مجلد «الميمات» سلاحي المفضَّل في التواصل

مهارة اختيار «الميم» تتعلق بقراءة الشخصيات المحيطة بك ومدى عمق علاقتك بهم. فكلما عرفت الشخص زادت لديك المهارة للتفاعل معه بنحو أفضل. 

مخزن «الميمات» / Imran Creative

أهلًا بك صديقًا لنا،

وصلتك الآن رسالتنا الأولى على بريدك الإلكتروني.

إذا لم تجدها ابحث في رسائل السبام وتأكد من اتباع الخطوات التالية في حسابك على خدمة بريد «Gmail» حتى تُحررها من التراكم في فيض الرسائل المزعجة.

* تعبّر النشرات البريدية عن آراء كتّابها، ولا تمثل رأي ثمانية.
18 سبتمبر، 2023

لا أحب التقاط الصور إلا قليلًا، إذ أؤمن بأن عَيش اللحظة أهم كثيرًا من توثيقها. وعلى رغم ذلك يعج هاتفي بمئات الصور التي لا أستغني عنها أبدًا، هذا لأنني أضيف يوميًا صورًا جديدة داخل مجلد «الميمات» الذي أهتم به كثيرًا، بل أعدّه سلاحي الأهم في أثناء استخدامي المكثف مختلف التطبيقات.

فأنا أُجْري خلال اليوم عشرات المحادثات التي تتعلق بالعمل والأسرة والأصدقاء، وفي كل مرة أجد «الميم» حلًا سحريًا يُحوِّل أكثر المواقف سخافة إلى موقف مغلف بالسخرية اللطيفة ويذيب كثيرًا من الجليد الذي قد يتكون بفعل سوء التفاهم الناتج من المحادثات الرقمية.

تخيّل أنك بدلًا من التعليق بكونك مضطرًّا إلى قبول وضع معين لأنه أفضل الخيارات السيئة، فقط تضع «ميم القطة الدامعة العينين التي تشير بإبهامها لأعلى».أو بدلًا من أن تصدم شخصًا اجتهد كثيرًا في شرح مسألة بأنك لم تفهم شيئًا في الأخير، ترسل له «ميمًا» يظهر به الممثل محمد سعد قاطبًا جبينه في استغراب لأنه لم يفهم شيئًا.

يتفق هذا مع حديث جينيفر نيتش مديرة الدراسات الجامعية في قسم اللغويات بجامعة جورج تاون التي ترى أن عملية صناعة «الميم» يشترك فيها كثير من الناس في سياق اجتماعي بحت، وأن هذا لا يختلف حقًا عن أي عملية أخرى للتواصل أو إيجاد المعرفة.

هذا يعني ببساطة أنه لا يوجد «ميم» واحد يصلح للجميع. فالناس تصنع «الميم» للتواصل فيما بينهم؛ لذا يبدو منطقيًا أن بعض الدلالات لن يفهمها سوى الأشخاص الذين هم على دراية بأصل «الميم». وهذا يفسر لك حرصي الشديد على الاحتفاظ بمئات «الميمات»؛ لأنني أنخرط في عدد من الدوائر المجتمعية غير المتشابهة إطلاقًا. تخيل أنني أرسلت «ميم بلا صياح» الذي أستخدمه عادةً في نقاشات الكرة لرئيسي في العمل! أغلب الظن أني مَن «سأصيح» بعدها بثوان.

هنا تظهر لنا مهارة اختيار «الميم»، وهي تتعلق بقراءة الشخصيات المحيطة بك ومدى عمق علاقتك بهم. ونصيحتي هنا لك ألّا تستخدم «الميم» مع الغرباء أو مع أشخاص تعرفت إليهم للتو؛ فكلما عرفت الشخص زادت لديك مهارة اختيار «الميم» المناسب للتفاعل معه بنحو أفضل. 

وعلى رغم ذلك هناك «ميمات» استطاعت أن تخترق الوعي العام للناس بنحو لافت لشدة بساطتها وغناها بالمعنى. على سبيل المثال: أنا لم أشاهد أبدًا فلم «بريدج أوف سبايز» (bridge of spies) لكنني أستخدم «ميمه» الشهير (would it help) للتعبير عن عدم جدوى القلق. لا يحتاج المتلقي أيضًا أن يكون قد شاهد الفلم؛ لأن الجملة والتعابير في حد ذاتها كافية.

هذا لا يعني أن «الميم» يؤدي دومًا دور الملَاك؛ فـ«الميمات» بما تملكه من قوة انتشار وقدرة على التأثير في الوعي الجمعي قد تؤثر في وجهة نظرنا إلى الأشياء. ويتبنى هذا الطرح جوشوا نيوبورت المتخصص في دراسة «المعلومات المضللة» في جامعة ميريلاند، حيث يعدّ «الميمات» معادلاً رقميًا حديثًا لمنشورات الدعاية المعتادة. 

وقد رصد نيوبورت خطورة الأمر إبان انتشار فيروس كورونا، حيث أثرت «الميمات» في قناعة الأفراد بالقيود المفروضة أو التطعيمات سواءٌ أكان ذلك بالإيجاب أم السلب؛ وذلك من طريق استخدام الفكاهة وإهمال التفكير المنطقي، على رغم خطورة الأمر.

أؤمن بهذا أيضًا وأدرك أن السخرية لا تصلح في كل المواقف. وعلى رغم ذلك لا أستغني أبدًا عن مجلد «الميمات» وأراعيه لينمو يومًا بعد يوم، بل إنني في بعض الأحيان لا أنتظر أن يصل إليّ «الميم» لأحتفظ به وأعيد استخدامه، بل أبحث عنه بنفسي. فهناك تطبيقات تقدم لك أحدث «الميمات» العربية والأجنبية. 

ألم أقل لك إن هاتفي يعجّ بمئات الصور على رغم أني نادرًا ما أستعمل الكاميرا!

كاتب رياضي، يكتب عن الكرة بعيدًا عن الأرقام والإحصائيات، عن الكرة التي ما زالت تُلعب في الشارع بشغف طفولي لا يمكن التخلص منه أبدًا.


مقالات أخرى من نشرة أها!
31 مايو، 2022

بصمتك الكربونيّة على سلاح الجريمة

مشكلتنا مع «البيئة» أعقد بكثير من مجرد غازات مصانع وعوادم سيارات؛ منظومتنا الحضارية بأسرها متعارضة مع معيار الأمان البيئي.

أشرف فقيه
20 أكتوبر، 2022

هل علاقتنا بالطعام تُقاس بالسّعرات؟

مئة سعرة حرارية من تفاحتين تحتوي على ألياف وفيتامينات، بينما المئة نفسها من مشروب غازٍ لا تحتوي على أية قيمة سوى الماء والسكّر.

رويحة عبدالرب
13 فبراير، 2023

جرّبت “التقديم الغاضب” على وظيفة جديدة؟

مهما تعددت الأسباب، يشترك الجميع بالوصول إلى نقطة انهيار، يقررون فيها التقدم إلى عشرات أو مئات الوظائف لتخليص أنفسهم من شركاتهم.

سحر الهاشمي
13 أبريل، 2022

لماذا تشتري الآن وتدفع لاحقًا؟

قد لا تلتزم بقرار ذهابك للتمرين غدًا، ولن يترتب على ذلك ضرر سوى إهمالك لصحتك. لكنك ملزم لا محالة بالدفع «غدًا» إن كنت مطلوبًا.

تركي القحطاني
30 يناير، 2022

احذف تطبيق الأسهم من جوَّالك

بعد إحباط تجاربي الأولى مع الأسهم، اتجهت إلى معرفة سر أسطورة الاستثمار في الأسهم وارن بافيت، والسر بسيط لكن قد يراه الكثير صعب التنفيذ.

تركي القحطاني
14 يونيو، 2023

من يحك أنفه كذَّاب

الإنترنت يتيح لنا بحرًا من المعلومات التي تساعدنا ألا نجهل كثيرًا من العلوم، لكن في المقابل لا يعني هذا أننا أصبحنا عالمين ببواطن الأمور.

محمود عصام