ليلة رمضان

عن التغيرات التي طرأت على العادات الاجتماعية خلال الشهر المبارك.. أشياء غيرتنا: الموسم الرمضاني.  

في افتتاحية الموسم، نتحدث عن الليلة التي يبدأ معها كل شيء، ليلة رمضان. نستذكر معًا مشهد العائلة ملتفةً حول التلفزيون، في انتظار إعلان إذا ما كان الغد متممًا لشهر شعبان، أو بداية رمضان. كما نستعرض هذه الليلة في سياقاتها التاريخية المختلفة، وكيف كان الإعلان بالإذاعة قبل التلفزيون، وبالمدافع قبل الإذاعة، وبمبعوثي القاضي -والطلقات النارية- أحيانًا.  

أما المشهد بعد إعلان دخول الشهر، فيختلف كليًا عمّا سبقه، إذ تنتشر التهاني والتبريكات، التي كانت تتم عبر الهاتف قبل تطور الرسائل النصّية ووسائل التواصل الاجتماعي. ثم تأتي العبادة الرمضانية الأولى لهذا الشهر، وهي صلاة التراويح التي يجهّز لها أئمة المساجد منذ أسابيع. وبعدها ينطلق كلٌ في سبيله، فيملأ الأطفال الشوارع بدراجاتهم وألعابهم النارية، ويبدأ الشباب ببناء ملاعب كرة الطائرة، الرياضة التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا برمضان في السعودية، لما تتطلبه من مجهود بدني خفيف من جهة، ولسهولة لعبها ليلًا من جهة أخرى، وتُرى ملاعبها منتشرة أينما وُجدت أعمدة الإنارة.

هذا المشهد الحي في الشارع يختلف باختلاف الموسم طبعًا. ففي الصيف، يستمتع الأطفال والشباب باعتدال الجو في الليل، وبتحررهم من الالتزامات الدراسية في النهار، فيسهرون ويلعبون في الشارع طوال تلك الليلة. أما في الشتاء، فيعودون بعد التراويح مسرعين، وتقتصر ألعابهم على ما يمكنهم لعبه في الداخل، مثل الكيرم والبلوت، ولا يسهرون الليل كلّه لأنهم سيدرسون حتى الظهر في اليوم التالي.

لكن أيًا ما كان الموسم، فلا بد أن يتجه الآباء والأمهات إلى الأسواق في هذه الليلة لاستكمال ما فاتهم من مستلزمات الشهر، من مواد غذائية وأواني طعام، وهي أشياء اعتادوا إنجازها قبل هذه الليلة بأيام وأسابيع. ولكن لا مفر من نسيان علبة عصير، أو انكسار وعاء الشوربة قبل الحاجة إليه بأيام. وفي هذه الأجواء، قد يسهر كبار السن مع البقية على غير عادتهم. 

ثم يقترب الفجر، وتلتف الأسرة حول سفرة السحور، الوجبة الرمضانية الأولى. بعد أن يفرغوا، يبدأ العد التنازلي للأذان، يقضونه في الحديث بينهم، أو في ارتشاف الماء كل عشرين ثانية. ثم يؤذن للفجر، معلنًا بدء الشهر المبارك.