لماذا كُعَيْكات المواقع مصممة بطريقة «تنرفز»؟

بياناتك على الإنترنت لها قيمة كبيرة عند الشركات. وفي عالم الأعمال، من يملك البيانات يملك القوة والمعرفة اللازمتين لتنمية أعماله.

موافق على حفظ الكوكيز؟ / عمران

أهلًا بك صديقًا لنا،

وصلتك الآن رسالتنا الأولى على بريدك الإلكتروني.

إذا لم تجدها ابحث في رسائل السبام وتأكد من اتباع الخطوات التالية في حسابك على خدمة بريد «Gmail» حتى تُحررها من التراكم في فيض الرسائل المزعجة.

* تعبّر النشرات البريدية عن آراء كتّابها، ولا تمثل رأي ثمانية.
15 مايو، 2023

تتفنَّن المواقع في مكرها على إجبار المستخدم للإقرار بجمع كُل بيانات التصفح الخاصة به، ضروريةً كانت أم غير ضرورية. إذ انقضى حتى الآن شهران ونصف على تجربتي برفض كل اقتراح من المواقع لحفظ بيانات التصفح الخاصة بي، أو ما اصطُلِح عليه بالكوكيز (Cookies) -ولا تَغُرنَّك ترجمتي اللطيفة لها بـ«الكُعَيْكات»، فهي أخطر مما تبدو عليه- ووجدتُ بأن تجربتي على الإنترنت لم تتغيّر قَيْد أنملة. لماذا؟ 

للإجابة على سؤالي وجدت بأن تجربة بيانكا فيراري أكثر عِلمية من تجربتي. فهي قضت ثلاثة أيام متتالية تحاول رفض جمع البيانات غير الضرورية في المواقع التي تصفحت فيها والتي بلغ عددها ستة وسبعون موقعًا، ونجحتْ في رفض 46% منها فقط! أما البقية فلم تكن متأكدةً تمامًا من أنها رفضتها أو أنها لم تجد زر الرفض من الأساس. أما النتيجة الصادِمة فهي قضاؤها ما مجموعه أكثر من أربع عشرة دقيقة في اليوم، فقط للبحث عن زر الرفض!

ذكر تقرير «مجموعة نيلسن نورمان» (Nielsen Norman Group) المتخصصة في أبحاث تجربة واجهة المستخدم بأن المستخدمين بالمتوسط يقضون على الأكثر عشرين ثانية في الموقع قبل أن يغادروه. وذكرت دراسة أخرى بأن الناس لا يتحمّلون انتظار الموقع لأكثر من ثانيتين لكي يتحمّل بالكامل. ومن الواضح أنَّ المواقع تعرف هذه الظواهر وتستغل حقيقة أنَّ المستخدم في الغالب ليس لديه سوى ثوانٍ معدودة يقضيها على موقعه، ولذلك «ما يسوى» أن يقضي حتى دقيقة واحدة بحثًا عن زر الرفض.

فلماذا هذا الحرص على إغوائك بقبول «الكعيكات»؟

إذا أردت شراء منتجٍ على موقع ما ثم ترددت في شرائه، سيعلم صاحبُ الموقع بأنك ترددت ومن ثم يستطيع أن يبعث إليك إعلانات تشجّعك على شراء المنتج. فترى إعلانات المنتجات التي كنتَ تبحث عنها من لحظات في أمازون ظاهرةً على إنستقرام وغيرها من المنصات. ومن جهة أخرى بعد أن أطلقت أبل تحديث الآيفون (iOS 14.5) الذي سمح -وبسهولة- للمستخدمين بأن يرفضوا طلبات التطبيقات لتتبع سلوك المستخدم وبياناته، قدّرت ميتا -المالكة لفيسبوك وإنستقرام وواتساب- بأن خسائرها من الإعلانات في 2022 بلغت عشرة مليارات دولار!

إذن، بياناتك على الإنترنت لها قيمة كبيرة عند الشركات. وفي عالم الأعمال، من يملك البيانات يملك القوة والمعرفة اللازمتين لتنمية أعماله. ولذلك فهي تبذل جهودًا مضاعَفة للحصول على إقرارك بجمع البيانات هذه. فنرى في تصاميمها تطبيق استراتيجياتٍ لترغيبك في القبول أو إخفاء الرفض، أو تصميمها بشكل مزعج يجعلك ترغب في التخلص منها بأسرع وقت.

في النهاية، هل ستتمكن من رفض كل طلبات المواقع بجمع بياناتك؟ لا، مع الأسف. لأنك ستزور مواقع كثيرة تخالف القوانين والأعراف المقبولة في التصميم كما رأينا مع تجربة بيانكا. ومع ذلك، سأستمر بمحاولة رفض جمع بياناتي على الإنترنت لإرضاء ما تبقى عندي من مقاومة متواضعة لسباق الرأسمالية الشرس بين الشركات.


مقالات أخرى من نشرة أها!
20 سبتمبر، 2022

لا ماء في الماء

مطر أمريكا أصبح غير صالح، مطر السعودية غير صالح، مطر غينيا الاستوائية غير صالح، كل المطر غير صالح للشرب مباشرة.

أشرف فقيه
3 أبريل، 2022

اِلعب لأجل عالم أفضل

تقنيات الواقع المعزَّز ستضاعف قدرة الإنسان على التعلُّم أربع مرات مع الاحتفاظ بالتركيز. هذه نسبة أعلى مما تتيحه الحواسيب والهواتف الذكية.

أشرف فقيه
1 فبراير، 2022

التيه في خرائط قوقل

قد نرى الاعتماد على خرائط قوقل مضرًّا لنا، الا أن طبيعة الحياة بكافة تعقيداتها جعلت من هذه الأداة ضرورة لإنقاذنا من التيه في بلوغ وجهاتنا.

ثمود بن محفوظ
4 ديسمبر، 2022

البط في علاج الاحتراق الوظيفي

من خبرتي الطويلة في فترات نهاية العام هذه، يمكنني القول إن الاستقالات فيها تكثر، نتيجة حالات الاحتراق الوظيفي التي يمر الموظفون بها.

أنس الرتوعي
5 يوليو، 2022

يوتيوب يعيد الروح للدوري الإيطالي

قد تكون رابطة الدوري الإيطالي عمومًا خسرت بعض الأموال بسبب إتاحتها للمباريات مجانًا، ولكنها سوف تربح جيلًا متعلقًا بالدوري الإيطالي.

أنس الرتوعي
5 فبراير، 2023

هل صوت آلتك الذكية ذكوري أم أنثوي؟

إن الطبيعة البشرية عامّةً تفضل الصوت الأنثوي. لكن لو أسقطت هذه النتيجة على التعاملات اليومية، فسوف أجد أنَّها ليست صحيحة دائمًا.

أنس الرتوعي