نشرة أها! ترحّب بانضمام أوكتافيو الاصطناعي

«جي بي تي» لا يكتب بالفطرة، ولا يكتب انطلاقًا من تجربة شخصية. هو يتغذى على مجموع ما كتبناه نحن البشر في الإنترنت.

الذكاء الاصطناعي الطفيلي / عمران

أهلًا بك صديقًا لنا،

وصلتك الآن رسالتنا الأولى على بريدك الإلكتروني.

إذا لم تجدها ابحث في رسائل السبام وتأكد من اتباع الخطوات التالية في حسابك على خدمة بريد «Gmail» حتى تُحررها من التراكم في فيض الرسائل المزعجة.

* تعبّر النشرات البريدية عن آراء كتّابها، ولا تمثل رأي ثمانية.
1 مايو، 2023

حرارتي كانت 38.3 وأنا في الفراش أتصفح تويتر، وإذ أجد تغريدة يرحّب بها موقع ألترا صوت بانضمام زكي الصناعي إلى كتّاب الموقع. أطلقت شتيمة مكبوتة وخفق قلبي وتلبَّكت معدتي واستفرغت في سلة المهملات الموضوعة جانبي. إذ ما الذي يمنع ثمانية من فصلي والاستعانة بكاتب «جي بي تي» أسرع أداءً وأعلى جودة مني؟ 

الصراحة خفت من قراءة المقال -فأنا لست ممن يواجهون نذير الهلاك بعين مفتوحة 🫣- لذا اكتفيت برميه في كومة «البوك مارك» التي غالبًا لا نعود إليها. قبل أيام قليلة، مع تحسّن صحتي وعودتي إلى تويتر، وجدت مقالًا جديدًا لزكي الصناعي حول مستقبل اللغة العربية. قرأته، ومرةً أخرى شتمت، ليس لأنَّ المقال كان مذهلًا، بل لأنه مقال عادي وباهت وممكن أن يكتبه أي صانع محتوى، يشبه مقالًا قد أكتبه أنا، وهنا الطامة الكبرى!

«جي بي تي» لا يكتب بالفطرة، ولا يكتب انطلاقًا من تجربة شخصية، ولا يكتب من خلفية ثقافية ودينية إلا بطلب صريح منك. هو يتغذى على مجموع ما كتبناه نحن البشر في الإنترنت. وفيما يخص المحتوى العربي، ليس من قبيل الصدفة أن نجد معدّل أداء «جي بي تي» في كتابة المقال عاديًّا -وربما أقل من المتوسط- مقارنةً بأدائه الممتاز في المحتوى الإنقليزي.

الضعف ليس لغويًّا بالضرورة (فهذي حلها بسيط)، بل الضعف في إبداء الرأي، في الكتابة بروح، في الكتابة بذكاء وبصيرة إنسانية. وبما أنَّ «جي بي تي العربي» كاتب عاديّ، فآليتي في النجاة أن أحسّن نفسي ككاتبة وأتفوق عليه؛ وهذه خطتي. 

إن كان مستوى «جي بي تي» مرتبطًا بما يقرأ من مدخلات، فبديهيًّا مستواي في الكتابة مرتبط بما أقرأ من مدخلات. أزحت كتب الشعر عن طريقي وبدأت التركيز على قراءة كتب المقالات المتراكمة لديّ: سوزان سونتاق وإدوارد سعيد وسيمون فايل وحنّة آرندت وفوكو وعزرا باوند. أيضًا اشتركت في مدونات في سبستاك وصحف ونشرات بريدية لكتّاب يتقنون فن كتابة المقال في مواضيع مختلفة، ومن منظور تحليلي يميّزهم عن البقيّة. 

ويوازي التركيز على القراءة، التركيز على تمرين الكتابة التحليلية اليومية -ولو بفقرة- عمّا يجري فيني وحواليّ وفي العالم بأسره؛ ربط النقاط بعضها ببعض، الانطلاق من الصورة الشخصية الصغيرة إلى الصورة الإنسانيّة الأشمل. وطبعًا، الاستعانة بـ«جي بي تي» الإنقليزي في اختصار مرحلة جمع المعلومات والمصادر. وأخيرًا، التعامل مع واقع أننا جميعًا نعيش الحدث ذاته، وبالتالي كلنا سنكتب عنه من منظور مشابه، «ومن سبق لبق». 

مثلًا، قبل كتابة هذه التدوينة، كتبت تدوينة في العيد بنيّة نشرها هذا الأسبوع حول «صياح» أصحاب العلامة الزرقاء لدى اختفاء علامتهم، وعن دهائهم البرجوازي في تحويل وجود العلامة في حسابك التويتري إلى دلالة على كونك من الرعاع الذين اشتروها بأبخس الأثمان (أنا مشمولة ضمن الرعاع)، وكيف تمسكوا بالاحتفاظ بعدم وجود العلامة دلالةً جديدة على نخبويّتهم. نشرة أكسيوس كتبت عن الموضوع ذاته، ولاحقًا وجدته مترجمًا في نشرة جريد. لذا حذفت التدوينة لأنها ستكون مجرد تكرار لما قيل. 

المفارقة الساخرة في هذا الموّال الطويل من الهلع الوجوديّ الذي أمرّ به كموظفة أربعينية أعتمد على الكتابة والتحرير والترجمة كمصدر دخل أساسي، أنَّ اجتهادي وغيري في رفع معدل الكتابة لدينا من متوسّط إلى جيد جدًا وممتاز، يعني ارتفاع مستوى زكي الصناعي وعشيرته العربيّة من متوسط إلى جيد جدًا وممتاز. ما يعني أني بتحسين نفسي ككاتبة مقال، أرفع كل يوم احتمال وقوع عيني على تغريدة ترحّب فيها ثمانية بانضمام أوكتافيو الاصطناعي إلى نشرة أها! 🫠👋🏻

كاتبة ومترجمة


مقالات أخرى من نشرة أها!
3 نوفمبر، 2022

هل أنت موهوب؟

لا بأس إن دخلت تجارب جديدة، بل أشجعك عليها، لأنَّ تلك التجارب تعينك على التمييز بين الاهتمام المؤقت أو الجانبيّ، وبين الموهبة الحقيقية.

أحمد مشرف
3 أبريل، 2023

صورة بابا الفاتيكان بألف كذبة

دعنا لا نصدق كل ما نراه ونسمعه من أول لحظة وننجرف مع المنجرفين، ولنتعلّم الاحتكام إلى الذكاء البشري ومهارة التشكيك في كشف الألف كذبة.

إيمان أسعد
9 فبراير، 2023

ما الذي تخفيه في استعراض مشترياتك؟

لا يرى الكثيرون في مجتمعاتنا عيبًا في السلوك الاستعراضيّ، بل نجد أنفسنا نشارك فيه. فنعبّر للآخرين من خلال ما اشتريناه عن تحقيق نجاح.

أحمد مشرف
6 مارس، 2022

مسامير أرخميدس

للمواصفات والمقاييس العالمية فوائد كثيرة غير زيادة الإنتاج، فهي تضمن الجودة وتسهل على المستهلك الكثير. لكنها بلا شك قتلت الذائقة البشرية!

أنس الرتوعي
31 مارس، 2022

أين العقول المبتكرة؟

تخيل فقط لأنّك في روسيا، حُرمت البلاي ستيشن وتعطّلت تطبيقات دفعك بأبل باي! لهذا نحتاج إلى مستثمرين كإيلون ماسك يجد لنا العقول المبتكرة.

تركي القحطاني
23 مارس، 2023

تبريكات رمضان فرصة لإبراز ذكائك العاطفيّ

بادر بالتحية الجميلة الشخصية الموجهة بالاسم لصاحبها «عساك من عواده، كل سنة وأنت طيب، رمضان كريم» ليرتد عليك كرمك في التحية بتحيّة أجمل منها.

ياسمين عبدالله