على أقرانهم. فوفقًا لدراسة «فوليرتون الطولية» التي أُجريَت على 130 رضيعًا وتابعتهم حتى سن السابعة عشر، تبين أن الأطفال شديدي الفضول الذين يستمتعون بالتعلم حصلوا على نتائج أعلى في الاختبارات المعيارية، وكانوا أكثر ميلًا للبقاء في المدرسة، بغض النظر عن معدل ذكائهم.

قد نلتمس العذر لآبائنا، إذ لم تكن لديهم كل الإجابات لأسئلتنا. لكن في عصر الإنترنت، حيث لا يوجد سؤال بلا إجابة، لم يعد لنا عذر. بل على العكس، فإن البحث عن الإجابات سويًا مع أطفالنا يقوّي العلاقة بيننا وبينهم، ويزرع فيهم حب المعرفة.

فطرح الأطفال للتساؤلات يتأثر بشكل كبير بمدى نشأتهم في أسرة فضولية. لذلك، أفضل طريقة للآباء لتشجيع فضول أطفالهم هي أن يبقوا فضوليين. لكن هذا أصعب مما يبدو، فمع تقدمنا ​​في السن نميل إلى الاعتماد على ما نعرفه. لكن الفضول مثل العضلة؛ يضمر دون استعمال، ولا سبيل للحفاظ على قوته إلا بتبني منظور الأطفال أنفسهم في رؤية العالم، وأن نظل واعين تمامًا بما نجهله.

في نهاية فلم «الفراشة»، تغني الطفلة رفقة العجوز - بعد أن أصبحا صديقين - أغنية تتكون من أسئلة متكررة من الصغيرة: «لماذا يبيض الدجاج، ولماذا تذبل الأزهار الجميلة؟» ويجيب العجوز: «لكي يتحول البيض إلى دجاج مرة أخرى، ولأن ذبول الأزهار جزءٌ من جمالها». ثم تزداد الأسئلة صعوبة: «لماذا هناك شيطان في مواجهة الإله؟» ويجيب العجوز وكأنه يشير إلى سبب شغف الإنسان بالحياة: «لأن هذا ما يدفع الفضوليين إلى طرح الأسئلة».


اتخاذ القرارات وتحمُّل عواقبها أيًا تكن من أصعب ما نمر به. أتذكر بدايات شعوري بالمسؤولية الكاملة تجاه أي قرار منذ لحظة اختياري تخصصي في الجامعة، عندها بدأت تتكون عادة سلبية في استشارة الآخرين حول كبير الأمور وصغيرها. ولعلّي وجدت ما يفيد حول الأمر في كتاب «محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء». 📜

  • «قال قيس لابنه: لا تشاورنَّ مشغولًا وإن كان حازمًا، ولا جائعًا وإن كان فهيمًا، ولا مذعورًا وإن كان ناصحًا، ولا مهمومًا وإن كان فطنًا. فالهمّ يعقِل العقل ولا يتولّد منه رأي ولا تصدق منه رويّة.» 🫣👂🏽

  • عندما يتعلق الأمر بالاستشارة حول أي موضوع، ينبّهنا قيس إلى ضرورة اختيار الوقت الملائم للناصح. فمن ضعفنا البشري أن يتزعزع رأينا تحت الظروف، ولهذا نحن لا نتخذ قرارًا يخصّنا ونحن مشغولو البال أو جوعى أو غاضبون في خضمّ نقاش، أو حتى في حالة حزن، فما بالك باستشارة غيرك عما يخصك وهو في ظروف كهذه. 🗣️😮‍💨

  • يفتقر الناصح إلى تجربتك الحقيقية حتى لو شرحتها، ولا يعرف البيئة والحالة النفسية التي تمر بها والمعوقات التي تنتظرك والأشخاص الذين ستتقاطع معهم عند اتخاذ القرار، وفي أفضل الحالات سيكون رأيه قاصرًا. لذا عليك وضع هذا الأمر في الحسبان. 👁️🫥 

  • يصعب الأمر في وقتنا الحالي؛ فمعظم تواصلنا يتم عبر الرسائل القصيرة العاجلة التي تلغي نبرة الصوت وتفاصيل الملامح، فلا ندري عم يعيشه الآخر ومدى انشغاله وما يفكر أو يظن. غياب هذه العناصر يضفي طبقة من الصعوبة اعتدنا تجاهلها حتى ظنناها طبيعية، وصرنا نفسّر الردود كما تتصورها عقولنا، وفي أحيان كثيرة تختلف عما يعنيه الآخر. 📱😶

  • في فصل آخر، «قال بعض الحكماء: ما استشرتُ أحدًا قط إلا تكبَّر عليّ وتصاغرت له، ودخلته العزّة وأدركتني الذلّة. وإيّاك والمشورة وإن ضاقت بك المذاهب.» من الطبيعي أن يشعر صاحب المشورة بأنَّ لرأيه قيمة، فأنت من توجّه إليه واستشاره. لهذا علينا تقنين طلبنا المشورة من الآخرين. فإن أكثرنا وتوسّعنا بها سيدرك الناصح مدى تأثيره في كل خطوة نأخذها، ويدرك قدرته على تغيير رأينا، ويظن أنَّ له اليد العليا في تقرير المسار الذي قد نطمح المشي فيه. وهذه قوة لا يمكننا منحها أي إنسان. 🧠🫳🏻

  • برأيي يبدأ الاستقلال الحقيقي من استطاعتنا المضي في الحياة بعزيمة ورأي شخصي واضح، مع استشارات تفتح لنا نافذة على احتمالات أخرى دون أن تحدد لنا بالضرورة الطريق والوجهة. ✋🏼🗺️

    🧶إعداد

شهد راشد



نشرةأهاأنوثة
نشرة أها!
نشرة أها!
يومية، من الأحد إلى الخميس منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+190 متابع في آخر 7 أيام