الآلة في «The Wild Robot» تنتصر للمشاعر البشرية 🤖❤️
زائد: «سمايل 2» و«Slow Horses».
الآلة في «The Wild Robot» تنتصر للمشاعر البشرية 🤖❤️
يقول الفيلسوف الفرنسي هنري برجسون: «إن الوجدان أو بصيرة النفس هو المفتاح لحل المشكلات التي يثيرها العقل.» وذلك لأن العقل، بطبيعته التحليلية، يميل إلى خلق تعقيدات قد لا يتمكن من حلها. ومع ذلك، فإن الوجدان لا يميل في الأساس إلى طرح الأسئلة، ولكن عندما يجد نفسه أمام سؤال، فإنه قد لا يتمكن من فهمه أو الإجابة عنه بالشكل المعتاد!
هذا ما حدث مع الآلة «روز» في فلم «The Wild Robot»، خلال رحلة هبوطها الأمومية غير المتوقعة للأرض، معيدةً سردية قصة هبوط حواء بدون آدمها، وذلك بعد تحطُّم سفينتها على جزيرة غير مأهولة. فقد كان عليها التكيف مع بيئة قاسية وغير مفهومة وغير قابلة للتطويع، متجاوزةً سليقتها الخدمية التي صُنِعت من أجلها، مضطرةً إلى بناء علاقات تدريجية مع حيوانات غير مروَّضة، رافضةً لوجودها المتطفل، حتى أصبحت لاحقًا الأم بالتبني لصغير إوز يتيم، متجاوزةً برمجتها بصورة الوئام الغريزي البشري، الذي يجد نسقه ولو بعد حين دون أي مبرر. كما لو كان كيانها الذي قُرِّرَ تأنيثه حضر متغذيًا بالفطرة الأبوية!
ومع ذلك، كنت متخوفًا قبل مشاهدة الفلم من فكرة التجاوز البرمجي الذي قتل ذكرًا. وعبَّرت لرئيس النشرة نايف نجر عن خشيتي من تكرار مناقشة ما طرحته في مراجعتي فلم «The Creator»، الذي يميل بشكل كبير إلى رمنسة الذكاء الاصطناعي المدمج بالآلات ككيان يشعر بالحزن والإهانة والاكتئاب، وكأن الآلات تمثِّل فصيلة بيولوجية حديثة.
وما يجعلني أتساءل عن طبيعة هذا الصراع الداخلي، أني وبصراحة أتبع نصيحة من قال: «حين تطلب من الذكاء الاصطناعي شيئًا، لا تقل له فضلًا، بل كن آمرًا وبوقاحة حتى لا يعتاد اللطف».
لكن خشيتي تلاشت حين شاهدت هذا الفلم العائلي الخالي من كل أجندة حديثة، الذي ترك ابتسامتي مدلاة على وجهي بعد الانتهاء منه. فالعمل يوضِّح أن تعاملنا بالحقيقة ينعكس على طبيعتنا، وكأن اختيارنا السلوك الشائن أشبه بلحظة الاختيار الحر التي ندرك من خلالها أنفسنا ونحن في لحظة خلوٍ مع الذات!
الثعلب رفيق البشر والآلة
وهذا الاختيار الحر كان مقترنًا بداية بالثعلب «فينك» الحذر الذي رافق الآلة روز في رحلة رعايتها للإوز الصغير، بدءًا من مُرِّها وصولًا إلى حلوها، حيث كان بالبداية يستغلها، ويعاود لنا سيرته الماكرة التي توفّر له الطعام، كما عهدناه من أيام الابتدائية في كتاب اللغة العربية، عندما أوهم الغراب بأن ريشه اللامع يضاهي جماله بالغناء، مما جعله يسقط الجبنة التي كان يحملها في منقاره ليسرقها منه.
فالثعلب بدأ رمزًا للازدراء، لا سيما في الأديان قديمًا، منذ ذُكِر في الإنشاد على لسان سليمان: اجلب لي الثعالب الصغيرة فهي تدمِّر الأعناب. كما لو أنه مسؤول عن الإخلال بالنظام البيئي لرفضه الانصياع إلى تعريفنا المنهجي للطبيعة الحيوانية، وقراره حمل صفة المكر البشرية! إلا أنه ينتهي دائمًا صديقًا محبًا كما صوَّرته مسرحيات أوربا الثورية، وكما حصل في رواية «الأمير الصغير» عندما وضَّح -الثعلب- للأمير مفهوم الترويض، الذي يتطلب إنشاء علاقة عميقة ومؤثرة قائمة على الاحترام المتبادل والمودة في قوله: «إنما يُروّض المرء ما يُحب»، دون ذكر الاستنساخ الذي حصل كذلك في فلم «The Boy, the Mole, the Fox and the Horse».
نتذكر أمهاتنا في صورة الآلة روز
من خلال التكييف الإيجابي، ندرك أن التغيير يأتي من غير المتوقع. فالآلة تمثل التيسير والتطوير المرتبط بالخدمة والتواضع. تشبه في مسعاها الأم أو الطبيب في سعيها للحفاظ على الحياة، واكتسبت الإيجابية بعد فهم لغة الحيوانات وطرق تعابيرهم.
وعلى ذكر التعابير، أعتقد أن الإعجاز الذي ابتدعه المخرج كريس ساندرز في هذا العمل الكرتوني يتمثَّل في قدرة إيصال المشاعر من خلال ملامح آلة لا تمتلك في الحقيقة ملامح عدى نبرة لوبيتا نيونقو. وكأن المخرج استلهم عمله من ذاكرتنا الضبابية لأمهاتنا الحقيقيات اللاتي أفنين زهرات حياتهن عندما كنا أطفالًا لا ندرك شقاء التربية وحجم المعاناة التي نتسبب بها. الأم في الحقيقة، بالنسبة للطفل، هي آلة لا تتعب ولا تيأس ولا تفقد الأمل.
ما ندركه من العمل المنير للبصيرة أنَّ هناك سنوات تتوالى فيها الأسئلة، وسنوات تجيب عليها، كفكرة تصحيح اعتقادنا حيال أمهاتنا على أنهن لم يكن آلات. وإدراكنا اليوم المغزى من أغنية شارة مسلسل ماوكلي: «في الغابة قانون يسري في كل زمان، قانون لم يفهم مغزاه بنو الإنسان»؛ واستيعابنا مفهوم قسوة الطبيعة، ولكن ليس شرورها، لأنها ليست بطبيعتها شريرة.
وعودة للأفلام الحية كمقاربة: إن انتهاء الشعور إلى اللاشعور يُعَد من الأمور القاضية على معنى الحياة، مما يجعل الانخراط في تصوير الآلة بهذا الشكل الذي شاهدناه في «The Wild Robot» تصالحًا لنا كبشر حيال المستقبل الذي قد يجمعنا بها، كون الإرث العاطفي سيوهمنا بفكرة المحاكاة، وسنتجاوب معه بعدائية، وهذا أمر يرفضه الإنسان، كما نرفض اليوم استبدالنا بالذكاء الاصطناعي.
ولكن في هذا العمل الكرتوني الذي يظهر فيه الإنسان وهو على مشارف الفناء، تحضر المشاعر انتصارًا للبشر كما لو كانت الآلة حاملةً للراية عنّا. وهذا التصالح والتسليم لفكرة تمرير الراية نجح بفضل اقتدار المخرج كريس ساندرز، الذي ترجم كتاب بيتر براون بأمثل صورة ممكنة. وقدَّم عملًا متكاملًا في موضوعه ورسالته الإيجابية، وفي التقنية المستخدمة في الرسم، متفوقًا في خلق تجربة بصرية مؤثرة تعكس جمال الطبيعة وروح التعاون، وتحفِّز فينا عمق التعاطف، وفهم الهوية والذات في مواجهة التحديات.
فاصل ⏸️
حضر فريق النشرة السينمائية وعدد من المشتركين العرض المبكر لفِلم «Venom: The Last Dance» يوم الثلاثاء في سينما فوكس السعودية، وذلك قبل عرضه الرسمي المقرر اليوم الخميس. تدور أحداث الفِلم حول «إيدي» و«فينوم» المتورّطان بمطاردة تضطرّهما إلى الهرب من عالمهما، ومع تصاعد الضغوط والتحديات، يواجهان قرارًا مصيريًّا قد يكون له تأثير مدمر، مما يمهد لإنهاء آخر فصول علاقتهما.
كما يُعرَض اليوم فِلم الأنيميشن «THE ADVENTURE OF MANNU». تدور القصة حول المغامرة المثيرة التي ينطلق فيها الكوالا الأليف «مانو» مع مالكه من أستراليا إلى أوربا عبر السفينة. هدفهما من هذه المغامرة تسليم الميدالية الذهبية، لكنهما يواجهان تحديات عديدة خلال الرحلة، حيث يتعرضان لهجمات من أشرار يسعون لسرقة هذه الميدالية الثمينة.
أُجّل موعد تصوير فِلم «Dune 3» إلى عام 2026، بدلاً من الموعد السابق الذي كان مقررًا في عام 2025.
تأكّد انضمام الممثل توم هولاند إلى طاقم فِلم المخرج كريستوفر نولان القادم، المقرر إصداره في 17 يوليو 2026.
يُعرض يوم الجمعة القادم أول حلقتين من المسلسل الدرامي القصير «Before» على منصة «أبل تي في». المسلسل من بطولة بيلي كريستال، ويروي قصة طبيب نفسي للأطفال يمر بأزمة شخصية بعد الوفاة المأساوية لزوجته. خلال عمله، يلتقي بصبي صغير يعاني من اضطراب نفسي، مما يعيد إليه ذكريات مؤلمة من ماضيه.
كانت «ورنر بروذرز» تخطط لعرض فِلم «JUROR 2» للمخرج كلينت إيستوود حصريًّا على منصة «Max» دون طرحه في صالات السينما. لكن بعد تلقي الفِلم ردود فعل إيجابية في العروض الأولية، قرّرت الشركة الاقتصار على عرضه في 50 صالة سينما فقط داخل أمريكا، مع حملة تسويقية بسيطة.
صدر العرض الدعائي الأول لفِلم الرعب والخيال العلمي «Ash» من بطولة إيزا قونزاليس وآرون بول. تدور أحداث الفِلم حول امرأة تستيقظ على كوكب بعيد لتكتشف أن طاقم محطتها الفضائية قُتلوا بوحشية، وتبدأ في التحقيق في الأحداث الغامضة التي وقعت. من المتوقع عرض الفِلم في صالات السينما خلال عام 2025.
اليوم نقول أكشن في هذا المشهد من فِلم «Her» الصادر عام 2013، من إخراج سبايك جونز وبطولة خواكين فينكس وسكارليت جوهانسون.
تدور أحداث الفِلم حول «ثيودور تومبلي» الذي يعمل كاتب رسائل شخصية للأشخاص الذين لا يستطيعون التعبير عن مشاعرهم. ويعيش حالة من الوحدة بعد انفصاله المؤلم عن زوجته السابقة «كاثرين»، مما يدفعه إلى شراء نظام تشغيل يعتمد على الذكاء الاصطناعي.
يبدأ المشهد مع «ثيودور» وهو يؤدي عمله بكتابة رسالة نيابة عن امرأة تعبّر عن شوقها لزوجها الذي كان يشاركها أتفه تفاصيل يومه، ويحدثها عن الحياة، وعن أفكاره ونظرته لها.
هنا تُختَزل الكثير من مشاعر «ثيودور» ومشاكله العاطفية، فرسالته التي تعبّر عن الامتنان لشخص يعطي شريكه الاهتمام الكامل، تتحدث بشكل غير مباشر عن حاجته هو ذاته إلى شخص يقدّر مشاعره ويحتويه، وهو ما فقده بعد رحيل زوجته. والكلمات التي يكتبها تبدو وكأنها انعكاس لعقله الباطن، وتكشف عن افتقاده لعلاقة تمنحه المساحة للتعبير بحرية.
يتفاجأ «ثيودور» بوقوف زميله في العمل بجانبه أثناء كتابته، ليعبر عن إعجابه بقدرة «ثيودور» على التعبير عن الحب في الرسالة، متمنيًا له أن يعيش حبًا مماثلًا، ويثني على حساسيته العالية. مشيرًا إلى أن هذا المستوى من الذكاء العاطفي يعطي انطباعًا وكأن امرأة تعيش داخل «ثيودور»، وهو الانطباع ذاته الذي يهدف الذكاء الاصطناعي إلى منحنا إياه لدى تعبيره عن مشاعر بشرية.
يأتي هذا التعبير من نظرة «ثيودور» الشخصية عن نفسه، ويعكس وصف المرأة تأثير زوجته السابقة -«كاثرين»- عليه. فهي جزء لا يتجزأ من كيان «ثيودور» كما اعترف في نهاية الفِلم، وكما توحي رسالته الأخيرة لها، وكيف أن علاقته بها لا تزال تشكّل رؤيته للحب والتواصل.
يفتح المشهد بابًا للتساؤلات العميقة التي يطرحها الفِلم حول مفهوم الحب في عالم يتداخل فيه الإنسان مع التقنية، ويعيد النظر في طبيعة العلاقات في عصرنا. مثل هذه الفكرة لا تكتمل إلا بتوجيه من مخرج صاحب تجربة شخصية مؤلمة في الحب، مثل سبايك جونز الذي استلهم الكثير من علاقته السابقة مع المخرجة صوفيا كوبولا في صناعته فلم «Her».
ورسَّخ اكتمال الفكرة أداء خواكين فينيكس، إذ نجح في تجسيد شخصية «ثيودور»، معبّرًا ببراعة عن مشاعره المعقدة بين الوحدة والبحث عن الحب. نال فينيكس ترشيحًا لجائزة لأوسكار عن دوره، لكن للأسف لم يفز بها.
فلم «Smile 2» يعيد نجاح جزئه الأول بجرأة أكبر 😁
عند مشاهدتي الجزء الأول من فِلم «Smile»، استعدت أجواء أفلام الرعب في بداية الألفية، حيث ربطت بينه وبين أشهر أفلام تلك الحقبة. منها فِلم «The Ring»، الذي أعتقد أنه كان مصدر إلهام «Smile» من حيث بناء القصة وتصاعد الأحداث، وقصة انتقاله من فِلم قصير مدته 11 دقيقة، إلى فِلم طويل حقق نجاحات مادية عالية كانت إنجازًا مثيرًا للإعجاب.
استثمار نجاح الجزء الأول
في الجزء الثاني، يعود المخرج باركر فين إلى استكمال هذا النجاح، مقدمًا قصة أكثر تشويقًا. نجمة البوب «سكاي رايلي»، التي تستعد لجولة غنائية عالمية، تجد نفسها وسط أحداث غامضة وغير قابلة للتفسير. تتصاعد تلك الأحداث بحدة، مما يؤثر بشكل كبير في حياتها الشخصية والمهنية، فتضطر إلى مواجهة ماضيها المظلم لاستعادة السيطرة على حياتها.
يظهر أيضًا أن المخرج فين نجح في الحفاظ على تماسك فِلمه، إذ قدّم قصة كانت معرّضة لخطر أن تصبح مجرد تكرار لما قدَّمه في الجزء الأول.
إعادة بناء السرد بجرأة أكبر
اتجه الجزء الأول إلى بعض تقاليد وعناصر أفلام الرعب المعتادة، مثل الاعتماد على القفزات المفاجِئة والخوف من المجهول بدون منطق واضح، والتي من الممكن أن تراها في 9 من أصل 10 أفلام رعب. لكن مع تطوّر فريق العمل وتطوّر أسلوب فين في إخراج الفِلم، هذه التقاليد والعناصر جاءت جديدة وفريدة من نوعها، مما جعل الجزء الثاني ممتعًا ومتفوقًا بوضوح.
فالجزء الأول من الفِلم كان جيدًا من الناحية الإخراجية، ولكن الجزء الثاني يمثل نقلة نوعية تبدأ مع المقدمة الصادمة للفِلم. وعلى الصعيد القصصي، يظهر اهتمام المخرج فين بتفاصيل القصة وتفسيرها، مما أدى إلى بناء سردي أكثر إحكامًا وترابطًا بغض النظر عن التكرار، وخاصة فيما يتعلق بـ«لعنة الابتسامة» والشخصيات المتأثرة بها. أيضًا نلحظ ارتفاع مستوى العنف والدموية، مما أضفى طابعًا أكثر جرأة للفِلم.
يمتاز فِلم «Smile 2» بتقديم شعور الجنون والهلوسة بصورة أعمق وأكثر إثارة من الجزء الأول. وذلك من خلال استخدام المؤثرات البصرية والصوتية بشكل مكثّف، وبناء تصاعد أفضل للأحداث، وانتقال أسلس بين الواقع والخيال. ومع تصاعد التوترات والهلاوس، ينجح الفِلم في جعل المشاهد يعيش هذه التجربة مع شخصية «سكاي». وما يستدعي الثناء حقًا هو الأداء الاستثنائي للممثلة نايومي سكوت، التي جسدت مراحل الهلع الشديد والصراعات النفسية المعقّدة بشكل مبهر.
الجزء الثالث في الطريق
من المنطقي أن يكون لفِلم «Smile» جزء ثالث، لكن الأمر يتطلب تقديم شيء جديد ومبتكر كي يظل جذابًا. من الضروري استكشاف زوايا جديدة في السرد، أو إدخال عناصر غير متوقعة تحافظ على الإثارة؛ فالاعتماد على تكرار الصيغة نفسها سيؤدي إلى فقدان الزخم الذي تحقق في الأجزاء السابقة. من الممكن منح المخرج فرصة بسبب تطوّر عناصر أخرى غير القصة، لكن عليه إما أن يجد تلك الزاوية الجديدة، أو ينتقل إلى موضوع مختلف وقصة جديدة تمامًا.
فقرة حصريّة
اشترك الآن
بينما كان جيمس كاميرون طريح الفراش، يعاني من الحمّى، رأى في الحلم آلةً معدنية على شكل إنسان تخرج من وسط الحريق.
ألهم هذا الحلم الغريب كاميرون كتابة سيناريو فِلم عن عالم مستقبلي، تتحكم فيه الآلات وتشنّ حربًا على البشر. وفي عام 1984، أخرج كاميرون فِلم «The Terminator»، كانت الآلة التي رآها في الحلم مصدرًا لإلهامه شخصيةَ «تيرمنيتور». تحوّل الفِلم لاحقًا إلى أحد أشهر أفلام الخيال العلمي والأكشن في تاريخ السينما.
ومن أحلام جيمس كاميرون المحمومة نستهلّ فقرة دريت ولّا ما دريت. 🤒
في البداية، لم يكن أرنولد شوارزنيقر الخيار الأول لدى كاميرون لأداء دور «تيرمينيتور»، بل كان «أو. جي سيمبسون». لكن كاميرون قلق من الجمهور، إذ ربما لن يأخذوا سيمبسون على محمل الجد عند أدائه لهذا الدور. هذا التخوّف دفع كاميرون إلى تغيير قراره والبحث عن ممثل آخر.
في تلك الأثناء كان شوارزنيقر مرشحًا لأداء دور البطل «كايل ريز»، وقد خضع بالفعل لتجربة أداء هذا الدور، غير أنه رفض الترشيح بالنهاية، إذ وجد في شخصية «تيرمينيتور» أكثر إثارة وجاذبية. وبتوجيهات كاميرون، خاض شوارزنيقر التحدي، ليصبح أداؤه المميز لـ«تيرمينيتور» رمزًا سينمائيًّا خالدًا.
اعتقد شوارزنيقر أن الجملة الشهيرة من الفِلم: «I'll be back» بدت أنثوية رقيقة، واقترح قول: «I will be back»، لتبدو بصيغة أكثر «روبوتية». لكن جيمس كاميرون أصرّ على الاحتفاظ بها كما وردت في النص، مما أدى إلى خلاف بسيط بينهما، حيث قال كاميرون لشوارزنيقر: «أنا لا أخبرك كيف تمثل، فلا تخبرني كيف أكتب.» ولكن أصبحت الجملة في النهاية واحدة من أشهر العبارات في تاريخ السينما.
في الفِلم، كان اسم النادي الليلي الذي حاول فيه «تيرمنيتور» استهداف «سارة كونور» لأول مرة «Tech Noir». وهو مصطلح ابتكره جيمس كاميرون لوصف نوع الفِلم، حيث يجمع بين عناصر أفلام «النوار» الكلاسيكية مع الخيال العلمي. في الوقت الحالي لا يزال هناك أعمال تجسد هذا النوع من الأفلام، مثل: «Blade Runner» و«The Matrix».
أُنتِج الفِلم بميزانية صغيرة نسبيًّا، بلغت حوالي 6.4 مليون دولار. وبسبب ضيق الميزانية حُذفت الكثير من الأحداث في السيناريو المكتوب، لكن المؤثرات الخاصة المبتكرة والقصة المشوقة جعلته ناجحًا بشكل كبير، محققًا أكثر من 78 مليون دولار.
على الرغم من أن الفِلم يصنف الآن فِلم خيال علمي كلاسيكي، فقد صُنِّف بالأصل على أنه فِلم رعب. ففيما عدا الروبوتات والسفر عبر الزمن، ستجده يشابه أفلام «السلاشر» -القتلة المتسلسلون- ويستعير العديد من عناصرها، حيث يتمثل «القاتل» في شخصية «ترمينيتور»، ويتمثل «الناجي الأخير» في شخصية «سارة كونور». لكن الفِلم يميّز نفسه بتوفير الأسلحة للأبطال، ومحاولة التغلب على القاتل بأسلوب جديد.
فكّر جيمس كاميرون في نهاية غامضة، حيث تستيقظ «سارة كونور» من نومها في نهاية الفِلم، مما يعطي احتمالية أن تكون الأحداث مجرد حلم. هذه الفكرة كانت إسقاطًا على تجربة كاميرون الشخصية أثناء إصابته بالحمّى. لكنه قرّر أخيرًا كتابة نهاية تمهّد -نوعًا ما- لجزء ثانٍ من السلسلة.
مسلسل «Slow Horses» أروع من جيمس بوند 🐎
حاولت مرارًا وتكرارًا متابعة حلقة كاملة متكاملة من مسلسل «ذ دسكلايمر» (The Disclaimer) دون الاستسلام سريعًا للنوم، وعجزت. مؤشر متابعة المسلسل في تطبيق أبل لا يزال عالقًا عند الربع الأخير من الحلقة الثانية خلال أسبوعين من المشاهدة. لكن سأستمر بالمحاولة لأنها كيت بلانشيت، حتى لو كانت باهتة وتؤدي أشد أدوارها مللًا، أقلها تريّحني من الأرق.
أما مسلسل «سلو هورسيز» (Slow Horses) فعلى النقيض تمامًا، بمعنى أني ضحيت البارحة بليلة نوم أنا في أمس الحاجة إليها لكي أشاهد آخر حلقتين من الموسم الرابع. فلا أنام إلا وقد اطمأننت على حال هذا الفريق البائس من مكتب العملاء الفاشلين «سلو هاوس».
و«سلو هاوس» هنا لا تعني البيت البطيء (slow house) كما ظننت خطأً طوال متابعتي المسلسل منذ عام 2022 (موضع إحراج شديد بما إني مترجمة!)، بل (slough) بمعنى المسلخ. ولم أستغرب، فهذا التلاعب اللفظي يميز حس الفكاهة البريطانية الساخر، ويطغى على حوارات المسلسل، لا سيما على لسان بطله «جاكسون لامب»: المدير النتن (بكل معنى الكلمة لأنه نادرًا ما يستحم) الذي يكرس نهاره لتحويل حياتك في المكتب إلى جحيم، ويكسر معنوياتك ويحقّر وجودك مع كل كلمة ينطقها، لكن وقت الأزمات لن يتردد لحظة لحماية ظهرك، ولن تجد حليفًا أذكى منه.
إن لم تشاهد المسلسل حتى الآن، أشاركك أساس الحبكة:
لديك المخابرات البريطانية (MI5) التي حفظنا صورتها النمطية من أفلام جيمس بوند. وتلك الصورة راسخة في المسلسل لم تُمَس: المبنى المعدني المهول فائق النظافة، المعزَّز بأحدث التقنيات وأكبر الشاشات، والعملاء نسخ متحركة من جيمس بوند (أخف وسامةً وألقًا بالتأكيد ومن دون المغالاة في ارتداء الماركات، لأنهم موظفون يعيشون على الراتب لا على رعاية الشركات).
لكن خلف هذه الواجهة، يظل جهاز (MI5) في نهاية اليوم مؤسسة حكومية يحكمها عاملان: المؤامرات السياسية الداخلية بين أطراف القوى في الحكومة، وبيروقراطية إدارة الموارد البشرية. وهذان العاملان يجتمعان لدى ارتكاب العملاء أخطاء مريعة في الميدان، أو إن كانت تعاني شخصياتهم علّة الإدمان أو لا تتواءم مع فرقها، أو لدى البحث عن كبش فداء يريد الجهاز إلباسه تهمة الخطأ المريع لإنقاذ وجه الإدارة العليا من المحاسبة والملاحقة الصحفية. بدل تسريح هذه المجموعة من العملاء الموصومين بالفشل، يُنقَلون بقرار إداري إلى مكتب «سلو هاوس» حيث يجرَّدون من العمل الميداني المخابراتي، وترتكز مهامهم على الجانب الإداري الممل.
وعلى خلاف مبنى (MI5)، مقر «سلو هاوس» عبارة عن مكب زبالة بطابقين.
يبدأ المسلسل في الحلقة الأولى مع العميل «ريفر كارترايت» الذي يتوقع الجميع منه أن يخلف جده «ديفيد كارترايت» كأحد أساطير عملاء الجهاز المخابراتي. وبالفعل يتمتع «ريفر» بكل المواصفات المطلوبة ذهنيًّا ونفسيًّا وجسديًّا ولا حاجة به لوساطة جده. لكن سيرتكب خطأً مريعًا، ونتيجةً لهذا الخطأ، يهوي من القمة إلى القاع، وينتهي به الحال في «سلو هاوس».
من هذه اللحظة، ومع بداية كل موسم، سيجر «ريفر كارترايت» المكتب بأسره، بكل من فيه من العملاء الفاشلين، إلى مغامرة في الميدان المخابراتي، لإثبات تفوقه على جهاز (MI5). وفي كل موسم، يذهب على الأقل عميل واحد من زملائه ضحيةً لهذه المغامرة. لأنَّ على خلاف (MI5) الذي تسيطر على عملائه وإدارته حسابات المصالح والتنافس الشديد، ففي مكتب «سلو هاوس» حيث لا أمل بالنجاح، يغلب شعور التعاضد بين الفاشلين في حماية بعضهم بعضًا حتى لو كلفهم الأمر حياتهم، والأمر نفسه ينطبق على علاقة مديرهم «جاكسون لامب» بهم.
في كل موسم، تُبنَى الحبكة على عودة خطأ من الماضي ليطارد جهاز المخابرات. لذلك لا يخلو أي موسم من عملاء مسنين من ماضي الحرب الباردة، يعودون دومًا برفقة ثلة إرهابيين شباب، لكن العميل المسن هو العقل المدبّر، ويفكّر بالعقليّة المخابراتية القديمة التي يفهمها «جاكسون لامب» من أيام مجده السحيق في الحرب الباردة. والملفت أنَّ اختيار الممثلين لأداء أدوار العملاء المسنين لا يخرج عن شبكة الأشرار المعتادة، بمعنى أنك ستجد عميلًا روسيًّا عجوزًا يؤدي دوره أحد أشرار سلسلة «المهمة المستحيلة»، وعميل المخابرات الأمريكية الخائن يؤدي دوره شرير «ذ ماتريكس»، وهكذا دواليك.
المفارقة في عودة هؤلاء العملاء المسنين أنَّ بينما يعمد جهاز (MI5) إلى دفن عملائه الضعاف في مكتب «سلو هاوس» للتغطية على عيوبه، يصعب عليه دفن أخطائه الفادحة التي ارتكبها في الماضي مهما حاول.
أما ميزة الموسم الرابع تحديدًا، أنه أشبه بفلم «سكاي فول» (Sky Fall) من سلسلة جيمس بوند، بمعنى أنَّنا سنشهد خطأً مخابراتيًّا كارثيًّا يعود من الماضي كما المواسم السابقة، لكن هذه المرة الخطأ الكارثي أيضًا عائلي، ويتعلق بمصير «ريفر كارترايت» وهويته.
لا داعي طبعًا لأقول، أنَّ على خلاف كيت بلانشيت، يعطينا قاري أولدمان أحد أكثر الأدوار إثارةً للتشويق والضحك بأدائه شخصية «جاكسون لامب». أداء جاك لودن في دور«ريفر كارترايت» مشرق ويتمتع بخفة الظل، وبالمقارنة مع جيمس بوند، ستدرك أنَّ جيمس بوند ثقيل دم.
ومن الأدوار المميزة في المسلسل على مر مواسمه دور رئيسة العمليات الطموحة الماكرة «ديانا تافرنز»، التي تؤدي دورها كريستين سكوت توماس، والتي تعاني أيضًا من فشل شخصي متكرر بعدم تمكنها من احتلال المنصب الأعلى رغم كل مكائدها (لكن هذا الفشل حتى الآن لم يلقِ بها إلى جحيم سلو هاوس). وأخيرًا وليس آخرًا دور «كاثرين ستانديش»، الذي تؤديه ساسكيا ريفز، سكرتيرة «جاكسون لامب» ومدمنة الكحول السابقة التي تحاول التعويض عن ذنبٍ تحمل ثقله من سنوات الحرب الباردة، من خلال لعب دور الأم الحنونة مع فريق «سلو هاوس».
لا تنتظر من المسلسل أن يكون صوابيًّا أو معتذرًا عن أفعال جهاز المخابرات البريطانية، فهو مثل سلسلة جيمس بوند، يكرس الصورة النمطية بأنَّ (MI5) هم الأخيار مهما ارتكبوا من فظائع في حق الشعوب الأخرى والتدخل في أنظمة دولها، وبقية دول العالم أشرار، حتى إن ارتكبت أجهزتها المخابراتية الفظائع نفسها. ولكن، مثل حالنا مع حرصنا على مشاهدة كل نسخة جديدة من جيمس بوند، هذه النقطة لن تقلل متعة مشاهدة «سلو هاوس».
مقالات ومراجعات سينمائية أبسط من فلسفة النقّاد وأعمق من سوالف اليوتيوبرز. وتوصيات موزونة لا تخضع لتحيّز الخوارزميات، مع جديد المنصات والسينما، وأخبار الصناعة محلّيًا وعالميًا.. في نشرة تبدأ بها عطلتك كل خميس.