رامبو يعيد إنعاش السينما المصرية 🎬
زائد: لقاء النشرة السينمائية مع مخرج الفلم خالد منصور.
دعوة للمساعدة 👋
ستسافر قريبًا؟ أو خطّطت لوجهتك السياحية القادمة؟
هذا الاستبيان القصير موجّه لك.
يحتاج إكماله أقل من 45 ثانية من وقتك.
رامبو ينقذ الفلم من تصنيف سينما «المهمشين» 🐶❤️🩹
ما الذي تفكّر به كلابنا؟ الحقيقة العلمية أننا لا نعرف. فما نعكسه عليها مجرد تخمين عاطفي، ومحاولاتنا أنسنة الكلب تعود إلى اعتقادنا (وهو اعتقادٌ في غير محله) بأنه بشريٌّ مثلنا وعواطفه تشبه عواطفنا. أما الحقيقة العلمية الأخرى، فهي أنَّ الكلاب لا تعرف ما يجري عليها وحولها متى وجدت نفسها في بيئتنا البشرية، فهمها لا يتجاوز فهم طفل في سنواته الأولى.
هذا الجهل المركّب، المتبادل، هو قوام العلاقة بين الكلب وصاحبه، علاقة تعتمد على ثقة مطلقة من الأول بأنَّ الثاني لن يتخلَّى عنه، مهما جرى.
لكن ماذا إن بات التخلّي، جريمة الخيانة العظمى في هذه العلاقة، المنفذ الوحيد أمام نجاتهما؟
التحليل أعلاه يبرر لي اختيار صنّاع فلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» عنوانًا طويلًا للغاية ما كان ليقبله أي فريق إنتاج أو تسويق بكامل قواه العقلية، ومع ذلك لا أتصور بديلًا أقصر -ولو بكلمة- أنجح وأبلغ أثرًا.
(للتنويه: العنوان بالعربية أبلغ عاطفةً وأكثر إخلاصًا لقصة الفلم من الإنقليزية (Seeking Haven for Mr. Rambo): قارن بين مفردة «منفذ» التي توحي بالسعي اليائس للخروج من وضعٍ ما ولو من خرم إبرة، مقابل مفردة «haven» التي تعني الملاذ والملجأ.)
الفلم لا ينتمي إلى سينما المهمشين
التوقع الأوليّ لديّ مع أي فلم مصري من سينما «المهمشين» يُختزَل في هذه الصورة:
أسرة مسكينة بائسة عاجزة، قذارة الفقر المدقع منتثرة في البيت والشارع وحيّ العشوائيات، جليّ في بذاءة اللسان والانحطاط الأخلاقي والمشاهد المقرفة للتحرش الجنسي والعلاقات خارج قيد الزواج، في الثري الشرير والبيروقراطية الحكومية المتوحشة، وفي اليأس التام من أي أمل حقيقي في الحياة.
عن نفسي، لست أبدًا من هواة تصنيف سينما المهمشين لأنها تعطي انطباعًا بحيونة البشر، كما لو أنهم لا ينتمون إلى البشر العاديين. وأيضًا، لأني لا أزال معقدة نفسيًّا من تجربة مشاهدة فلم «يوم مر ويوم حلو» لفاتن حمامة وسيمون ومحمد منير على شريط فيديو، في أواخر سني طفولتي البرجوازية، حيث أفقر شخصية شاهدتها في حياتي قبل ذاك الفلم هي «سالي»، ونهايتها كانت سعيدة بعودتها آمنةً إلى عالم الثراء.
لهذا، لولا الكلب رامبو، لما فكرت أصلًا بمشاهدة الفلم. فوجود الكلب في العنوان والملصق يهيئ المشاهد نفسيًّا لفلم سينمائي من تصنيف «العلاقة بين الكلب وصاحبه»، وهي من تصنيفات الأفلام التي أحب مشاهدتها. ليس فقط لأننا تبنينا كلبًا في عائلتنا منذ سبع سنوات، بل لأنَّ هذه العلاقة غالبًا نراها في عائلات الطبقة الوسطى والعليا المنفتحة ثقافيًّا.
كذلك ففي السينما الأمريكية، مهما كان التصنيف الأساسي للفلم، حتى إن كان بعنف ودموية سلسلة «جون ويك»، فأفلام «الكلب وصاحبه» تعدك دومًا بلحظات إنسانية عن هذه الصداقة تجبرك على البكاء.
وهذه اللحظات هي ما توقعته وانتظرته من تجربة مشاهدة الفلم…والفلم أوفى بوعده ومنحني إياها وانهمرت بالبكاء في مشهد سيعرفه من شاهد الفلم. لكن ليس هذا فحسب ما يجعله فلمًا رائعًا في نظري.
جمال المشهدية السينمائية غطاءٌ ذكي
على خلاف البشاعة المرعبة العالقة في ذاكرتي من مشاهدة «يوم مر ويوم حلو»، تبرز في فلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» جمالية السينماتوغرافيا. إذ رغم فقر البيئة والبيت البالي الرث والمرآة المكسورة والدهان المتشقق، تُذهَل بجمال السيراميك الأزرق في المطبخ الصغير حيث يعد حسن الإفطار لرامبو وأمه، والأصفر الساطع في أشرطة الكاسيت المحفوظة في علبة الذكريات المتبقية من الأب.
ويذوب قلبك على مشاهد حسن يقود الدراجة برفقة رامبو المرتدي خوذته في صورة طفولية تذكرني بمسلسل «بيل وسباستيان». حتى المقهى حيث تعمل حبيبة حسن السابقة مقهى لطيف، لولا مشكلة النيون الأبيض المزعج. ثم يأتي مشهد الجامع الصغير حيث يطغى النيون الأخضر. في كل تلك المشاهد، على اختلاف حالاتها العاطفية والنفسية، ثمة جمالية سينمائية مستترة، بحيث إذا جمدت المشهد تخرج بسهولة بلقطة أشبه بلوحة تحتمل التأويل.
جمال المشهدية السينمائية يكتمل بعنصر الجمال الصوتي المتمثل في أغنية «شجر اللمون» لمحمد منير، وما يعنيه محمد منير تحديدًا في الوجدان المصري. حدس حسن الذكي بأنَّ الأمور لن تتحسن كما تتوهم أمه في نزاعهما القانوني على مواصلة استئجار الشقة المملوكة لجارهم «كارم»، يمكّنه من إنقاذ ذكرياته المتبقية من أبيه، والذكريات هنا مرتبطة بحواس الذاكرة. الذاكرة البصرية تجسدها صورة عائلية انتزعت منها أمه وجه أبيه، والذاكرة الشميَّة تجسدها علبة سجائر كان يدخنها والده، والذاكرة الصوتية تتمثَّل في أشرطة كاسيت سجَّل فيها والده صوته وصوت ابنه وهما يغنيان «شجر اللمون». تكرار الاستماع ليس عشوائيًا، بل مرتبط بمعرفتنا التدريجية بما حصل حقيقةً لوالد حسن. وإذا لم يكن لديك سوى دليل واحد على سبب الهجر، لن تنفك تبحث فيه بحثًا عن إجابة.
وحتى يتحقق أثر هذه المشهدية لا بد من التأني. وهنا تحدٍ نجح فيه الفلم باقتدار: فبينما أنت متلهف لمعرفة كيف سينقذ حسن رامبو، بدل أن يستجيب لك الفلم على طريقة أفلام الأكشن الجماهيرية بتسريع الأحداث والتشويق حتى يحافظ على انتباهك ورضاك، سيثق الفلم بذائقتك الفنية، وبرغبتك أيضًا في تأمُّل القصة وما خلفها، في إعطاء مشاعر الفقد المركَّب لدى حسن من ماضيه (والفقد الذي سيعيشه رامبو في مستقبله) حقها من وقتك وعاطفتك.
ومن جهة أخرى، تساعدك هذه الجمالية المشهدية على التركيز في قصة حسن ورامبو، وتلهيك مؤقتًا عن التفكّر في سياقها البائس الأكبر، والذي لن تفكّر به إلا في اللقطة الأخيرة.
رامبو هو حسن…وحسن هو رامبو
أعرف عصام عمر من مسلسل «تغيير جو» مع منّة شلبي وإياد نصَّار، وأحببت أداءه إلى حد كبير. ثم شاهدته في مسلسل «مسار إجباري»، وأيضًا أحببت أداءه. والآن شاهدته في فلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» وأيضًا أحببت أداءه، لماذا؟ لأنَّ الأداء هو نفسه نفسه مع اختلافات بسيطة، وممكن تلخيصه بالتالي: «عيون الجرو» (puppy eyes).
ففي الشخصيات الثلاث ينجح عصام عمر في تجسيد الشاب «الولد» البريء نظيف الهيئة والأخلاق واللسان، «اللي يكسر خاطرك بعيونه» مهما كانت المصيبة التي ارتكبها. وهذه السمة الشخصية هي ذاتها لدى الكلب، في قدرته على استعطافك حتى إن ارتكب خطأً لا يُغتفَر. هذا التشابه يساعد على خلق حالة التناظر النفسي والجسدي بين حسن ورامبو التي نشهدها منذ اللحظة الأولى في الفلم وهما يلهوان معًا بشد الدمية، وتستمر حتى اللحظة الأخيرة.
في بداية الفلم، يتسلل هذا التناظر في تعامل الأم مع حسن ورامبو، حين تؤنب ابنها في نبرة حنونة على إهماله ارتداء الفانيلة قبل خروجه، وتحث رامبو على ارتداء خوذته. وأيضًا في قمعها محاولة حسن الحديث مع «كارم» في ورشته، ثم مناداتها إياه «يلا يا حسن» كما نفعل حين ننادي على كلب لكي يلحق بنا.
هنا يبدأ الفلم، مع توالي المشاهد، يكشف عن وجهٍ آخر: هو ليس فلمًا عن العلاقة بين الكلب وصاحبه فحسب، علاقة يحاول فيها حسن إنقاذ رامبو من مصير الموت قتلًا على يد «كارم» بأي طريقة ممكنة. بل عن إنسان يبحث عن منفذ للخروج من كونه كلبًا يُهجَر دون أي تفسير، كلبًا جاهلًا لما يجري حوله، كلبًا يتلقى الضرب المبرح ممن يحب ومع ذلك ليس بوسعه كرهه، أو حتى النباح في وجهه، كلبًا يمنح أمانًا لا يملكه أصلًا، كلبًا حتى إن عضّ خصمه، فهذه العضة بالكاد تغيّر شيئًا في ميزان القوى.
أي ببساطة، هو فلم عن المهمشين أنقذه رامبو من تصنيف «سينما المهمشين» ومنحه فرصة التلقي الجماهيري، ليمنحنا خالد منصور وكل فريق الفلم تجربة سينمائية مصرية ستحفر أثرًا لها في ذاكرتي بصفتها سينما حقيقية إنسانية جميلة لا تصوِّر البشر ولا الكلاب البلدية على أنها أرواح رخيصة يسهل هجرها، ويسهل استبدالها إذا أصابها مكروه.
خالد منصور مع النشرة السينمائية 🎬
فقرة حصريّة
اشترك الآن
فاصل ⏸️
يُعرض اليوم الخميس في سينما فوكس السعودية فِلم الرعب «Wolf Man»، للكاتب والمخرج ليه وانيل. يتناول الفِلم قصة عائلة تعيش في مزرعة نائية تتعرض لهجوم من حيوان غامض وغير مرئي. ومع امتداد ساعات الليل، يتحول الأمر من مجرد صراع للبقاء إلى كابوس مرعب.
كما يُعرض في اليوم نفسه فِلم الأكشن والجريمة «Alarum»، من بطولة سلفستر ستالون وسكوت ايستوود وويللا فيتزجيرالد. يتمحور الفِلم حول عميلين مارقين يختفيان عن الأنظار، ويتزوجان، ثم يتعرضان لهجوم في مخبئهما النائي من قِبَل وكالات استخبارات متعددة تسعى لاستعادة قرص صلب مسروق.
يُعرض اليوم أيضًا الفِلم المصري الرومانسي «6 أيام عملت إيه فينا السنين»، من بطولة أحمد مالك وآية سماحة. تدور أحداث الفِلم حول يوسف وعالية، اللذين فرّقتهما ظروف قهرية خلال المرحلة الثانوية، لتجمعهما الصدفة مجددًا بعد سنوات، حيث سلك كل منهما مسارًا مختلفًا في حياته. فهل سيجمعهما القدر من جديد؟ دراما رومانسية تستكشف معاني الحب والصداقة والحياة.
أعلنت سينما فوكس السعودية عن عرض فِلم المخرج الشهير ديفيد فينشر «SE7EN»، احتفالًا بالذكرى الثلاثين لصدوره. وسيُعرض الفِلم في صالاتها بتاريخ 30 يناير الجاري.
صدور العرض الدعائي الأول لفِلم الجريمة والسيرة الذاتية «Alto Knights»، من تأليف نيكولاس بيليجي، وبطولة النجم الكبير روبرت دي نيرو. ومن المقرّر عرضه في صالات السينما بتاريخ 21 مارس. يستند الفِلم إلى قصة حقيقية، حيث يتناول حياة اثنين من زعماء المافيا في أمريكا خلال منتصف القرن العشرين، ويسلط الضوء على العداء الذي نشأ بينهما.
يعود الكاتب جيسي أرمسترونق، مؤلف مسلسل «SUCCESSION»، بمشروع جديد يتمثل في كتابة فِلم جديد لصالح شبكة «HBO». تدور أحداث الفِلم حول أربعة أصدقاء يجتمعون وسط الفوضى التي تسببت بها الأزمة المالية العالمية المستمرة، حيث تتشابك حياتهم في ظل هذه الاضطرابات.
تُشير التقارير إلى أن ميزانية إنتاج فلم «THE ODYSSEY» للمخرج الأوسكاري كريستوفر نولان ستصل إلى 250 مليون دولار. ومن المقرر عرض الفِلم في صالات السينما بتاريخ 17 يوليو 2026.
حقّق فِلم «Nosferatu» للمخرج روبرت إيجرز إيرادات تجاوزت 135 مليون دولار على مستوى العالم، رغم أن ميزانية إنتاجه كانت أقل من 50 مليون دولار.
أعلن المخرج الإيراني أصغر فرهادي عن خطّته لتصوير فِلمه الجديد في نيويورك خلال عام 2025. ورغم الإعلان عن موقع التصوير، لم تُكشف التفاصيل المتعلقة بالقصة أو طاقم الممثلين بعد، بحسب ما ذُكر في موقع «World of Reel».
اليوم نقول أكشن في هذا المشهد من فِلم «Life of Pi».
تتمحور القصة حول الشاب «پاي» الناجي من غرق سفينة كانت تقل عائلته وحيوانات والده، ليجد نفسه وحيدًا في قارب نجاة وسط المحيط، برفقة نمر بنقالي مهيب يُدعى «ريتشارد باركر»، وبقية الحيوانات التي كانت تتناقص باستمرار.
مع مرور الوقت، تنشأ علاقة فريدة بين «پاي» والنمر، تتأرجح بين الصراع والتعاون، ليصبح كلاهما شريك في مواجهة قسوة الطبيعة. تتجاوز القصة مجرد البقاء على قيد الحياة، لتأخذ أبعادًا رمزية حول علاقة الإنسان بالخالق، والإنسان بالطبيعة، والإنسان بالحيوان.
لكن ذروة الرحلة لم تكن في النجاة الجسدية، بل في لحظة الخذلان العاطفي التي شعر بها «پاي» في النهاية. فبعد رسو السفينة أخيرًا على اليابسة، شاهد النمر «ريتشارد باركر» يتجه بخطوات ثابتة نحو الأدغال دون أن يلتفت. كان «پاي»، المنهك جسدًا وروحًا، ينتظر نظرة وداعية تُجسّد الرابط الذي تخيله طيلة الرحلة، لكنه لم يحصل عليها.
في تلك اللحظة، انهمرت دموع «پاي»، ليس فقط لفقده «ريتشارد باركر»، بل لإدراكه حقيقة النصيحة التي سمعها من والده في طفولته:
ذلك النمر ليس صديقك. عندما تنظر إلى عينيه، فإنك ترى انعكاس مشاعرك أنت فقط.
كانت دموعه انعكاسًا لخيبته في فهم الطبيعة الحقيقية للعلاقة بين الإنسان والحيوان. فقد أضفى «پاي» مشاعره على النمر، معتقدًا وجود رابط عاطفي، بينما أثبت النمر، بغريزته، أن كل ما شاهده «پاي» كان مجرد إسقاط لرغباته التي نبعت عن حاجته إلى الشعور بالصحبة وسط العزلة.
يعمق المخرج أنج لي هذا الربط بين البداية والنهاية، عبر تصوير مشهد بكاء «پاي» الذي كان استعادة مؤلمة لدروس طفولته. هذه اللحظة لا تعكس فقط انكسار «پاي»، بل تدعو المشاهد للتفكير في الطريقة التي نرى بها العالم والطبيعة: هل نراها كما هي؟ أم كما نود أن نراها؟
هذا التناقض بين توقعات «پاي» وواقع التجربة يضيف أبعادًا فلسفية للقصة، مؤكدًا أن فهمنا للعالم من حولنا -سواء كان فهمنا لخالقنا أو للطبيعة أو حتى للحيوانات- يتشكل عبر ما نحمله في داخلنا، وليس بالضرورة من خلال ما هو موجود أمامنا.
حصد المخرج إنج لي على إشادة واسعة، ونال أربع جوائز أوسكار عام 2013، على إخراجه الفِلم، من بينها أفضل مخرج وأفضل تصوير سينمائي وأفضل مؤثرات بصرية، مما رسخ مكانته تحفةً سينمائية خالدة تجسّد تأملًا عميقًا في الحياة والوجود.
«Nosferatu» يُعيد إحياء الأسطورة 🧛🏻♂️
عندما قرّرت مشاهدة «Nosferatu»، لم أستطع تخيّل ما يمكن أن يقدمه فِلم مستوحى من نسخة أخرى لفِلم مضى على إنتاجه أكثر من 100 عام، والمبني على رواية كلاسيكية. لكن استطاع روبرت إقرز تقديم رؤية فريدة أعادت إحياء تلك الأسطورة بطريقة مبتكرة تتجاوز التقليد، ومطوّرًا مفهوم إعادة الصنع (Remake).
تدور أحداث «Nosferatu» في عام 1838، حول وكيل العقارات «جوناثان هاركر» (نيكولاس هولت) الذي يسافر إلى قصر ناءٍ في أوربا الشرقية لإتمام صفقة بيع لصالح الكونت «أورلوك» (بيل سكارسقارد)، وهو أرستقراطي غريب الأطوار يرغب في الانتقال إلى بلدة ساحلية هادئة حيث يعيش «هاركر» مع زوجته «إيلين» (ليلي - روز ديب). مع تطور الأحداث، يكتشف «هاركر» أن «أورلوك» ليس بشريًّا، بل كيان شيطاني يعيش على دماء البشر، وأن زوجته «إيلين» هي محور اهتمامه الأساسي.
يتصاعد الصراع عندما تجد «إيلين» نفسها مضطرة لمواجهة خطر «أورلوك» الداهم، بينما يحاول «هاركر» إنقاذها وحماية بلدته من الطاعون الذي جلبه الكونت معه. عندها يدرك الزوجان أن النجاة تتطلب منهما تضحيات جسيمة.
إحياء الأسطورة بأسلوب خاص
يأتي «Nosferatu» معيدًا إحياء الرواية الكلاسيكية «دراكولا» لبرام ستوكر، برؤية سينمائية حديثة تحمل بصمة روبرت إقرز، الذي يُعدّ أحد أبرز المخرجين ممن يتعاملون مع الفولكلور بحب واهتمام كبيرين. ويعود نجاحه إلى اهتمامه البالغ بالتفاصيل التاريخية والثقافية التي تعطي أعماله عمقًا خاصًّا.
في هذا الفِلم، نجح إقرز في تقديم تجربة سينمائية غنية بأدق التفاصيل الجمالية التي تمثل الحقبة المصوّرة، وتمكّن ببراعة من تقديم هذه الجماليات الكلاسيكية برؤية حديثة، ما جعل الفِلم يستقطب جمهورًا جديدًا دون أن يفقده جوهر القصة الأصلية.
شخصيًّا، وجدت نفسي مفتونًا بأسلوب إقرز من مشاهدة أول أفلامه الروائية الطويلة «The Witch» الصادر عام 2015. ورغم تخوّفي المسبق من أن تصويره لفترة زمنية قديمة في «Nosferatu» قد يُثقل العمل بالتعقيد، وجدت هذا الفِلم أكثر سلاسة في التلقي مقارنةً بـ«The Witch» و«The Lighthouse» الصادر عام 2019.
ماذا تقدّم هذه النسخة من «Nosferatu»؟
يمتد الفِلم لساعتين وثلاث عشرة دقيقة، يقدم خلالها سردًا غنيًّا بالتفاصيل ومتنوّعًا في الأسلوب. افتُتح الفِلم بمشهد يمهّد لنغمة مشبعة بالرهبة والمفاجأة، قبل أن ينتقل إلى أجواء يغلب عليها الغموض والدراما، ومن ثم يعود إلى الرعب البحت في بعض أجزائه.
يمكنني وصف الرعب في فِلم «Nosferatu» بأنه رعب «ناجح» بكل بساطة. بالنسبة لي، كل العناصر عملت بنحوٍ مذهل إلى مستويات جنونية؛ الأجواء والمرئيات والموسيقا، كلها منحتني شعورًا أشبه بالظلمة، وصل هذا الشعور بفضل توجّه الفِلم وقصته المختلفة كليًّا عمّا اعتدت عليه من أفلام الرعب في الوقت الحالي.
كما يتناول الفِلم موضوعات مثل العار والشعور بالذنب التي تطارد شخصياته، وهي من بين الموضوعات الشائعة في الحركة التعبيرية الألمانية. إذ يواجه بطل الفِلم «جوناثان» شعورًا بالذنب بسبب الصفقة التي أبرمها مع الكونت «أورلوك»، والتي جلبت الطاعون ودمّرت حياته الزوجية. أما «إيلين»، فتعيش صراعًا داخليًّا بسبب تضحيتها بجسدها واستسلامها لـ«نوسفيراتو».
بناء جديد على أساس قديم
لأن الفِلم مقتبس من فِلم مبني على رواية، فهو يحمل عناصر أساسية في شخصياته كان من الممكن أن يغيّر فيها روبرت إقرز.
من بين جميع الأداءات المذهلة في الفِلم، يبرز بيل سكارسقارد بدور «نوسفيراتو»، خاصة على صعيد الأداء الصوتي، حيث ذكر الممثل أنه أجرى تدريبًا مكثّفًا لمدة ستة أسابيع على الأداء الصوتي قبل بدء التصوير.
لكن لولا علمي المسبق بأن بيل سكارسقارد هو من يلعب هذا الدور، لما استطعت التعرف عليه، بسبب التصميم السيئ للشخصية وهيئتها.
حتى لحظة الكشف عن «نوسفيراتو» التي كان يجب أن تكون مهيبة، جاءت أقل تأثيرًا مما تستحقه الشخصية.
على الجانب الآخر، قدّمت ليلي-روز ديب أداءً رائعًا أيضًا جعلني مرتبكًا بشدة، حتى أنها تفوقت على شخصية «نوسفيراتو» في لحظات عديدة في إثارة الرعب.
بصمة إقرز
لأن الفِلم يلتزم الحبكة الأساسية لرواية برام ستوكر ونسختيّ 1922 و1979، لا أعرف إلى أي مدى يمكن أن أُحدد مدى إبداع إقرز من حيث الكتابة، لكنه بلا شك قد أضاف لمسته الخاصة من خلال الإخراج. حيث مزج ببراعة بين الجمالية البصرية وأسلوبه المعتاد في السرد، بحيث يجعلك منغمسًا تمامًا في تفاصيل أحداث القصة مهما كانت معقدة، وكأنه الخيار المثالي لأن يعيد صنع فِلم ثقيل مثل «Nosferatu»، ليجعل من هذه القصة الكلاسيكية تجربة سينمائية تستحق وقتك.
فقرة حصريّة
اشترك الآن
عانى المخرج ستيفن سبيلبرق من ضغوط نفسية هائلة أثناء إنتاج فِلم «Jaws»؛ حيث واجه فترات من التوتر الشديد أدّت إلى نوبات هلع استمرت حتى بعد انتهاء التصوير. خلال فترة الإنتاج، تعامل سبيلبرق مع تحديات كبيرة، بدءًا من شائعات استبعاده عن المشروع، وصولًا إلى الظروف القاسية على شواطئ مارثا فينيارد حيث صوّر الفِلم.
امتدت مدة التصوير من خمسة وخمسين يومًا إلى 159 يومًا، مما أدى إلى تضخّم غير متوقع في الميزانية. هذه الفوضى دفعت فريق العمل إلى إطلاق لقب «أخطاء» (Flaws) على الفِلم. اعتقد سبيلبرق وقتها أن مسيرته المهنية قد انتهت، حيث صرّح لاحقًا: «ظننت أن مسيرتي بالإخراج قد انتهت. سمعت شائعات بأنّي لن أعمل مجددًا، لأن تجاوز جدول التصوير 100 يوم لم يحدث من قبل». وفي اليوم الأخير من التصوير، غادر سبيلبرق الموقع، واستقل طائرة إلى لوس أنجلوس، تاركًا الطاقم لتصوير المشهد الأخير من دونه.
وبهذه القصة نستهلّ فقرة «دريت ولا ما دريت» عن الفِلم المرعب «Jaws» الصادر عام 1975:
لم يكن ستيفن سبيلبرق المخرج الأول للفِلم؛ إذ طُرد ديك ريتشاردز، المخرج الأصلي، بعد أن وَصف في اجتماع مع المنتجين اللقطة الافتتاحية بأنها تُظهر «حوتًا» بدلًا من «قرش». فأخبروه أنهم لن يعملوا مع شخص لا يفرّق بين الحوت والقرش.
تجنّب منتجو الفِلم الاستعانة بنجوم كبار اعتقادًا منهم أن ذلك قد يشتت انتباه الجمهور عن التوتر في حبكة القصة.
انتقد كاتب الرواية التي بُني عليها الفِلم، بيتر بنشلي، النهاية التي ابتكرها سبيلبرق. حيث قُتل القرش بانفجار أسطوانة هواء مضغوط في فمه، ووصفه بالمشهد غير الواقعي. لكن سبيلبرق برّر الأمر قائلًا إن الجمهور سيكون مشدودًا طوال ساعتين، مما سيجعلهم يقبلون النهاية مهما كانت غير معقولة.
شاهد أكثر من 67 مليون شخص في الولايات المتحدة فِلم «Jaws» في عام 1975، أي ما يعادل ثلث سكان البلد آنذاك.
بعد إصدار الفِلم، انتشرت حالة من الذعر عند الناس من الكائنات البحرية. في إحدى الحوادث، أُخْلِي شاطئ في جنوب كاليفورنيا بسبب «أسماك قرش»، تبيّن لاحقًا أنها دلافين. وفي حادثة أخرى في فلوريدا، قُتل حوت صغير من نوع غير مؤذٍ للبشر لأنهم اعتقدوا أنه قرش.
في مشاهد الشاطئ المزدحمة، لم يبلّغوا الممثلين الإضافيين بتفاصيل القصة. وعندما بدأ رئيس الشرطة «برودي» بالصراخ منذرًا عن وجود سمكة قرش، كانت ردود الفعل المذعورة من رواد الشاطئ حقيقية تمامًا، إذ ظنوا أن هناك خطرًا حقيقيًّا في المياه.
لإضفاء بعض الواقعية على مشهد اكتشاف بقايا «كريسي»، دفن سبيلبرق إحدى أعضاء طاقم العمل بالكامل في الرمال، ولم يترك إلا ذراعها حيث جعله مكشوفًا، بعد أن بدت ذراع الدمية المستخدمة غير واقعية.
اختُبر القرش الصناعي في خزان مياه في استوديوهات شركة «Universal»، وعمل بصورة مثالية، لكن هذه الاختبارات أجريت في مياه غير مالحة، وعندما وُضع القرش في مياه المحيط المالحة، تسببت الأملاح في أعطال متكررة لأنظمة التحكم بالقرش، مما أخر عملية تصوير الفِلم.
بعد عقود من إصدار الفِلم، دخلت لي فييرو -مؤدية دور «السيدة كينتنر»- إلى مطعم للمأكولات البحرية، ولاحظت وجود طبق باسم «ساندويتش أليكس كينتنر» في قائمة الطعام. علّقت قائلة: إنها من أدّت دور والدة «أليكس» قبل سنوات طويلة في فِلم «Jaws». اتضح أن مالك المطعم «جيفري فورهيز» هو من أدّى دور ابنها «أليكس» في الفِلم.
مقالات ومراجعات سينمائية أبسط من فلسفة النقّاد وأعمق من سوالف اليوتيوبرز. وتوصيات موزونة لا تخضع لتحيّز الخوارزميات، مع جديد المنصات والسينما، وأخبار الصناعة محلّيًا وعالميًا.. في نشرة تبدأ بها عطلتك كل خميس.