تتفنَّن المواقع في مكرها على إجبار المستخدم للإقرار بجمع كُل بيانات التصفح الخاصة به، ضروريةً كانت أم غير ضرورية. إذ انقضى حتى الآن شهران ونصف على تجربتي برفض كل اقتراح من المواقع لحفظ بيانات التصفح الخاصة بي، أو ما اصطُلِح عليه بالكوكيز (Cookies) -ولا تَغُرنَّك ترجمتي اللطيفة لها بـ«الكُعَيْكات»، فهي أخطر مما تبدو عليه- ووجدتُ بأن تجربتي على الإنترنت لم تتغيّر قَيْد أنملة. لماذا؟
للإجابة على سؤالي وجدت بأن تجربة بيانكا فيراري أكثر عِلمية من تجربتي. فهي قضت ثلاثة أيام متتالية تحاول رفض جمع البيانات غير الضرورية في المواقع التي تصفحت فيها والتي بلغ عددها ستة وسبعون موقعًا، ونجحتْ في رفض 46% منها فقط! أما البقية فلم تكن متأكدةً تمامًا من أنها رفضتها أو أنها لم تجد زر الرفض من الأساس. أما النتيجة الصادِمة فهي قضاؤها ما مجموعه أكثر من أربع عشرة دقيقة في اليوم، فقط للبحث عن زر الرفض!
ذكر تقرير «مجموعة نيلسن نورمان» (Nielsen Norman Group) المتخصصة في أبحاث تجربة واجهة المستخدم بأن المستخدمين بالمتوسط يقضون على الأكثر عشرين ثانية في الموقع قبل أن يغادروه. وذكرت دراسة أخرى بأن الناس لا يتحمّلون انتظار الموقع لأكثر من ثانيتين لكي يتحمّل بالكامل. ومن الواضح أنَّ المواقع تعرف هذه الظواهر وتستغل حقيقة أنَّ المستخدم في الغالب ليس لديه سوى ثوانٍ معدودة يقضيها على موقعه، ولذلك «ما يسوى» أن يقضي حتى دقيقة واحدة بحثًا عن زر الرفض.
فلماذا هذا الحرص على إغوائك بقبول «الكعيكات»؟
إذا أردت شراء منتجٍ على موقع ما ثم ترددت في شرائه، سيعلم صاحبُ الموقع بأنك ترددت ومن ثم يستطيع أن يبعث إليك إعلانات تشجّعك على شراء المنتج. فترى إعلانات المنتجات التي كنتَ تبحث عنها من لحظات في أمازون ظاهرةً على إنستقرام وغيرها من المنصات. ومن جهة أخرى بعد أن أطلقت أبل تحديث الآيفون (iOS 14.5) الذي سمح -وبسهولة- للمستخدمين بأن يرفضوا طلبات التطبيقات لتتبع سلوك المستخدم وبياناته، قدّرت ميتا -المالكة لفيسبوك وإنستقرام وواتساب- بأن خسائرها من الإعلانات في 2022 بلغت عشرة مليارات دولار!
إذن، بياناتك على الإنترنت لها قيمة كبيرة عند الشركات. وفي عالم الأعمال، من يملك البيانات يملك القوة والمعرفة اللازمتين لتنمية أعماله. ولذلك فهي تبذل جهودًا مضاعَفة للحصول على إقرارك بجمع البيانات هذه. فنرى في تصاميمها تطبيق استراتيجياتٍ لترغيبك في القبول أو إخفاء الرفض، أو تصميمها بشكل مزعج يجعلك ترغب في التخلص منها بأسرع وقت.
في النهاية، هل ستتمكن من رفض كل طلبات المواقع بجمع بياناتك؟ لا، مع الأسف. لأنك ستزور مواقع كثيرة تخالف القوانين والأعراف المقبولة في التصميم كما رأينا مع تجربة بيانكا. ومع ذلك، سأستمر بمحاولة رفض جمع بياناتي على الإنترنت لإرضاء ما تبقى عندي من مقاومة متواضعة لسباق الرأسمالية الشرس بين الشركات.
مقالات أخرى من نشرة أها!
الأفكار رزق فلا تطيِّرها من يدك
للأفكار حياة خاصة بها، وعندما نرحِّب بها ونعمل عليها فهي تكبر وتنضج. في المقابل، إذا استقبلناها بالتأجيل والتسويف ستذهب إلى من يقدِّرها.
ياسمين فكاكمزاجيَّة التقييم الرقمي
انحسرت الجائحة، وما زلت أفضّل التواصل مع زملائي في العمل عن بعد رغم وجودنا في الشركة. فهل اعتدنا مع التواصل الرقميّ على الانفصال عن بعضنا؟
أنس الرتوعيعذرًا، التحوُّل الرقمي لا يسمح!
ظهرت موجة تعرف بـ«التحول الرقمي»، وهي محاولة رقمنة كل الإجراءات والمعاملات اليدوية، هنا بدأت تحديات جديدة وبدأنا نسمع جملة «النظام لا يسمح».
أنس الرتوعيلماذا تصرف مئة ريال في محلات «أبو ريالين»؟
نجاح محلات «أبو ريالين» يثبت لنا أن التسويق وفهم طرق الزبائن في الشراء يمكّنك من بيع أي شيء، ولو كانت «قراشيع» عديمة الفائدة.
أنس الرتوعيالنهاية المريعة للنظافة
مع مضينا نحو عصر تقنيات الواقع الافتراضي، هل سنظل نكترث إلى نظافتنا الشخصية وأشكالنا في الحياة الطبيعية، أم سنكتفي بجمال صورتنا الافتراضية؟
أشرف فقيهمارس الصيام عن تخمة المحتوى
إن قِصَر ساعات العمل وبُعد الأكل عن متناول الشخص في مدّة تعادل نصف اليوم تقريبًا يزيد مِن ترسيخ مواقع التواصل الاجتماعي.
سحر الهاشمي