في الأسبوع الأول من فبراير حمّلت مفكّرة إلكترونية على جهازي الآيباد، عازمةً على التخطيط المبكّر لجميع مواعيد التسليم، وترك عادة التسويف ورائي. حدّدت التواريخ بالرزنامة بألوان مختلفة، لأعطي كل مهمة يومًا أو يومين. حان وقت العمل على تكليف جامعي كما خطّطت ففتحت الآيباد لإنجازه، وسرعان ما وجدت نفسي أسوّف بمشاهدة مقاطع يوتيوب تهرّبًا من قلق العمل.
يشبه الموقف الذي مررت به عشرات المواقف خلال مسيرتي الجامعية؛ أخطط للعمل، ثم أعزم على إنجازه، ثم أجد نفسي أماطل وأتهرّب منه؛ رغم معرفتي بأن ذلك سيأتي بعواقب مضرّة. تُسمّى هذه الخطوات «حلقة التسويف» (procrastination cycle)، نمطٌ من السلوك نمر به مرارًا وتكرارًا عندما نؤخّر عملًا دون عذر مقبول.
ودومًا ما وجدت تسويفي للمهمات أمرًا عصيّ الفهم؛ فلماذا أماطل في أمر رغم أني أعرف ضرره؟ تكمن الإجابة عن هذا التساؤل في أمرين؛ أولهما ردة فعل الدماغ تجاه الخطر (أي كتابة التكليف في هذه الحالة 😬). فاللوزة الدماغية، التي تشارك في معالجة العواطف، تفرز هرمونات مثل الأدرينالين استجابةً للخوف. إذ يمكن لردة الفعل هذه أن تتغلب على قشرة الفص الجبهي، المسؤولة عن التفكير على المدى الطويل والتحكّم في العواطف.
وفي وسط هذه الأحداث المحيرة، يقرّر الدماغ تجاهل الأمر الذي يثير العواطف السلبية، موجّهًا التركيز نحو مهمة أقل إقلاقًا (مثل مشاهدة يوتيوب).
أما السبب الثاني فهو ما سمّاه جيمس كلير «عدم الاتساق الزمني» (time inconsistency)، الذي يشير إلى ميل العقل البشري نحو تقدير المكافآت الفورية أكثر من المكافآت المستقبلية. فحينما خطّطت لكتابة التكليف، فعلت ذلك لنسخة مستقبلية من نفسي، وهي التي ستنال مكافأته. أما التنفيذ فيقع على نسختي الحالية، التي لا تنال أي مكافأة فورية على عدم التهرّب من العمل.
لطالما ظننت التسويف كسلًا ومشكلةً في إدارة الوقت والتخطيط، لذا عزمت على كتابة قوائم طويلة من المهمات المنظّمة، ثم فشلت في تحقيقها. لكني اكتشفت أني أتهرّب من الكتابة خوفًا من أن عملي لا يستحق القراءة، أو لعدم رؤيتي لنتيجة التكليف الجامعي فور تسليمه.
إذن ارتأيت أنَّ حل التسويف يكمن في مواجهة الخوف الذي يثيره، وذلك من خلال التدوين عن المشاعر السلبية ومواجهتها بدلًا من التهرّب منها. ولأن الحصول على مكافأة فورية غير ممكن في مهام كثيرة، جرّبت «تجميع المغريات» (temptation bundling)، أي تخصيص «مكافأة وهمية» أحصل عليها في أثناء قيامي بالعمل. فبدأت أستمع إلى حلقات بودكاست ممتعة بينما أنظف المطبخ ليصبح أسهل وأسرع.
لكن أهم ما تعلّمته أنَّ الخوف من العمل أكبر من العمل نفسه. وأن أفضل عمل أنجزه ليس عملًا أجّلته ليكون مثاليًا، بل عملًا يكتمل وأسلّمه لكيلا أعود إليه مرة أخرى.
مقالات أخرى من نشرة أها!
لا تدع «صورة الجسد» تسيطر عليك
تعلمت كيف أحب هذا الجسد، وأن أعمل على إنقاص وزني من أجل صحتي الجسدية والنفسية، لا إذعانًا لسلطة «صورة الجسد» السلبية.
بثينة الهذلوللماذا يصعب عليك الاستيقاظ من نومك؟
أستطيع التغلب على أغلب النهارات الخاملة تلك بالقفز فورًا خارج الفراش، والبدء في ممارسة اليوم، فأتناسى في زخم النهار خمولي.
ياسمين عبداللهتبريكات رمضان فرصة لإبراز ذكائك العاطفيّ
بادر بالتحية الجميلة الشخصية الموجهة بالاسم لصاحبها «عساك من عواده، كل سنة وأنت طيب، رمضان كريم» ليرتد عليك كرمك في التحية بتحيّة أجمل منها.
ياسمين عبداللهمستقبل الجنس البشري
مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي وتصنيع روبوتات تحاكي طبيعة الإنسان، تصبح ممارسة الجنس مع الآلة والوقوع في حبها احتمالاً لا يمكن تجاهله.
أشرف فقيهالسعادة هي أن تسكن حيث تعمل
لا يجد بعض الزملاء بدًّا من إسداء النصيحة: «ليش ما تسكن في الخبر أقرب لك؟» فيأتيهم ردي: «من قال إني أبغى الدوام يصير محور حياتي؟!»
حسين الإسماعيلبصمتك الكربونيّة على سلاح الجريمة
مشكلتنا مع «البيئة» أعقد بكثير من مجرد غازات مصانع وعوادم سيارات؛ منظومتنا الحضارية بأسرها متعارضة مع معيار الأمان البيئي.
أشرف فقيه