التنبيهات المزعجة

مع دخولنا عصر الهواتف الذكية والتطبيقات، أصبحت التنبيهات المزعجة أحد أهم عوامل التشتيت في جميع الأوقات، سواء أثناء العمل أو حتى في وقت العائلة.

من يعرفني يدرك مدى كرهي للتنبيهات الكثيرة، التي تستهلك تركيزنا وتنغص مُتعنا، في عصر الهاتف “الغبي” كانت التنبيهات ثلاثًة أو أربعة، تنبيه الاتصال، وتنبيه الرسالة، ومنبه الاستيقاظ، و منبه شحن البطارية، لم نكن نغرق في الكثير من الإزعاج. ومع بزوغ فجر الهواتف الذكية وظهور التطبيقات غرقنا في الازعاج، فكل تطبيق يريد أن يخطف من وقتك بضع ثوان، وهو أشبه ما يكون بالبائع الذي يقف أمام محله، ويناديك بأجمل الأوصاف لعله يجذبك ويبيعك شيئًا لا تريده.

تحذر كل من أبل و Google من إساءة استخدام التنبيهات من أجل الترويج أو الإعلان للتطبيق نفسه. تشير أبل في الفقرة 4.5.4 من القواعد الإرشادية لمطوري التطبيقات:

إن استخدام التنبيهات من أجل التّرويج المباشر والإعلان للتطبيق هو أمر ممنوع ومخالف.

بإمكاننا فهم هذه الفقرة بطريقة مختلفة، وهي أنه لا يوجد ما يمنع أن يروج التطبيق لنفسه فقط عبر التنبيهات، ولكن الإعلان لتطبيق آخر أو التّرويج لخدمات أخرى لا صلة لها بالتّطبيق تعتبر مخالفة صريحة للقوانين، وقد قمت بتوجيه هذا السّؤال إلى أبل ولكن لم أتلقى منهم أي جواب رسمي.

للأسف، Google ليست بحالٍ أفضل أيضًا، فسياسة الترويج لديهم ليست واضحة فيما يخصّ هذه التّنبيهات، وهم يكتفون بالتحذير من استخدام الأساليب المخادعة من أجل دفع المستخدم إلى تنزيل البرامج عبر سوق Google play، أو استخدام إعلانات تشبه تنبيهات النظام من أجل خداع المستخدم، كتلك التي تخبرك بوجود برنامج خبيث في هاتفك دافعة إياك إلى تنزيل تطبيق حماية لا فائدة منه.

لم أستطع العثور على طريقة

كي لا أظلم أحدًا نزّلت تطبيق المسافر ونمشي وكريم، وقد وقع اختياري على هذه التطبيقات لأنها تستخدم تنبيهات النظام من أجل الترويج والتسويق لنفسها. لكن هدفي، كان محاولة معرفة إذا كان بإمكاني إطفاء التنبيهات الترويجية عبر الإعدادات.

بعد أن قمت بتنزيل التطبيقات الثلاث، لم أستطع العثور على طريقة لإيقاف التنبيهات الترويجية، يمكنني في نظام iOS أن أقوم بإيقاف التنبيهات من الظهور عبر إعدادات النظام نفسه، لكن هذا غير عمليّ، ففي حالة كريم مثلًا سأحتاج إلى الحصول على تنبيه حين يصل السائق، ولكنني لا أريد الحصول على تنبيهات متعلقة بتخفيضات الأسعار وغيرها من الرسائل الترويجية.

لأستوضح الأمور أكثر، تواصلت مع كل من كريم ونمشي والمسافر ووجهت لهم سؤالًا واضحًا “لماذا تستخدمون هذه التنبيهات مع أنها مخالفة لسياسة الاستخدام؟”، مضت أسابيع على مراسلتي لهذه الشركات ولم أتلقى أي رد منهم، هذا الشيء يدفعك للتساؤل، هل تتعمّد هذه الشركات مخالفة سياسة كل من أبل و Google؟ هل ترسل هذه التّنبيهات عن جهل وتقليد؟ أذكر في السابق أن أوبر كانت تستخدم هذه التنبيهات ولكنّها توقّفت ولم تعد هذه التّنبيهات إلى الظّهور لدرجة أنني نسيت وجود تطبيقها على هاتفي.

وجهة نظر الشركة تجاه هذه التّنبيهات

بعد إصابتي بالإحباط، تواصلت مع أحد الأشخاص -وقد فضّل عدم ذكر اسمه- ممن يعملون في شركة تستخدم هذه التنبيهات من أجل الترويج لنفسها، وشرح لي عن وجهة نظر الشركة تجاه هذه التّنبيهات.

حين سألته عن مخالفتهم الصريحة لسياسة أبل وGoogle وضح لي:

“تتشدد أبل وGoogle في سياساتها قليلاً كي تحمي نفسها، وكذلك لإعطاء نفسها الحق في اتخاذ أي إجراء ضد التطبيقات التي قد تخالف سياستها”

كما يضيف أن العديد من تطبيقات التجارة الإلكترونية تعطي نفسها الحق القانوني بأن ترسل لك الإعلانات سواءً عن طريق التنبيهات أو البريد الإلكتروني ويبدو أن هذا الشيء مذكور في اتفاقية المستخدم التي نوافق عليها على مضض. قد تدرك كل من أبل وGoogle أن بعض التطبيقات مخالفة لهذه السياسة وتغض الطرف عن هذا الشيء مالم تبدأ الشكاوي في الوصول من المستخدمين ووقتها قد تتّخذ الشركتان ما يلزم.

لمَ تقوم هذه الشركات باستخدام التنبيهات بهذا الشكل

كلنا نعرف أن استخدام الترويج قد يأتي بنتائج واضحة، لكن بحسب مصدري فإن هذه التنبيهات قد تزيد المبيعات بنسبة 30% حين تستخدم بالطّريقة الصّحيحة وفي الأوقات المناسبة، فالمستخدم الجائع لو جاءه التنبيه في الوقت المناسب قد يطلب عبر التطبيق بدل الخروج بنفسه، لكن إرسال التنبيه في الوقت الخاطئ قد يعرض التطبيق للحذف أو يدفع المستخدم لتعطيل التنبيهات.

أظن أن إجابة صديقي وضحت الأمور وبيّنت لي لم تقوم هذه الشركات باستخدام التنبيهات للتّرويج بطريقة قد يراها البعض مزعجةً، فبعض الدراسات تفيد بأنّ للتنبيهات تأثيرًا كبيرًا على تفاعل المستخدم مع التطبيق، والإبقاء عليه، وزيادة المبيعات المحتملة هي سبب آخر يدفع الشركات للاستمرار في استخدامها، أما المستخدم فسوف يضطر لتحمل هذا الإزعاج أو إيقاف التّنبيهات تمامًا في حال كان بحاجة للتطبيق ولا يستطيع التخلّي عنه، ولو فاض به الكيل فخيار الحذف موجود أيضًا.

الأفكارالتقنيةالمستقبل
مقالات حرة
مقالات حرة
منثمانيةثمانية