لا تتكاسل عن تصحيح لخخيقثشيس

ليست المصيبة في تسهيل حياتي، بل في أنني صرت أكثر كسلًا من التدقيق وراء ما أكتب حتى في المنصات التي لا تعرفني أكثر من نفسي.

على قدر ما يحيط بي اليوم من ذكاء اصطناعي أعرفه أو أجهله، إلا أن انطباعي لا يتجلى إلا في تلك الصغائر التي تجعلني بمرور الأيام أكثر كسلًا وتقاعسًا. ليست هذه تدوينة أخرى عن خصوصيتي في زمن تطبيقات التوصيل، بل عن أمر أكثر تفاهة، عن أمر أعتقد أنه جزء من الحياة اليومية لكل من يمتلك أكثر من لغة في لوحة مفاتيح هاتفه أو حاسوبه. يتجلى الأمر في أجزاء الثانية التي يتباطأ فيها الجهاز عن تغيير اللغة بالسرعة التي تكتب بها، فينتهي بك الأمر -مثلي- باحثًا عن «لخخيقثشيس».

لو حدث ذلك قبل بضع سنين، لاحتار قوقل فيما تريد البحث عنه، ولاضطرَّك إلى إعادة كتابة ما تود في صندوق البحث كي يعرض عليك النتائج المرغوبة وكان الله غفورًا رحيمًا. لكن قوقل اليوم ليس قوقل الأمس، فهو يفهم رغباتك أكثر منك ويحرص على تتبع نشاطك البحثي لتقديم ما يتلاءم معك. ولذا لن يجد صعوبة في أن يعطيك النتيجة التي كنت تبحث عنها من البداية: «Goodreads».

ليست المصيبة في تسهيل حياتي، بل في أنني صرت أكثر كسلًا من التدقيق وراء ما أكتب حتى في المنصات التي لا تعرفني أكثر من نفسي. فمن صناديق البحث، صرت أستثقل تصحيح رسائل الواتساب غير الرسمية، ولم أعد أصحح الكلمات التي أخطئ في كتابتها برسائل منفصلة، مستعيضًا عن ذلك في أكثر الحالات بكتابة الحرف الذي أخطأت فيه وحده، وتاركًا لقارئ الرسائل مهمة فهم ما أريد. المهم أنني أرسلتها.

لمّا أردت تدارك الأمر، بدأت بالإقرار بوقوعي في فخاخ عصر السرعة، وقررت إجبار نفسي على التباطؤ في كل مرة أجد نفسي فيها ملحوقًا. بعبارةٍ أخرى، كان عليَّ تعلم التركيز دون ربطه بوقت، أو ربطه بما يجب إنجازه. ولم يكن الأمر سهلًا في بادئه، إذ ظل انتقالي من النظام التعليمي إلى الوظيفة مصحوبًا بتسلسل «الديدلاينات» والمهام التي كرست بذهني تصورًا محددًا للكيفية التي ينبغي ترتيب الأمور وممارستها.

لكن حين انتهى بي الأمر مُسوِّفًا متباطئًا، يقدِّم كمال الشيء على ما سواه، وجدت مشوار إعادة التعلم طوال السنتين الفائتتين يستحق كل خطوة. صرت أعطي نفسي حقها دون اكتراث فعليّ لأي فرص ضائعة. وهو ما انعكس عليَّ بنوعٍ جديد من «الرواق» واللامبالاة، ليس آخر نتائجها أني صرت أكثر حرصًا على إتقان الشيء، وأني ألزم المسار الأوسط في زحمة الصباحات على الطريق السريع. 

الإنسانالذكاء الاصطناعيقوقلالرأي
نشرة أها!
نشرة أها!
يومية، من الأحد إلى الخميس منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+80 متابع في آخر 7 أيام