ما أوّل ما يخطر ببالك عندما أذكر لك هذه الشخصيات: كابتن ماجد، هايدي، المحقق كونان، ماروكو؟
إضافة للحنين إلى الماضي وذكريات الطفولة، فإن جميعهم يرتدون الثياب نفسها في كل حلقاتهم، وكأن كل زي يعبر عن هوية الشخصية الكارتونية أو مهمتها في الحياة. وبوصفنا أطفالًا، كنا نحب التشبه بهم ونرتبط عاطفيًّا بزيٍّ واحد مفضل أو اثنين يعبران عن هوياتنا الطفولية.
وكذا كان الحال في الأزمان السابقة، إذ ارتبطت الأزياء بهوية البلد والمستوى الاجتماعي للفرد. فكلما كان أغنى تعددت خيارات الملابس وملحقاتها، مثل العمامة والكسوة ومحفظة النقود. والعكس بالعكس، فكلما كان الشخص محدود الدخل ارتبطت حاجته إلى الشراء بأوقات معينة مثل الأعياد أو المناسبات الخاصة.
ومع تطور المجتمعات اليوم وتحسُّن الوضع الاجتماعي للأفراد، فإن الأغلب لم يعد يتسوّق لدافع الحاجة كما كانت الأجيال الماضية تفعل. بل ازداد شراء الثياب زيادة كبيرة، على الأخص بداية الألفية، نتيجة تضاعف إنتاج الملابس بسبب استبدال القطن الطبيعي بالبوليستر الأرخص ثمنًا. وعليه صار تعدّد اللباس أمرًا بديهيًّا، واتسعت معها خزانة الملابس لتحوي كل أنواع الثياب.
وساهم توفّر تطبيقات الشراء عبر الإنترنت، أشهرها «شي إن»، التي تواكب صرعات الثياب الجديدة يوميًّا بأقل الأسعار وأرخص المواد الخام، في انخفاض المدة الزمنية لاستهلاك الأفراد لهذه الملابس بنسبة 40% تقريبًا عما كانت عليه قبل سبعة وعشرين عامًا. هذا الانخفاض في الصلاحية الزمنية للاستهلاك أدَّى إلى ازدياد كمية نفايات الثياب، إذ يجري التخلص من نحو 300 ألف طن من الملابس غير المرغوب فيها سنويًا، ولا يُعاد تدويرها، مما يُخلّف توابع بيئية كارثية.
تقول خبيرة الأزياء ستيلا ماكارتني:
في كل ثانية، يجري دفن أو حرق ما يعادل شاحنة تفريغ واحدة من المنسوجات. وبحلول عام 2025 قد تزن نفايات الملابس المتراكمة ما يعادل وزن سكان العالم اليوم.
من هذا المنطلق، بدأت الدول والمنظمات المهتمة بجودة البيئة تُدرِج الموضة المستدامة وصناعات الأنسجة «صديقة البيئة» ضمن أولوياتها السنوية بهدف المحافظة على البيئة وتقليل استهلاك المنسوجات، وبناء مستقبل حيث نمط الاستهلاك يكون أكثر استدامة.
بدورنا، نحتاج لإعادة النظر بطريقة استهلاكنا للثياب. فعلى سبيل المثال: يمكنك إطالة العمر الافتراضي للثياب بإصلاحها أو إعادة استهلاكها بأكثر من طريقة، كما أن بوسعك التبرع بها أو شراء الثياب المستعملة. أما عند الرغبة بشراء ملابس جديدة، فيُفضّل الابتعاد عن الثياب التي بوسعك ارتداؤها فقط في مناسبة واحدة، والتركيز على القطع الأكثر جودة وتنوعًا بحيث تعيش معك عمرًا أطول.
عن نفسي، في أثناء بحثي أكثر عن الموضة المستدامة وطرائق إعادة تدوير الثياب، وجدتُ تقنية تُدعى «الاستخدام ثلاثين مرة». تجبرك هذه التقنية على التحقق من إمكانية استخدام أي قطعة ثياب جديدة ثلاثين مرة على الأقل قبل الشراء. قد تساعدك كبداية على اختيار عدد أقل من القطع ذات الجودة العالية وتكرارها، بدلًا من شراء الكثير من الملابس المنخفضة الجودة كل بضعة أسابيع.
جربها ولن تخسر شيئًا، فمن جهة ستكسب بيئتك، ومن جهة أخرى تعيش حلم طفولتك بأن تكون المحقق كونان، أو ماروكو.
مقالات أخرى من نشرة أها!
هل أنت موهوب؟
لا بأس إن دخلت تجارب جديدة، بل أشجعك عليها، لأنَّ تلك التجارب تعينك على التمييز بين الاهتمام المؤقت أو الجانبيّ، وبين الموهبة الحقيقية.
أحمد مشرفتمثيل القطيفي في سطار
عند تناول موضوعاتنا الثقافية، علينا النظر فيها برويّة أكبر وفهمها بشكل أوسع، عوض استخدام ذائقتنا المحضة لقياس ما يليق وما لا يليق.
حسين الضودائرة تويتر الخضراء تحميك من مزاحك
حين صنع صديقي المشهور دائرته الخضراء في تويتر، قال إنه فعل ذلك كي يستطيع التواصل مع أصدقائه، دون الخوف من أن يخطئ أحدهم تفسير موضوع معين.
أنس الرتوعيأخبار العالم في قوقعة تويتر
بدأتُ التفكّر في المحتوى الذي ترشّحه خوارزميات تويتر لي، وأدركتُ أنها لا تعطيني ما أرغب في رؤيته فحسب، بل تتأقلم مع تغيّر رغباتي أيضًا.
رويحة عبدالربلا تتكاسل عن تصحيح لخخيقثشيس
ليست المصيبة في تسهيل حياتي، بل في أنني صرت أكثر كسلًا من التدقيق وراء ما أكتب حتى في المنصات التي لا تعرفني أكثر من نفسي.
حسين الإسماعيلتمسَّك بالملابس التي تحبّك
الملابس التي نرتديها مثل اللغة، تتكلّم عنك وتتكلّم إليك، حتى إن لم نفهم كل معانيها. لهذا علينا أن نكون أكثر وعيًا بتأثيرها وعلاقتنا بها.
بثينة الهذلول