موت د.لندي وخنازير الجاحظ وطبق سالومي
أعرف كيف أكتب مقالة تجمع هذه النقاط الثلاث في سياق واحد، وأعرف ما المنظور الجديد الذي يمكن أن أعطيه القارئ، لكن سيتطلب الأمر الكفَّ عن «طفولتي» وإسدال الستار عن الظلمة الكامنة فيَّ.

بعد عام من إعداد نشرة أها! بكل حب من محترفي الصغير في الكويت، أعدُّها اليوم مع فريق الإعداد الرائع بكل حب من مكتب ثمانية في الرياض. 🫶🏻💌
من الفروقات المهنيَّة البسيطة التي سأعيشها بقية هذا الأسبوع قبل عودتي إلى الكويت، أنَّ خيار إطفاء الكاميرا أثناء الاجتماع ليس متاحًا، وبالتالي سأضطر إلى تمشيط شعري! 🤷🏻♀️
في عددنا اليوم 📨 أشاركك مقالًا شخصيًّا عن كتابة المقال، وكيف كادت بلدية باريس تهدم مختبر ماري كوري، وما الخطوات التي تحتاج إليها لكي ترعى نبتتك المنزلية، وما الضغوطات النفسية التي يتعرَّض لها صانع المحتوى اليوتيوبي الناجح. ❤️
إيمان أسعد

موت د.لندي وخنازير الجاحظ وطبق سالومي
النقطة الأولى: موت د. لندي
في الثامن من أكتوبر وصلتني رسالة على فيسبوك من د. آيلين لندي، أستاذتي الأمريكية في برنامج ماجستير الدراسات الأمريكية في الجامعة الأردنية، تنقل إليَّ فيها خبر وفاة زوجها د. إدوارد لندي الذي كان أيضًا أستاذي في البرنامج نفسه. وفي هذه الرسالة أخبرتني أنَّه رغم مرور 18 سنة على تدريسه إياي، وانقطاع التواصل بيننا، ظلَّ يتذكرني حتى أيام مرضه الأخيرة.
كانت لديه آمال عالية بأن أكون كاتبة مقال (essayist) فريدة من نوعها. (هي لم تخبرني بذلك في رسالتها، هو أخبرني بذلك لدى وداعي إياه في 2005.) وقبل أن يفكَّ قبضته عن يدي اليمنى يومها (كانت لديه عادة مصافحتي بقوة، يسحبني خطوة إليه بكلتا يديه، وكأنما يحاول إرغام طفلة على الخروج من قوقعتها) كرَّر عليّ نصائحه الثلاث:
«اجمعي بين النقاط المختلفة (connect the dots)، وأعطيني منظورًا جديدًا (?So What)، ولا تخبَّئي الظلمة الكامنة فيكِ (Don't hide the darkness in you).»
حتى اللحظة لم أجب رسالة د. آيلين.
النقطة الثانية: خنازير الجاحظ
اكتشفت تطبيق أبجد متأخرة، لعدم اقتناعي بفضيلة القراءة الإلكترونية. لكن منذ وجدت عليه رواية «تفصيل ثانوي» بعد نفادها من «تكوين» وحاجتي إلى قراءتها لأعد ورشة ترجمة الأدب الفلسطيني، بات من تطبيقاتي المفضلة، وعليه قرأت الكتاب المذهل «الكتابة والتناسخ: المؤلف في الثقافة العربية» لعبدالفتاح كيليطو.
في فصل «النوادر»، تحت العنوان الفرعي «الجاحظ والخنزير والشيطان»، ينبهنا كيليطو على عملية مسخ الخنزير في الحكايات قائلًا:
«مسخ الخنزير عملية لا رجعة فيها. كثيرًا ما نلفي في الحكايات شخصيات مسخها الجنُّ أو السحرة.. قردة وتماثيل من المرمر أو البرونز، لكنها غالبًا ما تستعيد صورتها الإنسانية التي كانت لها في الأصل. أما الخنزير فيظلُّ خنزيرًا على الدوام. والأدهى من ذلك أنَّ مسخه من الشدة بحيث لم يحتفظ بأدنى أثر عن إنسانيته السابقة التي ذهبت بلا رجعة.. ولن يعرف أبدًا أنَّه كان إنسانًا.»
لدى قراءتي هذا التأويل، فورًا تذكَّرت فلم ميازاكي الشهير «سبيريتد أواي» (Spirited Away) وعقوبة الساحرة لوالديْ الطفلة «تشيهيرو» النهمين، بأن مسختهما إلى خنزيرين لن تميزهما الطفلة من بين الخنازير الموجودة في الحظيرة. عقوبة «عدم التمييز» تبلغ ذروتها في المشهد الأخير، إذ تمتحن الساحرة الطفلة وتعدها بمنح والديها العفو، وإعادتهما إلى الصورة التي تتذكرهما عليه قبل انهيار عالمها، إن هي نجحت في تمييزهما.
النقطة الثالثة: طبق سالومي
هذه الأيام أنا مولعة بقراءة كتاب رينيه جيرار «رغباتنا كلُّها رغبةٌ في الكينونة» «All Desire is Desire for Being». الكتاب تجميعٌ لمقالاته، يحلل فيها مشاهد مألوفة للذاكرة والمعرفة الإنسانية لكن انطلاقًا من نقطة تفلت من إدراكنا الجمعيّ لها. من تلك المقالات، مقالة «الفضيحة والرقصة: سالومي في إنجيل مرقس».
منطلق المقالة هو هذا السؤال: لماذا طلبت سالومي أن يوضع رأس يوحنا المعمدان على طبق؟
الطبق هو التفصيل الصغير الطاغي الذي جعل هذا المشهد وحشيًّا، وسخَّرته الأدبيات واللوحات الاستشراقيَّة التي تناولت هذا المشهد من منظورٍ صوَّر سالومي بأنها امرأة يافعة وجذَّابة ومغرية وداهية. لكن من قال إنَّ سالومي كانت امرأة بهذه الصفات؟ وفقًا لتحليل جيرار، سالومي كانت مجرَّد طفلة «صبيَّة صغيرة»، وتصرَّفت تمامًا كما الأطفال.
وفقًا للرواية في إنجيل مرقس، بعدما انتهت سالومي من رقصتها ونالت إعجاب الملك هيرودس، وبعدما سمعت وعده لها أمام ضيوفه من عليَّة القوم بأن يمنحها ما تريد، حتى لو أرادت نصف مملكته، لم تعبِّر عن رغبتها الشخصية، بل هرعت إلى أمها هيروديا تسألها عمَّا يجب أن تطلب. وهذا تمامًا، يقول جيرار، تصرُّف الأطفال؛ لأنَّ الأطفال لا رغبات حقيقية لهم، ويعتنقون رغبات والديهم كأنَّها رغباتهم. وسالومي تصرَّفت مثل أي طفلة مطيعة.
الدليل الآخر على طفولية سالومي أنَّ كل ما قالته أمها ثلاث كلمات «رأس يوحنا المعمدان». لكن حين هرعت سالومي مرة أخرى إلى الملك قالت «أريد أن تعطيني في هذه الساعة على طبق رأس يوحنا المعمدان.»
فمن أين جاء تفصيل الطبق؟ لم يأتِ من هيروديا، بل جاء من تفسير سالومي الطفولي لرغبة أمها: هي تصوَّرت أن أمها تريد حرفيًّا «رأسه» لكن هيروديا في الواقع كان يكفيها قتله بأي طريقة. وحتى يصل رأس يوحنا إلى هيروديا فمن المنطقي أن يُحمَل على طبق. وأضافت سالومي هذا التفصيل لكي تظهر بصورة الفتاة الذكية أمام أمها وترضيها.
وهذا التفصيل «الطفولي» في محاولة فتاة صغيرة إثبات ذكائها لأمها هو ما صنع المشهد الدموي المروِّع.
أعرف كيف أكتب مقالة تجمع هذه النقاط الثلاث في سياق واحد، وأعرف ما المنظور الجديد الذي يمكن أن أعطيه القارئ، لكن سيتطلب الأمر الكفَّ عن «طفولتي» وإسدال الستار عن الظلمة الكامنة فيَّ.
وأعرف أني لو كتبتها لكانت خليقة بأن تنال إعجاب د. لندي.
خبر وأكثر 🔍 📰

بلدية باريس كادت تهدم مختبر ماري كوري!
التوسُّع الجامعي يهدِّد إرث ماري كوري! كان يُفترض أن تتحرَّك جرافات بلدية باريس يوم الاثنين (البارحة) إلى شارع 26 في الحي اللاتيني والذي يقع على امتداده مختبر العالمة الأشهر والمرأة الأولى الحاصلة على جائزة نوبل «ماري كوري»، بهدف هدم أحد المباني الثلاثة من المختبر «بافليون دي سورس». ليس هذا فحسب، بل كانت ستجرف أشجار الليمون وأشجار الدلب التي زرعتها العالمة بنفسها في الباحة.🔬🌳
إنقاذ في آخر لحظة! مجهودات الناشطين ومناشدتهم الرئيس إيمانويل ماكرون ووزراء الحكومة أدَّت يوم الجمعة إلى تعليق قرار الهدم. وصرَّح النشطاء أنَّ التعليق انتصارٌ مؤقت، إذا لا يزال المختبر تحت خطر الهدم في أية لحظة إن لم ينل حماية قانونية بصفته نصبًا تاريخيًّا.🔐🏫
بلدية باريس لا تبالي بالتاريخ! في مارس العام الماضي وافقت بلدية باريس على طلب هدم المبنى الذي صممه «هنري بول نينو» عام 1914، لكي تبني في محلِّه مبنىً متعدد الطوابق. لكن ستيفان بيرن، الصحفي الذي كلفه «ماكرون» عام 2017 بإعداد قائمة حصر المباني التاريخية غير المعروفة، قال إن عملية الهدم خطأٌ فادح، في حين تبرر البلدية قرارها بأن العالمة لم تعمل أبدًا في «بافليون دي سورس» وهو ما ينكره النشطاء. 😡🏗️
تهميش تراث ماري كوري بسبب التمييز الجندري؟ صرَّح رئيس حملة الحفاظ على المختبر بابتيست جيانزيللي أنَّ في عام 1981 كل المباني المرتبطة بعمل لويس باستور صُنِّفت مبانٍ تاريخية بسهولة! وتقول كلودين مونتيل -مؤرخة ودبلوماسية فرنسية ومؤلفة عدة كتب عن العالمة- لو كان المكان عائدًا لرجل بشهرة ماري كوري هل كان سيُهمَل ويهدَم؟ 👩🏻🔬🏚️
🌍 المصدر
شبَّاك منوِّر 🖼️

🧶 المصدر
Tariro Mzezewa
لمحات من الويب
صانع محتوى يوتيوبي يقرر التخلي عن موظفيه، ويشارك في محتواه الأخير الضغوط على صنَّاع المحتوى.
«iA Presenter» تطبيق ذكاء اصطناعي يعد بمساعدتك على تحسين عرضك التقديمي.
يسعدهم المخماسيات وكل نساء فلسطين.
قفزة إلى ماضي نشرة أها! 🚀
كما أدخلت التقنية كلمات جديدة على كلامنا، فهي تدفعنا أيضًا إلى تغيير طرقنا في التعبير. ليس بهدف الابتكار، بل هروبًا من الحظر والرقابة. 🤭
قد تتخلل مسلسلات المستقبل إعلاناتٌ موجهةٌ لنا شخصيًا ونُجبَر على مشاهدتها بسبب وقوع أعيننا صدفةً على غرضٍ ما في البرنامج الذي كنا نتابعه. 👁


نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.