كتب يستحيل على الذكاء الاصطناعي تأليفها 🤖
لكي ينتج الذكاء الاصطناعي عملًا إبداعيًا عليه أن يجد مثالًا ليقلّده؛ لأنه في النهاية مقلِّد وليس مبتكِرًا.
الذكاء الاصطناعي لن يكتب رواية عربية عظيمة
أشرف فقيه
لا أعتقد أن الذكاء الاصطناعي سيكون منافسًا للروائيين العرب، لا في المستقبل القريب ولا البعيد. الذكاء الاصطناعي لن يكتب رواية عربية عظيمة، وزعمي مبني على حجتين.
الأولى: إذا بسّطنا الأمور فيسعنا القول إن تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدية (وأشهرها تشات جي بي تي) تعتمد على مخزون بشري هائل من النصوص اسمه النموذج اللغوي (Language Model)، وهو الأساس الذي عليه تَبني مولدات الذكاء الاصطناعي النصية قدرتها على معالجة اللغة البشرية، ومن ثم التحاور معك أيها البشري العاقل ومجاراتك في الأخذ والرد.
قد تكون هذه الآلية فعّالة للدردشة أو كتابة ورقة بحثية أو مقالة؛ فالأمر هنا سيكون أشبه بالاقتباس ثم إعادة التحرير؛ لذا تبدو مقالات تشات جي بي تي ركيكة أحيانًا ويسهل كشفها.
لكن فيما يخص الكتابة التخيلية الإبداعية يختلف الأمر؛ فالنص الإبداعي، سواء أكان رواية أو قصة قصيرة أو قصيدة، هو إعادة إنتاج للكلام المحكي، لكن وفق أساليب فنية متفق عليها، بغرض شرح تصوّر إنساني ما، أو نقل تجربة ما بطريقة خلّاقة ومبتكرة، ويعتمد ذلك على الإرث اللغوي والثقافي للمؤلف الذي لا تمتلكه الآلة؛ لأنه إرث مبني على تفاعلك الآدمي مع معاني الأشياء؛ كالألم والشغف والفقد والانتماء.
كمثال بسيط، قد يفوقنا الذكاء الاصطناعي في القدرة على التفريق بين الكزبرة والبقدونس، لكن هل يسعه أن يكتب حبكة قصة بوليسية عن جريمة وقعت لأن الزوجة وضعت الكزبرة في السلَطة بدلًا من البقدونس؟ هل يمكن لخوارزم الذكاء الاصطناعي أن يستوعب الدلالات النفسية والأعراض الإنسانية التي قد يتمخض عنها موقف؟ هل يدرك الذكاء الاصطناعي مثلًا أن أبناء شمال الجزيرة لا يطعّمون قهوتهم بمسامير القرنفل؟ وأن الحجازي يضيف الورد المجفف إلى شايه؟ وأن استبدال الملوخية بالكرّاث لا يصح في مشهد يصف اجتماع نساء من القصيم ذات ضحى؟
إنه السياق الثقافي الذي تكلم عنه دنزل واشنطن، ولا يمكن أن يحيط به النموذج اللغوي لبرنامج الذكاء الاصطناعي ولو قرأ كل الأعمال الأدبية بكل لغات الأرض.
الحجة الثانية: حتى لو أحاط الذكاء الاصطناعي بكامل المنظومة الثقافية في وجدان أحدنا، وتمكن من قاموس مفردات لغتنا فإنه لكي ينتج عملًا إبداعيًا عليه أن يجد مثالًا ليقلّده؛ لأن الذكاء الاصطناعي في النهاية مقلِّد وليس مبتكِرًا.
هكذا نجد أن الذكاء الاصطناعي قد يجيد كتابة بحث أكاديمي؛ لوجود مخزون وافر متاح على الإنترنت من أمثلته. وقد يكتب سيناريو حلقة مسلسل للتلفزيون الأمريكي؛ لأن هناك أرشيفًا هائلًا من السيناريوهات الجاهزة التي يسعه أن يقرأها كلها في يوم واحد ثم يتعلم كيف يقلدها. قد تكون الأحداث خالية من الأصالة وغير مبتكرة، لكنها سليمة فنيًا وتنفع.
والآن لنتجه للمحتوى العربي على الإنترنت -لا يتجاوز ما نسبته 3%-، ولنأخذ أرشيف الروايات العربية المتاحة رقميًا والمنشورة منذ ظهرت أول رواية عربية بحسب التعريف الحديث (رواية زينب – 1913): هناك مئات الروايات، وتظهر عناوين جديدة كل سنة. لكن ما مدى جودتها الأدبية وقيمتها الفنية وقدرتها على الإبهار والتأثير وتشكيل الوعي الجمعي؟ لنتذكر أننا بدأنا المقالة بالحديث عن الرواية العربية العظيمة، أما رصّ الكلام فيقدر عليه حتى الأطفال. هل رواياتنا بتأثير وبلاغة روايات أميركا اللاتينية أو الأدب الروسي أو الياباني؟ هل يكتب الروائيون العرب أعمالًا تشبه ماركيز وتشيخوف وميشيما؟ وباستثناء نجيب محفوظ وبضعة أسماء أخرى معروفة، ما الروايات العربية الخالدة في التراث الإنساني؟
السؤال هنا متعلق بالكم والكيف معًا؛ لأن تطبيق الذكاء الاصطناعي كي يُنتج رواية أصيلة ذات معالجة مبتكرة وحبكة متماسكة وأسلوب رفيع، وهي الشروط الأساسية لأي عمل إبداعي محترم، فإنه ينبغي أن يجد أمثلة كثيرة ليتعلم منها ويتدرب عليها ويحاكيها، وإلا فإنه سيعتمد على مجموعة محدودة من النماذج الأساسية، وسينتج في النهاية نصًا هو تقليد فجّ لمحفوظ أو حنّا مينه أو رجاء عالم، أو مسخًا شائهًا هو كوكتيل غير متجانس بين تلك الأساليب المحدودة في عددها. هذا وإلا فإن النص الاصطناعي سيكون سامجًا ضعيفًا يفتقر إلى المعايير الفنية والأدبية العالية، عاكسًا غثاء الإنتاج وفقر الجودة، وسيكون عمره القرائي قصيرًا وعمره في ذاكرة القراء أقصر، وسنكون هكذا كأبي زيد: «كأنك ما غزيت»! لا كتبنا شيئًا بتأثير وقيمة «الحارس في حقل الشوفان»، ولا خدمنا خصوصية وثراء مشهدنا الثقافي الذي خذله الإنسان قبل أن تتلقفه الآلة الذكية.
توصيات أشرف فقيه لروايات لن يستطيع الذكاء الاصطناعي كتابتها ولو حاول:
«ساق الغراب (الهربة)»
ساق الغراب (الهربة)، ليحيى أمقاسم. رواية تدور في ماضي جازان بشخصيات من عشيرتين متنافستين، مكتوبة وفق أسلوب الواقعية السحرية بطريقة شديدة الخصوصية مغرقة في اللهجة المحلية. الكثير من أبناء جازان يجدون صعوبة في فهمها دون الاستعانة بجدّاتهم.
«مئة عام من العزلة» ومجموعة «الألف»
بالحديث عن الواقعية السحرية، الأعمال المكتوبة وفق هذا المذهب المخاتل، وأخص الأولى منها التي لم يكن لها سوابق يمكن أن يقلدها الكمبيوتر، تدخل في هذه التوصيات. منها «مئة عام من العزلة» ومجموعة «الألف» لبورخيس.
«الحرب والسلام» و«أغنية الجليد والنار»
الرواية الجيدة توظف كل شخصية في دور مناسب لها دون زيادة ولا إخلال، ويزداد التحدي مع زيادة عدد الشخصيات. رواية «الحرب والسلام» لتولستوي أحد نماذج الكمال الأدبي، فيها 529 شخصية، وسلسلة روايات «أغنية الجليد والنار» المستمرة فيها أكثر من 2100 شخصية.
«هل تحلم الروبوتات بخرفان آلية»
قد يعجز الذكاء الاصطناعي عن كتابة رواية خيال علمي عن مستقبل الذكاء الاصطناعي؛ لأنه لا يستطيع أن يتخيل مستقبله، ولا يفترض تعقيدات سوسيولوجية أو نفسية لمآلات علاقته بالبشر. إنه قد يقرأ كل أعمال آزِموف وهاينلاين ويخبط بعضها في بعض، لكنه لن يأتي بجديد. نرشح في هذا المقام أعمال فيليب كيه ديك وبالذات «هل تحلم الروبوتات بخرفان آلية»، التي تحولت إلى أفلام «بلايد رنر» (Blade Runner).
أعلنت «جائزة البوكر الدولية» (The Booker Prize 2024) قائمتها الطويلة لعام 2024. وضمت 13 عملًا روائيًا تُرجِم إلى الإنقليزية، من بينها رواية «أصدقائي» (My Friends) للروائي الليبي الأمريكي هشام مطر. وتعد الجائزة التي تمولها مؤسسة البوكر من أعرق الجوائز البريطانية في مجال الترجمة، وتُمنح سنويًا منذ 2016 لرواية أو مجموعة قصصية تُرجِمت إلى الإنقليزية ونُشِرت في بريطانيا وإيرلندا. تبلغ قيمة الجائزة 50 ألف جنيه إسترليني وتُقسّم بين المؤلف والمترجم.
أعلنت «هيئة الأدب والنشر والترجمة» فتح باب التسجيل للمشاركة في «ملتقى الترجمة 2024» في نسخته الرابعة، خلال الفترة من 3 إلى 4 نوفمبر 2024 في مدينة الرياض، الذي يهدف إلى تسليط الضوء على واقع مهنة الترجمة ومستقبلها، والنهوض بقطاع الترجمة في المملكة العربية السعودية، وتشجيع استخدام التقنيات الحديثة في الترجمة وتطويرها.
بعد النجاح الذي لاقته مذكرات «أتغير» صدرت حديثًا عن دار المدى سيرة «خيارات» للكاتبة والممثلة النرويجية ليف أولمن، بترجمة أسامة منزلجي. تتحدث الكاتبة في مذكراتها عن مشاعرها تجاه عالم التمثيل وحياتها العاطفية وعالم الأمومة، وعملها في منظمة الأمم المتحدة للطفولة.
توفيت الشاعرة والروائية الإيرلندية إدنا أوبراين عن عمر يناهز 93 عامًا، بعد معاناتها مع مرض عضال. حازت المؤلفة العديد من التكريمات، من بينها جائزة الخدمة الرئاسية المتميزة في إيرلندا، وجائزة نابوكوف للإنجاز في الأدب الدولي، وجائزة «فيمينا» الفرنسية عن مجمل أعمالها.
لغير المثقفين، الذين لا يربطون بين القراءة واحتساء القهوة، ولا يصوّرون أعمدة كتب تتجاوز أطوالهم نهاية العام. نشرة تصلك كلّ أربعاء تضم مراجعات للكتب، توصيات، اقتباسات… إلخ.