هل أخفقتَ في اختبار «أنا لستُ روبوتًا»؟ 🤖✅

زائد:  التلوين فنّ المساحات، والحياة كذلك!


«أنا لستُ روبوتًا» / Imran Creative
«أنا لستُ روبوتًا» / Imran Creative

هل أخفقتَ في اختبار «أنا لستُ روبوتًا»؟ 🤖✅

إيمان أسعد

لا أحد منا لم يجد نفسه أمام اختبار (CAPTCHA)، ومحاولة إثبات أنه ليس روبوتًا من خلال اختيار الصور التي تظهر فيها إشارة المرور أو الدراجة النارية أو الجسر. وأفترض هنا أنَّك اجتزت الاختبار بنجاح، كل مرة. لكن ماذا لو أنك فشلت في الاختبار؟ المرة تلو المرة؟ هل هذا يعني أنك فعلًا روبوت؟

هذه حبكة الفلم الهولندي القصير «أنا لستُ روبوتًا» (I'm Not a Robot) الحائز على جائزة أوسكار، وستجده كاملًا في حساب مجلة نيويوركر على يوتيوب، وأوصيك بمشاهدته. طبعًا لا يخلو الفلم في العشرين دقيقة من الإسقاطات الوجودية التي تذكّرك بأفلام «ذ ماتريكس» (كيف نعرف أننا أصلًا بشر ولسنا بوتات🤷🏻‍♀️) مع لمسة هتشكوكية من التلاعب العاطفي بعقل الزوجة ومنظورها للواقع، هذا التلاعب الشهير بمصطلح (gaslighting). 

قد تظن مع نهاية الفلم أنَّ ثمة مبالغة في فرضيّة عجزنا المحتمل عن تجاوز اختبار (CAPTCHA)، لكن مع التطوّر التقني الحالي قد نجد أنفسنا أمام اختبار صعب في التمييز بين الإنسان وبوت الذكاء الاصطناعي. 

في العدد الأخير من نشرة (Embedded)، تشارك كيت لندسي تغريدة يقول صاحبها إنَّ وجود علامة الشرطة الطويلة «ــ» من أسهل الدلالات للكشف عمّا إذا كان كاتب النص بوتًا من بوتات الذكاء الاصطناعي. فالبشر نادرًا ما يستخدمونها، ولسبب مجهول تستخدمها البوتات بكثرة. 

هنا تعارض كيت لندسي هذه الفرضية، ودليلها الأوَّل في هذه الحجَّة أنَّها إنسانة وتستخدم علامة الشرطة الطويلة بكثرة! بحثت لندسي في جذور هذه الفرضية (أو الإشاعة المغرضة كما تسميها)، ووجدت أنها تعود إلى منشور شاركه أحد المستخدمين نوفمبر الماضي في «منتدى المطوّرين في شركة "أوبن إيه آي"». في هذا المنشور يشتكي المستخدم من عجزه عن إقناع «تشات جي بي تي» بالكفّ عن تضمين علامتي الشرطة والشرطة الطويلة في النصوص التي يولّدها. 

مع انتشار المنشور ذاعت الفرضية، وفجأة تكاثرت تعليقات التشكيك في أي منشور أو إيميل يتضمَّن نصه وجود علامة الشرطة الطويلة. ورغم وجود كثير من التعليقات المضادة حيث يؤكد أصحابها البشر أنهم يستخدمون علامة الشرطة الطويلة، إلا أنَّ الفرضية تعزَّزت في فضاء التواصل الاجتماعي حيث الفرضيات لها الأفضلية دومًا على الحقائق. 

وتتساءل كيت لندسي هنا: 

«كيف ستقنع أحدًا أنك لست روبوتًا؟ ماذا ستفعل إن اتّهم أحدهم نصَّك بأنه مكتوب بالذكاء الاصطناعي فقط لأنه يتضمن علامة الشرطة الطويلة؟ هل سيقتنع بإجابتك عنه "أنا لستُ روبوتًا!"»

ذكّرني سؤالها بحديث شاركني إياه صديق في الجامعة عن معضلة التشكيك في نصوصه. فهو اعتاد كتابة المقالات والأوراق والتقارير باحترافية عالية منذ سنوات، لكن مؤخرًا بدأت الشكوك في كون النص مكتوبًا بالذكاء الاصطناعي تزداد بسبب استعانة الأساتذة ببرامج تكشف مدى تدخّل الذكاء الاصطناعي في كتابة النص. 

بعدها اكتشف ثغرةً أنقذته من تعريض نفسه لهذا الاتهام الباطل واضطراره إلى الدفاع عن نفسه: تعمُّد ارتكاب أخطاء إملائية من المستبعد أن يرتكبها البوت وتوزيعها على مدار النص، مع تعمُّد إسباغ قدر ضئيل للغاية من الركاكة اللغوية والفكرية هنا وهناك، ليثبت أنه بشريّ أمام برامج الاختبار. 

وفعلًا، حين حمَّل النص إلى برنامج الاختبار، منحه البرنامج صك البراءة، وأنَّ لا تدخُّل للذكاء الاصطناعي في كتابة نصه. 

في الفلم، إذا ركزت في المشهد الأول، ستجد أن البطلة حددت كل الصور الصحيحة بسرعة، ولم تتريث أمام الصورة التي غالبًا نتريث أمامها للتأكد أنّها لا تتضمن جزءًا صغيرًا للغاية من صورة السيارة أو الدراجة أو الجسر، وهذا ما جعلها تخفق في الاختبار. 

فهل هذا يعني أنَّ أخطاءنا وترددنا هي ستكون «شرطتنا الطويلة» التي تدلُّ على بشريتنا، وتقنع برامج الاختبار أننا لسنا روبوتات؟ وإذا أردنا الخوض في الفكر المؤامراتي المظلم: هل برامج الاختبار وسيلة للتلاعب بنا، وإجبارنا على إثبات بشريتنا بتعمُّد خفض قدرتنا العقلية والفكرية أمام الذكاء الاصطناعي!


خيمة السكينة🏕️


اعتدت منذ فترة طويلة أن أستخدم القلم لأفرّغ الضغوط التي تثقل كاهلي. بدأت بالكتابة والرسم، ثم انتقلت إلى التلوين حين صارت الأولى مهنتي والثانية تستنزف طاقتي وتحتاج تعلّمًا وصبرًا لا يوصلني إلى هدف تفريغ الضغط.

بدأت التلوين بالأقلام الخشبية، فلا نوعية سواها تحتمل القوة التي أضغط بها على القلم تفريغًا لمشاعري، والنتيجة؟ رسمة زاهية بألوان «غنية» نتيجة الضغط.

ثم انتقلت مؤخرًا للتلوين بالأقلام المائية بعد سماعي ومشاهدتي توصيات عديدة لها. لكن لم تلبِّ هذه الألوان رغبتي في الضغط القويّ على القلم مع رؤية نتيجة زاهية..بل العكس تمامًا. كانت تمتصّ ضغطي بهدوء، فالضغط على مثل هذه الألوان يفسدها ويفسد الورقة تحتها.

تمتاز هذه النوعية من الألوان بدرجاتها المتنوّعة، فتفصِّل ألوان الظلال وتحدّدها حسب رغبتك، وتلحظ سلاسة انسيابها على الورقة. لكن، لهذه السلاسة انسيابٌ علّمني نقطة مهمة: في أثناء التلوين تتمدّد الألوان أكثر بمقدار بسيط. يعني لكي تلوِّن رسمةً جميلة عليك أن تترك فراغات بسيطة -لا تكاد تذكر- بين الخط والآخر حتى تفسح للون أن يتمدَّد. وإن لم تترك هذا الفراغ سيتراكم اللون فوق نفسه بصورةٍ تربك انسيابه.

هكذا، يعلّمنا التلوين جانبًا جديدًا من التأمّل، يعلّمنا فنَّ المساحات.

أن تتركَ للوقت مساحته في يومك، بشرط أن ترسم المساحة بوزنيّةٍ مدروسة، فلا هي أكبر من أن يملأها الوقت فتبقى فارغة تشوِّه اللوحة، ولا هي المساحة الضيقة التي ترغم الألوان على التكدّس فوق بعضها البعض مثقِلةً ورقة التلوين.

مع تقدمنا بالعمر يتبيَّن احتياجنا إلى إتقان فنّ المساحات، لأن الحدود الواضحة العريضة تصبح مع انغماسنا في مسؤوليات حياتنا المتسارعة نحيفةً ضيقة، والألوان البسيطة سهلة المسح تصبح معقّدة ساطعة، والخطأ فيها ساطعٌ وفاضحٌ أيضًا. 🎨

إعداد🧶

أريج المصطفى


اقتباس اليوم 💬

«الحياة جميلة طالما تقضيها على الطريق نحو وجهةٍ ما.» أورهان باموق


قفزة إلى ماضي نشرة أها! 🚀

  • اكتُب بصوت واضح، الصراع بين الكتابة اليدوية والكتابة باستخدام لوحة المفاتيح سيقف في جانب واحد أمام مستقبل تقنيات الكتابة الصوتية (VRS).

  • إن حصلت معجزة ما وقررت الآلة الذكية أنَّ الإطار الأخلاقي البشري غير مناسب لها، هنا سنعيش في عالم يربّينا فيه عيالنا الآليون.

نشرة بريديةذكاء اصطناعيالزواج
نشرة أها!
نشرة أها!
يومية، من الأحد إلى الخميس منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+240 متابع في آخر 7 أيام