هل تفضّل السعودية ترامب أم هارس

علاقة السعودية مع الإدارة الديمقراطية الحالية أوثق وأقرب من أي إدارة أمريكية سابقة، مما يستدعي توقّع استمرارها على هذا المستوى إذا فازت هارس.

علي الشهابي

مثل كل انتخابات أمريكية، يعود السؤال ذاته على السطح: أيّ المرشحيْن -في هذه الحالة دونالد ترامب أو كامالا هارس- تفضّل السعودية فوزه. وحقيقة أن الإجابة على هذا السؤال ليست واضحة تمامًا تعزّز أهميته.

ولكن، في هذا السياق، قد يُجادَل بأن أمريكا «دولة مؤسسات»، ولذا، ليس للرئيس تأثيرٌ يوازي «الدولة العميقة». هذا التصوّر -ببساطة- خاطئ؛ فبينما لأمريكا مؤسسات راسخة ذات أدوار هامة ومؤثرة، إلا أن شخص الرئيس بالغ الأهمية، وبالذات في الشؤون الخارجية، حيث للرئيس نفوذ هائل. ولذا، من يكون الرئيس يؤثر كثيرًا.

تاريخيًّا، كان عمل الإدارات الجمهورية مع السعودية أوثق من الإدارات الديمقراطية، وفي ذلك إشارة لتفضيل السعودية ترامب في الانتخابات القادمة. أيضًا، حافظ ترامب -في فترته الرئاسية السابقة- على علاقة ودية وقريبة جدًّا مع السعودية، ولا زالت هذه العلاقة قائمة إلى اليوم، بل وتشمل أفرادًا من أسرته.

إلا أن ما تغيّر هو علاقة السعودية بإدارة بايدن وهارس؛ حيث تحولّت من موقف بايدن السلبي المبدئي، ووعود سياساته المناوئة للسعودية خلال الانتخابات السابقة، إلى علاقة قريبة جدًّا فيما بعد.

هذا التغيّر الكامل في موقف بايدن، على الرغم من كلفته على صورته، لتناقضه مع وعود حملته الانتخابية، يشير لقناعة أمريكية راسخة بالقيمة الاستراتيجية للسعودية، وهو ما يتكرر مع كل رئيس أمريكي منذ الرئيس فرانكلين روزفلت.

اليوم، علاقة السعودية مع الإدارة الديمقراطية الحالية أوثق وأقرب من أي إدارة أمريكية سابقة، مما يستدعي توقّع استمرارها على هذا المستوى إذا فازت هارس؛ إذ المصالح المشتركة لا زالت كما هي.

وبينما كانت علاقة السعودية بالرئيس ترامب استثنائية، إلا أن القيادة السعودية لا تنسى رفضه الانتقام ضد الهجوم الإيراني على منشآت النفط السعودية في 2019، رغم تجاوز ذلك الهجوم خطًّا أحمر سنّه الرئيس كارتر في مطلع الثمانينيات، عبر «مبدأ كارتر»، المعلن تدخّل أمريكا العسكري إن هُدّدت مصالحها الاستراتيجية في الخليج العربي، وبالذات التهديدات المتعلّقة بتدفّق النفط.

لذلك يُنظر لترامب على أنه غير ممكن التوقّع. فبينما تتوافق تأكيداته مع المصالح السعودية، وبالذات في الشأن الإيراني، إلا أن مواقفه ليست مضمونة، ولا حتى منتظمة ومتّسقة.

فعلى ذلك، ستوجد إدارة ترامب علاقة قريبة وشخصية مع القيادة السعودية، ولكن ستكون سياساتها غير متوقعة. أما إدارة هارس، فقد تكون أقل وديةً وشخصية، إلا أن سياساتها ستكون مؤسسية وقابلة للتوقّع.

يؤكد كل ذلك أن السعودية سيسرّها فوز أي المرشحين، إذ سيقدّم كلًّا منهما ميّزاتٍ ما للعلاقة الثنائية. وفي المجمل، تضمن أهمية السعودية الاستراتيجية أن الرئيس الأمريكي -أيًّا كان- سيعمل وديًّا وإيجابيًّا مع السعودية، وفق المصالح المشتركة بينهما. لذلك، سواءً انتصر الجمهوريون أو الديمقراطيون، ستبقى العلاقة صلبةً وبنّاءة للطرفين.


فاصل ⏸️


فقرة حصريّة

آسفين على المقاطعة، هذه الفقرة خصصناها للمشتركين. لتقرأها وتستفيد بوصول
لا محدود للمحتوى، اشترك في ثمانية أو سجل دخولك لو كنت مشتركًا.

اشترك الآن

عملت السعودية خلال السنين الماضية على توسيع شراكاتها وتعميقها مع دول عدّة حول العالم، وعلى رأسها الصين. وأدى هذا التقارب السعودي الصيني إلى مراجعة العلاقة السعودية الأمريكية، واقتراب الدولتين من اتفاقية دفاع مرتقبة.

ومع ذلك، يقول هشام الغنّام في مقالته «لن تتخلى السعودية عن الصين لأجل أمريكا»، أن «أيّ معاهدة دفاعية مع الولايات المتحدة لن تكون على حساب علاقات السعودية مع الدول الأخرى؛ لأن عالم اليوم متعدد الأقطاب، ويفسح للسعودية مجالًا واسعًا للمناورة السياسية، يسمح لها بالحفاظ على علاقاتها مع الصين وتطويرها».


*تعبّر المقالات عن آراء كتابها، ولا تمثل بالضرورة رأي ثمانية.

نشرة الصفحة الأخيرة
نشرة الصفحة الأخيرة
منثمانيةثمانية

نشرة أسبوعية تواكب قضايا اليوم بمقالات تحليلية لكتّاب بمجالات عدّة. يمنحونك فرصة استكشاف الأحداث وتكوين رأي تجاهها.

+340 متابع في آخر 7 أيام