دعوة للسعي نحو الملل 🥱

الملل شعور له تعقيداته، نعيشه عند أدائنا مهمة أسهل أو أصعب مما تقدر عليه عقولنا.

إذا كنت موظفًا في العلاقات العامة، أو تتضمن مهامك التواصل مع مرشحين للتعاون مع الشركة التي تعمل بها، سيهمك معرفة أنَّ لنكدإن باتت المنصة الأولى للتواصل والتنسيق، بعدما أطاحت بتويتر من هذا المركز. هذا يعني أنَّ احتمال رد مرشح عليك من حسابه في لنكدإن أعلى من رده عليك في تويتر. 📨🤝

للعلم، تويتر (من بعد ما صار أكس) تقهقهر إلى الوسيلة الأقل استخدامًا لهذا الغرض؛ أقل حتى من الإيميل والمكالمات الهاتفية!


الملل / Imran Creative
الملل / Imran Creative

لماذا عليك أن تسعى إلى الملل؟

شهد راشد

لم أستسلم يومًا للملل، ولطالما اعتبرته ألدّ الأعداء. فعندما أسترجع طفولتي أتذكر الملل الذي ولّد ألعابًا غريبة، وحين أعود إلى فترات مراهقتي أتذكّر البرامج الوثائقية التي كنت أجد فيها ملاذًا عنه حتى لو كانت مملة بشكل ما، وبعد أن كبرت قليلًا صرت أتسلّح بالهوايات والأفلام لمواجهته. لم أعرف أبدًا كيف يكون الملل الحقيقي، لأنني أمتلك كل الوسائل لمجابهته؛ ولكن هل علينا الركض بالاتجاه المعاكس كلما اقترب منا الملل؟ 

ننظر إلى الملل كوحش مرعب لا بد أن نهرب منه، ولو لمحنا رأسه فإننا نصاب بالهلع. لا نريد أن نضجر، ولا نريد أن نسمع أطفالنا يشتكون من الملل، إلا أننا عبر السنين نجحنا (أشك في ذلك) في محاربته؛ فصرنا نلجأ للهوايات واللقاءات الاجتماعية، إلى أن حل عصر الجوالات، وتراجعت الهوايات، والنزهات، لتحصل ألعاب الفيديو ووسائل التواصل والمزيد من التسوق الهوسي وتناول الطعام على انتباهنا؛ فلا صناعة رابحة مثل تلك التي تتغذى على خوفنا من الملل

من المؤسف أننا اعتدنا نحن الكبار على أيامٍ مزدحمة ومليئة بالعمل والانشغالات والمتابعات ووسائل التواصل. نكدّس جداولنا حتى لا نترك لأنفسنا دقائق نجلس فيها دون فعل شيء، وعند جلوسنا في انتظار مستشفى يقتلنا الضجر والملل فلا نملك إلا التصفح العشوائي. 

نعم قد يكون التهرب من الملل رد فعل طبيعي، لكن الهرب المستمر اللاواعي يسرق منا مقدرتنا على الجلوس مع أنفسنا، وإفساح المجال لعقولنا كي تتجول بحرية دون تقييدها بمسارٍ يحدّها. فكم من فكرة مذهلة، أو حل رائع داهمك وأنت تقود سيارتك بصمت، أو تتمشى بهدوء وبلا وجهة، فقط لأنك أعطيت عقلك المساحة والسكينة. فدماغك يعمل طيلة الوقت بلا توقف، والملل والنوم هما فرصته لتخفيف عبء العمل عنه، وإعطائه متنفسًا. 

وحسب ما تقوله عالمة الأعصاب أليسيا والف «يمكن للملل أن يعزز الأفكار الإبداعية، ويعيد ملء خزانك، ويجدد سحر عملك، ويوفر فترة حضانة لأفكار العمل حتى تتكون. في تلك اللحظات التي قد تبدو مملة وفارغة وغير ضرورية تُعطَى الاستراتيجيات والحلول التي كانت موجودة طوال الوقت في شكل جنيني داخل عقلك مساحة لتنبض بالحياة». 

إذا كنت لم تقتنع بضرورة الملل فدعني أخبرك قصة. في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي كان لو سيشين يعمل كبير مهندسين في مشروع حكومي في الصين، ويتمحور عمله في الجلوس ساعات طويلة أمام جهاز الكومبيوتر دون مهمات قيّمة أو جادة تشغل وقته وتفكيره. وشيئًا فشيئًا بدأ خياله يحلّق ويدور ويغوص ويبتكر القصص لينقذه من اعتيادية أيامه، ليتمكن من تأليف عدة روايات من بينها الرواية الشهيرة «معضلة الأجسام الثلاثة» (3Body Problem)، ويصبح بذلك رائد أدب الخيال العلمي في الصين. نعم يمكن عزو ذلك إلى موهبته، ولكن الأمر يدفعنا إلى التفكر: هل كان عقله سيشعر بحاجة إلى خلق عوالم خيالية يلجأ إليها لو لم يجالس الملل طويلًا؟ 

الملل شعور له تعقيداته، نعيشه عند أدائنا مهمة أسهل أو أصعب مما تقدر عليه عقولنا، أو عندما نؤدي الأعمال نفسها يوميًا فلا يجد الدماغ أي حافز له. كما أنه شعور عنجهي؛ فنحن نتخذه ذريعة لنعت الآخرين والأشياء بأنها مملة، وهذا خطِر؛ لأننا نضع لافتة على أحدهم تقول إنه ممل من ثاني لقاء به ونلغي احتمالية معرفته أكثر، فقد يكون خجولًا أو هادئًا. كما نحرم أنفسنا متعة التعمق في المواضيع التي تبدو مملة في ظاهرها لكنها في الحقيقة أصعب مما تدرك عقولنا. 

ربما لست بحاجة إلى تقييد نفسك أمام شاشة، ولكنك بحاجة إلى تقليد الأطفال؛ فلا أحد يتعامل مع الضجر مثلهم، وقد يكون أكثر معلميهم ذكاءً. فهو يدفعهم إلى التعلم والسؤال والتفكير خارج كل الصناديق التي يحاول الكبار الخروج منها بإجبار أنفسهم على اتباع هذه التقنية أو تلك، على حين يفعل الأطفال ذلك تلقائيًا ودون جهد، بمجرد الفضول ومحاولات الاستمتاع. 


فاصل ⏸️


خبر وأكثر 🔍📰

الجو حار / Giphy
الجو حار / Giphy

أولمبياد باريس من غير تكييف!

  • ستخلو غرف القرية الأولمبية في باريس من أجهزة التكييف، وذلك ضمن مبادرة باريس بأن تكون الألعاب الأولمبية هذا الصيف صديقةً للبيئة، والدورة الأقل في إنتاج الانبعاثات الكربونية؛ وستعتمد على نظام تبريد مائي يخفف من حرارة الغرف. هذا القرار لم يلقَ أصداءً جيدة، لا سيما والعالم يشهد موجة حرارة هي الأعلى في السنوات الأخيرة. 🥵🌬️

  • الدول الكبرى المشاركة ستحضر أجهز التكييف المحمولة مع بعثاتها الأولميبة، إذ تضع مصلحة لاعبيها أولًا على قرار باريس البيئي، من تلك الدول أمريكا وبريطانيا وكندا. وفي حال أخذت الصين واليابان القرار نفسه سيعني هذا تركيب أجهزة التكييف في أكثر من نصف غرف القرية. ✈️❄️

  • عدم المساواة في توافر أجهرة التكييف بين جميع البعثات يعني أنَّ لاعبي الدول الفقيرة وبعض الدول النامية سيعانون أجواء حارة في غرفهم على خلاف منافسيهم من الدول الغنية، مما يعني أيضًا اختلالًا في الفرص بينهم. والسؤال: هل محاولات باريس دعم البيئة يبرر فرض هذه التفرقة الطبقية والصحية بين اللاعبين؟ 🏃🏻‍♂️⚖️

🌍 المصدر


شبَّاك منوِّر 🖼️

هل قيمتك الجمالية من قيمة أغراضك التي تقتنيها؟ فنحن نعيش في عصر الاستهلاك الذي له عوائده المرعبة على الكوكب والناس، وبات حالنا مثل هؤلاء الناس في هذا الإعلان المتشبثين بفكرة الاقتناء والاحتفاظ، فأصبحنا عاجزين عن رؤية الغرض الجميل وتقدير جماله دون ضرورة اقتنائه. 💎🤜🏻

  • ربما علينا البدء بالتعامل مع تلك الحقيبة أو النظارة التي لن نجد مكانًا لها في أدراجنا على أنها قطعة فنية في متحف العالم المفتوح نتأملها ونعجب بها ونتركها، وأن نذكر أنفسنا بأننا لن نتمكن أبدًا من الإحاطة بالجمال بالاقتناء المفرط، بل بالبحث عنه خارج حدود ما يُشترى. 👋🏻👛

  • يقول المؤلف روجر سكروتون في كتاب «الجمال»: «على الرغم من أننا نقدّر الدائم فإننا نعي أيضًا زوال روابطنا بهذا العالم، ولدينا رغبة طبيعية للتعبير عن هذا الوعي بشكل استطيقي وجماعي. وثمة ثقافات - أبرزها اليابانية التقليدية - تركز فيها جماليات الحياة اليومية في كل ما هو زائل وتلميحي ومتحرك. وأمثال هذه الثقافات مرتبطة بالعادة والقواعد الاجتماعية، حيث تمثل الطقوس اليابانية في تقديم الشاي توضيحًا لجماليات الزوال، وحيث الهدف هنا تحديدًا رصد تفرد المناسبة وزوالها». 🍵👁️

  • أُسوة بالثقافة اليابانية التقليدية، أظن أن علينا تقدير العادات الإيجابية -سواء اجتماعية أو فردية- وإحياء تلك التي بدأت بالتراجع، واستشعار الجمال في تفاصيلها، مثل إعداد القهوة، ونقش الحنّاء، حتى العادات المرتبطة بالكرم الذي لا يزال حاضرًا. وقد يكون تأملنا للجمال واستشعارنا عذوبته في عاداتنا وتفاصيل أيامنا إشباعًا قيّما لرغبتنا البشرية التي تلهث خلف الجمال، واستيعابًا لزواله الحتمي.  🪁💚

🧶 إعداد

شهد راشد


لمحات من الويب


قفزة إلى ماضي نشرة أها! 🚀

  • في ظل الحملات المنادية للحفاظ على البيئة، هل سنرى في المستقبل القريب كلمة «لحم مخبري حلال» مطبوعة على قوائم المطاعم ومنتجات اللحوم؟ 🍔

قد تكون ثقافة إعادة مزج الإبداعات هي التوجه المقبل في عالم منصات الموسيقا، وحينها لن يستنكرها أحد. 🎤

نشرة أها!
نشرة أها!
منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+640 مشترك في آخر 7 أيام