هل أنا نادمة على أمومتي؟ 🤰🏻
زائد: نكتب عن قلق يومنا بدون قلق 📒




هل أنا نادمة على أمومتي؟ 🤰🏻
لم أحكِ من قبل كيف كانت الأمومة هاجسًا وحلمًا راودني منذ صغري. كنت أرى في أحلام منامي اليومَ الذي سأصبح فيه أمًّا، وأسوأ شعور كنت أختبره، خيبتي حين أستيقظ من نومي لأدرك حقيقة أني ما زلت طفلة!
لطالما أحببت هذا العالم الأمومي بحنانه المتدفّق، ودومًا ما شعرت أنّ أجمل أيامي سأحياها حين أصير أمًّا، وهو ما حدث، وما لم يحدث في آن واحد.
بدأتُ أمومتي في سنّ مبكّرة، واثقةً ثقة عمياء، ومؤمنةً بقدرتي وطاقتي، ومليئةً بالشغف والطموح الذي يدفعني دومًا للإحاطة بكل شيء. وبقدر رغبتي في أن أصبح أمًّا، واصلت بناء حياتي العلمية والمهنية، فأنجبت في أثناء دراستي، ثم بدأت العمل فور التخرّج.
مع مرور الأيام، كبرت ابنتي نور، وصار لدي متّسع من الوقت لأتأمل -تخيل أني لم أملك رفاهية التأمل في السنتين الأولى بعد إنجابي. بدأت أحصي ما أفتقده من طبيعة علاقات اجتماعية، ومحاولة الإحاطة بكل شيء من تعليم ومهنة ومسؤوليات اجتماعية وشخصية، وأتمنى عودته بذات الصورة التي كان عليها قبلها، وكأن الأمومة في هذه المرحلة واحدة من هذه المسؤوليات لا أكثر، بينما هي أهمّها وأولاها.
لم أدرك كم اللحظات والمواقف والخبرات والفرص التي فاتتني إلا بعد أن بلَغت نور عامها الثالث، وبدأت بالذهاب إلى الروضة، حينها فقط استطعت أن أقضي وقتًا خاصًّا مع نفسي.
هذا يجعلني أتذكر صلاة تراويح أول يوم في رمضان، حين صليتها في الدور العلوي المخصّص للأمهات مع أطفالهن وبرفقتي نور، ماجعل كل تركيزي منصبًّا عليها، فأجد نفسي أكتم ضحكتي حين تقرر التكبير للركوع بعد أن ملّت من إطالة الإمام، أو عندما كانت تقوم بحركاتها الرومانسية وقت السجود؛ إذ تسجد واضعةً كفّها فوق كفي. ومع كل ذلك، أحاول تجاهل صوت رضيع آخر لم يتوقف بكاؤه طيلة الصلاة، فضلًا عن أصوات الألعاب الصادرة من الجوالات في أيدي الأطفال من حولي.
ثم أقارن بين تلك الصلاة وصلاة أخرى صلّيتها وحدي في قسم يُمنع فيه الأطفال، كنت في كل سجود أحمد الله أن بلّغني هذا اليوم -من غير شر- الذي ظننته خلال السنوات الماضية بعيد المنال!
للوهلة الأولى، قد تبدو لك هذه المقدمة الطويلة رسالة ندم أو تذمّر، لكن الحقيقة أنها على العكس تمامًا.
في نظرة سريعة على حسابات الأمهات في وسائل التواصل، أو على مجموعات الواتساب، أو حتى أثناء الاستماع لأحاديثهن في المجالس، تجدهنّ في حالة مقاومة لا إرادية للأمومة ولتحدياتها الخاصة.
تزداد هذه المقاومة ويكثر الحديث عنها في شهر رمضان، حين تصبح الأم في مواجهة جبهات يومية متعددة في وقت ضيِّق، فلا تجد قدرة ولا طاقة ولا وقتًا لأداء عباداتها بتركيز وخشوع، أو حتى الصلاة في المسجد. وتعاني كثير منهن حينها من متلازمة الأم المستنفَدة، إذ تبذل كل وسعها في تلبية احتياجات أطفالها فلا تبقى أدنى طاقة تخصّصها لنفسها.
في اللحظة التي صلّيت فيها التراويح بهدوء وسكينة حين كانت نور في الروضة، شعرت باشتياق عميق لهذا السلام والراحة، وأدركتُ في الوقت نفسه -متأخرةً جدًّا- ضرورة توقفي عن المقاومة، وتقبّل أن تبقى مهمتي -شبه الوحيدة- لفترة طويلة من الزمن: الأمومة.
أمّا سهري واستيقاظي المرتبط بطفل، ومطبخي الذي أرابط فيه لإعداد وجبة قد ترفضها ابنتي من اللقمة الأولى، وبيتي الذي أحاول احتواءه وجعله مكانًا مريحًا ودافئًا فسيشهدون لي جميعًا بكل خطوة خطوتها مسرعةً «لألحق»، وحتى لعبي مع نور عبادة أؤجر عليها.
أدرك أن هذه المرحلة بأكملها هبَة ونعمة، لا شيء يصعّبها ويعرقلها أكثر من مقاومتها والانغماس في عدّ الطموحات التي لم تُحقق بعد. فقولبة العبادات والنجاحات والإنجازات -ولو ضمنيًّا- وحصرُها في أُطُر معينة ظلم كثيرًا من الأمهات والنساء اللاتي لا يسعفهن وقت أو قدرة على أداء الصلوات في المساجد في رمضان مثلًا، أو اللاتي يفضّلن التركيز على الأمومة دون الانخراط في طموحات أخرى كالعمل أو الدراسة. وهذه القولبة المجتمعية، جعلتهن يجلدن ذواتهن أكثر فأكثر، ليستمر شعورهن بالتقصير مهما فعَلن.
لكن الحقيقة، أن الاعتناء بطفل ومحاولة مجاراة طاقته الحركية واللغوية من لحظة استيقاظه حتى لحظة نومه، هي إنجاز لذيذ يستحقّ كل تقدير واهتمام، ولا تُدرِك لذّته سوى الأمهات.
ولعلّ أجمل ما يُهدى إلينا في هذا اليوم، إدراك أن الحياة مراحل، وأن الأمومة مرحلة منها، قد تكون مرحلةً طويلةً متذبذبةً، لكنها ليست دائمة.
ها أنا استطعت العمل وكتابة مقالات تأملية كهذه، واستشعار أبسط التفاصيل في يومي والتفكّر فيها لأن ابنتي بلغت الثالثة من العمر. لكن حين أرزق بطفل ثانٍ وأبدأ رحلة جديدة مكثّفة في الأمومة، ربما لن أستطيع فعل أي شيء من ذلك. حينها، أتمنى أن تسعفَني ذاكرتي بما كتبت هنا، لأن «اللي رجليه بالمي مش زي اللي رجليه بالنار.» وهذا ما أعيشه وأراه حقيقة في هذه المرحلة من حياتي.
فاصل ⏸️
كيف تتخيّل بيت العمر؟ 💭
مسكن متكامل ومريح، موقعه قريب من كل شي، وفيه كل شي 🏡✨
موقفك الخاص، مصلى، مقهى،بقالة، صالة رياضية، وترفيهية!
هذي هي تجربة السكن في صفا 🔗
التجربة اللي تسبق الحاضر وتنبض بالحياة 🖼️🥁
خيمة السكينة🏕️

في المذكرات نكتب عن قلق يومنا بدون قلق. 📒
لم أسمع بالكاتبة الأسترالية هيلين قارنر. عرفتها الأسبوع الماضي من مقال مراجعة، من مقالات عدة ستظهر لي في مختلف الصحف والدوريات الأدبية، احتفاءً بإصدار مذكراتها الشخصية في طبعة كاملة من 800 صفحة. المذكرات تبدأ من عام 1978، مذ كانت في السادسة والثلاثين من العمر.
اليوم تبلغ قارنر من العمر الثانية والثمانين، وقررت نشر مذكراتها وهي لا تزال حيَّة، عوضًا عن نشرها بعد موتها كما هو المعتاد.
المذكرات بعنوان «كيف تُنهِي قصّة» (How to End a Story)، وفي إجابتها عن سؤال ضمن سلسلة «فن كتابة الرواية» في دورية «ذ باريس ريفيو»، تقول قارنر عن كتابتها المذكرات:
«أدوّن مذكراتي إما فورًا قبل خلودي للنوم أو فورًا بعد استيقاظي. أتكئ في فراشي، وقد أدوّن حلمًا مثيرًا، أو ما حصل لي يومها، أو شيئًا قاله لي أحد أحفادي. ولا أنظر إلى كتابة المذكرات على أنها عملٌ أو جهدٌ شاق، بل هي كتابةٌ خالية من القلق، ولهذا تستهويني. حتى إن كنت أصف شيئًا مقلقًا عشته، عملية الكتابة نفسها ليست قلقة، لأنَّ لا أحد يراقبني وأشعر بأنفاسه على عنقي.»
أقرأ هذه الإجابة وأتفكّر بما قاله عبدالسلام بنعبد العالي عن إعمال الفكر في الكتابة على المسودة واصفًا إياها: «المسودة مجال الظهور والتستر، مجال الإفصاح والإضرار، إنها تعبيرٌ عن لغة الجسد في تدفقه وتلقائيته.»
فنجد أنَّ المشترك بين كتابة المذكرات الشخصية والكتابة على المسودة هو التدفق دون تقييد. هذا التدفق الذي يسمح بإعمال الفكر. وما أقصده بـ«إعمال الفكر» هو ترك المساحة الكافية لعقولنا حتى تتفكَّر وتتدبَّر وتستوعب، وهذه المساحة ما عاد هيّنًا خلقها. ففي خبر قرأته قبل أيام، نواجه اليوم خطر انكماش قدرتنا العقلية على التفكّر نتيجة تشتت التصفح لساعات واستقبال آلاف المعلومات ما بين معرفة وسخافات وشتائم قذرة، وأيضًا نتيجة الاستنزاف الحاصل ما بين بيئة العمل والبيت.
لست بحاجة إلى قراءة الخبر حتى أعي الانكماش الذي أعانيه هذه الفترة، عجزي أحيانًا عن الإتيان بفكرة تحليلية مترابطة تنمّ عن عمق في التفكّر والاستيعاب.
هنا قد تكون كتابة المذكرات هي الحل لإعادة تنشيط التفكّر دون قلق. وأعرف أنَّ ثمة تطبيقات لكتابة المذكرات، لكن عبدالسلام بنعبد العالي يذكّرنا بأنَّ الكتابة بالقلم أنشط فكريًّا من الكتابة على الشاشة، بل ينقل إيثار بعض الكتّاب الكتابة بالقلم الرصاص على القلم الحبر في المسودة، حتى لا يشعر الكاتب بتضييق القلم الحبر مقارنةً بالرصاص الذي يسهل محوه ويشجع أكثر على الانسياب دون قلق من التشطيب.
وأشاركك هنا أول جملة كتبتها قارنر في مذكراتها المنشورة:
«لعلَّها فكرةٌ جيدة أن أعود إلى كتابة المذكرات، لهذا الغرض اشتريت اليوم هذا الدفتر الأصفر.» 📒❤️
إعداد🧶
إيمان أسعد
اقتباس اليوم 💬
«لا تهدر أزمةً حلَّت عليك، فهذه الأزمة ستعلِّمك ما تحتاج إليه لكي ترتقي بقدراتك إلى ما أنت قادرٌ فعلًا على تحقيقه.» تيم فيريس
قفزة إلى ماضي نشرة أها! 🚀
الكتابة اليدوية أنقذتني من سوء الخط والفهم السطحي، لكن ماذا عن جيل لم يعتمد في دراسته على الكتابة؟
أتقن الأمور الصغيرة أولًا، مهما كانت أحلامك وطموحاتك كبيرة، لن تتحرك ما لم تعتد قبلها فعل أبسط الأمور بأقصى درجات الصحة والإتقان.


نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.