التسويف ليس كسلًا، بل مشكلة عقلية

حل التسويف يكمن في مواجهة الخوف الذي يثيره، وذلك من خلال التدوين عن المشاعر السلبية ومواجهتها بدلًا من التهرّب منها.

العقل والتسويف / عمران

أهلًا بك صديقًا لنا،

وصلتك الآن رسالتنا الأولى على بريدك الإلكتروني.

إذا لم تجدها ابحث في رسائل السبام وتأكد من اتباع الخطوات التالية في حسابك على خدمة بريد «Gmail» حتى تُحررها من التراكم في فيض الرسائل المزعجة.

* تعبّر النشرات البريدية عن آراء كتّابها، ولا تمثل رأي ثمانية.
5 مارس، 2023

في الأسبوع الأول من فبراير حمّلت مفكّرة إلكترونية على جهازي الآيباد، عازمةً على التخطيط المبكّر لجميع مواعيد التسليم، وترك عادة التسويف ورائي. حدّدت التواريخ بالرزنامة بألوان مختلفة، لأعطي كل مهمة يومًا أو يومين. حان وقت العمل على تكليف جامعي كما خطّطت ففتحت الآيباد لإنجازه، وسرعان ما وجدت نفسي أسوّف بمشاهدة مقاطع يوتيوب تهرّبًا من قلق العمل.

يشبه الموقف الذي مررت به عشرات المواقف خلال مسيرتي الجامعية؛ أخطط للعمل، ثم أعزم على إنجازه، ثم أجد نفسي أماطل وأتهرّب منه؛ رغم معرفتي بأن ذلك سيأتي بعواقب مضرّة. تُسمّى هذه الخطوات «حلقة التسويف» (procrastination cycle)، نمطٌ من السلوك نمر به مرارًا وتكرارًا عندما نؤخّر عملًا دون عذر مقبول. 

ودومًا ما وجدت تسويفي للمهمات أمرًا عصيّ الفهم؛ فلماذا أماطل في أمر رغم أني أعرف ضرره؟ تكمن الإجابة عن هذا التساؤل في أمرين؛ أولهما ردة فعل الدماغ تجاه الخطر (أي كتابة التكليف في هذه الحالة 😬). فاللوزة الدماغية، التي تشارك في معالجة العواطف، تفرز هرمونات مثل الأدرينالين استجابةً للخوف. إذ يمكن لردة الفعل هذه أن تتغلب على قشرة الفص الجبهي، المسؤولة عن التفكير على المدى الطويل والتحكّم في العواطف. 

وفي وسط هذه الأحداث المحيرة، يقرّر الدماغ تجاهل الأمر الذي يثير العواطف السلبية، موجّهًا التركيز نحو مهمة أقل إقلاقًا (مثل مشاهدة يوتيوب).

أما السبب الثاني فهو ما سمّاه جيمس كلير «عدم الاتساق الزمني» (time inconsistency)، الذي يشير إلى ميل العقل البشري نحو تقدير المكافآت الفورية أكثر من المكافآت المستقبلية. فحينما خطّطت لكتابة التكليف، فعلت ذلك لنسخة مستقبلية من نفسي، وهي التي ستنال مكافأته. أما التنفيذ فيقع على نسختي الحالية، التي لا تنال أي مكافأة فورية على عدم التهرّب من العمل. 

لطالما ظننت التسويف كسلًا ومشكلةً في إدارة الوقت والتخطيط، لذا عزمت على كتابة قوائم طويلة من المهمات المنظّمة، ثم فشلت في تحقيقها. لكني اكتشفت أني أتهرّب من الكتابة خوفًا من أن عملي لا يستحق القراءة، أو لعدم رؤيتي لنتيجة التكليف الجامعي فور تسليمه.

إذن ارتأيت أنَّ حل التسويف يكمن في مواجهة الخوف الذي يثيره، وذلك من خلال التدوين عن المشاعر السلبية ومواجهتها بدلًا من التهرّب منها. ولأن الحصول على مكافأة فورية غير ممكن في مهام كثيرة، جرّبت «تجميع المغريات» (temptation bundling)، أي تخصيص «مكافأة وهمية» أحصل عليها في أثناء قيامي بالعمل. فبدأت أستمع إلى حلقات بودكاست ممتعة بينما أنظف المطبخ ليصبح أسهل وأسرع. 

لكن أهم ما تعلّمته أنَّ الخوف من العمل أكبر من العمل نفسه. وأن أفضل عمل أنجزه ليس عملًا أجّلته ليكون مثاليًا، بل عملًا يكتمل وأسلّمه لكيلا أعود إليه مرة أخرى.

الوسوم: الإنسان . الخوف . العمل .

مقالات أخرى من نشرة أها!
27 فبراير، 2022

الحرب العالمية الثالثة لن تندلع في أوكرانيا 

تصاعد هاشتاق «الحرب العالمية الثالثة» مع أحداث الغزو الروسي لأوكرانيا. لكن أوكرانيا لن تكون فتيل الحرب العالمية الثالثة، بل تايوان.

نايف العصيمي
29 ديسمبر، 2021

أريد لأجهزتي أن ترعاني

من جوال نوكيا إلى اليوم، تطورت أجهزتي وتعددت مهامها وازدادت ذكاءً. لكنّها عقّدت عليّ مهمة واحدة: الاعتناء بها.

أنس الرتوعي
17 نوفمبر، 2022

الذكاء الاصطناعي شريكك الإبداعي

نحن نتعامل بتشاؤم مع كل خبر عن برامج الذكاء الاصطناعي، وننسى أنَّ الذكاء الاصطناعي في النهاية امتدادٌ لذكائنا البشريّ.

إيمان أسعد
27 يوليو، 2022

حاجة «الأنا» إلى شفقة المتابعين

مهما أمدتنا منشورات «الأنا» بشعورٍ أفضل حول أنفسنا في البداية، فهي تظل مؤقتة في تأثيرها، بل بعد فترة قد تُشعِر المتابعين بالشفقة عليك.

أحمد مشرف
6 مارس، 2022

مسامير أرخميدس

للمواصفات والمقاييس العالمية فوائد كثيرة غير زيادة الإنتاج، فهي تضمن الجودة وتسهل على المستهلك الكثير. لكنها بلا شك قتلت الذائقة البشرية!

أنس الرتوعي
14 أبريل، 2022

سناب شات تصنع مستقبلي

نقطةٌ حمراء صغيرة على مبوبة الذكريات في سناب شات كفيلةٌ بإثارة اهتمامنا وتهييج نوستالجيّاتنا: أين كنا في مثل هذا اليوم قبل عام؟

حسين الإسماعيل