سبوتيفاي لا تحفظ سيرتك الموسيقية

كثيرة هي الأسئلة، وكثيرة هي التجارب الإنسانية التي لا يمكن لقوائم سبوتيفاي وأنغامي أن تختزلها نهاية كل عام.

ذاكرتك الموسيقية / عمران

أهلًا بك صديقًا لنا،

وصلتك الآن رسالتنا الأولى على بريدك الإلكتروني.

إذا لم تجدها ابحث في رسائل السبام وتأكد من اتباع الخطوات التالية في حسابك على خدمة بريد «Gmail» حتى تُحررها من التراكم في فيض الرسائل المزعجة.

* تعبّر النشرات البريدية عن آراء كتّابها، ولا تمثل رأي ثمانية.
21 ديسمبر، 2022

بات رائجًا أن ترسل تطبيقات الأغاني المشهورة مثل أنغامي وسبوتيفاي قوائم شخصية نهاية العام لمستخدميها، قائمة تشمل الفنان المفضل والأغنية المفضلة والصنف الموسيقي وعدد ساعات الاستماع، شيء أشبه بسيرتك الموسيقية للعام بأكمله.

ويعود رواج هذه الظاهرة إلى اللذة التي تتبع استذكار أغانٍ استهلكناها. ولو قدَّمت لنا هذه التطبيقات سيرة موسيقية لعقد كامل، لصار الأمر أمتع، إذ يتدخل عامل النوستالجيا أيضًا. لكن ماذا لو قدمت لنا سيرة موسيقية لحياتنا بالكامل؟ 

لا أظنني أبالغ حين أقول إنني أستطيع سرد تفاصيل محطات حياتي غنائيًّا وموسيقيًّا، وربطها بأحداث حياتي. إذ تحمل الأغاني ذاكرة زمان ومكان، ولكنهما ليسا زمانها ومكانها، بل ذاكرة المتلقي نفسه. إذ يستحيل أن تتصادف ذاكرتان لشخصين مختلفين بشأن المجموعة ذاتها من الأغنيات، والسبب في ذلك واضح، هو استقلالية التجربة الحياتية لكل شخص وتفردها عن الآخر.

فأنا لا أستطيع تجاهل ذكرياتي الزمانية والمكانية للأغنية عندما تندلع عشوائيًّا من المسجل لدى قيادتي السيارة؛ هذه تنقلني لحظيًّا إلى ليالي كالقاري الباردة، وتلك الأغنية الهادئة تنقلني إلى لحظات امتزاجي بالطبيعة من حولي وسط جبال بانف، وأخرى تأخذني إلى صباحات الصيف الرمضانية عندما كنت أعود إلى الوطن زائرًا. 

ولدى استماعي إلى أغاني إيمنيم، وفيفتي سنت، وسنوب دوق، وأغاني الراب الأخرى، أتذكر استماعي إليها في المرحلة المتوسطة والثانوية، ليس لإعجابي البحت بأغاني الراب وثقافة الهيب هوب فحسب، بل ولاهتمامي حينها بتعلم اللُّغة الإنقليزية، واستخدام هذه الأغاني بصفتها تحديًّا لي لصعوبتها.

لا شك أننا نستمع إلى الموسيقا أحيانا لأغراض بسيطة، لأسباب مباشرة كتفادي الهدوء المحرج، أو كخلفية لدى عملنا على شيء ما، إلا أنني أؤكد أنَّ الموسيقا مثل الأوعية التي تمتلئ بشتى صنوف ذاكراتنا الشخصية. ولعلَّ هذه الذكريات هي ما يخرج في شكل زفرات عميقة وطويلة عندما تندلع أغنية ما.

هل استمعت إلى أغان من ثقافة أخرى لأنك كنت واقعًا في حب فتاة من ذاك البلد؟ هل تعرفت على نوع من الأغاني لأنك مغرم بنوع من الأفلام؟ هل سببت لك صدمة موت قريب الاستماع إلى نوع محدد من الأغنيات؟ هل تظن أن الأغنيات المتفائلة والمبهجة مناسبة للصيف، والهادئة والبطيئة للشتاء؟ وهل تترتب ذاكرتك وسيرتك الموسيقية بناء على ذلك؟ 

كثيرة هي الأسئلة، وكثيرة هي التجارب الإنسانية التي لا يمكن لقوائم سبوتيفاي وأنغامي أن تختزلها نهاية كل عام.


مقالات أخرى من نشرة أها!
23 مايو، 2023

هل صديقك أعزُّ عليك من عشرين بابل؟

بدأنا نفقد «معزَّة الصديق» دون أن نشعر. تنهمر عليك النصائح بقطع كل علاقة تسبب لك أقلَّ انزعاج أو اضطراب في حياتك حفاظًا على طاقتك الإيجابية.

إيمان أسعد
22 ديسمبر، 2022

لا تلغ متابعة من تختلف معه!

لا أريد لوجودي في تويتر أن يكون أشبه بالفقاعة، لذا عدت إلى بعض الحسابات التي ألغيتها، والتي تحتوي على المعلومات التي لا تتوافق مع أفكاري.

بثينة الهذلول
23 ديسمبر، 2021

علِّمني لغة في ثلاثين يومًا

تعدنا تطبيقات تعليم اللغات بتعلُّم لغة ثانية في فترة قصيرة، بسهولة وسعرٍ رخيص. لكن ثمة عنصر أساسي تفتقد إليه تلك التطبيقات.

رويحة عبدالرب
30 ديسمبر، 2021

فلنزرع الأرض بيكمن

في إعلان لعبة «بيكمن»، يظهر اللاعبون وهم يتجولون بنشاط في الأرجاء يزرعون بذور نباتات جميلة ويتعرفون على أصدقاء جدد. لكن الواقع غير هذا.

مازن العتيبي
25 أغسطس، 2022

أبواب الفشل تقودك إلى النجاح

في عدد اليوم، نشارك تجربة القارئين سارة الجريسي ومهند السروجي مع الفشل، لأنَّ قصص الفشل تستحق أن تروى. كما قالت رويحة عبد الرب.

إيمان أسعد
3 مايو، 2023

أيهما أقرب إليك: اللهجة البيضاء أم المحليّة؟

خيار التحدث باللهجة البيضاء قد يبدو إغفالًا عن أهمية اللهجة المحلية، لكن إشراك الآخر بالمعنى يمثل الطريق الأقصر لكسب الود والتفاهم السريعين.

سحر الهاشمي