الجهود الكبيرة لا تعني النجاح

جودة التخطيط العقلاني لا تستدعي في أحيان كثيرة بذل جهودٍ استثنائية، بل تستدعي الالتزام التام بالخطة مع بعض التعديلات الطفيفة.

طالب هندسة ذكي وكسول يبلغ من العمر واحدًا وعشرين عامًا، كان محبًا لرياضة القفز على الحواجز، إلّا أنه غير محبٍ للتمارين اليومية المرهقة، وكان غير منضبطٍ بها. لذا، حتى يحقق أرقامًا قياسية، ركّز على اختراع وسيلة تضمن له الفوز بأعلى درجات المنافسة، وبأقل مجهودٍ تدريبي ممكن.

استثمر إلمامه بتخصصه الهندسي في «جامعة ولاية أوريقون». وأجرى عمليات حسابية مطوّلة، استطاع بعدها الخروج بطريقة قفز فوق الحاجز دونما حاجة إلى زيادة كثافة تمارينه شديدة الصعوبة، التي تستوجب إتقان القفز بكامل الجسد فوق العصا الموضوعة بارتفاع يتعدى المترين. 

هكذا، في دورة الألعاب الأولمبية في المكسيك، تحديدًا في العشرين من أكتوبر 1968، خرج الطالب الكسول بقفزة بهلوانية غيرت شكل اللعبة تمامًا. قفزة يعرفها كل العالم اليوم، بل ثمة الكثير من يعتقد أنَّ طريقته هي الطريقة المعتمدة منذ اختراع اللعبة.

كل ما فعله ديك فوزبلي هو كسر القواعد المعروفة بشكلٍ قانوني. كان المطلوب منه -كقاعدة رئيسة- الجري ثم «القفز بكامل الجسد» فوق الحاجز. لكن لم يحدد القانون «أي جزء من الجسد يقفز به أولًا.» 

ركض بسرعة عادية تجاه الحاجز، وبدلًا من القفز جاعلًا أقدامه أوّل نقطة تعلو الحاجز -كما كان يفعل الجميع- قرر أن يفعل العكس تمامًا. جعل رأسه أوّل نقطة تتجاوز الحاجز، ثم بقية أجزاء جسده من الجهة الخلفية.

بعد تلك القفزة، نال فوزبلي الميدالية الذهبية، وحصل على تقدير كل محبي هذه الرياضة لابتكاره المضحك آنذاك، ومن بعدها لم يعد يمارس اللعبة. فقد بذل كل جهده في المرة الأولى؛ اعتمد العمليات الحسابية والتخطيط السليم، ثم بذل بعدها الجهد الأقل الممكن في محاولة إتقان التنفيذ، ونجح الأمر.

هذا المستوى من التخطيط نستذكره عندما نكون في حاجة إلى التوقف قليلًا لحساب مصاريفنا السنوية، ورسم خطتنا لتحقيق الأهداف العملية أو الدراسية التي نضعها على عاتقنا. 

ولا بأس إن اعترفنا أنَّ جودة التخطيط العقلاني لا تستدعي في أحيان كثيرة بذل جهودٍ استثنائية، بل تستدعي الالتزام التام بالخطة مع بعض التعديلات الطفيفة التي توفر علينا الجهد. فتصل بنا الخطة إلى تحقيق نتائج تنقلنا إلى مستويات عليا، ما كنّا نتخيل الوصول إليها. 

الإنسانالمستقبلالرأي
نشرة أها!
نشرة أها!
منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+390 متابع في آخر 7 أيام