الصافرة الناعمة تنطلق من قطر
بعد التحكيم النسائي الذي بدأ بالظهور خلال السنوات الأخيرة على استحياء في بعض مباريات الفيفا، تولت أخيرًا النساء لأول مرة التحكيم بالكامل.
لا تتوقف نسخة كأس العالم قطر 2022 عن منح العالم لحظاتٍ استثنائية ومراتٍ أولى، فبعد التحكيم النسائي الذي بدأ بالظهور خلال السنوات الأخيرة على استحياء في بعض مباريات الفيفا للرجال، تولت أخيرًا النساء لأول مرة التحكيم بالكامل في مباراة ألمانيا وكوستاريكا؛ واحدة من مباريات دور المجموعات لكأس العالم، لتصبح بذلك ستيفاني فرابار أول امرأة تقود فريق تحكيم نسائي بالكامل في مباراة كرة قدم رجالية في كأس العالم منذ بداية البطولة قبل 92 عامًا، وقد سبق واحتفت واحدة من أغاني المونديال في تلك النسخة بوجود التحكيم النسائي بظهور المُحكمات الست المشاركات في التحكيم بتلك البطولة.
وفي حين شددت الفيفا، التي دفعت بستة من مسؤولات التحكيم من خمس قارات مختلفة، على أن الجدارة هي سبب وجود التحكيم النسائي في مبارايات كأس العالم، لا تُخفي فرابار جذلها بتلك الخطوة المُستحقة، التي تبدو وكأنها رسالة واضحة للعالم، تعبر عن احترام دول الخليج للقدرات النسائية.
يُذكر أن ظهور فرابار ليس الظهور النسائي الأول في طاقم تحكيم كأس العالم 2022، فقد سبقتها الرواندية سليمة موكاسانقا التي حلّت حكمًا رابعًا في مباراة فرنسا وأستراليا، لتكون بذلك المرأة الإفريقية الأولى التي تكتب اسمها في سجل بطولة كأس العالم، وتلك مسؤولية تشعر بها موكاسانقا، لكونها من فتحت الباب للحكمات الإفريقيات كي يدخلن المونديال.
مشوار التحكيم النسائي في مبارايات كرة القدم بدأ تقريبًا قبل قرن من الزمان، وهذا ما دفع الألمانية بترا تاباريللي لإنشاء قاعدة بيانات كاملة لتاريخ التحكيم النسائي في كرة القدم، وقد كانت النمساوية إديث كلينقر أول من حكَّمت بالفعل في مباريات الرجال، ثم تطور الأمر في الثمانينيات عندما استطاعت الأمريكية بيتي إليس أن تصبح أول امرأة تُحكِّم في مباراة لكرة القدم الرجالية باحترافية، إلا أن الفيفا اعترفت بالتركية دراهشان أردا في عام 2018 بصفتها أول حكم كرة قدم نسائي في العالم، ولا تزال المسيرة ممتدة، وفي الواقع يمكن القول إنها بدأت بالفعل في قطر.
كما أن ملاعبنا العربية تشهد وجود التحكيم النسائي في السنوات الأخيرة الماضية، وتستعين دوريات عديدة كالدوري المغربي والتونسي والمصري والإماراتي، اليومَ بالمُحكمات، وهي خطوة من شأنها تعزيز قبول وجود المرأة في المستطيل الأخضر بصفتها مشجعة ولاعبة ومُحكِّمة، وربما تشهد الاستوديوهات التحليلية مع الوقت وجود العنصر الناعم في التعليق والتحليل الرياضي للعبة هيمن عليها الرجال منذ نشأتها.
كرة القدم توحد العالم، فهي ليست مجرد لعبة، بل أقرب ما تكون للغة غير محكية يفهمها جميع البشر، لكونها محكومة بقوانين وشروط وأعراف، واليوم تُشارك المرأة في الحديث العالمي الدائر في قطر على مدارِ شهر؛ تشارك في صنع القرار.