أفضل ما قرأ الكتّاب سنة 2024 🎆📖

يشاركنا كتّاب النشرة وضيوفها أفضل قراءاتهم لسنة 2024.

دعوة للمساعدة 👋

ستسافر قريبًا؟ أو خطّطت لوجهتك السياحية القادمة؟

هذا الاستبيان القصير موجّه لك.

يحتاج إكماله أقل من 45 ثانية من وقتك.


لوحة «كومة روايات فرنسية» للفنّان فنسنت فان قوخ
لوحة «كومة روايات فرنسية» للفنّان فنسنت فان قوخ

أفضل ما قرأ الكتّاب سنة 2024

  1. قاموس ماتشياو

تأليف: هان شاو قونق / ترجمة: يارا المصري / الناشر: تكوين / عدد الصفحات: 632

إبراهيم فرغلي -كاتب مصري-:

هذه رواية من أهم ما قرأته في حياتي، وليس في هذا العام فقط.

قليلة جدًّا الكتب التي يمكن أن نعدّها أصيلة الفكرة والتناول، وأعتقد أن رواية «قاموس ماتشياو» للكاتب الصيني هان شاو قونق، الصادرة عن منشورات تكوين، واحدة من هذه الروايات. وهي مبادرة شجاعة من المترجمة يارا المصري، لترجمة عمل ملحمي في سردٍ غير مألوف؛ بين الحكاية والفلسفة والحكمة والفكاهة والبحث الاجتماعي والتاريخي والثقافي. يستعيد السرد مشاهد من حياة سكان قرية ماتشياو الجبلية، التي تقع في جنوب الصين، في فترة ممتدة ما بين منتصف القرن الماضي إلى التسعينيات تقريبًا.

توصف الرواية بأنها رواية معجمية، حيث اختار الكاتب الاستثنائي شاو قونق بناءً يشبه بناء القاموس أو المعجم لكي يشيّد هذه الرواية. وقد فعل ذلك من خلال استخدام مصطلح أو كلمة أو تعبير يبدأ به كل فصل، ويحاول أن يوجِد تفسيره مستعينًا بقصص وسيرة سكان القرية بأجيالها المتباينة، وفئاتها الاجتماعية المختلفة. فشيَّد من مصطلحات القرية نصًّا موازيًا لسيرة حياتهم. وبفضل موهبته الوحشية في الكتابة، تمكّن من تفجير الضحكات من عمق المآسي، سواء بسبب سلوكيات بعض الأفراد، أو بذكر الأنماط العجيبة من سكان ماتشياو.

يستخدم الراوي المخزون اللغوي لأهل ماتشياو، ليكشف الأثر الذي خلّفه تاريخ المجتمع وتغيراته على الفرد، وذلك عبر كشف تفاصيل ما جرى في سنوات الثورة الثقافية. يقدم الراوي نقدًا للثورة الثقافية، والديباجات والشعارات الدعائية التي كانت تُرفع فيها، وينتقد كذلك دور الغرب، وخاصة أمريكا، وتأثيرها المدمِّر لثقافات العالم.

كما برع في توظيف قناعات صينية حول تناسخ الأرواح، وبعض المعتقدات الأخرى، في مشاهد من الواقعية السحرية، التي تكشف حسّ السخرية لدى سكان القرية في علاقتهم بين بعضهم بعضًا. بالإضافة إلى جانب فلسفي حول الدلالات السلوكية التي تجعل أهل ماتشياو يستخدمون كلمات غريبة، كأنها قرية تعيش على المجاز اللغوي أو تبحث عن صياغات لفظية تبتعد بهم عن المحظور من القول، إذ لو تفوّه به أحدهم، لانقلبت حياته رأسًا على عقب.

رواية تجسد خطورة الكلمة، باعتبار التاريخ حربًا بين الكلمات.

  1. أسباب وجيهة للمشاعر السيئة

تأليف: راندولف إم نيس / ترجمة: محمد فتحي خضر / الناشر: التنوير / عدد الصفحات: 336

هناء جابر -كاتبة سعودية-:

لا شكّ أن كلّ شخص قد تساءل عن سبب حضور المعاناة في الحياة البشرية. وقد يكون جزء من الإجابة أن الانتخاب الطبيعي قد شكّل مشاعر مثل القلق والحالة المزاجية المنخفضة والحزن، لأنها مفيدة، ما لم تتضخّم وتخرج عن السيطرة.

يرى رادولف إم. نيس، وهو طبيب نفسي، أن بإمكان البيولوجيا التطوّرية تقديم نوع جديد من تفسير الاضطرابات النفسية. ويتناول في كتابه أسبابًا وجيهة للمشاعر السيئة. يقدم رادولف العديد من القصص التي واجهته في عمله، وأعانته على تقديم إجابات محتملة عن العديد من الأسئلة، مثل: هل للعوامل الوراثية دور في ظهور وانتشار الأمراض النفسية؟ أم هي مكتسبة من البيئة وتخضع للسلوك الشخصي؟ هل لتأثيرات الحياة الحديثة دور في ذلك؟ وكيف كوّنت مشاعر لم يكن الإنسان الأول ليتعامل معها، كاضطرابات الأكل والإدمان والرغبات الجنسية واختيار الشركاء؟

صحيح أنّ بعض النتائج ليست حاسمة، ولكن لا ينبغي تثبيط الهمّة ما دمنا لا نزال نختبر الأفكار.

يقول داروين: «الآراء الخاطئة، حتى إذا كانت مدعومة ببعض الأدلة، لا تؤذي إلا قليلًا، لأن كل شخص يستقي متعة مفيدة من إثبات خطئها، فيغلق أحد الطرق نحو الخطأ، ويفتح، في الوقت ذاته، الطريق إلى الصواب».

  1. أطلس الخفاء

تأليف: منصورة عز الدين / دار النشر: الشروق / عدد الصفحات: 127

بثينة الإبراهيم -كاتبة ومترجمة سورية-:

أحب العزلة، وإن لم أكن امرأة انطوائية، لكنها «علاج للوحدة» كما تقول ماريان مور! لذلك أحب كل ما يحتفي بالعزلة والانكفاء على الذات والابتعاد عن صخب العالم. ولذا، أحببت «مراد» بطل «أطلس الخفاء» لمنصورة عز الدين. يستكشف «مراد» نفسه من جديد وهو على مشارف التقاعد، ويتهيّأ لتقصّي خرائط الذات، مستغنيًا بها عن العالم الخارجي، فيرى أشياء لا تظهر لأعين الآخرين. تلح على الرجل فكرة تدوين تجليّاته.

ذكرني «مراد» بالسيد «بلوشال» في قصة «الكلمات»، لزوران جفكوﭬتش -صاحب رواية «المكتبة»- الذي فتنته الكلمات وعمد إلى جمعها. على رأيه، ما الذي سيكون أكثر بهجة من تدوين الجمال؟ انتهى السيد «بلوشال» من جمع كلماته وقد تجاوز عامه السادس والخمسين بكثير. عندئذٍ، أدخل الدفتر، وشدّ إليه الغلاف الخلفي، وكأنه بهذا يرخي «جفنًا» ثقيلًا واختفى.

ولئن كان «بلوشال» قد عثر على مأوًى لنفسه بين الكلمات التي عشقها، فقد وجد «مراد» فيها مرادفًا لموته.

  1. James

تأليف: Percival L. Everett / الناشر: Doubleday / عدد الصفحات: 303

حسين الضو - كاتب سعودي-:

تصل الأخبار إلى المُستعبَد «جيم» أن سيدته البيضاء تنوي بيعه، فيقرّر مضطرًّا أن يترك خلفه زوجته وابنته (المستعبدتين بطبيعة الحال)، ويهرب عبر نهر الميسيسبي كي يخلّص نفسه أولًا، وليجد وسيلة تساعده على شراء أسرته ثانيًا.

هذا ملخص رواية «جيمس»، بعد أن أعاد الروائي الأمريكي بيرسيفال إيفيريت سرد حكاية مغامرات هكلبري فن، المروية على لسان فن، ولكن ينقل إيفيريت هنا مركزية السرد والخطاب من الأنا المهيمنة للرجل الأبيض إلى «الآخر» المُهمّش والمُضطهد؛ الأسود المستعبَد.

نستكشف في رحلة هروب «جيمس» أساليب النجاة النفسية المتّبعة لدى المستعبدين، التي تكمن بشكل رئيس في اللغة. ويظهر دور اللغة أيضًا في تكريس طبقية عرقية تفرّق بين الأبيض، المتحدث باللغة السليمة، والأسود، المتحدث باللغة المكسّرة. علمًا بأن السود يتحدثون تمامًا كالبيض فيما بينهم، وما الجهل في اللغة، الذي يظهرونه عن عمد وقصد في حضور البيض، إلا وسيلة نجاة تُوهم الأبيض بتفوقه العرقي، مما يشعره بالأمان. «وحين يشعر سيدك بالأمان، تكون أنت في أمان».

نقرأ أيضًا في الرواية نقاشات جيمس في أحلامه مع فولتير وجون لوك، وتبيينه نفاقَهما في حديثهما عن المساواة والحرية، وكيف أنها مجرد تبريرات تُفصِّل مقاس المفاهيم الكبرى بما يتلاءم مع هويتهما.

حازت رواية «جيمس» مؤخرًا على جائزة الكتاب الوطني الأمريكي لعام 2024.

  1. ‏Dangerous Emotions

تأليف: Alphonso Lingis / الناشر: University of California Press / عدد الصفحات: 195

منصورة عز الدين -كاتبة مصرية-:

في هذا الكتاب يدمج الفيلسوف والكاتب الأمريكي ألفونسو لِنجيس أدب الرحلات بالفلسفة والتاريخ والأنثروبولوجيا والبيولوجيا وعلم النبات وغيرها، ليتفحص العواطف والأهواء ويتفكّر فيها، مستكشفًا علاقتها بالمحيط الذي نعيش فيه، وكيفية تأثيره عليها وعلينا. ويتوقف عند الوجوه، الجمال والشهوة، الضحك والبكاء، اللعنة والبركة، البهجة والاحتضار وغيرها.

المكان ركن أساسي في كتابات لِنجيس، لكنه لا يكتب عن الأماكن بقدر ما يكتب عمّا تبوح به. يستنطقها ويجيد الإنصات إلى همسها، وببساطة ممزوجة بالعمق، وبوضوح رؤية لافت، يشارك القرّاء رؤاه وأفكاره.

الكتابة، في حالة لِنجيس، فِعل ضيافة؛ حيث يحسن الكاتب استقبال قارئه فيشعره أنه في بيته، وأن تلك الأفكار والرؤى تخص القارئ بقدر ما تخص كاتبها. وكأنما كانت تتخمّر بداخل القارئ دون أن يدرك، ثم جاء لِنجيس كي يزيح الغطاء عنها ويكشفها له.

في رأيي فإن لِنجيس هو نوع من الكتّاب الذين يحفزّون القارئ على التبصّر فيما يصادفه من فضاءات وجمادات وكائنات حية، حيث لا يكتفي بالنظر، بل يتعمق في رؤية الكامن والمتواري والمسكوت عنه.

في «عواطف خطيرة» يدوّن لِنجيس بعضًا من مشاهداته في أماكن مثل: جزيرة الفصح والبرازيل واليابان وغيرها. ثم يتخذ منها منطلَقًا لما يرغب بقوله، وخلال هذا لا يتخلى عن جماليات الكتابة، ولا عن شعرية اللغة، محافظًا على نبرة هادئة، متمهّلة، تحث قارئها على تبني إيقاعها، كي تقبض عيناه وأفكارُه على العابر والخافت والموشك على الزوال.

الكاتب، كما يمثله ألفونسو لِنجيس، مرتحل من مكان إلى آخر، ومنهج كتابته وثيق الصلة بهذا الارتحال؛ إذ ينتقل بسلاسة من فكرة إلى أخرى ومن موضوع إلى آخر، وخلال ذلك، يتحاور مع فلاسفة آخرين.

ما يلفت انتباهي في كتابة ألفونسو لِنجيس عمومًا، وليس في هذا الكتاب فقط، علاقته الوثيقة بالطبيعة ووعيه الحاد بالبيئة وبالكائنات والمكونات الأخرى التي تشاركنا إياها.

  1. عزاءات الفلسفة

تأليف: ألان دي بوتون / ترجمة: يزن الحاج / الناشر: التنوير / عدد الصفحات: 320

علي الصباح -كاتب كويتي-:

الفلسفة تدعونا إلى التأمل في كل شيء على نحوٍ جاد، وهذه الجديّة تجعل مواضيعها صعبة الفهم ومملة أحيانًا. لكن، حين تتناول الفلسفة ما يؤثر في حياتنا تأثيرًا مباشرًا، تصبح مثل الوصفة التي يكتبها لنا الأطباء لنتجاوز بها المصاعب التي تواجهنا في الحياة.

يقول أبيقور: «كما لا يكون للطب أيُّ نفع عندما لا يتخلّص من العلّة الجسديّة، ستكون الفلسفة غير ذات نفع إن لم تتخلّص من معاناة العقل».

يقدم لنا ألان دو بوتون، في «عزاءات الفلسفة»، ما يمكن أن نعدّه مدخلًا ممتعًا إلى عالم الفلسفة، لنقترب من حياة الفلاسفة وما يمكن أن تقدمه لنا من دروس لحياتنا وسعادتنا، مُستمَدة من عصارة أفكارهم.

سيعلمنا سقراط كيف نواجه انتقادات الآخرين، ويؤكد لنا أبيقور أنّنا مهما امتلكنا من مال أو حرية، فإن سعادتنا لن تكتمل دون أصدقاء. كما سنتعرف عن قرب علـى سينيكا، الذي ساعدته الفلسفة على تجاوز الكثير من المحن، حتى قال: «أدين بحياتي للفلسفة، وهذا أقل التزاماتي حيالها». ويستمر الكاتب في تقديم المزيد من الدروس المستخلصة من حياة مونتين وشوبنهاور ونيتشه.

  1. السيرة قبل الأخيرة للبيوت

تأليف: مريم حسين / الناشر: مرايا / عدد الصفحات: 340

يارا المصري -كاتبة ومترجمة مصرية-:

الكتاب الذي رشّحته أكثر من مرة للقراءة هو رواية «السيرة قبل الأخيرة للبيوت» للكاتبة مريم حسين. عدا عن أنَّها رواية جيدة للغاية لغةً وبناءً وسردًا، فإنَّها تدور حول أكثر الأماكن ارتباطًا بالإنسان؛ البيوت.

الرواية عن البيوت التي عاشت فيها الكاتبة، وقد عاشت مريم في أكثر من بيت. لذا يكشف السرد عن العلاقة الحميمة التي جمعتها بأماكن هذه البيوت ومحيطها الإنساني والاجتماعي والعمراني. ولأن البيت هو الأسرة والعائلة، فإنَّ مريم حسين تتحدث كذلك في روايتها عن علاقتها بوالدها، الكاتب المصري الراحل حسين عبدالعليم، وعن أسرتها. وهذا ما أعادني نفسيًّا وشعوريًّا إلى أكثر من بيت عشت فيه طوال حياتي وحتى اليوم، وإلى علاقتي بوالدي وأسرتي، مع ما يحمله ذلك من حنين إلى بيوتٍ وأماكن لم تعد قائمةً في الواقع، أو تغيّرت كثيرًا عمّا كانت عليه في الماضي.

و«السيرة قبل الأخيرة للبيوت» عنوانٌ يدل على ما يبقى في الذاكرة من الطفولة والأهل، وحكايات التنقل من بيت إلى آخر، وما عشناه في تلك البيوت، وما نتمسك به أو نتركه من البيوت التي عشنا فيها.

تقول مؤلفة الرواية مريم حسين: «انشغلت بالسؤال عن علاقتنا بالسكن في البيوت التي ترغب في حكي سيرتها أيضًا، كما حاولتُ فكّ الاشتباك بين سيرة ساكن البيت وسيرة المكان، وطرح سؤال حول الأثر الذي يتركه كلٌّ منهما على الآخر».

وأقتبس هنا مقطعًا دالًّا للغاية من الرواية: «منذ ما يقرب من الخمسين عامًا، اضطرّ أبي الطفل إلى توديع منزل جده في السيدة زينب، وكانت مشكلته أنه لا يملك كاميرا لتصوير المنزل للذكرى، فأخذ يرسم كل مقطع فيه بتفاصيله وكتب في ذلك قصة. الوضع الآن أسهل. سهولة تضاءلت معها هيبة الموقف. بضغطة زر واحدة سجّلت مقطعًا طويلاً، فيه كل شبر وكل تفصيلة في بيت الشوربجي».

  1. الآفة

تأليف: عبدالله العروي / الناشر: المركز الثقافي للكتاب / عدد الصفحات: 256

سفيان البراق -باحث وكاتب مغربي-:

لم تشهد التربة المغربية وفرةً في صنف الرّواية العلمية إلّا نزرًا يسيرًا. ولعلّ ألمع مثال لهذا الاتجاه الرّوائي هو رواية «الآفة»، للروائي المغربي عبدالله العروي، التي تُبرز الصراع المحتدم بين الضفتين: الشرقية والغربية؛ إذ إنّ الصراع العلمي بين البيئتين ما هو إلّا تجلٍّ للصراع الحضاري المحتدم. فكلّ حضارةٍ تطمحُ، من خلال شخوصها المتعارضة، سواء في النص أو في الواقع، إلى تملُّك مقاليد المعرفة والعلم، وتسعى أيضًا إلى تبوُّء الرّيادة.

غير أنّ الرواية، تُظهر في النهاية، أنّ أرض «المغيب» نجحت في امتلاك العلم الحديث ووسائله، وهو ما جعلها في الصّدارة. ومردُّ ذلك الاحتكام إلى العقل العملي والمهارة اليدوية والإنتاج المتعقِّل، والتمتُّع بحرية التصرف، والقدرة على المُبادرة. في حين أنّ أرض «المور»، كما يسميها السّارد، بقيّت سجينة الحنين للأمجاد المُغتالة التي ابتلعها الماضي، وظلّ عقلُ القولِ يُمارس شريعته فيها، دون أن تفلح في الانتقال إلى عقل الفعل والعمل المرتبط بالعقل واليد والإنتاج والحرية. وكل ذلك، بطبيعة الحال، هو البوابة للانغمار في العلم الحديث وتملّك مقاليده.

  1. Michel Strogoff

تأليف: Jules Verne / الناشر: Le Livre de Poche / عدد الصفحات: 499

محمد آيت حنا -كاتب ومترجم مغربي-:

جول فيرن دائمًا وأبدًا.

كانت سنة 2024 بالنسبة إليّ سنة إعادة القراءة. بدأتُها برواية «جسر على نهر درينا»، وأختمها بـ«دون كيخوته». وبين هذا وذاك، كانت العودة الكبرى إلى أدب جول فيرن. خلال السنة، أعدت قراءة أهم روايات جول فيرن، من «رحلة حول العالم في ثمانين يومًا» إلى «الجزيرة الغامضة». وإن كان لي أن أختار عملًا منها على وجه التحديد فسيكون «ميشيل ستروقوف».

من بين متن جول فيرن كله تنتبذ روايةُ «ميشيل ستروقوف» مكانًا خاصًّا، يميزها عن كل ما كتبه المؤلف. في هذه الرواية، نكتشف جول فيرن آخر، بعيدًا عن الولع بالعلم والخيال العلمي والاختراعات والاكتشافات. هي رواية تقع بين مداريّ التاريخ والواقعية، وتتخذ لنفسها فضاء «روسيا القيصرية». عملٌ يفيض بالمغامرات والتشويق، ويوازن توازنًا مثاليًّا بين لحظات المأساة ولحظات الأمل. كما يتضمّن مقاطع عبقرية تدفع إلى التفكير في إشكاليات الواجب والشرف، فضلًا عن أنها نموذج مثالي لرواية البطل المفرد.

إنّ عودةً ناضجةً لأعمال جول فيرن ضرورية لكلّ قارئ، كي يكتشف نصوصًا أدبية رفيعة، كانت دائمًا في مخيلته الطفولية نصوصَ تشويق واستهلاك ومتعة. وربما تكون هذه هي الطريقة الأمثل في القراءة، أن نُغلق الدائرة، عائدين في نهاية العمر إلى نصوص البداية، نصوص الطفولة.

  1. دماء الكتب

تأليف: سانتياقو بوستيقيو / ترجمة: عبداللطيف البازي / الناشر: ميسكلياني / عدد الصفحات: 240

أحمد طابعجي -مدرب سعودي في فنون القراءة-:

«الأدب الجيد حقًّا هو ذلك الذي يحفر فينا أثرًا نتبعه دون أن ندرك كنهه، فيحملنا إلى عوالم أخرى، ولا يتركنا إلا متوهِّجين».

بهذا الوصف الذي تركه لنا سانتياقو بوستيقيُّو في مقدمة كتابه، المُترجَم بسلاسة وثراء عبر الأستاذ عبداللطيف البازي، ضمن سلسلة كتاباته «تاريخ الأدب المنسي»، الصادرة عن دار ميسكلياني؛ سيجد القارئ أنه مُقبل على نصوص تُربِك كواليس قراءاته. فالكتاب يتناول محطّات تأليف كتب وكواليس كتابتها.

ولكن ما المعنى وراء الدماء التي تسيل من السطور؟ إنها نتاج حروب واغتيالات ومبارزات كانت جزءًا من خروج هذه الأعمال الأدبية. إذ أبدع الكاتب بسخريته، وأسلوبه الفريد، في إدراج الحدث التاريخي دون أي ذكر للعمل الأدبي. وعندما يصل إلى ذروة الإشباع، يُفاجَأ القارئ أنه أمام انبلاج عملٍ أدبي خلّده التاريخ، ويذهب إلى بعد حدود الموت، لأن سانتياقو مؤمن بأن الأدب لا يتوقّف عند حدّ الموت.

وبوصفي قارئًا، وجدت نفسي أمام كاتب يصنع اللامتوقَّع في تأريخه للكتب والكتّاب، وهو بذلك يتحدى القارئ في مساحة التخمين، إذ يواجه القارئ نصًّا لذيذًا لا يريد أن ينتهي مذاقه إلا بطعمٍ غير متوقّع.

قرأت سابقًا لسانتياقو بوستيقيُّو إصداره الأول من السلسلة «حياة الكتب السرية»، الذي رصّف لي الطريق نحو مؤلفاته وأسلوبه السردي الماتع.

  1. المنسيون بين ماءين

تأليف: ليلى المطوع / الناشر: رشم / عدد الصفحات: 427

فريق نشرة إلخ:

أنا الطائر الحزين كلما قل الماء، بان الحزن على وجهي.

رواية عن البحرين. عن تشكل يابسة البحرين، تأخذنا ليلى المطوّع، في روايتها الثانية، التي أخذت منها ثماني سنوات لجمع مادتها وكتابتها، في رحلة نقتفي فيها أثر الأسطورة وعلاقتها بالوقت الراهن.

تقول ليلى أن روايتها هي بحث عن هويتها؛ إلى أيهما تنتمي: إلى البحر أم اليابسة؟ فهي ابنة جزيرة، ويشكّل البحر جزءًا من هويتها وهوية أسلافها.

كل الأهازيج والطقوس والمخاوف والحكايات التي تربط أهل البحرين بالبحر، نسجتها مخيّلة الجدات، وكلها أتت مع حركة الموج في اندفاعه وتراجعه.

حين حوصر هذا البحر ودُفن، غُيّبت تلك الحكايات. ورواية المطوع هي محاولة لإحياء تلك المخيلة، وتفكيك الصراع الأزلي بين الإنسان والطبيعة.

رواية فريدة في أسلوبها ورؤيتها، وحازت على إطراءٍ من مختلف النقاد العرب، وأتوقع لها الكثير في القادم من الأيام.

  1. طرق الحرير تاريخ جديد للعالم

تأليف: بيتر فرانكوبان / ترجمة: د. أحمد العدوي / الناشر: أدب / عدد الصفحات:675

فريق نشرة إلخ:

من الكتب الفكرية التي تدفعك إلى إعادة طرح الأسئلة من جديد حول العالم الذي تعيش فيه، حول التاريخ، حول الخرائط وتشكلاتها على الواقع، حول الماضي وما حدث فيه لتكون الأمور على ما هي عليه اليوم.

يؤكّد الكاتب أن علاقة الغرب بالشرق كانت -ولا تزال- نفعية، قوامها الحفاظ على طرق الحرير، ونعني بها الطرق التجارية التي لعبت دورًا مركزيًّا في قيام معظم الإمبراطوريات وانهيارها. وكانت هذه الطرق هي الخلفية التي تعاركت بسببها كل الدول، سابقًا وفي العصر الحديث، مسببة حربين عالميتين، وحربًا باردة. لكن هذا لا ينفي أهمية طرق الحرير في نشر الثقافات والأفكار.

لو كنت تسأل عن الدول العظمى: كيف بلغت هذه العظمة؟ أو عن التكتلات الإقليمية والدولية، لِمَ تتغيّر بين فترة وأخرى؟ وعن تشكّل طرق الحرير التي مرّت عبر منطقتنا لربط الغرب بالشرق، وعن تداعيات هذا الربط على تاريخنا. كل هذه التساؤلات يجيبها فرانكوبان، معتمدًا على مراجع ودراسات حديثة، وفق منهجية علمية تحترم الأسس النظرية التي يقوم عليها التاريخ العالمي.

يقرأ فرانكوبان التاريخ وهو يقف على بعد خطوات إلى الوراء، ليتمكن من رؤية الصورة كاملة. يشبِّه المترجم -الذي قام بجهد كبير يُشكر عليه- هذه الرؤية برائد الفضاء الذي يذهب في رحلة بحثية خارج الأرض، وينظر إليها على أنها كوكبه، حيث لا يسطيع رؤية دولته التي ينتمي إليها.


فاصل ⏸️

رحلة ممتعة مع الفكر والأدب 📚☕️
مبادرة الشريك الأدبي تجمع القرّاء مع الأدباء والمفكرين، في جلسات حوارية، وورش ولقاءات مع كتّاب بارزين في تجربة غنية بالتفاعل والتفكير النقدي.
انضم لمجتمع الأدب، واكتشف الفعاليات القريبة منك عبر منصة جسر الثقافة.

نشرة إلخ
نشرة إلخ
منثمانيةثمانية

سواء كنت صديقًا للكتب أو كنت ممن لا يشتريها إلا من معارض الكتاب، هذه النشرة ستجدد شغفك بالقراءة وترافقك في رحلتها. تصلك كلّ أربعاء بمراجعات كتب، توصيات، اقتباسات... إلخ.

+100 متابع في آخر 7 أيام