منذ سنتي الأخيرة في المدرسة المتوسّطة، ظلّت كتابة قائمة تضم جميع مهامي ليلًا عادةً أساسيةً في يومي، فكان الدفتر والقلم رفيقين ملازمين بجوار سريري. وحينما كثر استخدامي لجوال ذكي عام 2013، زاد احتياجي إلى «دفتر» إلكتروني يجمع شذرات المهام من تطبيقات مختلفة، ويسهّل عليّ مشاركة تلك القوائم سريعًا مع الآخرين. فجاء «قوقل كيب» (Google Keep) ليلبّي هذا الاحتياج، ويكون صديقًا مخلصًا يتذكّر كلمات المرور ووصفات الكوكيز وقوائم التسوّق من مجموعة العائلة الواتسابية.
ظلّ استخدامي لدفتري الورقي مستمرًّا إلى جانب التطبيق، حتى اكتشافي «مذكّرة نقطية» أو (bullet journal) عام 2017، حيث رتّبت مهامي حسب اليوم والأسبوع والشهر وفق أولويتها، في قوائم مزيّنة بالألوان وملصقات الورد. كما أتاحت لي المذكّرة مساحة حرّة لأعبّر عن ذاتي واهتماماتي؛ كأن أخصّص صفحات تضم قوائم الكتب التي أنوي قراءتها، وأزيّنها بألواني واقتباساتي المفضّلة.
رافقتني المذكرة النقطية لأكثر من ثلاث سنوات، وحينئذ أصبحت قائمة مهامي هجينة؛ قوائم التبضّع والوصفات استقرَّت في «قوقل كيب»، والمهام العاجلة كالتكاليف الجامعية والرد على الرسائل استقرت في المذكّرة النقطية الورقية.
مع تغيّر احتياجاتي، تغيّرت اختياراتي لترتيب المهام. إذ بحلول عام 2021، تطلّبت كتابتي في ثمانية ودراساتي العليا نظامًا متينًا يقدر على ترتيب قوائم ضمن قوائم، كالأفكار المتفرّعة التي تنبثق منها المقالات والتدوينات. كما احتجتُ إلى تطبيق يرتّب «الشخبطة» التي كنت أدوّنها خلال محاضراتي على جهازي الآيباد. فجاء المُنقِذ «وَن نوت» (OneNote) ملبّيًا النداء، وأُهمِل الدفتر الورقي لعدم قدرته على مواكبة المستجدات.
هكذا، حلّ الآيباد محلّ جميع دفاتري وأقلامي، إذ جمع كل ما احتجت إليه دون أن أضطر إلى حمل دفتر ومسطرة وملصقات وأقلام مختلفة الألوان. فقلم أبل وحده كان قادرًا على لعب كل تلك الأدوار.
لكن هذا الاستبدال لم يخلُ من سلبيات؛ فحين حضوري محاضرات عبر زوم على الآيباد استصعبتُ الكتابة عليه، إضافة إلى كونه أثقل من الدفتر، وبحاجة إلى شاحن واتصال بالإنترنت. تدفُّق التنبيهات المستمر كان تحديًا آخر، فكثيرًا ما جلستُ مع الآيباد لأذاكر أو أخطط للأيام القادمة، لأجد نفسي متصفّحةً البريد الإلكتروني.
ولأن النظر ساعات طويلة إلى شاشة الآيباد كان مُرهِقًا لعينَيّ أيضًا، عدتُ ثانية إلى صديقي القديم؛ دفتري الورقي. ففيه استطعتُ أن أفرّغ ما في عقلي دون مقاطعة التنبيهات أو خوف من استهلاك البطارية.
لا يزال دفتري الورقي يحظى بمكان على طاولتي وفي حقيبتي رغم قلة استخدامه، فدوره الآن لا يكمن في ترتيب قوائم المهام، بقدر ما يكمن في الترويح عن نفسي وعينيّ المُثقَلتين بالتشتت، وفي توفير مساحة يسيرة تُعينني على ترتيب القوائم في عقلي.
مقالات أخرى من نشرة أها!
الشركات تتعمّد تعطيل أجهزتك
يحارب مفهوم «التقادم المخطَّط» حق العميل في صيانة أجهزته، إذ يصعّب عليه الحصول على قطع الغيار، أو يجعل ثمنها قريبًا من ثمن الجهاز الجديد.
أنس الرتوعيلا تكتب بلغة «بطتنا بطّت بطتكم»
كلما زاد مستوى تعليم الشخص، زاد الحشو الذي يستخدمه في الكتابة، ولعل ذلك يفسّر كثرة الزوائد بالأبحاث العلمية.
رويحة عبدالربكيف تميز القارئ المبتدئ من بين ألف قارئ؟
مثلما أن القراءة عن تاريخ رياضة السباحة لن يجعلك سباحًا ماهرًا، فإن القراءة عن الفلسفة والفكر لن تجعلك فيلسوفًا.
حسين الإسماعيلكيف تثري ألعاب الفيديو حصيلتي اللغوية
نظرًا إلى جهلي بأي لغة عدا العربية، لم تكن اللغة التي ألعب بها مهمة جدًا، وكانت الأولوية للاستمتاع وليس لمعرفة تفاصيل قصة اللعبة وخياراتها.
حسين الإسماعيلسناب شات تصنع مستقبلي
نقطةٌ حمراء صغيرة على مبوبة الذكريات في سناب شات كفيلةٌ بإثارة اهتمامنا وتهييج نوستالجيّاتنا: أين كنا في مثل هذا اليوم قبل عام؟
حسين الإسماعيلمن عدنان ولينا إلى ماشا والدب
بضغطة زر، يستطيع ابني مشاهدة كل ما يشاء تقريبًا في أي وقت دون الحاجة لانتظار الحلقة القادمة، بل دونما خوف من فوات أي حلقة كذلك.
حسين الإسماعيل