مرض التورق
التورق عَرَضٌ من أعراض المرض، أكثر من أن يكون هو المرض.
دعوة للمساعدة 👋
ستسافر قريبًا؟ أو خطّطت لوجهتك السياحية القادمة؟
هذا الاستبيان القصير موجّه لك.
يحتاج إكماله أقل من 45 ثانية من وقتك.
سامي السويلم
كنت في أوائل شبابي كثير الانتقاد لما حولي، حتى نصحني أحد الأصدقاء: «أن توقد شمعة خيرٌ من أن تلعن الظلام». لم أشعر حينها أني تأثرت بالنصيحة، ولكن يبدو أنها تسرّبت إلى عقلي الباطن، وترسّخت في اللاشعور، وصرت تدريجيًّا أركّز على محاولة صنع «الشموع» التي يمكن أن تقضي على الظلام أكثر من نقدي الظلام. وسأذكر مثالين.
المثال الأول: في مرحلة اختيار موضوع الدكتوراة، في عام 1992 تقريبًا، في جامعة واشنطن، بسانت لويس بالولايات المتحدة، كنت مترددًا بين مسارين:
الأول: دراسة نظرية عدم الاستقرار المالي «Financial Instability Hypothesis»، التي وضعها هايمان مِنسكي، الذي كانت الجامعة معقلًا لفكره ونظرياته.
المسار الآخر: دراسة رأس المال الجريء «Venture Capital»، الذي عَثرتُ عليه صدفةً أثناء مطالعاتي الخاصة.
قلت لنفسي: لو اخترت دراسة نظرية عدم الاستقرار ثم رجعت إلى بلدي، سأُسأل: ماذا تعلمتَ في أمريكا؟ سأقول لهم: اكتشفتُ أن الرأسمالية نظام غير مستقر! حسنًا، وما الحل؟ طبعًا سأضطر أن أجيب بأني في حاجة إلى بحث الموضوع! لكن لو درست رأس المال الجريء، فسوف آتي بالحل مباشرة.
قرّرت أن أغامر وأختار المسار الثاني، رغم عدم وجود أحد من أعضاء هيئة التدريس بالقسم يعرف «رأس المال الجريء» سوى أستاذ واحد، ورغم ندرة البيانات والإحصائيات اللازمة لإتمام الدراسة.
كافحت، ثم بتوفيق الله أولًا وأخيرًا، استطعت الحصول على البيانات وإجراء اختبارات قياسية متقدّمة غير معهودة في القسم. وكانت النتائج -إجمالًا- إيجابية إلى حدٍّ كبير.
حينما رجعت إلى السعودية في 1995، لم يكن أحد يعرف رأس المال الجريء (ترجمناه حينها، بفضل أستاذنا الدكتور أنس الزرقا، إلى «رأس المال المخاطر»).
حاولت، في حدود المستطاع، تعريف المختصين بهذا النمط من التمويل، ووجد ذلك صدًى طيبًا. وقد كان للهيئة العالمية للاقتصاد والتمويل الإسلامي، التابعة لرابطة العالم الإسلامي آنذاك، دورًا متميزًا في نشر الوعي على نطاق كبير بهذا النوع من الاستثمار، وتبيين أثره في الابتكار وخلق الوظائف ودفع عجلة النمو. أما اليوم، صناعة رأس المال الجريء في المنطقة تتجاوز المليارات.
المثال الثاني هو التورق. والتورّق، كما هو معلوم، هدفه الحصول على النقد. ولهذا الغرض، يشتري العميل سلعة معيّنة من المصرف، مثل الحديد أو غيره، على أن يدفع ثمنها بالآجل، كي يبيعها العميل نقدًا في السوق ليحصل على المبلغ المطلوب، مقابل أن يسدّد للمصرف مبلغًا أعلى منه، على شكل أقساط، غالبًا.
التورق المنظم هو صيغة مطوّرة للتورق، بحيث يتولى المصرف الخطوة الأخيرة، وهي البيع نقدًا نيابة عن العميل. فالمصرف يتكفل بجميع الخطوات، لكي يحصل العميل على نقد حاضر مقابل تسديده مبلغًا أعلى منه آجلًا.
عندما ظهر التورّق المنظّم في 2001 تقريبًا، كنت من أوائل المنتقدين لهذه الظاهرة. لكني أدركت مبكرًا أن المشكلة الحقيقية تكمن في غياب البدائل. تحريم التورّق لا يحل المشكلة. التورق عَرَضٌ من أعراض المرض، أكثر من أن يكون هو المرض.
أما العلاج، فيتطلب أمرين: أولًا، فهم رؤية التمويل الإسلامي، وبم يختلف عن التمويل الربوي. ثانيًا، إيجاد الحلول والبدائل المناسبة في ضوء هذه الرؤية.
أعترف أني تعلمت من خلال هذه «الانحرافات» عن أهداف التمويل الإسلامي أكثر مما تعلمته من القراءات السابقة. (كما هو حال الطبيب الذي يتعلم عن وظائف الجسم وأعضائه حال المرض أكثر مما يتعلمه حال الصحة).
القول نفسه ينطبق على الأزمة المالية العالمية في 2008، التي كشفت عيوب النظام التقليدي، ومزايا النظام الإسلامي في المقابل، أكثر من أي وقت مضى. ولهذا ركّزت، منذ ظهور التورق المنظم، وما زلت، على دراسة حلول التمويل التي تغني عن التورّق وسائر صور العينة.
ولكني، خلال هذه المسيرة، وجدتُ أن الحلول لا تتلخّص في العقود والمنتجات، بل لا بد من نموذج عمل (Business Model) لكي يتحقق الهدف على النحو المأمول. العقود لا تغني عن العقول؛ ولهذا فإن هذه النماذج تتطلب نمطًا من التفكير لا ينسجم مع العقلية السائدة. فمحاولة تطبيق البدائل في بيئة غير مواتية يشبه محاولة استنبات الورود في أرض بور. لا بد من اختيار الإطار المناسب (Paradigm) لكي تؤتي المنتجات والحلول الإسلامية ثمرتها.
عندما رجعتُ من الولايات المتحدة في 1995، كانت أول مشكلة واجهتنا هي فهم طبيعة المصرف الإسلامي: هل هو وسيط، أم تاجر، أم ماذا؟ وإذا كان وسيطًا فما نوع هذه الوساطة؟ وكيف تختلف عن وساطة المصرف التقليدي؟
هذه الأسئلة، في الحقيقة، كانت عن نموذج العمل الذي ينبغي للمصرف الإسلامي أن يتبنّاه. وقد عقد مركز البحوث بمصرف الراجحي ندوة بهذا الخصوص عام 1996، ونُشرت الأوراق في مجلة جامعة الملك عبدالعزيز في 1998. اقترحتُ، في الورقة التي قدمتُها، مثالًا عمليًّا لنموذج الوساطة الذي يناسب طبيعة المصرف الإسلامي.
كانت الفكرة السائدة، منذ الستينيات، أن المصرف الإسلامي (والمراد على وجه الخصوص: المصرف التجاري) يقوم على نموذج «المضارب يضارب»؛ فهو يأخذ أموال المودِعين مضاربةً، ثم يوظّفها مضاربةً كذلك.
لكن هذا النموذج اصطدم بعقبات كبيرة من الناحية العملية، أهمها أن البنوك المركزية لا تقبل تعريض الودائع لمخاطر تجارية، بل لا بد أن تكون مضمونة على المصرف. بعض المصارف وجدت أن اعتبار الودائع الجارية قروضًا يمنحها فرصة أفضل للربح، لأنها لن تدفع على هذه الودائع أية فوائد فذلك من الربا المحرّم، وبذلك فهي تستأثر بكل الأرباح الناتجة عن توظيف هذه الأموال.
هناك عقبة أخرى ظهرت في جانب التوظيف. فإذا كانت الودائع مضمونة على المصرف، فمن غير المقبول للمصرف أن يوظف الأموال بصيغة المضاربة أو المشاركة، لأن هذا يعني تفاوت المخاطر على جانبيّ قائمة الميزانية. ولهذا، اتجهت المصارف الإسلامية نحو «المرابحة للآمر بالشراء» لتكون بديلةً عن القرض الربوي، وبذلك يصبح كلا جانبيّ قائمة الميزانية مبنيًّا على المداينة.
والمرابحة للآمر بالشراء تهدف إلى تيسير امتلاك السلعة التي يرغب العميل أن يشتريها بثمنٍ مؤجل. فيطلب العميل من المصرف شراء السلعة من التاجر بثمن حاضر، لكي يبيعها المصرف، بعد تملكها، إلى العميل بثمن مؤجّل مع ربح معلوم.
ولا ريب أن المرابحة بضوابطها تتفق مع القواعد الشرعية. لكن تطبيق المرابحة كان مشكلة. لماذا؟ لأن المرابحة تتطلّب نموذج عمل يختلف عن نموذج عمل المصرف التقليدي.
فالعلاقة بين المصرف التقليدي والعميل علاقة قرض، وهذا لا يتطلب أكثر من اتفاق الطرفين لإتمام عملية التمويل. لكن المرابحة تتطلب دخول طرف ثالث في العملية، وهو التاجر الذي سيبيع السلعة للمصرف بثمن حاضر، لكي يبيعها المصرف بدوره للعميل بثمن مؤجّل.
كثير من المصارف الإسلامية اتّبعت نموذج عمل المصرف التقليدي، ولكن أرادت تطبيق المرابحة ضمن هذا النموذج. واضح أن المنتج ينافي نموذج العمل. فما الحل إذن؟
الحل بدأ بتوكيل العميل بالقيام بكل إجراءات المرابحة، بدءًا بشراء العميل السلعةَ من المورّد نيابة عن البنك ثم البيع لنفسه بثمن مؤجّل. ومع أن هذه الصيغة كانت محل إشكال شرعي ومنَعَتها المعايير الشرعية لهيئة المحاسبة والمراجعة الإسلامية «أيوفي» فإنها انتشرت انتشارًا كبيرًا. والسبب أنها تخدم نموذج العمل التقليدي الذي يحصر العلاقة بين المصرف والعميل.
ومع ذلك بقي تطبيق المرابحة يتعرض لعقبات فنية وتطبيقية عدة، لأن المصرف لا يرغب في الدخول في علاقات مع أطراف أخرى خارج علاقة التمويل مع العميل. ولذلك، كانت الخطوة المنطقية التالية إلغاء العلاقة مع المورّد واستخدام السلع في الأسواق المنظمة (مثل سوق لندن للمعادن) لتوفير التمويل مباشرة. ومن هنا أصبح «التورق المنظّم» ومشتقاته هو الأساس في عمليات التمويل لكثير من المصارف الإسلامية.
بالرغم من حرص القائمين على المصارف الإسلامية على تطبيق الضوابط الشرعية، فقد كان واضحًا أن الطريق الذي سلكته الصناعة يقود إلى نتائج لا يمكن الفرار منها. ولهذا قلنا: إن التورّق ومشتقاته إنما هو عرَض للمشكلة، وليس جوهر المشكلة. جوهر المشكلة هو تبني نموذج عمل المصرف التقليدي. لأن تبني نموذج عمل المصرف التقليدي جعل المصارف الإسلامية تُغلّب منهج المحاكاة في تطوير المنتجات المالية على منهج الإبداع والابتكار.
المحاكاة (Reverse Engineering) تعني أن تُحدّد النتيجة المطلوبة من المنتج الإسلامي سلفًا، وهي النتيجة نفسها التي يحقّقها المنتج الربوي، ثم محاولة الوصول إليها من خلال سلعٍ (معادن أو أسهم أو غيرها) غير مقصودة لا للمصرف ولا للعميل، وإنما لمجرد الحصول في النهاية على النتيجة المطلوبة، وهي هنا النقد الحاضر مقابل أكثر منه، سواء كان المدين هو العميل أو البنك.
وبغضّ النظر عن الحكم الشرعي لهذه المنتجات (التي أثارت الكثير من الجدل وصدر بحقها قرارات مجمعية)، فإن منهجية المحاكاة لها تبعات بعيدة المدى.
أول هذه التبعات أن الضوابط الشرعية تصبح مجرد قيود شكلية لا حقيقة تحتها ولا قيمة اقتصادية من ورائها. وهذا ما يضعف قناعة العملاء بالمنتجات الإسلامية، ويجعل التمويل الإسلامي محل شك وريبة ابتداءً. والبعض -للأسف- يظن أن الالتزام بالشريعة يقتضي تعطيل العقل والمنطق، وعدم البحث عن الفروق الفعلية بين المنتجات الإسلامية والربوية. وهذا يناقض نصوص الكتاب والسنة، التي تجعل محور الإيمان التفكر والتدبر وإعمال العقل، كما تجعل العبرة أساسًا بالمضمون والجوهر، وأما الشكل فهو تابع للمضمون وليس مقدّمًا عليه. ولهذا، اتّفق العلماء على أن الأمور بمقاصدها، وأن الشريعة بريئة من العبث ومطالبة الناس بما لا يحقّق لهم نفعًا ولا مصلحة. ولهذا كان من القواعد المقرّرة أن العبرة بالحقائق والمعاني لا بالألفاظ والمباني.
وحيث إنّ الضوابط الشرعية في هذا الإطار ليس لها أيّ قيمة اقتصادية، تصبح المنتجات الإسلامية المقلّدة أكثر كلفة من المنتجات الربوية، مع أنها تحقّق في النهاية النتيجة نفسها.
وحيث إنّ المنتجات التقليدية تناسب الصناعة التقليدية وتحاول معالجة مشكلاتها وأمراضها، فإنّ محاكاة هذه المنتجات تستلزم التعرض للمشكلات نفسها، وهذا بدوره يستلزم محاكاة المزيد من المنتجات التقليدية، بحيث تصبح الصناعة الإسلامية في النهاية تعاني من الأمراض والأزمات نفسها التي تعاني منها الصناعة التقليدية. فالمنتجات البديلة عن القرض الربوي، مثلًا، تنشأ عنها المشكلات نفسها التي تنشأ عن القرض الربوي، مثل تغير معدلات الفائدة، والحاجة لجدولة الدين وتداوله. ولهذا، تجد المؤسسات الإسلامية نفسها مضطرّة لمحاكاة أدوات الفائدة المتغيّرة، التي بدورها تستلزم محاكاة أدوات التحوط والمقايضة للفائدة (Interest Swap) السائدة في الصناعة التقليدية.
فالمنتج الربوي جزء من منظومة متكاملة من الأدوات والمنتجات القائمة على فلسفة ورؤية محدّدة. فمحاولة تقليد جوهر هذه المنظومة وأساسها -وهو القرض بفائدة- يَجرُّ الصناعة الإسلامية لمحاكاة سائر أدوات المنظومة وعناصرها، وهو ما يجعل الصناعة الإسلامية مهدّدة بفقد شخصيتها، وتصبح تابعة بالجملة للصناعة الربوية. وبذلك، فإنّ كل الأمراض والمشكلات التي تعاني منها الصناعة الربوية ستنتقل بدورها إلى الصناعة الإسلامية. فبدلًا من أن يكون التمويل الإسلامي الحل للمشكلات الاقتصادية التي يعاني منها العالَم اليوم، يصبح -للأسف- مجرّد صدًى وانعكاسًا لهذه المشكلات.
وإذا قرّرت بعض المؤسسات الإسلامية التوقف عن التقليد في منتصف الطريق، حفاظًا على شخصيتها ومبادئها، وقعت في التناقض، ووجدت نفسها في طريق مسدود، وأصبحت غير قادرة على المنافسة مع المؤسسات التي تمضي في عملية التقليد إلى نهايتها. والخروج من هذه الأزمة لا يكون بالتوقف في منتصف الطريق، بل بسلوك طريق آخر من البداية، والعمل على تغيير قواعد اللعبة أساسًا. أما القبول بقواعد اللعبة التي وضعتها الصناعة الربوية، ثم محاولة اللعب ضمن المعايير الشرعية، فهي محاولة محكوم عليها بالفشل مقدّمًا.
حسنًا، ما نموذج العمل الذي يوائم قواعد التمويل الإسلامي ويمنح المصرف القدرة على المنافسة في عالم المال والأعمال؟ في الورقة التي قدمتُها لندوة الوساطة، اقترحت ما أسميته حينذاك: «المرابحة من خلال المشاركة». وتعني باختصار، أن يبني المصرف علاقته بالمورّد أساسًا لتلبية احتياج العميل.
هذا النموذج ينطلق من فكرة أن التمويل الإسلامي يلبّي «احتياج» العميل وليس «رغبته». العميل يرغب في النقد، لكن حاجته ليست النقد، وإنما السلع والخدمات. فالنقد، كما هو معلوم، مجرد وسيلة للسلع والخدمات، وهذه حقيقة محل إجماع من الفقهاء والاقتصاديين. فإذا استطاع المصرف تلبية الحاجة بدلًا من الرغبة، فإنه سيحقق هدف العميل، وفي الوقت نفسه، سيحقّق ربحًا أفضل من مجرّد تلبية الرغبة.
فكرة هذا النموذج أن يبني المصرف شبكة علاقات مع المورّدين الذين يوفرون السلع والخدمات المطلوبة للعملاء. فبدلًا من أن يستقل المصرف بإجراءات عملية الشراء من المورّد ثم البيع للعميل، يوكّل الموردَ بالقيام بعملية المرابحة نيابة عنه، مع استيفاء ضوابط الملكية وضمان السلعة وسائر الشروط الشرعية. هذه الوكالة تقع في مكانها الصحيح، خلافًا لتوكيل العميل، لأن العلاقة بين المصرف وبين المورّد علاقة استثمار وتكامل، وليست علاقة مداينة كما هو الحال مع العميل.
وفقًا لهذا النموذج المقترح، إذا أراد العميل شراء سيارة، بدلًا من أن يشتري معدنًا في لندن بثمن مؤجل، ثم يبيعه نقدًا ليحصل على المبلغ اللازم لشراء السيارة (وهي آلية التورق المنظم)، يتجه مباشرة إلى مورّد السيارة الذي رتب إجراءات المرابحة مسبقًا مع المصرف. فيشتري المصرفُ السيارةَ من المورّد، ثم يبيعها المورّد -نيابة عن المصرف- إلى العميل بثمنٍ مؤجّل، يكون بطبيعة الحال أعلى من الثمن الحاضر.
مع الوقت، سيبني المصرف ثروة من العلاقات مع شبكة المورّدين، بحيث يكون من السهل عليه خدمة أي عضو في هذه الشبكة أو من خارجها. المعلومات التي سيجنيها المصرف من هذه العلاقات تفوق قيمتها الاقتصادية قيمة الإيرادات المالية من عمليات التمويل.
اليوم، أصبح تمويل الموردين (Supply Chain Financing)، من خلال المنصّات المتخصصة، مصدرًا أساسيًّا، خصوصًا للشركات الصغيرة والمتوسطة. وهو يمنح المصرف فرصة لتوظيف المرابحة بأفضل التقنيات والأدوات، كما يمنحه مجالًا أفضل لاستيفاء الضوابط الشرعية، فضلًا عن تحقيقه ربحًا أعلى بسبب تكامل الخدمات التي يقدمها للعميل. تمويل المورّدين يسمح أيضًا بتوظيف صيغ التمويل الإسلامية المختلفة، مثل السَّلَم، لتحقيق كفاءة أفضل ومخاطر أقل.
تبنّي نموذج العمل هذا، يعني أن التمويل الإسلامي يستطيع تحقيق التكامل بين التمويل والاقتصاد الحقيقي، وهذه وظيفة التمويل أساسًا، وهو مقصد الشريعة الإسلامية من تحريم الربا وسائر الضوابط الشرعية في البيوع والمبادلات.
هناك أنواعٌ أخرى من الوساطة المالية بطبيعة الحال. فنموذج رأس المال الجريء يعتمد على المشاركة من الجانبين، خلافًا للمصرف التجاري الذي يعتمد على المداينة. التمويل الإسلامي يسمح بتعدّد أنواع الوساطة المالية، مادامت تحقّق التكامل مع النشاط الحقيقي، ولا تتمحور حول مبادلة النقد بالنقد. فالشريعة المطهّرة، بحمد الله، غنية بالحلول التي تستوعب ذلك كله.
لا يزال هناك الكثير مما يجب فعله لكي يحقّق التمويل الإسلامي وظيفته المأمولة في دعم التنمية. الصناعة المالية الإسلامية يجب أن تقدم قيمة مضافة للاقتصاد الوطني. ومجرد شعار «مطابق للشريعة الإسلامية» لن يرضي جمهور الشباب اليوم، الذي يبحث عن حلول لمشكلات البطالة والتنمية وتوزيع الثروة، ولا تقنعه الشعارات العاطفية. إذا لم تضطلع الصناعة بواجباتها، فهي مهدّدة بفقدان مبرّر وجودها.
لحُسن الحظ، كثيرون أدركوا حجم المسؤولية وحجم التحديات. والأمل في الله ثم في الجيل القادم بحمل المشعل وتوظيف التقنيات الحديثة لبناء مستقبل واعد للأجيال القادمة.
صفا للاستثمار:
كيف تتخيّل بيت العمر؟ 💭
مسكن متكامل ومريح، موقعه قريب من كل شي، وفيه كل شي 🏡✨
موقفك الخاص، مصلى، مقهى،بقالة، صالة رياضية، وترفيهية!
هذي هي تجربة السكن في صفا 🔗
التجربة اللي تسبق الحاضر وتنبض بالحياة 🖼️🥁
فقرة حصريّة
اشترك الآن
في حلقة «هل يوجد اقتصاد إسلامي» من بودكاست فنجان، يستعرض ضيفها مطلق الجاسر، أستاذ الاقتصاد الإسلامي في كلية الشريعة بجامعة الكويت، رؤيته عن الاقتصاد الإسلامي، وواقع البنوك الإسلامية في دول العالم الإسلامي اليوم.
فاصل ⏸️
لماذا نحاول علاج كل المشاكل بالقوانين؟
يقول أحمد العطاس «القوانين التي تهدف إلى حماية فئة معينة قد تؤدي إلى الإضرار بها بدلًا من حمايتها.»
في الحلقة الماضية من بودكاست الصفحة الأخيرة استضفت أحمد، وناقشنا مقالته «لماذا نحاول علاج كل المشاكل بالقوانين؟»، المنشورة في نشرة الصفحة الأخيرة.
ينقد أحمد الالتجاء إلى التقنين والتشريع لحل كل المشاكل مهما اختلفت، ويستعرض المآلات السلبية لهذا الاتجاه، ويؤكد قيمة باقي الأدوات والبدائل وميزتها في حل المشاكل.
*تعبّر المقالات عن آراء كتابها، ولا تمثل بالضرورة رأي ثمانية.
مساحة رأي أسبوعية تواكب قضايا اليوم بمقالات ولقاءات تحليلية في مختلف المجالات، لتمنحك فرصة استكشاف الأحداث وتكوين رأي تجاهها.