كيف طغى «الاعتذار عن التأخر في الرد» على عقلنا 😰
حين نعتذر عن التأخر في الرد، فنحن نعترف ضمنيًّا بالانشغال العارم الذي نعيشه.
على جدار في أحد معارض إثراء (مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي) مثلٌ يقول:
البل خطاها طوال 🐪.
شكلٌ فريد: ظهرٌ أحدب ورقبة طويلة منحنية وساقان طويلتان نحيلتان ومظهرٌ لطيف وخطى ثابتة تعكس صورة للأناقة والأصالة. الإبل تقف على الحد الفاصل بين الإدراك والخيال.
إذا كنت اللحظة تظن أنَّك لا تحقق أهدافك وأحلامك بالسرعة التي يعدو بها آخرون، وهاجس الفشل بدأ يتسلل إليك، تأمَّل المثل أعلاه، ووصفه. ركِّز على الخطى الطويلة وثباتها، على الجهد والعمل والتعلُّم والتجربة، على ممارسة الحياة بلطف وأصالة، وبإذن الله ستصل.💚💪🏻
كيف طغى «الاعتذار عن التأخر في الرد» على عقلنا
منذ الأربعاء الماضي، نحاول أنا وزميلة عزيزة ورائعة في عالم الترجمة، التواصل عن طريق مكالمة. بدأ الأمر برسالة نصية منها في واتساب تسألني إن كان الوقت متاحًا للاتصال لكي نتكلَّم في موضوع مهم. الأربعاء أكثر أيام الأسبوع انشغالًا لديّ، فلم أجد وقتًا للرد على رسالتها النصية. الخميس صباحًا تواصلت معها، وبدأت الرسالة النصية باعتذار عن التأخر في الرد، وبأنَّ وقتي متاح بعد الثالثة عصرًا.
أجابتني بكل صدر رحب مع إيموجي القلب، أن لا داع للاعتذار، وستتواصل معي عصرًا. مع حلول الساعة الثامنة مساءً وصلتني رسالة اعتذار نصية عن التأخر، وأنها لم تستطع مكالمتي بسبب تعب ألمَّ بأحد أطفالها، فهل الجمعة متاح للتواصل؟ وأجبتها بإيموجي القلب بأنَّ لا داعي للاعتذار، وبالتأكيد الوقت متاح لها طيلة نهار الجمعة.
مع وجود الجوَّال، يفترض الوضع المثالي ألا يكون ثمة تأخر في التواصل بين أي طرفين؛ فبريدنا وهواتفنا في كف يدنا. لكن السيناريو أعلاه بات الطاغي على حياتنا، ويوتّر أعصابنا ما بين الاعتذار والانتظار.
فأنا حالي من حالك وحال الجميع، بلغت مرحلة أعجز فيها عن الرد فورًا على رسالة نصية في واتساب، أو رسائل الصندوق الخاص في حسابات التواصل، أو منصات العمل عن بعد، أو الإيميل، وأضطر إلى التأخر يومًا أو يومين، وأحيانًا أسابيع. لتصبح العبارة الاستهلالية في أغلب ردودي: أعتذر عن التأخر في الرد.
وهذه الإشكالية اليومية التي نعيشها، تناولها حوار أجرته «ذ أتلانتك» بعنوان «جبروت الاعتذار عن التأخر في الرد» ('The Tyranny of ‘Sorry for My Delay) مع جاسون فارمان، الباحث في وسائل الاتصال ومؤلف كتاب «التأخر في الرد: فن الانتظار من العصور القديمة إلى عصر السرعة» (Delayed Response: The Art of Waiting from the Ancient to the Instant World). ويقول فارمان في إجابته عن سؤال حول المعنى الضمني الذي تحمله ممارستنا اليومية لعادة الاعتذار عن التأخر في الرد:
«حين نعتذر عن التأخر في الرد، فنحن نعترف ضمنيًّا بالانشغال العارم الذي نعيشه، وبالارتباك المقلق الذي يصيبنا طيلة اليوم مع تكاثر الرسائل التي تردنا والتوقعات العالية منا بالرد عليها فورًا. إذ بعدما سرَّعت التقنية نمط حياتنا، بات لدينا واجب أخلاقي ملحّ باستغلال كل ثانية من وقتنا بحكمة وإنتاجية. لكن المفارقة، أنَّ هذا الواجب يصعب علينا تحقيقه كلما زادت التقنية سرعة التواصل بيننا. ففي هذا السياق، تحوَّل الانتظار إلى وقتٍ مهدَر. بمعنى: أنَّ تأخرك في الرد عليّ يضطرني إلى انتظارك، والانتظار يهدر وقتي، الذي هو أثمن موردٍ لدي، ويحرمني من استغلاله بحكمة وإنتاجية.»
ويشير فارمان إلى أنَّ الرسائل النصية والصوتية قلَّصت فترة الانتظار المتاحة إلى صفر، مما جعل أي تأخر في الرد، سواء كان ساعة أو أيامًا، أمرًا يُشعِر المتلقي بالذنب، ويتطلب منه الاعتذار. فالمشكلة الحقيقية التي نعانيها في بنية حياتنا الرقميَّة المعاصرة أنَّنا بات متوقعًا منا أن نكون متاحين طيلة الوقت لتلقي الرسائل، وعلى أهبة الاستعداد في أي لحظة للرد عليها.
وقد تسأل، كما سأل المحاور، لماذا لا نعود إذن إلى المكالمات الهاتفية المباشرة بدل الاعتماد على الرسائل؟
يجيب فارمان أنَّ ما قبل عصر الجوالات، كنا نتَّصل بالأماكن. بمعنى، حين تتصل بشخص في بيته فأنت موقن أنه خارج ساعات عمله، ليس منشغلًا بقيادة السيارة، ليس موجودًا بصحبة آخرين خارجًا، ليس في المستشفى، ليس في مسرحية. بينما الآن أصبحنا نتَّصل بالأشخاص، وبالنتيجة، ما عدنا نعرف إن كانت الظروف موائمة لتلقي المكالمة.
وهذا الذي يجعلنا دومًا نفضّل التواصل من خلال الرسائل النصية والصوتية، والمجازفة بدخول دوامة قلق مشتركة من الانتظار وذنب التأخر، دوامة تصيب عقولنا اللاهثة وراء الإنتاجية بالمرض.
وصلني الاتصال مساء الجمعة، وبدأ بالاعتذار المازح من طرفينا حول التأخر، وفي أقل من عشر دقائق تبادلنا حديثًا وديًّا، وتناقشنا حول فرصة ممتازة، وودَّعنا بعضنا بعضًا بتشجيع متبادل رفع معنوياتنا.
أعلاه هو السيناريو الناجح، لكن للأسف عددًا من الرسائل المتراكمة لديّ لم تصل إلى هذه النهاية، وغرقت دون رد، أو حتى اعتذار عن التأخر في الرد😔.
شبَّاك منوِّر 🖼️
أتذكر الأمثال تتردد على مسامعي منذ بدأت استيعاب الكلام، فلا تكتمل سالفة دونها. فإما تختم قصة بنبرة متحسّرة قائلًا «اللي يبينا عيت النفس تبغيه»، أو بنفاد صبر «يا من شرى له من حلاله علّة» أو بندم «يا ليتنا من حجّنا سالمين». ولو أنني لا أستخدم الأمثال بالكثرة التي أحب، إلا أنها تستوقفني في دقتها وبلاغتها وعمق إيصالها للمقصود.🎯
لاحظت خلال بحثي في ذاكرتي وفي المصادر أن الكثير من الأمثال الشعبية توظّف حيوانات من بيئتنا، فتدلّ على جغرافيا منطقة بعينها، بينما تعزِّز صفة معينة قد تكون خبثًا أو شجاعة أو سذاجة. وهذا يشي بارتباطنا ببيئتنا ومعرفة كل كائن وما يتميز به، فيُبتدَع مثلٌ أو تشبيه يُسخَّر ليكون جزءًا لا يُستغنى عنه في حديثنا.✨🪽
في الطيور أمثال عديدة، فيقال عن المخادع والخبيث من الناس «ملهّي الرعيان»، وهو طائر صغير يتظاهر بالمرض والتعب عند رعاة الغنم والإبل، فيشفقون عليه ويتبعونه للتأكد من سلامته. وكلما اقتربوا منه طار أبعد حتى يُلهيهم عن قطعانهم فيضيعون. وهذا ينطبق على كثير من الناس الذين يُظهرون عكس ما يبطنون، وعلى صاحب السوء الذي يشغلك عن وجهتك بظاهر مرحه وخفّته، فيحيدك عن نيتك وطريقك، ويلهيك عن أعز ما تملك من قِيَم وطموح وأحلام، فلا تنتبه إلا وأنتَ بعيد عن كل ما يهمك. 😏🐦
ثم يأتيك «طير شلوى»، صديقٌ تغلب عليه الشجاعة ولا يهاب ردة فعلك عند تقديمه النصح لك، ويودّ الخير لك في كل أمرك، فيعيدك إلى حقيقتك وسبيلك. 🦅🌿
وفي الدواب أمثالٌ كثيرة أيضًا، فيقال «النية مطيّة» وهو من أجمل الأمثال وأبلغها بالنسبة لي. فالمطيّة الدابة التي تحمل الإنسان إلى وجهته، وكذا النية التي متى التزم بها الإنسان قادته إلى غايته. فتشبيه النيّة بالدابة التي يمكنها حملنا مهما ثقلت أحمالنا، رغم كل الصعوبات والعقبات، لكي تصل بنا إلى مبتغانا، فيه بلاغة ملهمة. 🐪💪🏻
أما إن كنت «مع الخيل يا شقرا»، فلا نية ستنفعك ولا مطيّة ستحملك. فالبقرة «شقرا» لم يكن لها رأي ولا حكم ولا وجهة، وكلما عَدَت الخيل من حولها همَّت تعدو معها، ظنًّا أنها خيلٌ مثلهم. ولو أنها تروّت قليلًا لأدركت أنَّ عَدْو الخيل ليس لها. وكذا نحن، لو نحكِّم عقولنا قبل اتباع كل ما نتبع، لأدركنا ما فيه خيرٌ لنا، وكوَّنا آراءنا ووجهات نظرنا ومسارات حياتنا دون تأثر أعمى. 🐄🐎
🧶 إعداد
شهد راشد
لمحات من الويب
«يذكِّرني السير في أثناء النوم، أنَّ ما تفكّر به في يومك يُحفَر في عظامك وأنت نائم.» يان ليانكه
لماذا الكوميديان في الواقع شخص غير لطيف؟
لعبة «أزرق والا أخضر»؟
على شاطئ صلالة.
قفزة إلى ماضي نشرة أها! 🚀
أعدُّ الرسائل الصوتية أشبه بأداة مونولوج مطوَّرة تُتيح للشخص التحدث بحرية عند عدم وجود شخص آخر على الخط ذاته. ☎️
رسائل الرفض تعني أني لا أزال أحاول، لا أزال موجودة على الخريطة، لا تزال لدي الرغبة في المواصلة وتحقيق ما أريد. 🤚🏻📨
نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.