قبل عام 2022، تلخصت فكرتي عن تسلق الجبال واستكشاف الطبيعة في محصلة مشاهداتي لمجموعة لقطات هوليودية خطرة؛ تخلُّص جيمس فرانكو من الذراع العالقة بثنايا الجبل في أطول ثوانٍ على الشاشة في «أورز 127» (127 Hours). ومشاهد الفلم الملحمي «إنتُ ذا وايلد» (Into The Wild) عن حياة الرحالة الأمريكي كريستوفر مكاندلس، الذي قضى نحبه في تلال ألاسكا بعد التهام عشبة سامّة.
لكن بقرب نهاية العام 2022 كانت فكرتي على وشك التغيير تمامًا، إذ وجدَتْ إعلانات رحلات مسارات المشي وتسلق الجبال طريقها إلى حساباتي في مواقع التواصل الاجتماعي. استغربت الأمر في البداية، خاصةً أن فكرة صعود الجبل أو النزول إلى الوادي من أجل المتعة لم تكن مطروحة بين الناس في السَّابق.
لكن مع ازدياد ظهور مجموعات التنزه والتسلق، التي جعلت المناطق النائية تبدو أكثر سهولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتركيز على جودة الحياة الصحية، وانتعاش رياضة المشي وغيرها من النشاطات الخارجية بعد الجائحة، أصبح من الممكن لأي شخص الخروج إلى الطبيعة بدافع المتعة والاستكشاف بأي وقت.
رغم قلقي من الفكرة، اشتركت في أوائل شهر فبراير مع أحد مسارات التنزه الجبلية لزيارة منطقة (جودة) التابعة لمحافظة الأحساء، وتفاجأت بأن الموضوع كان سلسًا أكثر مما تصورت. كانت لحظة الوصول إلى قمة جبل جودة هي المفضلة لديّ، إذ لم يشغل ذهني أي مشتتات طوال المدة الزمنية التي استغرقتها لحظات الصعود سوى هذا الهدف. وشعرت براحة لا توصف بسبب وجودي في مكان فسيح مليء بالتضاريس الجديدة، واستمتعت بالتفاعل البيئي ضمن مجموعة تشاركني الاهتمام نفسه.
هذا الشعور ينبثق من «البيوفيليا»، وهي نظريّة تفسر ميل البشر فطريًا إلى البحث عن روابط مع الطبيعة وأشكال الحياة الأخرى من دون وعي، ما ينعكس أثره عليهم إيجابيًّا من الناحية النفسية والعضوية.
وعلى أنه يندر حل تعقيدات الصحة العقلية من خلال تغيير نمط واحد في الحياة، لكن أظهرت العديد من الدراسات أن رؤية الطبيعة تُنتج سلسلة من المشاعر المتعلقة بالموقف وتهدئ أنظمتنا العصبية. لذلك تجد صور مناظر طبيعية تزين أجنحة الكثير من المستشفيات، وستلاحظ أن مشاهدة بضع دقائق من وثائقيات الطبيعة يمكن أن تقلل مستويات القلق، وتزيد الشعور بالراحة والهدوء.
المثير للاهتمام أني في أثناء رحلتي تلك التقيت بالكثير من المتجولين أمثالي الذين أتوا على سبيل الفضول والتقاط سيلفي الذكرى الجبلية. بعضهم حكوا لي أنَّ هذه تجربتهم الثانية أو الثالثة في المسار، وقد زاروا قبلها أماكن أخرى مثل الجبل الأحمر، وأبدوا استعدادهم للتوجه إلى مناطق أبعد مثل العُلا ورجال ألمع.
يبشر هذا بظهور جيل جديد من المتنزهين في المسارات ومستكشفي الطبيعة بشكل لم نعهده من قبل، خاصةً بين جيل الألفية وزد، وأنّ هذا النمط الصحيّ من التواصل مع الطبيعة ليس مجرد «ترند».
مقالات أخرى من نشرة أها!
ترتيب المهام بين الدفتر الورقيّ والتطبيقات
حلّ الآيباد محلّ جميع دفاتري وأقلامي، إذ جمع كل ما احتجت إليه دون أن أضطر إلى حمل دفتر ومسطرة وملصقات وأقلام مختلفة الألوان.
رويحة عبدالرب«المنيماليزم» ترفٌ لا يمتلكه الجميع
في حين يدرك المتخففون مدى تغلغل الاستهلاكية في كل تفاصيل حياتنا، تتوجه أصابع اللوم دائمًا لمن لا يستطيع مقاومة المد الاستهلاكي.
حسين الإسماعيلالتخلُّف عن التقنية خيرٌ من التقنية العرجاء
إذا كنت عاجزًا عن تقديم خدمة تقنية فعالة فلا تفعل، ودعنا نحن المستفيدين نتعامل بالطرائق التقليدية. فالتخلُّف عن ركب التقنية أهون.
محمود عصامكيف أفسدت عليّ التطبيقات متعة السبت الممتاز
أحاول جاهدًا ألا أفوت سبتًا ممتازًا إلا لسبب يتعلق بالأسرة أو العمل، وفيما عدا ذلك أحضّر نفسي للاستمتاع بوجبة دسمة من المباريات الندّية.
محمود عصامالذكاء الاصطناعي مخطِّط مذهل لرحلتك… ولكن!
ربما في الصيف القادم كل ما سيتطلبه الأمر أن أغمض عينيَّ وأتصوَّر الرحلة التي أريد، وسيقرأ الذكاء الاصطناعي الشريحة في دماغي ويخطط رحلتي.
سحر الهاشميما السر وراء «بيبي شارك»؟
أغاني الأطفال لها سحر خاص يتعلق بالحنين إلى الماضي الذي يشعر به الوالدان في أثناء ترديدهم الأغاني لأطفالهم.
محمود عصام