بصمتك الكربونيّة على سلاح الجريمة
مشكلتنا مع «البيئة» أعقد بكثير من مجرد غازات مصانع وعوادم سيارات؛ منظومتنا الحضارية بأسرها متعارضة مع معيار الأمان البيئي.
مع الانهيار الأخير لأسعار العملات المشفرة، فإن نوعين من الناس أحسوا بالراحة: أولئك الذين لم يستثمروا بعد في البتكوين، وأولئك المؤمنون بتأثير الإنسان الحاسم على التغيّر المناخي.
فوفقًا لـمنصة «ديجيكونومست» (Digiconomist)، المهتمة بمتابعة مؤشرات استهلاك الطاقة المتعلقة بعمليات تعدين عملة البتكوين، تستهلك هذه العملة 204.50 تيراواط / ساعة من الكهرباء سنويًا؛ ما يعادل استهلاك تايلاند، وما يساوي البصمة الكربونية لدولة الكويت.
تُعرّف البصمة الكربونية بأنها إجمالي الغازات الدفيئة -كثاني أكسيد الكربون والميثان- الناتجة عن الانبعاثات الصناعية أو الخدمية أو الشخصية. وتعد البصمة الكربونيّة أساسية في خلق ظاهرة الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية المدمرة المرتبطة بها.
وبالحديث عن الغازات، فليس سرًا أنَّ صناعة اللحوم تُعد إحدى أسوأ ملوثات البيئة بشهادة الأمم المتحدة. فتعداد الأبقار حول العالم وصل لدرجات غير مسبوقة تاريخيًا لدرجة أنَّ الغازات التي تفرزها أمعاء ملايين وملايين الأبقار باتت ملوثة للجو أكثر من محركات السيارات.
وإذا كنت -عزيزي الذي يقرأ هذا المقال من جوّاله- تحسّ بالرضى عن نفسك لأنك لا تتعامل بالعملات الرقمية العجيبة، أو لأنك نباتي لا تستهلك اللحوم، فيؤسفني أن أخبرك بأنك لست بريئًا من تهمة التواطؤ على تذويب جليد القطبين أو زيادة عدد ذرات الكربون في الغلاف الجوي.
فشركات الإنترنت والتقنية تستهلك كهرباء وافرة. وتوليد الكهرباء يسهم في 25% من إنتاج غازات الدفيئة عالميًا. بل تمثل البصمة الكربونية لأجهزتنا الذكية المرتبطة بالإنترنت والأنظمة التي تدعمها حوالي 3.7% من انبعاثات الاحتباس الحراري العالمية، المعادل لما تنتجه صناعة الطيران.
هكذا نجد أن مشكلتنا مع «البيئة» أعقد بكثير من مجرد غازات مصانع وعوادم سيارات؛ منظومتنا الحضارية بأسرها متعارضة مع معيار الأمان البيئي. إلا إذا كنا نقرأ مظاهر «احتضار الكوكب» بشكل خاطئ، ونفسر «التغيّر المناخي» بشكل مغلوط.. وهذا موضوع مختلف بالكلية.
نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.