كل مرة يغلبني الحزن أهرب إلى المطبخ لأطهو، ثم آكل من طبخي اللذيذ ويصفو بالي، هي حيلة نفسية ألتفُّ بها على مشاعري السلبية، لكن مؤخرًا اتخذت علاقتي بالطعام منحى إدمانيًّا مع التهامي الدونات. سلكت هذا المنحى بعدما مررت بحزن شديد لم تفلح حتى الوجبات التي أطهوها لنفسي في مساعدتي على تجاوزه. بعدها لم أستطع التحكم في وزني، واختل توازن يومي، وازددت حزنًا.
الطعام شريك رئيس في حياتنا، حاضرٌ في احتفالاتنا السعيدة، وحاضرٌ أيضًا في طقوس الحزن والتعزية. هو تعبيرنا كعرب عن حفاوتنا وكرمنا ومحبتنا، وهذا ما تكشفه لنا نظرة واحدة إلى ازدحام السوبرماركت في أيام المناسبات والمواسم.
فأنا أحب تناول الطعام وسط تجمعات العائلة والصديقات، حينها تزداد شهيتي وأُقبل عليه بسعادة. وأحيانًا أتناول الطعام عندما أشعر بالتوتر وضغط العمل، وتلك حالات عادية ومؤقتة، وفي حالة استقراري النفسي أستطيع التفرقة جيدًا بينها وبين «الأكل العاطفي» الذي نندفع إليه طمعًا في تهدئة أحزاننا. فالأكل العاطفي لا يشبه بأي حال رغبتنا الطبيعية في تناول الطعام؛ فهو لا يُشبِع صاحبه مهما أكل.
والخطورة في الخضوع إلى حالة «الأكل العاطفي» على نحو متفرِّق أنها مع التكرار تتحوَّل إلى عادة غذائية شديدة الضرر على صحة أجسادنا وصحتنا النفسية، بخاصة إن كان «الطعام المريح» الذي نلوذ إليه يحتوي على نسبة عالية من السكر.
فقد أظهر السكر تأثيرًا في الدماغ مشابهًا لتأثير تعاطي عقاقير الإدمان. بل إنَّ الامتناع عن السكر يؤدي إلى ظهور أعراض الانسحاب، بما في ذلك الخمول والاكتئاب والصداع وآلام العضلات؛ وهذا يفسر صعوبة الإقلاع عن حالات نهم السكر.
عندما نتعود أكل السكر ينتج الدماغ طفرات هائلة من الدوبامين. وتأثير الدوبامين في الدماغ يشبه تفاعل الدماغ مع مواد مثل الهيروين والكوكايين. مع مرور الوقت، يتكيَّف الجسد وينهمك في البحث عن الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية، وهنا تبدأ معاناة مدمني السكر.
الإقلاع عن السكر صعب في البداية لكنه ليس مستحيلًا، وتبدأ الخطوة الأولى مع إدراكنا الفرق بين «الجوع الحقيقي» و«النهم العاطفي». التدوين آلية جيدة تساعدك على التعرُّف على المحفزات، ومن ضمن النقاط التي ينبغي لك التنبه إليها في التدوين: ماذا كان دافعك إلى تناول الطعام: الجوع أم القلق؛ هل كانت وجبة رئيسة أم «سناك»؛ هل شعرت بالشبع بسرعة ونهضت أم واصلت الأكل رغم إحساسك بالشبع؟
الخطوة التالية هي في تبديل العشوائية الغذائية إلى عادات أكثر صحية لا تحتوي على السكر المُصنَّع، والحرص ألا تكون «أطعمة السكر» متوفرة في البيت قدر الإمكان. إذ علينا أن نعي أنَّ كل لقمة نتناولها، كما قال عمّار العمّار، نجبر بها جسدنا على التعامل معها. فإذا كان المُدخَل خاطئًا بالتأكيد ستكون ردة فعل جسدنا سيئة، والمسيء الحقيقي في هذه الحالة ليس الجسد الذي يسمن ويعطِّل نومنا ويُضعِف تركيزنا، بل نحن؛ نحن من أسأنا إليه باختيارنا.
الخطوة الثالثة، عن تجربة شخصية، هي الالتهاء بعادات جديدة. مؤخرًا التهيت بهواية تشكيل الصلصال؛ فإلى جانب الأثر اللطيف لتشكيل الصلصال على حالتي النفسية، فإنه يشغل يديَّ ويلطخهما، فلا أعود متحمَّسة إلى الإمساك فورًا بالطعام. اكتشفت أنَّ هذا الهامش الزمني الذي أحصل عليه من الصلصال يمنحني وقتًا لمعرفة نوع جوعي والتحكُّم في شهيَّتي.
أنا أحبُّ الطعام، فهو نعمة غالية ودلالة خير وحب واكتفاء وأمان وجمعة العائلة والأصدقاء؛ لكن بإهمالنا بناء علاقة صحيّة معه نحوله إلى نقمة وابتلاء في العافية. ولهذا وعدت نفسي بالإقلاع تمامًا عن الدونات.
مقالات أخرى من نشرة أها!
لماذا أسعدني انتقال القادسية إلى أرامكو
أنا موقن أنَّ أرامكو التي نجحت سابقًا في تحويل بطولات الهواة إلى بطولات محترفين لن يصعب عليها تحويل نادي القادسية إلى نادٍ منافس.
أنس الرتوعيبين ميزاني ودوائر أبل
منذ اقتنيت ساعة أبل وأنا سعيد بإقفالي دوائرها الحركيَّة بنجاح. لكن ما لم تخبرني به ساعتي أنَّ الرقم الأهم على ميزاني لا يعتمد عليها.
ثمود بن محفوظلا تتشبث بحزنك مثل بوجاك هورسمان
التلذذ بالحزن سلوك نفسي ضعيف، ويميل أصحابه للتسلط على الآخرين. لذا في كل مرة ترى نفسك تتلذذ بحزنك، توقف.. وفكر بأنك تملك زمام حياتك.
حسين الضومحمد عبده يربح كل مرة يغني «بيلا تشاو»
ومن يعلم؟ قد تكون ثقافة إعادة مزج الإبداعات هي التوجه المقبل في عالم منصات الموسيقا، وحينها لن يستنكرها أحد.
سحر الهاشميكيف تميز القارئ المبتدئ من بين ألف قارئ؟
مثلما أن القراءة عن تاريخ رياضة السباحة لن يجعلك سباحًا ماهرًا، فإن القراءة عن الفلسفة والفكر لن تجعلك فيلسوفًا.
حسين الإسماعيلسائح بين نفايات الفضاء!
إذا كنت تمني نفسك بخوض غمار رحلات السياحة الفضائية، فعليك أن تجهز نفسك للمخاطر المحتملة. مخاطر تتجاوز احتمال تعطل مركبتك الفضائية.
أشرف فقيه