واجهتني خلال الفترة الماضية بعض التحديات في وظيفتي وفي حياتي الخاصة، ومع الوقت زادت المصاعب وقلَّ تركيزي معها، إذ دخلت في دوامة من الذكريات السيئة التي أحاطت بي، وجعلت أفكاري حبيسة حولها. وبسبب ذلك، قلَّت إنتاجيتي، وساءت حالتي النفسية جدًّا.
يحفظ دماغنا بعض الذكريات بشكل مفصل جدًّا، ويخرجها فجأة إلى السطح عند أول مؤثر يرتبط بها، مما يؤثر سلبًا على نوعية حياتنا الشخصية والمهنية. هذا المؤثر يكون عادة مرتبطًا بإحدى حواسنا الحيوية، فمثلًا لو شممت رائحة عطر يذكرك بحبيب فقدته، فسوف يستحضر دماغك الذكرى السيئة بكامل تفاصيلها!
فكيف لنا أن نمحو هذه الذكريات السيئة من دماغنا، ونستعيد اتزاننا؟
في كتابه «فن صنع الذكريات» (The Art of Making Memories)، ذكر مك ويكينق -الرئيس التنفيذي لمؤسسة أبحاث السعادة في الدنمارك- دراسةً طُلب فيها من ألف شخص من سبع وخمسين دولة أن يكتبوا أول ذكرى سعيدة تخطر في أذهانهم. 23% مِن الذكريات كانت عن خوض تجارب جديدة مثل السفر إلى مكان جديد، و37% كانت مرتبطة بالأحداث الكبيرة في الحياة مثل الزواج أو الإنجاب، أما 62% من الذكريات فكانت تتضمن استخدام الحواس الحيوية مثل الذكريات المرتبطة بتذوق طعام أو شم رائحة معينة.
لذا، من أجل أن أخرج من حالتي النفسية المضطربة أو القلقة -إذ لا أعرف حقيقةً ماذا أسمي الحالة التي مررت بها- قررت الانخراط في تجربة أستخدم فيها حواسي كلها. تجربة أصنع فيها ذكريات جديدة وجميلة، لتكون هي التي تذكرني بهذا العام.
طلبت إجازة، وسافرت في رحلة قصيرة إلى العاصمة لندن بصحبة زوجتي؛ فالمدينة زرتها عدة مرات، ولي فيها ذكريات سابقة جميلة. حرصت أن أسكن في الفندق نفسه الذي أعجبني في زيارتي السابقة، كذلك زرت المطاعم والأماكن التي أعجبتني سابقًا.
ولكي أعزز من صناعة الذكريات الجميلة، كان كل ما أفعله في يومي مختلفًا عمَّا اعتدته في يومي العادي في مدينة الرياض. فتوقفت تمامًا عن قيادة السيارة، واستخدمت الباصات وقطارات الأنفاق في تنقلاتي كلها، كذلك اشتريت ملابس جديدة، وتعطرت بعطرٍ جديد رائحته نفّاذة وقوية.
وفعلًا، في صناعتي لذكريات جديدة استطعت التخلص من تأثير الذكريات السيئة، وبدأت أخرج من الدوامة النفسية التي علقت بها. فالحاسة التي تجلب لك ذكرى سيئة استخدمها فورًا، واصنع بها، مع بقية حواسك، ذكرى جميلة تعيش عليها اليوم، وتنسيك الذكرى السيئة التي احتفظ بها دماغك من الأمس.
مقالات أخرى من نشرة أها!
تحيا الإقطاعيّة الإلكترونية
تطوَّرت الرأسمالية إلى وحشٍ مجهول متعدد الرؤوس يصعب التوقع به حتى في أعين أعتى الرأسماليين. رؤوسه المنصات الرقمية الكبرى، وأشرسها ميتا.
إيمان أسعدمدقق النصوص الدكتاتوري
دخول الذكاء الاصطناعي مجال اللغة من باب موجة «سياسة الصوابية» (political correctness) التي تجتاح أميركا اليوم يفتح لرقابة فكرية مباشرة.
ثمود بن محفوظكشخة «البيجر» المتقادمة
مصير الكثير من الأجهزة ومنصَّات التواصل الاجتماعي؛ تبدأ كشخة، تُستخدم لفترة، ثم يحل محلها جهاز أسرع أو منصة أفضل فتصبح جزءًا من التاريخ.
رويحة عبدالربالخير في استئجارك البيت أم التملّك؟
في صراعات تويتر والمجالس، الكل يطرح السؤال المحيّر والكل يفتي بالجواب: أيهما أفضل؛ استئجار البيت أو تملّكه؟
تركي القحطانيالسّتْر من فضائح الإنترنت
يلجأ العديد إلى خدمات تنظيف «البروفايل» لأسباب عديدة، أهمها أنَّه لا يعكس حقيقة صاحبه (أو لعله الخوف من الإقصاء).
ثمود بن محفوظلماذا أحبُّ علبة غدائي
أنا أكره الطهي، فقد رأيت إلى أي حد كان يرهق أمي. ويرعبني الوقت والجهد الذي يتطلبه لنصف يوم، كل يوم، فيما كانت تستطيع فعل شيء آخر تحبه.
إيمان أسعد