قبل سنوات قليلة، بدأت سلسلة مطاعم ماكدونالدز تغيّر الشكل الخارجي لفروعها، مستخدمةً الألوان المحايدة بدلًا من الألوان الزاهية التي كانت تميز فروعها. كما اتجهت شركات عالمية أخرى، مثل أبل الأمريكية وفولكس فاقن الألمانية وكيا الكورية، إلى الألوان المحايدة في شعاراتها وهوياتها البصرية.
قد تبدو علاقتنا بالألوان غير مفهومة للوهلة الأولى، وقد لا نشعر في ظل التسارع الذي نعيشه أن ألوان الحياة تتغير، تتناقص، أو حتى تختفي من حولنا. هنا كتاب الألوان، كتابٌ صنعه فنان هولندي في القرن السابع عشر، ويحتوي على أكثر من ثمانمئة صفحة مكتوبة وملونة باليد. وفي هذا الكتاب، دوّن الفنان ألوان العالم، واستخداماتها وطرق تكوينها.
ولكلّ ثقافة ألوان تمثلها وتعكس هويتها وذوقها. فكّر على سبيل المثال بمدينة شفشاون المغربية؛ فسوف تجد أن اللون الأزرق هو أول ما يخطر في مخيلتك. أو اقرأ الآن كلمة «هولندا»؛ وفورًا يخطر لك اللون البرتقالي. وقررت السعودية اعتماد اللون البنفسجي لسجاد مراسم استقبال الضيوف، اللون الذي يرمز إلى أزهار الخزامى التي تزين صحراءها في فصل الربيع، وذلك لتعزز من حضورها في أذهان الناس عبر الألوان التي ترمز إليها.
اليوم، أصبحت الشركات تستهدف الأسواق العالمية، ولم تعد تكتفي بمحيطها الضيق. ولكي تواجه الشركات الاختلاف الحاد في الذائقة بين كل بيئة وأخرى، حاربت الألوان بكل شراسة، واتجهت إلى الألوان المحايدة، لتصير منتجاتها مقبولة في كل مكان، وملائمة لمعظم الاحتياجات.
وتكمن المشكلة في أنَّ اتجاه الشركات إلى الألوان المحايدة قد أثر فينا بصفتنا أفرادًا تأثيرًا كبيرًا. فقد نشر موقع «آي سي كارز» (iSeeCars) الأمريكي إحصائية عن أكثر ألوان السيارات انتشارًا في أمريكا. وجاء في الإحصائية أنَّ نسبة السيارات بالألوان المحايدة -الأبيض والأسود والرمادي والفضي مجتمعة- بلغت 78.6%؛ أي إنَّ النسبة الباقية تشمل كل ألوان العالم الأخرى بدرجاتها المتفاوتة.
من الطبيعيّ أن ترتبط حياتنا بالألوان، فمن خلالها نحفظ المواقف ونسجل الذكريات. يُشعرنا تغيّرها بتبدّل الفصول، ويشعرنا سطوعها بالصحة، وخفوتها بالوهن والتعب.
انظر إلى ألوان ملابسك ومقتنياتك، وحاول قدر الإمكان ألا تكون ألوانها محايدة، لكيلا تكون مشاعرك محايدة، وتصبح أيامك متشابهة. فالألوان تميزك، والشركات الغربية تريدك أن تكون نسخة لا تفضل ألوانًا بعينها، ليعجبك خط إنتاجها الموحد، الأوفر والأكثر ربحًا لها.
مقالات أخرى من نشرة أها!
البكاء على كتف الاستقالة الصامتة
لا أعرف إن كانت الاستقالة الصامتة حركة ستغيّر سوق العمل، أم توجّهًا إنترنتيًا سيختفي خلال أيام. لكنه يمنحك «هاشتاقًا» تبكي على كتفه.
رويحة عبدالربلا يفهمك إلا أشباهك
عندما أكون مع مجموعة أخرى من الأصدقاء، أحاول إبقاء حيز اللغة في منطقة التجارب الحياتية المشتركة وكل ما تحمله من معجم ثقافي.
حسين الضواستنسخ الناجح ولا تبتكر الجديد
الغاية من تشابه المنصات الرقمية في ضمان معرفة المستخدم المسبقة بالهيكلة العامة. فحين يدخل منصة جديدة لن يتعب في البحث عن أيقونة التسجيل.
أنس الرتوعياقتلني ولا تسبّني
قد تكون هذه القوانين سلاحًا ذا حدين (أو أكثر). فقد تستخدم من أجل تكميم الأفواه وصد محاولات نقد أي من الشخصيات المشهورة أو الشركات.
ثمود بن محفوظهل حياتك قائمة مهام؟
ظلّت عادة كتابة القائمة تلازمني حتى بعد تخرجي واستكمال وظيفتي في مقر الشركة، حيث زاد عدد الطلبات التي كنتُ أستقبلها يوميًا.
رويحة عبدالربالكاش السيء ومستقبل البتكوين
قد تظن خيار التعامل بالكاش أمرًا اعتياديًّا. لكن في الواقع، اعتماد سكان دولة على الكاش في الدفع يعكس ملمحًا سلبيًّا عن اقتصادها.
تركي القحطاني