رسالة استنجاد من قائد فيتنامي إلى سفينة حربية أميركية
يوم سقوط سايقون، حاول قائد فيتنامي الفرار بعائلته في رحلة كادت تودي بحياتهم لولا رسالة أسقطها مع مسدسه على سطح سفينة حربية أميركية.
هذا نص رسالة مكتوبة بخط يد قائد فيتنامي ومربوطة بمسدس بعد سقوطها على السفينة الحربية الأميركية:
هل بإمكانك تحريك الطائرة المروحية للجهة الأخرى، بإمكاني الهبوط على مدرّجكم، أستطيع الاستمرار في الطيران لساعة أخرى، لدينا الوقت للتحرّك. أرجوكم أنقذوني.
القائد بوانق والزوجة والأطفال الخمسة
في ذلك اليوم، تفاجأ طاقم سفينة USS Midway من رؤية طائرة مروحية صغيرة بمقعدين تقترب من السفينة ثم تدور حولها. كان قائد القوات الجوية الفيتنامية الجنوبية بوانق – لي على متن الطائرة برفقة زوجته وأطفاله الخمسة بعد هروبهم من إحدى الجزر في جنوب فيتنام.
فبعد سقوط مدينة سايقون في فيتنام الجنوبية على يد قوات الجيش الفيتنامي الشمالي، اضطر العديد من الفيتناميين الجنوبيين للهرب خوفًا من أن تتهمهم الجيوش المحتلة بمساعدة الأميركان، إذ كان أفراد الجيش الشمالي يقتلون كل من يعتقدونه خائنًا، فيخرجونهم من بيوتهم عنوة ويقتلونهم وعائلاتهم أمام الناس لإيصال الرسالة.
لهذا حدثت عملية إخلاء أميركية للمواطنين الأميركان والفيتناميين المعرّضين للخطر. وذلك في الثلاثين من أبريل عام 1975، آخر يوم في الحرب الفيتنامية. كان أحد الذين هربوا القائد بوانق، الذي أخذ زوجته وأطفاله الخمسة معه، وتزاحموا في طائرةٍ مروحية صغيرة صُنعت لشخصين، ليُفاجؤوا بأن أملهم الوحيد، السفينة الأميركية «ميدواي»، لا تملك مكانًا شاغرًا للهبوط، ولا يملك بوانق أي طريقةٍ للتواصل معهم.
وفي محاولةٍ يائسة، قرر بوانق استخدام إحدى أقدم وسائل التواصل: الرسائل. فأخذ أوراقًا فيها تعليماتٌ وخرائطَ من قُمرة القيادة، وكتب رسالته.
رسائل من قائد فيتنامي
أخذ القائد بوانق يرمي أوراق رسائله من الطائرة سعيًا في طلب المساعدة من طاقم السفينة، خائفًا من أن يظنوه عدوًا فيُسقطوه، أو ينتهي وقوده فيسقط. إلا أن عملية إسقاط الأوراق كانت عملية فاشلة، فارتفاع الطائرة وعاصفة الهواء حولها حالتا دون وصول رسائله إلى هدفها. يائسًا من هذا الوضع، قرر بوانق أن يربط إحدى الرسائل بمسدسه، في محاولةٍ أخيرة لإسقاطها على السفينة، فسقطت أخيرًا، وتمكّن الطاقم من قراءة الرسالة المكتوبة بلغة إنقليزية ضعيفة.
الكابتن لاري تشامبرز
اتخذ الكابتن لاري تشامبرز القرار بالسماح للطائرة المروحية بأن تهبط على سفينتهم الحربية، بالرغم من أن الطائرة لم يكن لديها خطاف ذيل، وكانت خطيرة للغاية.
استدعى الكابتن لاري تشامبرز، والذي كان على أطراف أعصابه طوال هذه المحنة، كل أفراد الطاقم إلى ظهر السفينة. ثم أمرهم بإزاحة كل ما يستطيعون إزاحته إلى أسفل. أما ما لم يستطيعوا إنزاله في وقتٍ قصير، فقد أمرهم برميه عن ظهر السفينة. تسبب هذا القرار برمي درازن من الطائرات المروحية في المحيط، تُقدر قيمتها بأكثر من 10 مليون دولار أميركي!
استطاع بوانق أخيرًا أن يهبط على سطح السفينة بسلام، مع احتفاء الطاقم وتصفيقهم. كانت قصّة بوانق مؤثرةً بشكلٍ عالٍ على طاقم السفينة، لدرجة أنّهم قاموا بجمع التبرعات لدعم حياته الجديدة كلاجئٍ في أميركا. في عام 2014 التقى بوانق وتشامبرز مجددًا في حفلٍ تكريمي، وجلب بوانق عائلته معه.