الجوكر: احتفظ بذكرى الجزء الأول ولا تشاهد الثاني 🎭

لا أعلم بماذا كان يفكر تيد فيلبس عندما صنع الجزء الثاني من فلم «الجوكر» بهذه الطريقة العشوائية السيئة.

خواكين فينكس وليدي قاقا في الجزء الثاني من فلم «الجوكر» / تصميم: أحمد عيد
خواكين فينكس وليدي قاقا في الجزء الثاني من فلم «الجوكر» / تصميم: أحمد عيد

الجوكر: احتفظ بذكرى الجزء الأول ولا تشاهد الثاني

نايف العصيمي

قضينا ليلةً طويلة للكتابة عن «الجوكر 2» (Joker 2: Folie à Deux)، كان من المقرر حضور الفلم الساعة 11:30 ليلًا في سينما فوكس، وبعد ذلك كتابة المقال عنه ثم تسليمه الفجر، ومراجعته صباحًا لدى فريق التحرير، ليصل إلى مشتركي النشرة وإليك ظهر يوم الخميس.

ولا أخفيك أنني كنت أتمنى أن يكافئني تيد فيلبس بفِلمٍ ممتع يستحق كل ذلك… لكن يبدو أن فيلبس قرّر أن يختبر صبري بدلًا عن ذلك.

الجوكر على نمط «The Hangover»

اشتهر تيد فيلبس بأنه مخرج أفلام كوميدية تجارية، أشهرها الفلم الكوميدي «The Hangover»، الذي حقّق نجاحًا تجاريًّا وجماهيريًّا كبيرًا.

وفي إخراجه فلم «الجوكر» الأول، خرج فيلبس عن إطار الكوميديا التجارية، ليصل إلى الترشّح لجائزة «أفضل مخرج» و«أفضل فلم» في الأوسكار، وجاء ترشُّحه حينذاك إلى جانب سكورسيزي و تارانتينو وغيرهم.

ورغم ذلك النجاح الباهر الذي حققه «الجوكر»، فقد كنت مقتنعًا بأن الفلم رمى بكل ثقله على أداء خواكين فينكس الذي غطى على الكثير من ثغرات الحبكة بالأداء المبهر والضحكة المضطربة. وحقّق خواكين بذلك أوسكار «أفضل ممثل»، بعكس فيلبس الذي توقفت كل حظوظه عند الترشح فقط.

ومع النجاح المنقطع النظير للفلم جماهيريًّا فلا أحد حينذاك اهتمَّ بالنقد السلبي، وحتى لو كتبته، سيُقال عنك أنك تسبح عكس التيار للفت الانتباه!

حاول فيلبس إعادة نجاحه بجزء ثانٍ، كما فعل مع «The Hangover»، لكن معظمنا لم يعد يذكر الأجزاء اللاحقة من فلمه الكوميدي، واكتفى بما شاهده بالجزء الأول. فاقتيات المخرج على نجاح عملٍ من أعماله، ومحاولة إعادته من جديد، أسوأ طريقة يتخذها. وعدا عن أن مثل هذه المحاولات تنتهي عادة بشكل بائس، فهي أيضًا تشوّه ذكرى الجزء الأول وإرثه عند المشاهد.

وهذا تمامًا ما حدث في «الجوكر» الثاني، حيث لاحظت ردة فعل المتحمسين معي في السينما بداية الفلم وكيف هوت في سقوطٍ مدوٍّ إلى إحباطٍ عارم بعد نهايته، أما ردة فعلي فقد كانت الارتياح لوصولنا أخيرًا النهاية.

من الهزلية إلى المهزلة

اعتمد الفلم الشكل الهزلي في السرد، إذ يبدأ بمشهد كرتوني، ثم ينطلق إلى الواقع في محاولة للحفاظ على الهزلية التي طبعها ذلك المشهد الكرتوني في البداية. لكن فيلبس أراد أيضًا الاحتفاظ بشيء من روح الواقعية المظلمة في الجزء الأول، وكذلك أراد صنع فلمٍ غنائي وكأنّنا في مسرحية من مسرحيات برودواي، أو في فلم غنائي من عالم ديزني. 

بذلك الخليط الغريب تحولت الهزلية إلى «مهزلة» تختبر صبرك. ومع كل مشهد واقعي تشعر أمامه أنك أخيرًا بدأت تشاهد فلمًا يستحق المشاهدة، ينقطع ذلك المشهد على أغنية بصوت خواكين البشع. وفي كل أغنية تجد نفسك مجبرًا على الاستماع إلى رداءة موسيقية، باستثناء أغنية واحدة فقط من تلك الأغاني.

لا يختلف اثنان على أن خواكين ممثل استثنائي، لكنه مغنٍّ سيئ. كما لا يختلف اثنان على أنَّ ليدي قاقا مغنية رائعة، لكنها ممثلة ضعيفة. 

شخصية «هارلي كوين» لا قيمة لها، وأغلب اللوم يقع على ضعف أداء ليدي قاقا. هذا الضعف لم نلحظه في تجربتها التمثيلية في فلم «A Star Is Born»، الذي ترشّحت عنه لأوسكار أفضل ممثلة، لأنها كانت تؤدي دور فتاة تحلم أن تصبح مغنية. لذا، لم يكن على المخرج برادلي كوبر سوى أن يطلب منها محاكاة نفسها وحسب.

احتفظ بذكرى الإعجاب الأول

دائمًا أتذكَّر تصريح جيري ساينفلد عند سؤاله عن رفضه تقديم جزء جديد من مسلسله الناجح: «إذا لم تستطِع أن تضيف للعمل، دعه كما هو.» ويبدو أن تلك النصيحة لا يطبقها فيلبس نهائيًّا. «الجوكر» الثاني كان فلمًا بلا قيمة إضافية، بل العكس، كان سقطة.

هذه المرة لم يستطع خواكين إنقاذ شيء أبدًا، بل ما حدث هو العكس: سوء الجزء الثاني أظهر نقاط ضعف خواكين في أدائه المتواضع.

لا أعلم بماذا كان يفكر تيد فيلبس عندما صنع الفلم بهذه الطريقة العشوائية السيئة، وبدأت أظن أنَّ تدخّل الاستديوهات في العملية قد ينقذ أحيانًا الفلم من سقطات صانعه.

وهنا نسأل: هل الحرية الإبداعية المطلقة للمخرج هي الحل الأسلم دائمًا؟

بالتأكيد لا، في كثير من الأحيان يكون العمل ضمن إطار السبيلَ الأسلم نحو النتيجة النهائية. لست متأكدًا من مدى الحرية التي كانت عند تيد فيلبس، لكن لا أجد متَّهمًا غيره يتحمّل سوء المهزلة التي شاهدتها.

«الجوكر» الثاني فلمٌ للنسيان، وتوصيتي: احتفظ بذكراك الجميلة للجزء الأول بعدم مشاهدة الثاني، في حال كنت من كبار معجبيه.


فاصل ⏸️


فلم «A Star is Born»
فلم «A Star is Born»

  •  يُعرض اليوم في سينما ڤوكس السعودية فِلم الأنيميشن «The Wild Robot»، الذي يحكي قصة الروبوت «روز» الذي يتعاون في سبيل البقاء مع حيوانات الجزيرة بعد تحطم سفينته.

  • كشف المخرج عبدالعزيز الشلاحي عن الصور الأولى لأحدث أفلامه: «هوبال»، المنتظر عرضه نهاية 2024. يشارك في بطولة الفِلم عدد من النجوم، منهم الفنان القدير إبراهيم الحساوي ومشعل المطيري وميلا الزهراني. تدور أحداث الفِلم في فترة التسعينيات عندما تقرر عائلة بدوية أن تهجر القرية لتعيش في عزلة تامة في قلب الصحراء، لاعتقاد الجد بقرب قيام الساعة، بعدما وجد أن هناك علامات ظهرت تؤكد مزاعمه.

  • عودة أسطورة التمثيل دانييل داي لويس إلى الشاشة الكبيرة بعد سبع سنوات من التقاعد. حيث يشارك في بطولة فِلم «Anemone»، وهو أول تجربة إخراجية لابنه رونان لويس. تشارك دانييل لويس وابنه رونان في كتابة الفِلم، الذي قيل بأنه يستكشف العلاقة المعقدة بين الآباء والأبناء والإخوة، بالإضافة إلى تسليطه الضوء على ديناميكيات الروابط الأسرية.

  • أُعلن عن بدء تصوير الموسم الرابع من المسلسل الكوميدي الفائز بتسع جوائز إيمي «Hacks»، ومن المتوقع أن يُعرض الموسم الجديد منه في عام 2025.

  • تدشين النظرة الرسمية الأولى للنجم كيليان ميرفي، بشخصية «توماس شيلبي»، من الفِلم المكمل لأحداث مسلسل «Peaky Blinders». يُعرض الفلم على منصة نتفلكس في 2025.

  • أُعلن عن العرض الدعائي الجديد لفلم «Nosferatu»، من إخراج روبرت إيقرز. الفِلم هو نسخة محدّثة من فِلم الرعب الكلاسيكي الشهير. يشارك في البطولة بيل سكارسقارد وويليام دافو وليلي روز ديب وونيكولاس هولت. تدور أحداث الفِلم حول مصاص دماء يُعجب بامرأة شابة مسكونة، مما يخلق سلسلة من الأحداث المخيفة والمثيرة. من المقرر عرض الفِلم في صالات السينما بتاريخ 25 ديسمبر.

  • انطلق العرض الترويجي الجديد للموسم الثاني من المسلسل الكوري ذائع الصيت: «Squid Game». يُعرض المسلسل على منصة نتفلكس بتاريخ 26 ديسمبر. 


فلم «Whiplash»
فلم «Whiplash»

اليوم نقول أكشن لهذا المشهد من فِلم «Whiplash»، الصادر عام 2014، من كتابة وإخراج داميان شيزل، ومن بطولة مايلز تيلر في دور «أندرو»، الطالب في المعهد الموسيقي الذي يتدرب على قرع الطبول «الدرمز»، وجي كي سيمونز في دور معلمه «فليشتر».

يتناول الفِلم قصة العلاقة المتوترة التي تجمع «أندرو» ذو الإرادة التي لا تنثني، بمعلمه «فليشتر» المتبحر في مجاله، لا سيما موسيقى الجاز. ويتميّز «فليشتر» بأنه رجل لا يقبل بأقل من الكمال، وإن كان على حساب إنسانيته التي يفقدها حالما تستفزّ أذنه نوتة ناشزة تفسد معزوفته.

يبدأ المشهد بالأب الذي طالما حذّر ابنه من مغبة المستقبل المبهم للموسيقيين، وهو يحاول تخفيف حمل الفشل عن ابنه «أندرو».

بينما «أندرو» كان يطارد حلمه بأن يكون قارع طبول شهير، وكان يكافح لئلّا يتخلى عن هذا الحلم، لا سيما بعد أن وقع في مكيدة تسبّب بها معلّمه «فليشتر»، بعدما علم بأن «أندرو» هو من تسبب بفصله من المعهد لإهانته المستمرّة للطلاب، بل والاعتداء عليهم جسديًَا.

كانت مكيدة «فليشتر» هي أنْ أحضر «أندرو» ليقف أمام مجموعة من كبار مستكشفي عازفي الجاز، ثم ترك بحوزة «أندرو» نوتة موسيقية مختلفة عن نوتة المقطوعة التي ستعزفها الفرقة، ليعطيهم انطباعًا بعدم أهليته، وليظهره بشكلٍ سيئ ومذل!

يعود «أندرو» للمسرح ليعزف مقطوعة «Caravan» عزفًا منفردًا، متحديًا معلمه، فارضًا عليه مجاراته، لأنه يعلم أن هوَس «فليشتر» بالكمال لن يسمح له إلا بتقديم أفضل ما لديه.

يظهر المشهد مهارة مايلز تيلر الحقيقية في قرع الطبول، وهي الهواية التي كان يمارسها منذ أن كان بالخامسة عشرة من عمره، لتبدأ عملية من التصوير والإخراج والتحرير هي الأجمل من نوعها في تاريخ السينما. سواء في عملية التنقل بين الآلات، أو في العزف التصاعدي الذي كان يزيد من إنهاك مايلز تيلر. وقد تعمّد المخرج داميان أن يظهر مايلز بهذا المظهر دون أن يقطع المشهد، حتى وإن كان الأداء ليس في أفضل صوره، لأنه يريد أن يظهر مايلز تيلر وكأنه يلاحق حلم مراهقته!

وما بين الكراهية والإعجاب، ندرك التقارب الذي حصل بين الطالب ومعلمه في نهاية المطاف. وسر الابتسامة المتبادلة هي أن الطالب، وإن كان محطّمًا بسبب قسوة المعلم، إلا أنه رأى فيه الفنان الذي يقتدي به بودي ريتش، والذي بدوره كان يتحلى بنفس الصفات، حيث اشتهر بسوء المزاج، وبتوبيخه المستمر لزملائه في الفرقة. كأن كليهما كان يحوّل الكراهية والصراع إلى طاقة خلّاقة تنتج الجمال على المسرح.

فاز الفِلم بثلاث جوائز من خمسة ترشيحات في عام 2015، منها أفضل مونتاج لتوم كروس، وأفضل خلط أصوات، وأفضل ممثل مساعد لجاي كاي سيمونز. وحصل سيمونز بسبب دوره على سبع وأربعين جائزة، قد استحق كل واحدة منها.


إذا وصفنا فترة الثمانينيات إنها «كرنج» واحتضنت أسوأ موضة مرَّت في تاريخ البشرية، وأغرب الأفلام من حيث التقنية والحبكة، والفيديو كليب سريالي بشكل يكاد يتنافى مع مبادئ الذوق الفني، فهذا الوصف نوعًا ما غير ظالم؛ هذا طبعًا إذا ما حالفك الحظ وعشتها! 

لأنك إذا عشتها، ولسبب غريب، تشعر دومًا بالحنين لها (لاحظ إنَّ جيل ما قبل الطيبين لا يعاني عقدة الحنين نفسها إلى الستينيات أو الأربعينيات، وجيل زد ما عنده حنين أصلًا للتسعينيات، ويزاحم جيل الطيبين على الحنين للثمانينيات!) 

توصيتنا اليوم فلم موسيقيّ بلمسة رومانسية كوميدية، صنعه مخرجه من منطلق حنينه الجارف إلى سنين مراهقته في الثمانينيات. 👨‍🎤🎥

فلم «Sing Street» الصادر عام 2016، من إخراج جون كارني وبطولة فيرديا والش-بيلو في دور «كونور»، وآيدن جيلن في دور «روبرت»، وماريا دويل كينيدي في دور «بيني».

يضطر المراهق «كونور» للانتقال إلى مدرسة جديدة بسبب الظروف المالية الصعبة لعائلته. وهناك يلتقي بـ«رافينا»، فتاة غامضة تمثّل أحلام كل مراهق، ويصير إبهارها دافعه الأوحد، فيدّعي أنه عنده فرقة غنائية، وينجح في مهمته. لكن المشكلة الوحيدة إنه أصلًا لا يملك فرقة غنائية!

هنا تبدأ رحلة «كونور» إلى تشكيل الفرقة مع أقرانه من الأولاد المنبوذين، وتتحوَّل الموسيقا من خدعة لنيل إعجاب فتاة أحلامه، إلى ملاذه ووسيلة للتعبير عن ذاته ومواجهة واقعه.

معك حق إذا توقعت عناصر قصص مراهقة المدارس المعتادة، مثل التنمر، واللهث وراء الشعبية، ووصول الطالب الجديد بهيئته المتواضعة اللي تشجع الكل على الاستهزاء منه. لكن الفلم يتجاوز هذه الكليشيهات، خصوصًا إنه مستلهم جزئيًا من مراهقة المخرج جون كارني، الذي قدم لنا أفلام جميلة مثل «Once» و«Begin Again». وهنا تتضح لك قيمة مختلفة، لأنَّ الفلم يعكس المواقف التي شكّلت توجه كارني الفني ونظرته الموسيقية.

أما الأغاني تعطيك لمحة للبصمة الموسيقية اللي ميزت الثمانينيات عن غيرها وصعب تتكرَّر، وتتنوع القائمة ما بين أغاني معروفة وأغاني أصيلة كتبها المخرج مع المغنيين جاري كلارك وآدم ليفين.

حتى إذا ما عشت مراهقتك في الثمانينيات، الفلم يعطيك لمحة ليه اللي عاشوها يظل عندهم حنين لها، ولأغاني فرقها الموسيقية.😁


فلم «The Greatest Showman»
فلم «The Greatest Showman»

فِلم استمرّت عملية تطويره تسع سنوات، ويرجع السبب لتردّد استوديوهات الإنتاج في تمويل فِلم موسيقي أصلي.

اللي غيّر المعادلة وأقنعهم أغنية في الفلم بعنوان «This Is Me». الأغنية كتبها الثنائي بينج باسيك وجاستن بول، أثناء رحلتهم للاجتماع الحاسم مع شركة «20th Century Fox» لتمويل الفِلم. وكانت الأغنية نقطة التحول التي أعطت الضوء الأخضر لإنتاج الفِلم.

وهذه أول معلومة نقدّمها من فقرة دريت ولّا ما دريت عن الفِلم الموسيقي والسيرة الذاتيّة «The Greatest Showman».

  • لم يكتفِ هيو جاكمان بقراءة السيناريو ليجسّد دور «بي تي بارنوم»، بل تعمّق في دراسة شخصية «بارنوم» بأن قرأ عنه ثلاثة عشر كتابًا!

  • خلال الورشة التي عُقدت مع التنفيذيين في «شركة فوكس» أثناء تطوير الفِلم، خضع هيو جاكمان لعملية جراحية في أنفه لإزالة سرطان الجلد، حيث تلقّى ثمانين غرزة في هذه العملية، ونصحه طبيبه بعدم الغناء. اتبع هيو جاكمان توصية الطبيب حتى وصل إلى الأغنية الأخيرة في الفِلم: «From Now On»، حينها قرّر هيو الغناء، وفي منتصف الأغنية لاحظ أن أنفه بدأ ينزف. هذه الحادثة جعلت جاكمان يصرّح فيما بعد أن هذا الفِلم تطلّب استعدادًا كبيرًا مقارنة بفِلم Logan» (2017)».

  • في الحقيقة، جرّب بي تي بارنوم العديد من الصناعات قبل دخوله عالم «الاستعراض»، بما في ذلك تجارة اليانصيب. في أحد المشاهد داخل شقته تظهر لافتات متعددة معلقة على الجدار، من بينها لافتة بارزة مكتوب عليها «يانصيب بارنوم»، في إشارة إلى مغامراته المتنوعة قبل أن يصبح «أعظم رجل استعراض».

  • على الرغم من أن الفِلم يظهر بي تي بارنوم بطل مساواة عرقية، فإن تاريخه الحقيقي مناقض تمامًا للفِلم. فقد تجاهل صنّاع الفِلم السبب الأول الذي ساهم في إدخال لبارنوم لعالم الاستعراض، وهو سبب مرتبط بالعبودية. ففي عام 1835 اشترى بارنوم امرأة أمريكية من أصل أفريقي من مزرعة في كنتاكي، اسمها جويس هيث. وكانت جويس عجوز عمياء قدمها بارنوم للعامة زاعمًا أنها الممرضة الشخصية لجورج واشنطن، البالغة من العمر 161 عامًا. وكانت جويس تؤدي دورها بحرفيّة، تغني التراتيل، وتحكي القصص عن واشنطن، وكانت بالطبع قصص من وحي خيال بارنوم. بعد عام كامل من الجولات، توفيت جويس، وباع بارنوم جثّتها لجراح في نيويورك، ليستخدمها لأغراض التشريح.

  • يبلغ طول الممثل سام همفري، الذي جسّد شخصية «توم ثمب»، 127 سم. في حين لم يتجاوز طول «توم ثمب» الحقيقي 103 سم. في الفِلم، كان على همفري أن يمشي على ركبتيه ليبدو أصغر حجمًا، وقد أُجري تعديل رقمي لساقيه ولقدميه. وفي بعض المشاهد اضطر لتصويره جالسًا أو واقفًا، مع إبقاء ساقيه خارج إطار الكاميرا.

  • لم تكن الوشوم التي ملأت جسد الممثل الذي أدّى دور «Tattoo Man» حقيقية. إذ كان يلبس رداءً يغطي كامل جسده، ثم أُضيفت الوشوم رقميًّا. أما «Tattoo Man» الحقيقي، فاسمه جورج كوستنتينوس، وكان جسمه مغطًى بأكمله بالوشوم، باستثناء أجزاء من أذنيه، وباطن قدميه، وكان يحمل 387 وشمًا مميزًا.

  • تعرّض الفِلم للنقد الحادّ بسبب عدم دقته في نقل الأحداث الحقيقية. لكن النقد لم يمنع الجمهور من أن يحب أغانيه، مثل أغنية «This Is Me» التي فازت بجائزة قولدن قلوب.

  • في شارة النهاية، يظهر تصميم مخفي يرمز إلى وولفرين في إطار الصورة، حيث يظهر بذراعين متقاطعتين، ومخالب ممتدة في زوايا الصورة عند ظهور اسم المنتج التنفيذي للفِلم جمس مانقولد. وجمس مانقولد هو المخرج لفِلميّ The Wolverine» (2013)» و Logan» (2017)»، وكلا الفلمين من بطولة هيو جاكمان.


كثرًا ما يُشار لأمريكا بأنها «بلد الأحلام»، وقد يغفل الكثيرون حقيقة أن هناك من عاش فيها ولم يحظَ حتى بالفرصة لتحقيق أحلامه. بل المفارقة أن بعض هؤلاء لم تتحقّق أحلامهم إلا خارجها!

إلى جانب ذلك، فهناك العديد من الشخصيات الأيقونية عبر التاريخ لم تحظَ بالتقدير إلا بعد رحيلها، مثل فان قوخ وتيسلا والموسيقي موتسارت.

الأمر عينه هو ما جرى مع المغني سيكستو رودريقيز، كما يخبرنا الفِلم الوثائقي الاستقصائي الذي سنتحدث عنه في هذا العدد: «Searching for Sugar Man»، حيث يروي لنا قصة سيكستو الاستثنائية.

يتناول الفِلم السيرة الذاتية لسيكستو، الذي لم يلقَ الاعتراف الذي يليق به في وطنه -أرض الفرص المزعومة- رغم موهبته الكبيرة. لكنه وبشكل غير متوقع، يذيع صيته في جنوب أفريقيا، لدرجة دفعت نظام الفصل العنصري لحظر بعض أغانيه. ثم انتقلت شهرته إلى نيوزيلندا وأستراليا، وهكذا انتشرت شهرته كالنار في الهشيم، وتحوّل إلى أيقونة خارج بلاده دون علمه!

ولو قارنّا مسيرة سيكستو، الذي اشتهر في السبعينيات، بمسيرة المطرب بوب ديلن، الذي اشتهر في الستينيات، لوجدنا تشابهًا كبيرًا في جوهر الرسائل المراد بثها، مثل مناهضة الحرب، والأسلوب الاحتجاجي. وكان لكليهما مساهمة في إلهام أجيال من الفنانين.

ولكن بوب حظي بالتقدير المناسب، في حين أن سيكستو ظلّ منسيًّا. ولعل سبب عدم شيوع فنه محليًّا في وقتها هو نجومية مغنين آخرين، تناولوا في أعمالهم مواضيع مشابهة.

في هذا العمل الاستقصائي، سنشهد رحلة شيّقة، انطلق فيها معجبان مهووسان لكشف المصير الحقيقي للرجل، حين شاع خبر وفاته على نطاق واسع.

ما يميّز هذه القصة، أننا نشعر وكأنّنا نشاهد فان قوخ يعود للحياة، ليشهد الأثر العميق الذي تركه في نفوس البشرية!

المؤسف، أن مخرج الفِلم، مالك جلول، مات منتحرًا بعد معاناة مع الاكتئاب -حسب تصريح أحد إخوانه- بعد عام من صدور الفِلم، وحصوله على الأوسكار عام 2013 عن أفضل فِلم وثائقي.

ويجدر القول أن هذا الفِلم هو الوحيد من نوعه الذي أخرجه جلول.

النشرة السينمائية
النشرة السينمائية
منثمانيةثمانية

مقالات ومراجعات سينمائية أبسط من فلسفة النقّاد وأعمق من سوالف اليوتيوبرز. وتوصيات موزونة لا تخضع لتحيّز الخوارزميات، مع جديد المنصات والسينما، وأخبار الصناعة محلّيًا وعالميًا.. في نشرة تبدأ بها عطلتك كل خميس.

+60 متابع في آخر 7 أيام