لا تحوّل عميلك إلى منافسك

إن كنت صاحب منتج يتقاضى رسوم تأخير من المستهلكين، فربما تلهم أحدهم في تقديم منتج يتفوق به عليك ويسلب منك عملائك.

في الطريق لزيارة أحد الأصحاب في الرياض، كلمني يعتذر عن تأجيل الموعد ليصبح بعد ساعتين. وقفت في أقرب محل قهوة. لم أرد شرب قهوة وقتها وخجلت من الجلوس دون أن أطلب. وعند المحاسب وجدت ماء «فوجي» فشعرت بنوستالجيا إلى أيام شرائي إياها في أمريكا فطلبتها، ودفعت ستة ريالات ثمنًا لها. 

صوّرت العلبة ونشرتها في قصص السناب شات كذكرى من أيام الابتعاث. فجاءني تعليق دفعني إلى كتابة هذه التدوينة. سمع أحد المتابعين صوت أذان المغرب في رمضان وكان عطشان، ولم يجد إلا مطعمًا تبدو أسعاره مرتفعة وطلب ماء واشترى  القنينة بخمسة عشر ريال. يقول الرجل إنّه يحتفظ بالقنينة حتى الآن في بيته ولم يشربها من حسرته على ما دفع. 

ما حدث، أنَّ الإنسان لديه نزعة نحو «كره الخسارة» (loss aversion)، ومستعد أن يركز على عدم الخسارة أكثر من تركيزه على الربح. حينها تذكّرت حسرة مشابهة لحسرة المتابع، وأعني حسرة الشريك المؤسس لنتفلكس، ريد هستنقز، حين كان مجرد عميل عاديّ في التسعينيات لدى بلاكبستر ودفع أربعين دولارًا رسوم تأخير، فكانت خسارة مؤلمة جداً! 

بعدها بدأ يتساءل إن كان ممكنًا صنع نموذج عمل مربح دون أن يتسبب بألم وحسرة عند المستهلك، وأيضًا -بتعبير ريد- دون أن يشعر العميل بالغباء بعدها، أسس ريد هستنقز نتفلكس. فكان الباعث الأهم على بناء هذه الإمبراطورية الحسرة على مبلغ بسيط لكنه مؤثر.

ريد ليس العميل الوحيد الذي يتأخر في إرجاع الأفلام. في عام 2000، حصلت بلاكبستر على 800 مليون دولار إيرادات من رسوم التأخير. والذين دفعوا هذا المبلغ هم فعليًا من تحوّلوا لاحقًا إلى خدمة نتفلكس التي لا تفرض عليهم عقوبة الدفع. وفي 2010، أعلنت بلاكبستر إفلاسها

كان بإمكان بلاكبستر تغيير نموذج العمل وعدم أخذ رسوم تأخير، ولكن من الأحمق الذي يرفض مصدر دخل سهل جدًا؟ لم تتوقع بلاكبستر إيقاف عملائها اشتراكاتهم، فقد أعماهم الغنى، وعند صعود الأسواق، ينسى المرء احتمال هبوطها ثانية.

لذلك إن كنت صاحب منتج يتقاضى رسوم تأخير من المستهلكين، أو تبيعهم قنينة الماء بأغلى من سعرها، فربما تلهم أحدهم في تقديم منتج يتفوق به عليك ويسلب منك عملائك.

الاستهلاكيةالعميلالمنتجاتالرأي
نشرة أها!
نشرة أها!
منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+380 متابع في آخر 7 أيام